محتويات
حكم الصلاة في الأرض المغصوبة
يُعرّف الغصبُ في اللُغة بأنّه أخذُ الشيء قهراً، وفي الاصطلاح هو أخذُ مالٍ ذي قيمةٍ من غير إذنِ مالكهِ بعلمهِ،[١] وقد أجمعَ الفُقهاء على حُرمةِ الصلاةِ في الأرض المغصوبة؛ لحُرمةِ المُكوثِ فيها في غير الصلاة، فمن باب أَوْلى حُرمة المُكوثِ فيها لأجل الصلاة، أمّا فيما يتعلّق بصحّة الصلاة لمن صلّى فيها فيرى الجُمهور أنّ الصلاة فيها تكونُ صحيحةً؛ لأن النهي مُتعلقٌ بالأرض وليس الصلاة، ويسقطُ فيها الفرض مع إثم الغصب، وذهب الحنابلة إلى عدم صحةِ الصلاةِ فيها؛ لأنها وقعت على وجهٍ منهيٍ عنهُ، كصلاةِ الحائضِ وصومُها.[٢][٣]
حكم الغصب في الإسلام
يُعدُّ الغصب من الأُمور المُحرّمة في الإسلام؛ لأنه معصيةٌ لله -تعالى-، وقد ثبتت حُرمتهُ في الكِتابِ، والسُنة، والإجماع، فَمِنَ الكِتاب قول الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)،[٤] ومن السُنة قولُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (وإِنَّ دِماءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ عليكُمْ حرامٌ كَحُرْمَةِ يومِكُمْ هذا في شَهْرِكُمْ هذا في بَلَدِكُمْ هذا)،[٥] أمّا الإجماع؛ فقد أجمعَ المُسلمون على حُرمةِ الغصب،[٦] ويُعدُّ الغاصب عاصياً لربّه، ومُعتدياً على حقّ الغير، وظالماً له، وعليه الإثم، لما في ذلك من أخذٍ لِحقِّ غيره ظُلماً وقهراً، ويجبُ عليه ردّ ما غصبه إلى صاحبهِ عيناً، فإن لم يستطع فيردُّ قيمته، وإن سامحهُ صاحبهُ فقد برئت ذمتهُ.[٧]
بعض الأحكام المتعلّقة بالغصب
يجب على من أخذ شيئاً بالغصب أن يتوب إلى الله -تعالى-، ويردّ ما أخذه، ويطلب العفو من صاحبه، وهناك العديد من الأحكام المُتعلّقةُ بالغصب، ومنها ما يأتي:[٨][٩]
- إذا تصرّف الغاصب في المغصوب ببناءٍ أو غيره أُمر بقلعهِ وإزالته إن طالب صاحبُها بذلك.
- يضمن الغاصب قيمة الشيء في حال تغيُّرهِ بزيادةٍ أو نقص، وتُعدُ جميعُ تصرُّفاتهِ فيه باطلة إن كانت من غير إذن المالك.
- استحقاق الغاصب المُؤاخذةِ في الآخرة، ويُلزم بتكاليف إعادتها إلى صاحِبها؛ لأنها من ضرورات الرد، ويبرأ بردّها، ويضمن المِثل إن كان المال مثليّاً؛ وهو ما له مثيلٌ في السوق، وبالقيمة إن كان المال قيميّاً؛ وهو ما لم يكُن له مثيلٌ في السوق، وإن تعذّر الاثنين يُصارُ إلى القيمة في حال الضرورةِ.
- يجبُ على الغاصب ردّ المغصوب مع زيادته، سواءً كان مُتّصلاً أو مُنفصلاً، كمن غصب جملاً وولد عنده، فيردّه مع المولود لأنه تابعٌ له.[١٠]
- يجبُ على الغاصب ردّ ما أخذهُ بعينه إذا كانت قائمة، وعليه الضمان إذا تعرّض ما أخذه للتّلف أو الهلاك، ويُؤاخذ عليه في الآخِرة إن كان عالماً بأن ما أخذه ملكاً للغير، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مَن ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقَهُ مِن سَبْعِ أرَضِينَ)،[١١] وذهب الحنفيّةُ والمالكيّة والشافعيّة إلى أنّ الغاصب يؤدّب بالضرب والسجن؛ لأنهُ حقٌ لله -تعالى-، حتى وإن عفا عنه صاحبها؛ لِما في ذلك من دفع الفساد، ومَن غَصَب شيئاً من غير علمٍ فلا يُؤاخذ بذلك، ولا إثمَ عليه، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللهَ تجاوَز عنْ أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليه).[١٢][١٣]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 117، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 189-190، جزء 30. بتصرّف.
- ↑ وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 984-985، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 29.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3191، صحيح.
- ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 229-230، جزء 31. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 623-624، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1424 هـ )، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 253، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 4798-4802، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ “وجوب رد المغصوب مع زيادته”، www.islamweb.net، 15-10-2014، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2453، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 7219، أخرجه في صحيحه.
- ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 234-235، جزء 31. بتصرّف.