أركان الإسلام والإيمان

كيف أحافظ على صلاة الفجر في وقتها

كيف أحافظ على صلاة الفجر في وقتها

إنّّ الالتزام بأداء الصلوات الخمسة عامةً في وقتِها علامةٌ على كمالِ الإيمان، والالتزام بصلاة الفجر وأدائها في وقتها يُبرّئ المسلم من النّفاق، لكنَّ هذه الصّلاة قد تكون ثقيلةً على نفسِ المسلم؛ لأنَّ وقتها يكون في وقت النّومِ والراحة، فيتقاعسُ الكثير من النّاس عن أدائها في وقتها، لِذا يجب على المؤمن أن يأخذَ بالأسباب التي تُعينه على الاستيقاظ في هذا الوقت، وفيما يأتي بيان بعضها:[١]

  • التّوبة من الذّنوب والمعاصي، وهي من أكثرِ الأسباب التي تُقوّي عزيمة المسلم على الالتزام بأداءِ صلاة الفجر في وقتها؛ لأنّ النّفس تظلّ مُتيقّظة لئلّا تقعَ في الذنب ثانية.
  • تعظيم صلاة الفجر في القلبِ، وتَذكّر الثواب العظيم لمن يُصلّيها في وقتِها، فمن كانت الصّلاة عظيمة في قلبِه؛ فإنَّه لن يَشقَّ عليه الاستيقاظ وترك الفراش، وسيُجاهد شيطانه كي يتلذّذَ بقُرب الله -تعالى-.
  • الاستعانة بالله -تعالى-، والتّقرب إليه، ودعائه بأن يُعينَ المسلم على هذه الطّاعة، وأن يُساعده على الاستيقاظ في هذا الوقت.
  • الحرص على صحبةِ الصّالحين الذين يُعينون المسلم على الالتزامِ بالطّاعة، ويُذكّرونه دوماً بالله -تعالى-، فإن تقاعسَ يوماً عن صلاةِ الفجر يُذكّرونه بوعيد الله -عزَّ وجل-.
  • الحرص على النّومِ مبكّراً وترك السّهر، فإنَّه من المعلوم أنَّ الإنسان إذا أخَّرَ نومه يَصعُب عليه الاستيقاظ مبكّراً ويَغلب عليه النُّعاس، ومَن يحرص على النومِ مبكّراً ناوياً الاستيقاظ للصّلاةِ سيعتاد جسمه على الاستيقاظ دائماً في نفس الوقت، فيقوم لأداءِ الصّلاة نشيطاً.
  • توكيل أحد الأصدقاء أو المعارف للتّنبيه لصلاةِ الفجر، كما فعلَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في غزوة خيبر، إذ وَكَّل بلال بن رباح -رضي الله عنه- أن يبقى مستيقظاً ليُنبّههم وقت صلاة الفجر، وهذا دليلٌ على حرصِ النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- على أداءِ هذه الصلاة حتى وهو في حالةِ الحرب.
  • المواظبة على اتِّباع سنَّة النبي -عليه الصلاة والسلام- في النوم، وذلك من خلال ذكر الله -تعالى- قبل النّوم، وقراءة أذكار النّوم، والنّوم على وضوء، والنوم على الجانبِ الأيمن.[٢][١]
  • الاستعانة بالأجهزة المتوفّرة في البيت؛ كالمنبّه أو الجوّال، وضبطه عند وقت صلاة الفجر.[٢]
  • التوقف عن الأكلِ كثيراً قبل النوم، وتجنّب شرب المنّبهات ليلاً.[٢]

ويجدر بالذّكر هنا أنّ النّوم لم يَعدّه الإسلام عذراً يجعل المسلم يتركُ صلاته، فصحيحٌ أنّ النّائم يُرفع عنه القلم حتى يستيقظ، لكنَّ هذا لا يعني أن يتعمّد النّوم ليترك الصّلاة، بل عليه أن يأخذ بكلّ الأسباب التي تُعينه على الاستيقاظ وأداء الصّلاة في وقتها،[٣] كما أنّ الإنسان المُعتاد على أداء صلاة الفجر في وقتِها، ويسعى دائماً ألّا تفوته، ويأخذ بالأسبابِ ليستيقظَ لها، إذا فاتته الصّلاة وغلب عليه النّوم فإنّه يُغفر له ولا يُعدّ مُفرّطاً، أمّا من يَسمع الأذان ثمّ يتجاهل الصّلاة ويُكمل نومه فهذا هو المفرّط، ويدخل في قول الله -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ).[٤][١]

فضلُ المحافظة على صلاة الفجر

تُعدّ صلاة الفجر أحد الصّلوات الخمسة الواجبة على المسلمِ، لكنَّ الله -تعالى- خصّها بمزيدٍ من الأهميّة، وجعل لمن يُحافظ عليها الكثير من الأجر والثواب، وفيما يأتي بيان ذلك:

  • تكون سبباً في دخول الجنّة، والنّجاة من النّار، فقد وعدَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من صلّى البَردين؛ أي الفجر والعصر بدخولِ الجنَّة؛ وذلك لما فيهما من مشقّة على المسلمِ، حيث إنَّ وقت الفجر يكون في وقت النّوم والرّاحة، ووقت العصر يكون غالباً في وقت سعي النّاس إلى أعمالها وأرزاقها؛ فكان لهما الأجر العظيم، كما حرّم اللهُ على من يُصلّيها النّار، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَلِجُ النَّارَ مَن صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)؛[٥] أي صلاتي الفجر والعصر.[٦]
  • تشهدُ ملائكة اللّيل وملائكة النّهار صلاة الفجر، قال -تعالى-: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)،[٧] والمقصود بالقرآن هنا هو أداء صلاة الفجر؛ إذ تكون الملائكة حاضرة في هذا الوقت،[٨] وهذه الملائكة هي نفسها الملائكة الحَفظة التي تتعاقب على الإنسان في اللّيل والنّهار، فتجتمع على المسلم في وقتي الفجر والعصر، وهذا تشريفٌ كبير لمن يُصلّي الفجر في وقتها.[٩]
  • ينعم مُصلّو الفجر بالنّورِ التّامِّ يوم القيامة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بشِّرِ المشَّائينَ في الظُّلَمِ إلى المساجِدِ بالنُّورِ التَّامِّ يومَ القيامةِ)،[١٠] فالمشي للصلاةِ بشكلٍ عام فيه أجرٌ عظيم، لكنَّ المشيَ لصلاةِ الفجر في شدّةِ الظّلام فيه مشقّةٌ أكبر على النّفس، فيُجازيهم الله يوم القيامة بالنّورِ التّام؛ لأنّّهم مَشوا في الظّلام في الدّنيا فاستحقّوا النّور يوم القيامة، والجزاء من جنسِ العمل.[١١]
  • تُعتبر صلاة سُنّة الفجر خيرٌ من الدّنيا وما فيها؛ إذ إنَّ لذّة صلاة الفجر تُعادل كلّ ما في الدّنيا من نعيم، فترتاح نفس مُصلّيها و تطمئنّ مهما كان حاله، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ركعتا الفجرِ خيرٌ من الدنيا وما فيها).[١٢][١٣]
  • يَحظى مصلّو الفجر بشرفٍ عظيمٍ يوم القيامة، ألا وهو رؤية وجه الله الكريم كما يرى البدر في السّماء، وهذا وعدٌ من الله -تعالى-.[١٣]
  • تعدُّ صلاة الفجر حافظةً لصاحبها؛ لأنّ من يُصلّي الفجر يبقى في ذمّة الله وفي حفظه كما ورد في الأحاديث النبويّة، فلا يضرّه شيء طيلة يومه لأنّه محاطٌ بكنفِ الله ورعايته.[١٣]

أهمية المحافظة الصلاة

إنَّ الصّلاة أهمّ ما يُميّز الإسلام والمسلمين، فهي عمودُ الدين وأساسه الثّابت، فلا يقوم الدّين إلا بها، وهي الرّكن الثّاني من أركان الإسلام وتأتي بعد الشهادتين مُباشرةً، وهي علامةٌ على محبّة الله -تعالى- للعبدِ، كما أنَّ الله -تعالى- عظَّم شأنها في القرآن الكريم وحثَّ على أدائِها، وممّا يدلّ على عظمةِ هذه الفريضة أنّها أولّ ما فرضه الله على عباده، لكنّها لم تُفرض كسائر العبادات بواسطة الوحي، وإنّما فُرضت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مُباشرةً في السّماءِ السّابعةِ ليلة الإسراء والمعراج، كما أنّها الشّعيرة الوحيدة التي اشتركت بها جميع الرّسلات السّماوية السّابقة.[١٤]

والصلاة أوّل ما يُسأل عنه المسلم يوم القيامة، فإن صلُحتْ صلاته فاز، وإلّا فقد خسر خسراناً كبيراً. إذاً هي سببٌ في دخولِ الإنسان الجنّة إن التزم بها، وسبب للعذاب في النار لمن تركها، وهي آخر ما وصّى به النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قبل موته، فقد كان يُتَمْتِمُ بها وهو يُغرغر.[١٥] والصّلاة من أكبر الدّلائل على براءةِ صاحبها من النّفاقِ؛ لأنّ الصّلاة تكون ثقيلةً على المُنافقِ ويتكاسل عنها، ولا يُؤدّيها إلّا من أجل الرّياء والسّمعة، فيكون من الخاسرين، أمّا المسلم الحريص على عدم ترك صلاتِه يكون من أولياء الله وأحبابه، وهي أفضل ما يَنشغل به الإنسان؛ لأنَّه يحصل بها على الثواب الجزيل.[١٦]

وتُعدّ الصلاة القاسم المشترك في عبوديّة جميع الكائنات الحية، فلكلِّ كائن حيّ طريقة في صلاته وتسبيحه، قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)،[١٧][١٦] وأكثر ما يدلّ على عِظم هذه الفريضة أنّ الأجر المترتّب عليها عظيمٌ وكبير، فالآيات والأحاديث التي ترفع قَدْر المصلّي وتُبيّن ثوابه، وكذلك التي تذمّ تارك الصّلاة لا تُعدّ ولا تُحصى، ويكفي المُصلّي أنَّ صلاته تَغسل ذنوبه وخطاياه، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا).[١٨][١٥]

المراجع

  1. ^ أ ب ت محمد المقدم، لماذا نصلي، صفحة 11-13، جزء 11. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت راغب السرجاني، كيف تحافظ علي صلاة الفجر، صفحة 87. بتصرّف.
  3. عبد الله بن جبرين، شرح أخصر المختصرات، صفحة 30، جزء 2.بتصرّف.
  4. سورة الماعون، آية: 4-5.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمارة بن رويبة، الصفحة أو الرقم: 634، صحيح.
  6. موسى لاشين (2002م)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة الأولى)، دار الشروق، صفحة 340، جزء 3.بتصرّف.
  7. سورة الإسراء، آية: 78.
  8. محمد الإثيوبي (1996م )، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (الطبعة الأولى)، دار آل بروم للنشر والتوزيع، صفحة 376، جزء 6. بتصرّف.
  9. عبد الكريم الخضير، شرح الموطأ، صفحة 27، جزء 27. بتصرّف.
  10. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 561، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
  11. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود، صفحة 15، جزء 77. بتصرّف.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 725.
  13. ^ أ ب ت يحيى الزهراني، “البشائر العشر لمن حافظ على صلاة الفجر”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-2-2021. بتصرّف.
  14. عبد الله الزيد (1423هـ)، تعليم الصلاة، المملكة العربية السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 15-17. بتصرّف.
  15. ^ أ ب صالح بن عبد الواحد (1428هـ)، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ (الطبعة الثّانية)، مكتبة الغرباء، صفحة 194-195، جزء 1. بتصرّف.
  16. ^ أ ب محمد المقدم،لماذا نصلي، صفحة 12، جزء 1. بتصرّف.
  17. سورة النور، آية: 41.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 528، صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى