غدد

أسباب التهاب البنكرياس

أسباب التهاب البنكرياس

يحدث التهاب البنكرياس (بالإنجليزية: Pancreatitis) عندما تتحوّل الإنزيمات الهاضمة إلى الحالة النشِطة وهي لا تزال بداخل البنكرياس، وهذا يؤدي إلى تهيّج خلايا البنكرياس وبالتالي حدوث الالتهاب، كما قد تتكوّن أنسجة نُدبيّة (بالإنجليزية: Scar tissue) بِفعل الالتهاب تحول دون أداء البنكرياس وظائفه على النّحو اللازم، وقد ينتهي الأمر إلى الإصابة بمرض السكري (بالإنجليزية: Diabetes) أو حدوث مشاكلٍ في الهضم،[١] ويُشار إلى أنّ إدمان الكحول والإصابة بحصى المرارة (بالإنجليزية: Gallstones) يُمثلان أكثر أسباب التهاب البنكرياس شيوعاً بغضّ النّظر عن نوعه، وسيتمّ توضيح كلٍّ من هذه الأسباب بشيءٍ من التفصيل.[٢]

حصى المرارة

يُصاحب ارتفاع مستويات مواد مُعينة؛ كالكوليسترول (بالإنجليزية: Cholestrol) أو البيليروبين (بالإنجليزية: Bilirubin) في العُصارة الصفراوية (بالإنجليزية: Bile) بدء هذه العُصارة بتكوين جُزيئات صلبة في المرارة فيما يُعرف بحصى المرارة،[٣] وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ الكبد يعمل على تشكيل العُصارة الصفراوية وطرحها لتُخزَّن في المرارة لتُساعد في عملية الهضم،[٤] وعليه يكون الموقع الأولي للحصى هو المرارة، ولكن في بعض الحالات تتحرّك الحصوة وتنتقل من المرارة لتُسبّب انسداد المجرى من فتحة البنكرياس إلى الاثني عشر (الإنجليزيّة: Duodenum) الذي يُمثل الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة، وهذا يُسبّب تراكم السّوائل التي تنتقل عبر كلٍّ من القناء الصفراوية وقناة البنكرياس، ويحول دون التدفق الطبيعي لإنزيمات البنكرياس، وقد يترتب على ذلك المُعاناة من التهاب البنكرياس الناتج عن حصى المرارة والذي يُسبّب ألمًا شديدًا وحالةً مُهدّدة للحياة إذا تُركت دون علاج.[٥][٦]

إدمان الكحول

يُمثل شرب الكحول بإفراط سببًا في المُعاناة من التهاب البنكرياس، ويُشار إلى أنّ الاستمرار بشرب الكحول بعد الإصابة بنوبةٍ واحدةٍ أو اكثر من نوبات التهاب البنكرياس الحادة المُرتبطة بإدمان الكحول يزيد من احتمالية تطوّر التهاب البنكرياس المُزمن،[٧] والجدير بالذكر أنّ العديد من العوامل الفيسيولوجية تلعب دوراً في التهاب البنكرياس المزمن لدى مدمني الكحول؛ وفيما يلي بيان تأثير الكحول في هذه الحالة بشيءٍ من التفصيل:[٨]

  • يمتلك الكحول بشكلٍ عامّ تأثيراتٍ سامّة سواء في جسم الإنسان؛ سواء أكانت مُباشرة أم غير مُباشرة.
  • قد يُغيّر الكحول تركيبة البروتينات التي يتمّ إفرازُها من قِبل البنكرياس، وهذا قد يُسبب انسدادات في قنوات البنكرياس الصغيرة بِفعل تكتّل البروتينات، كما أنّ استهلاك الكحول من شأنه التسبّب بتغيّر كميّة إنزيم البروتياز (بالإنجليزية: Proteases) الموجود في إفرازات البنكرياس، وقد يترتب على ذلك مشاكل عدّة تؤدي إلى تطوّر التهاب البنكرياس،[٨] وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ البروتياز يُمثل أحد أنواع الإنزيمات المنظِّمة لدورة حياة البروتينات، وموضِعها، وآلية عملها، ويلعب هذا الإنزيم دوراً في العديد من الوظائف الحيوية في الجسم؛ مثل الالتهاب، والتئام الجروح، وتجلّط الدم (بالإنجليزية: Blood Coagulation)، والإخصاب (بالإنجليزية: Fertilization) وغيرها.[٩]
  • يعتقد الباحثون أنّ جزيئات الإيثانول (بالإنجليزية: Ethanol) في الكحول تُحفز خلايا البنكرياس لتقوم بتفعيل إنزيم التربسين (بالإنجليزية: Trypsin) وهو أحد الإنزيمات الهاضمة التي يُفرزها البنكرياس بحالةٍ غير فعّالة ونشِطة، وعليه فقد يترتب على إساءة استخدام الكحول تُحوّل التربسين لحالته النشِطة قبل أوانه أثناء وجوده داخل البنكرياس، وفي الحقيقة ما تزال آلية ذلك غير واضحة بشكلٍ تامّ ومؤكد.[١٠]

أسباب أخرى

هُناك العديد من العوامل الأخرى التي قد تكون سببًا في الإصابة بالتهاب البنكرياس، ومنها ما يأتي:[١٠]

  • ارتفاع مستويات عناصر مُعينة: تحديدًا الكالسيوم والدهون الثلاثية (بالإنجليزية: Triglycerides)؛ فالدهون الثلاثية هي النّوع الأكثر تواجداً من الدهون في جسم الإنسان، وهي بحدّ ذاتها لا تُعتبر سامّة، ولكن قد تُحطّمُها إنزيمات البنكرياس إلى أحماض دهنية (بالإنجليزية: Fatty Acids) حرّة وسامّة فيما يُعرف بحالة التسمّم الدُهني أو سميّة الدهون (بالإنجليزية: Lipotoxicity) والمُرتبطة بالتهاب البنكرياس الحاد.[١١][١٢]
  • الإصابات الناتجة عن التعرّض لحوادث مُعينة:‎ ويُقصد بذلك الأضرار التي تلحق بالبنكرياس نتيجة التعرض لإصابة مُعينة؛ مثلاً أثناء الخضوع لجراحة إزالة حصى المرارة أو أثناء فحص البنكرياس،[١٣] كما أنّ الإصابات الرضيّة (بالإنجليزية: Trauma) للبنكرياس تُسبب التهابه كذلك.[١٤]
  • السموم والأدوية:‎ يُسبّب استخدام بعض أنواع الأدوية بطريقةٍ غير مُلائمة ولا تتبع إرشادات الطبيب تطوّر التهاب البنكرياس كأحد الآثار الجانبية لذلك؛ ومن الأمثلة على هذه الأدوية المُضادات الحيوية (بالإنجليزية: Antibiotics)، أو الأدوية المُثبّطة لجهاز المناعة (بالإنجليزية: Immune System)، أو مُضادات الاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressants)، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ ذلك لا يُعد سببًا للامتناع عن استخدامها، ففي حال وصفها الطبيب واستلزمت الحالة استخدامها فيجدُر على الشخص الالتزام بذلك مع الأخذ بعين الاعتبار الإرشادات والجرعة وآلية الاستخدام التي أشار الطبيب لها،[١٥] أمّا عن السموم التي قد تتسبّب بتطوّر هذا الالتهاب فتشمل لدغات الأفاعي والعقارب.[١٤]
  • العدوى: في بعض الحالات النادرة قد يكون سبب التهاب البنكرياس عدوى فيروسية؛ مثل داء النّكاف (بالإنجليزية: Mumps)، أو فيروس كوكساكي من النوع “ب” (بالإنجليزية: Coxsackie B Virus)، كما أنّ الطفيليات المعوية (بالإنجليزية: Intestinal Parasites) قد تُسبّب التهاب البنكرياس الحاد وعدد من أمراض البنكرياس الأخرى،[١٦] والجدير بالذكر أنّه قد تمّ تسجيل عدد قليل من حالات التهاب البنكرياس التي عُزي حدوثها إلى البكتيريا؛ مثل بكتيريا المفطورة (بالإنجليزية: Mycoplasma) والسالمونيلا (بالإنجليزية: Slamonella).[١٧]
  • الجينات:‎ توصّل العلم مؤخراً إلى وجود عدد من الطفرات الجينية (بالإنجليزية: Genetic Mutations) التي قد تُشكّل سببًا للإصابة بالتهاب البنكرياس المزمن، بما في ذلك الطفرات المسؤولة عن التهاب البنكرياس المتوارث (بالإنجليزية: Hereditary Pancreatitis).[١٨]
  • انسداد قناة البنكرياس:‎ تكون قناة البنكرياس مسؤولة عن طرح الإنزيمات الهاضمة خارج البنكرياس، وقد يحدث الانسداد فيها لأسبابٍ أخرى غير الحصى؛ مثل الأورام (بالإنجليزية: Tumors)، أو الندوب الناتجة عن الخضوع لعملياتٍ جراحيةٍ سابقة، أو وجود اضطرابات أو عيوب في البنكرياس، أو في شكل القناة أو موقِعها.[٧]
  • أمراض المناعة الذاتية: (بالإنجليزية: Autoimmune Diseases)، وهي الأمراض التي يُهاجم فيها جهاز المناعة خلايا الجسم الطبيعية؛ ومنها التهاب الأوعية الصفراوية المُصلب (بالإنجليزية: Sclerosing Cholangitis)، أو خمول الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism) وغيرها من الاختلالات المناعة الذاتية التي قد تكون سببًا في تطوّر التهاب البنكرياس المزمن.[١٩]

الحالات مجهولة الأسباب

يُمثل التهاب البنكرياس مجهول الأسباب (بالإنجليزية: Idiopathic) حالة من التهاب البنكرياس الحاد التي لا يستطيع الطبيب فيها التوصّل إلى المُسبّب الدقيق المسؤول عن حدوث هذه الحالة، ويُعاني عدد ضئيل من المُصابين بهذا النوع من نوبات التهاب إضافية مع مرور الوقت،[٢٠] كما تنتمي نسبة معيّنة من المُصابين بالتهاب البنكرياس المزمن كذلك إلى الفئة مجهولة الأسباب.[٢١]

عوامل خطر التهاب البنكرياس

نذكر من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس ما يلي:[١]

  • السّمنة.
  • التدخين.
  • الإفراط بشرب الكحول، فمدمني الكحول أكثر عُرضة من غيرهم للالتهاب البنكرياس.
  • وجود تاريخ عائلي مرضي للإصابة بالتهاب البنكرياس، نظراً لدور الجينات المُتزايد في حالات التهاب البنكرياس؛ وبخاصّة النّوع المُزمن، وبالتالي فإنّ إصابة شخص من العائلة بهذه الحالة تجعل الأفراد الآخرين أكثر عُرضة للإصابة بها خاصّة إن اجتمع العامل الجيني مع عوامل الخطر الأخرى.
  • الأشخاص كبار السنّ والإناث، إذ تزداد لديهم احتمالية تشكّل حصى المرارة، ويُشار إلى أنّ هُناك عوامل أخرى قد تلعب دورًا أيضًا؛ مثل استخدام العلاجات التي تحتوي في تركيبتها على الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen)، وفقدان الوزن السريع، والحمل، والإصابة بمرض السّكري.[٢٢]

الوقاية من التهاب البنكرياس

تهدف النّصائح التالية إلى الوقاية من الإصابة بالتهاب البنكرياس:[٢٣]

  • المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية وتقليل الوزن الزائد، واتّباع نظام غذائي متوازن، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الحفاظ على الوزن المثالي، فهذا من شأنه أنّ يقي من الحصى.
  • تقليل الوزن بشكلٍ تدريجي في حالات زيادة الوزن، وتجنّب الحميات الصارِمة التي تهدف إلى إنقاص الوزن بشكلٍ سريع؛ ذلك أنّ نُقصان الوزن المُفاجئ يزيد من إنتاج الكبد للكوليسترول، وهذا بدوره يزيد من فرصة تكوّن حصى المرارة.
  • تناول الأطعمة قليلة الدسم، بما يشمل الخضروات، والفاكهة، والحبوب الكاملة، بالإضافة إلى ضرورة تجنّب الأطعمة الدهنية والمقلية.
  • تجنّب الاطعمة التي تحتوي على السّكريات، مثل الحلويات والمشروبات عالية السعرات الحرارية.
  • الإقلاع عن التدخين.
  • الامتناع عن شرب الكحول.[٢٤]

يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ الإصابة السابقة بالتهاب البنكرياس من الممكن أن تُعرّض صاحبها إلى احتماليّة تطوّر نوبات التهاب جديدة، ولتجنّب ذلك يجب أن يُزال مُسبّب الالتهاب بالكامل وأن تتمّ السّيطرة على عوامل خطر الإصابة بالالتهاب البنكرياس.[٢٥]

ولمعرفة المزيد عن التهاب البنكرياس يمكن قراءة المقال الآتي: (التهاب البنكرياس).

المراجع

  1. ^ أ ب “Pancreatitis”, www.mayoclinic.org, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  2. “Symptoms & Causes of Pancreatitis”, www.niddk.nih.gov, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  3. “Gallstones”, www.emedicinehealth.com, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  4. “Bile”, medlineplus.gov, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  5. “Gallstone Pancreatitis”, www.cedars-sinai.org, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  6. “Patient education: Acute pancreatitis (Beyond the Basics)”, www.uptodate.com, Retrieved 26-02-2020. Edited.
  7. ^ أ ب “Chronic Pancreatitis”, www.drugs.com, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  8. ^ أ ب “Gastroenterology and Hepatology”, www.hopkinsmedicine.org, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  9. “Proteases: Multifunctional Enzymes in Life and Disease”, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved Feb.22.2020. Edited.
  10. ^ أ ب “All about acute pancreatitis”, www.medicalnewstoday.com, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  11. “Triglycerides”, medlineplus.gov, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  12. “Acute pancreatitis”, www.humandx.org, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  13. “Causes -Acute pancreatitis”, www.nhs.uk, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  14. ^ أ ب “Pancreatitis Causes”, fpnotebook.com, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  15. “Medicines That Can Cause Pancreatitis”, www.healthlinkbc.ca, Retrieved Feb.20.2020. Edited.
  16. “Causes of Pancreatitis”, columbiasurgery.org, Retrieved Feb.22.2020. Edited.
  17. “Childhood Pancreatitis”, www.aafp.org, Retrieved Feb.22.2020. Edited.
  18. “Chronic Pancreatitis”, www.uchicagomedicine.org, Retrieved Feb.22.2020. Edited.
  19. “Chronic Pancreatitis”, ada.com, Retrieved Feb.22.2020. Edited.
  20. “Etiology of acute pancreatitis”, www.uptodate.com, Retrieved Feb.22.2020. Edited.
  21. “What’s to know about chronic pancreatitis?”, www.medicalnewstoday.com, Retrieved 26-02-2020. Edited.
  22. “Gallstone Pancreatitis”, gi.org, Retrieved Feb.23.2020. Edited.
  23. “5 Ways to Prevent Pancreatitis and Exocrine Pancreatic Insufficiency”, www.everydayhealth.com, Retrieved Feb.23.2020. Edited.
  24. “Prevention -Acute pancreatitis”, www.nhs.uk, Retrieved Feb.23.2020. Edited.
  25. “Pancreatitis: Prevention”, my.clevelandclinic.org, Retrieved Feb.23.2020. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى