محتويات
كيف كان الرسول يعامل الأطفال
كان للرسول -صلى الله عليه وسلم- أساليب خاصّة في المعاملة مع الأطفال، ومنها ما يأتي:[١]
- مداعبة الأطفال والعطف عليهم، وملاطفتهم، ومن ذلك ما ورد عن أنس -رضي الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكانَ لي أَخٌ يُقَالُ له: أَبُو عُمَيْرٍ، قالَ: أَحْسِبُهُ، قالَ: كانَ فَطِيمًا، قالَ: فَكانَ إذَا جَاءَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- فَرَآهُ، قالَ: أَبَا عُمَيْرٍ ما فَعَلَ النُّغَيْرُ قالَ: فَكانَ يَلْعَبُ بهِ)،[٢] والنُّغَيْرُ طائر صغير، وأَحْسِبُهُ كانَ فَطِيماً تعني أنَّه بدأ يُدرك.
- إعطاء الأولاد حقوقهم، واحترامهم، ومن ذلك ما ورد عن سعد بن سهل -رضي الله عنه- قال: (أُتِيَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بقَدَحٍ، فَشَرِبَ، وعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ هو أحْدَثُ القَوْمِ والأشْيَاخُ عن يَسَارِهِ، قَالَ: يا غُلَامُ أتَأْذَنُ لي أنْ أُعْطِيَ الأشْيَاخَ، فَقَالَ: ما كُنْتُ لِأُوثِرَ بنَصِيبِي مِنْكَ أحَدًا يا رَسولَ اللَّهِ، فأعْطَاهُ إيَّاهُ)،[٣] والأشياخ: هم الكبار في العمر.
- تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- من الكذب على الأطفال، ومن ذلك ما روى عبد الله بن عامر -رضي الله عنه- قال: (دعتْني أُمي يومًا ورسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- قاعدٌ في بيتِنا فقالتْ: ها تعالَ أُعطيكَ فقال لها رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وما أردتِ أنْ تعطيهِ ؟ قالتْ : أُعطيهِ تمرًا، فقال لها رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: أما إنك لو لمْ تُعطيهِ شيئًا كُتبتْ عليكِ كَذِبةٌ).[٤]
- سماح النبي -صلى الله عليه وسلم- للأطفال بشيء من اللهو واللعب، قال -تعالى- على لسان إخوة يوسف: (أَرسِلهُ مَعَنا غَدًا يَرتَع وَيَلعَب وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)،[٥] وما ورد عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ عَائِشَةَ، قالَتْ: لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَوْمًا علَى بَابِ حُجْرَتي والحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ في المَسْجِدِ، ورَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَسْتُرُنِي برِدَائِهِ، أنْظُرُ إلى لَعِبِهِمْ).[٦]
- تعليم الأطفال، ووعظهم وتوجيههم، ومن ذلك ما روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: (مُروا أبناءَكم بالصَّلاةِ لِسَبعِ سِنينَ، واضرِبوهم عليها لِعَشرِ سِنينَ، وفرِّقوا بينهم في المضاجعِ)،[٧] والمقصود بالمضاجع هي أماكن النوم.
- الأمر بالعدل بين الأبناء، وذلك لقوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ)،[٨] وقوله -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي أعطى مالاً لولد من أولاده ولم يُعطِ الآخرين: (أَفَعَلْتَ هذا بوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قالَ: لَا، قالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا في أَوْلَادِكُمْ).[٩]
مواقف نبوية مع الأطفال
اختار الله -تعالى- نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- واصطفاه ليكون خاتم النبيّين وأفضلهم، ويكون قدوة للعالمين أجمعين ومن ذلك قوله -تعالى-: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا)؛[١٠] فكان خير معلم، وكان الأفضل في معاملة وعشرة أهله، وكان أشجع المقاتلين، أمّا بالنسبة لمعاملته مع الأطفال فقد كان أكثر الناس عطفاً عليهم، وحناناً، وتربيةً، وسيتم فيما يأتي ذكر بعض مواقف للنبي -صلى الله عليه وسلم- مع الأطفال:[١١]
- حب النبي -صلى الله عليه وسلم- لحفيديه الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ويتّضح ذلك من خلال تقبيله لهما، ووضعهما في حجره، والالتزام بالذهاب إليهما والاقتطاع من وقته لتحقيق ذلك، والدعاء لهما، حتّى أنَّه في أحد المرّات كان يصلي وركب على ظهره أحدهما فأطال السجود لكي لا يُعكِّر عليه صفوه، وقد خشي الصحابة أن يكون قد حدَث له شيء أو أنَّه يوحى إليه، وقد اعتبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عدم تقبيل الأقرع بن حابس لأبنائه منافٍ للرحمة وقال: (إنَّه مَن لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ).[١٢]
- معاملة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أبناء أصحابه حديثي الولادة؛ فقد كان من عادتهم الإتيان بالصغار عند ولادتهم إليه فكان يُقبّلهم، ويحنّكهم بالتمر، ويضُمّهم إليه ويدعو لهم بالبركة، وهذا ما فعله مع أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عندما رُزق بولده الأكبر، ولم يمنعه -صلوات الله عليه- انشغاله بالدعوة والجهاد والعبادة من ملاطفة أبناء الصحابة.
- حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على دعوة الغلام اليهوديّ الذي كان يخدمه إلى الإسلام وإنقاذه من النَّار، واستجابة الغلام ووالده تدلّ على رحمة النبي -عليه السلام- به وشفقته عليه بالرغم من عدم إسلامه.
- حنّية النبي -صلى الله عليه وسلم -على حفيدته أُمامة بنت أبي العاص عندما ماتت والدتها زينب -رضي الله عنها- فكان يأخذها معه في بعض الأحيان للصلاة وإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها، ومن ذلك ما ورد عن أبي قتادة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يُصَلِّي وهو حَامِلٌ أُمَامَةَ بنْتَ زَيْنَبَ بنْتِ رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، ولِأَبِي العَاصِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ عبدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وضَعَهَا، وإذَا قَامَ حَمَلَهَا).[١٣]
- إكرام النبي -صلى الله عليه وسلم- للبنات وحفظ حقوقهنَّ، وذلك في وقت كان المجتمع الجاهليّ يُفضّل الذكور، ويخاف من عار البنات ويكرههنَّ، بينما جعل النبي -صلوات الله عليه- تربيتها ورعايتها والإنفاق عليها سبباً لدخول الجنَّة ونيل رضوان الله -تعالى-، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-:(مَن عالَ جارِيَتَيْنِ حتَّى تَبْلُغا، جاءَ يَومَ القِيامَةِ أنا وهو وضَمَّ أصابِعَهُ).[١٤]
- بكاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ورحمته وحزنه عند وفاة ولده إبراهيم؛ فقد حمله وشمّه وقد ورد عن أنس -رضي الله عنه- قوله: (دَخَلْنَا مع رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- علَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وكانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ -عليه السَّلَامُ-، فأخَذَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عليه بَعْدَ ذلكَ وإبْرَاهِيمُ يَجُودُ بنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- تَذْرِفَانِ، فَقالَ له عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-: وأَنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَقالَ: يا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بأُخْرَى، فَقالَ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ)،[١٥][١٦][١١] والمقصود بالقَيْنِ الحداد،[١٧] والمقصود بالظِئْر: المرأة المرضعة التي ترضع الطفل، أو تعطف عليه.[١٨]
أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قرآناً يمشي على الأرض، وكان الكتاب الذي نزل عليه كوناً ناطقاً، وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى التَفَكُر في هذا الكون الذي يُعتبَّر قرآناً صامتاً،[١٩] ومن أعظم دلائل نبوته -صلى الله عليه وسلم- وصف الله -تعالى- له بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[٢٠] وقول عائشة -رضي الله عنها- عندما سُئلت عن خُلُقه -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (ان خُلُقُه القرآنَ)،[٢١][٢٢] وقد كانت سيرته -صلوات الله عليه- عبارة عن تطبيق عمليّ لما جاء في القرآن الكريم وترجمة لتوجيهاته السامية، وتفسير لأوامره وتعاليمه، كما أنّ حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وخُلُقه وفعله وتركه هي أيضاً ترجمة عمليّة لما جاء في القرآن الكريم، حتى أنَّ الإمام الشافعي -رحمه الله- بيّن في كتابه الرسالة أنَّ السنّة النبوية جميعها مقتبسة ومستنبطة من القرآن الكريم.[٢٣]
المراجع
- ↑ راشد العبد الكريم (2010)، الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية (الطبعة الرابعة)، المملكة العربية السعودية: دار الصميعي، صفحة 256-263. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2150، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 2366، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عامر بن أبي ربيعة، الصفحة أو الرقم: 4991، حسن.
- ↑ سورة يوسف، آية: 12.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 454، صحيح.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 6756، إسناده حسن.
- ↑ سورة النحل، آية: 90.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 1623، صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
- ^ أ ب “مواقف نبوية مع الأطفال”، www.islamweb.net، 18-3-2012، اطّلع عليه بتاريخ 7-8-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2318، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 516، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2631، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1303، صحيح.
- ↑ محمد عبد الباقي (1986)، اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، القاهرة: دار الحديث، صفحة 102، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ “تعريف و معنى القين في قاموس المعجم الوسيط. قاموس عربي عربي”، www.almaany.com. بتصرّف.
- ↑ “تعريف و معنى ظئر في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، www.almaany.com. بتصرّف.
- ↑ محمد راتب النابلسي (2005)، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (الطبعة الأولى)، دمشق-سوريا: دار المكتبي، صفحة 56، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة القلم، آية: 4.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4811 ، صحيح.
- ↑ ابن قيم الجوزية، التبيان في أقسام القرآن، بيروت-لبنان: دار المعرفة، صفحة 216-20-17. بتصرّف.
- ↑ سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 27، جزء 255. بتصرّف.