عبادات

ما هي أفضل الأعمال في يوم عرفة

أفضل الأعمال في يوم عرفة

الصوم

صيام التطوع يكون أعظم استحباباً، ويتأكّد حال موافقته لأيّام فاضلة، ويعدّ يوم عرفة من الأيام الفاضلة التي يُستحبّ الصيام فيها،[١] وقد استحبّ الفقهاء صيام يوم عرفة لغير الحاج، وقالوا في حكم صيام يوم عرفة للحاج أقوال؛ فذهب الحنفيّة إلى استحباب صيام يوم عرفة للحاج إن كان الصيام لا يضعفه عن أداء مناسك الحجّ؛ وذلك لفعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وذهب الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى كراهية صوم الحاج يوم عرفة، وقالوا باستحباب الإفطار في يوم يوم عرفة للحاجّ،[٢] ويكفّر صيام يوم عرفة صغائر الذنوب والمعاصي التي وقع بها العبد في سنتين؛ الماضية واللاحقة؛ فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)،[٣][٤] والمقصود بتكفير السنة القادمة؛ أي أنّ الله -تعالى- يوفّق عبده المؤمن في اجتناب الذنوب والمعاصي التي تحتاج إلى تكفير في سنته القادمة؛ جزاءاً له على صيام يوم عرفة.[٥]

الدعاء

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدعاء يوم عرفة من أفضل الدعاء، وأكثره خيراً؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)،[٦] فالدعاء في يوم عرفة يكون أعظم ثواباً، وأجزل عطاءاً، وأقرب إجابة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر في يوم عرفة من قول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له”؛ لأنّ هذا الدعاء يشتمل على ثناء الله -تعالى-، وتوحيده، مما يكون سبباً في نزول رحمة الله -تعالى- وخيره على عباده الموحّدين،كما أنّها شهادة التوحيد، وأفضل الدعاء قول: “الحمدلله”؛ لأن حمدالله -تعالى- على نعمه يتضمّن معنى الشكر الذي يكون سبباً في زيادة النعم.[٧]

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: الدعاء في القرآن الكريم يأتي بمعنيين؛ المعنى الأوّل دعاء العبادة؛ كقوله -تعالى-: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)،[٨] والثاني يأتي بمعنى دعاء المسألة، كما قال -جل وعلا-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)؛[٩] فكلّ داعٍ لله -تعالى- هو عابد له، وكذلك كلّ عابد لله -تعالى- فهو داع له وسائل.[٧]

ذكر الله

يستحب للمسلم أن يكثر في يوم عرفة من ذكر الله -تعالى-، ويشتغل بالتكبير، والتهليل إلى حين غروب الشمس، ويستحبّ أن يذكر الله -تعالى- بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كأن يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير”، وكان الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- يذكر الله -تعالى- كثيراً في يوم عرفة فيقول: “الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم اهدني بالهدى، وقني بالتقوى، واغفر لي في الآخرة والاولى”،[١٠] وقد سمّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الذكر في يوم عرفة بأفضل الدعاء -كما ورد في الحديث سابقاً-؛ وذلك ليبيّن اختصاص يوم عرفة بهذا الدعاء، وقد يسمّى الثناء دعاءاً؛ وذلك لتشاركهما في جلب المنافع، وحصول المقصود بهما.[١١]

الوقوف بعرفة

يحقق الحاجّ ركن الوقوف بعرفة إذا حضر في داخل حدود المكان المسمى بعرفات، وأقام فيه لوقت يسير، ولو لحظة فأكثر، وأن يكون حضوره بنيّة الوقوف، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة، ويستمر إلى فجر اليوم العاشر من ذي الحجة،[١٢] وفي موقف عرفة يدنو الله -تبارك تعالى- من عباده، ويباهي بهم ملائكته الكرام، وفيه يعتق الله تعالى من النار أفواجاً من الناس لا حصر لهم؛[١٣] فعن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟)،[١٤] ويقول الإمام ابن رجب– رحمه الله تعالى- عن يوم عرفة: هو يوم العتق من النيران، فيُعتق الله -تبارك وتعالى- فيه حجّاجه الواقفين بعرفة، كما يعتق فيه عباده المسلمين في كلّ مكان؛ أولئك الذين لم يشهدوا الوقوف بعرفة؛ ولذلك يتبعه يوم عيدٍ لجميع المسلمين؛ وذلك لاشتراك جميع المسلمين في العتق من النيران، و نيل المغفرة في يوم عرفة.[١٣]

فضل يوم عرفة

يوم عرفة؛ هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يسبق آخر يوم من أيام العشر، والتي فضّلها الله -تعالى- على سائر أيّام الدنيا، وجعل أوقاتها من أفضل الأوقات، ويسارع المسلمون في هذه الأيام إلى عمل الصالحات، وفعل الطاعات، مغتنمينها في مرضاة الله -تعالى-، وقد عظَّم الله -تعالى- مكانة يوم عرفة، ورفع منزلته، وجعله أفضل الأيّام؛ ففيه تتنزّل الرحمات، وتجاب فيه الدعوات، ويغفر الله -تعالى- فيه الأخطاء والزلّات، ويُعين فيه أهل العثرات،[١٥] ويتباهى الله -سبحانه وتعالى- في يوم عرفة أمام ملائكته بعباده المؤمنين من أهل عرفة، الذين ارتفعت أيديهم إلى الله -تعالى- بالدعاء؛ خشية منه، ورغبة بما عنده، وقد أقسم الله -تعالى- بهذا اليوم العظيم في كتابه الكريم؛ فقال -عزّ وجلّ-: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)،[١٦] والمراد باليوم المشهود؛ هو يوم عرفة؛ وذلك لأنّ الحجاج يحضرون هذا اليوم، ويجتمعون فيه، وقد ذكر النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّ اليوم المشهود هو يوم عرفة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (اليومُ الموعودُ يومُ القيامةِ، واليومُ المشهودُ يومُ عرفةَ، والشَّاهدُ يومُ الجمعةِ).[١٧][١٥]

المراجع

  1. نجم الدين المقدسي (1978)، مختصر منهاج القاصدين، دمشق: مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ، صفحة 44. بتصرّف.
  2. سعيد حوى (1994)، الأساس في السنة وفقهها- العبادات في الإسلام (الطبعة الأولى)، مصر: دار السلام، صفحة 2637، جزء 6. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  4. عبد الكريم الخضير، شرح المحرر في الحديث ، صفحة 26، جزء 59. بتصرّف.
  5. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار السلام، صفحة 12، جزء 7. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 3585، حسن.
  7. ^ أ ب محمد عبدالدايم، فضائل يوم عرفة، صفحة 18-20. بتصرّف.
  8. سورة المؤمنون، آية: 117.
  9. سورة البقرة، آية: 186.
  10. لابن قدامة (1388)، المغني ، مصر: مكتبة القاهرة، صفحة 368، جزء 3. بتصرّف.
  11. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار السلام، صفحة 546، جزء 5. بتصرّف.
  12. صالح السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 87. بتصرّف.
  13. ^ أ ب خالد أبو شادي، أحلى 13 يوم، السعودية: طيبة، صفحة 49. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1348 ، صحيح.
  15. ^ أ ب محمد صالح المنجد، 55 فائدة في يوم عرفة، صفحة 4-7. بتصرّف.
  16. سورة البروج، آية: 3.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3339 ، حسن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أفضل الأعمال في يوم عرفة

الصوم

صيام التطوع يكون أعظم استحباباً، ويتأكّد حال موافقته لأيّام فاضلة، ويعدّ يوم عرفة من الأيام الفاضلة التي يُستحبّ الصيام فيها،[١] وقد استحبّ الفقهاء صيام يوم عرفة لغير الحاج، وقالوا في حكم صيام يوم عرفة للحاج أقوال؛ فذهب الحنفيّة إلى استحباب صيام يوم عرفة للحاج إن كان الصيام لا يضعفه عن أداء مناسك الحجّ؛ وذلك لفعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وذهب الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى كراهية صوم الحاج يوم عرفة، وقالوا باستحباب الإفطار في يوم يوم عرفة للحاجّ،[٢] ويكفّر صيام يوم عرفة صغائر الذنوب والمعاصي التي وقع بها العبد في سنتين؛ الماضية واللاحقة؛ فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)،[٣][٤] والمقصود بتكفير السنة القادمة؛ أي أنّ الله -تعالى- يوفّق عبده المؤمن في اجتناب الذنوب والمعاصي التي تحتاج إلى تكفير في سنته القادمة؛ جزاءاً له على صيام يوم عرفة.[٥]

الدعاء

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدعاء يوم عرفة من أفضل الدعاء، وأكثره خيراً؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)،[٦] فالدعاء في يوم عرفة يكون أعظم ثواباً، وأجزل عطاءاً، وأقرب إجابة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر في يوم عرفة من قول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له”؛ لأنّ هذا الدعاء يشتمل على ثناء الله -تعالى-، وتوحيده، مما يكون سبباً في نزول رحمة الله -تعالى- وخيره على عباده الموحّدين،كما أنّها شهادة التوحيد، وأفضل الدعاء قول: “الحمدلله”؛ لأن حمدالله -تعالى- على نعمه يتضمّن معنى الشكر الذي يكون سبباً في زيادة النعم.[٧]

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: الدعاء في القرآن الكريم يأتي بمعنيين؛ المعنى الأوّل دعاء العبادة؛ كقوله -تعالى-: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)،[٨] والثاني يأتي بمعنى دعاء المسألة، كما قال -جل وعلا-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)؛[٩] فكلّ داعٍ لله -تعالى- هو عابد له، وكذلك كلّ عابد لله -تعالى- فهو داع له وسائل.[٧]

ذكر الله

يستحب للمسلم أن يكثر في يوم عرفة من ذكر الله -تعالى-، ويشتغل بالتكبير، والتهليل إلى حين غروب الشمس، ويستحبّ أن يذكر الله -تعالى- بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كأن يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير”، وكان الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- يذكر الله -تعالى- كثيراً في يوم عرفة فيقول: “الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم اهدني بالهدى، وقني بالتقوى، واغفر لي في الآخرة والاولى”،[١٠] وقد سمّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الذكر في يوم عرفة بأفضل الدعاء -كما ورد في الحديث سابقاً-؛ وذلك ليبيّن اختصاص يوم عرفة بهذا الدعاء، وقد يسمّى الثناء دعاءاً؛ وذلك لتشاركهما في جلب المنافع، وحصول المقصود بهما.[١١]

الوقوف بعرفة

يحقق الحاجّ ركن الوقوف بعرفة إذا حضر في داخل حدود المكان المسمى بعرفات، وأقام فيه لوقت يسير، ولو لحظة فأكثر، وأن يكون حضوره بنيّة الوقوف، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة، ويستمر إلى فجر اليوم العاشر من ذي الحجة،[١٢] وفي موقف عرفة يدنو الله -تبارك تعالى- من عباده، ويباهي بهم ملائكته الكرام، وفيه يعتق الله تعالى من النار أفواجاً من الناس لا حصر لهم؛[١٣] فعن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟)،[١٤] ويقول الإمام ابن رجب– رحمه الله تعالى- عن يوم عرفة: هو يوم العتق من النيران، فيُعتق الله -تبارك وتعالى- فيه حجّاجه الواقفين بعرفة، كما يعتق فيه عباده المسلمين في كلّ مكان؛ أولئك الذين لم يشهدوا الوقوف بعرفة؛ ولذلك يتبعه يوم عيدٍ لجميع المسلمين؛ وذلك لاشتراك جميع المسلمين في العتق من النيران، و نيل المغفرة في يوم عرفة.[١٣]

فضل يوم عرفة

يوم عرفة؛ هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يسبق آخر يوم من أيام العشر، والتي فضّلها الله -تعالى- على سائر أيّام الدنيا، وجعل أوقاتها من أفضل الأوقات، ويسارع المسلمون في هذه الأيام إلى عمل الصالحات، وفعل الطاعات، مغتنمينها في مرضاة الله -تعالى-، وقد عظَّم الله -تعالى- مكانة يوم عرفة، ورفع منزلته، وجعله أفضل الأيّام؛ ففيه تتنزّل الرحمات، وتجاب فيه الدعوات، ويغفر الله -تعالى- فيه الأخطاء والزلّات، ويُعين فيه أهل العثرات،[١٥] ويتباهى الله -سبحانه وتعالى- في يوم عرفة أمام ملائكته بعباده المؤمنين من أهل عرفة، الذين ارتفعت أيديهم إلى الله -تعالى- بالدعاء؛ خشية منه، ورغبة بما عنده، وقد أقسم الله -تعالى- بهذا اليوم العظيم في كتابه الكريم؛ فقال -عزّ وجلّ-: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)،[١٦] والمراد باليوم المشهود؛ هو يوم عرفة؛ وذلك لأنّ الحجاج يحضرون هذا اليوم، ويجتمعون فيه، وقد ذكر النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّ اليوم المشهود هو يوم عرفة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (اليومُ الموعودُ يومُ القيامةِ، واليومُ المشهودُ يومُ عرفةَ، والشَّاهدُ يومُ الجمعةِ).[١٧][١٥]

المراجع

  1. نجم الدين المقدسي (1978)، مختصر منهاج القاصدين، دمشق: مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ، صفحة 44. بتصرّف.
  2. سعيد حوى (1994)، الأساس في السنة وفقهها- العبادات في الإسلام (الطبعة الأولى)، مصر: دار السلام، صفحة 2637، جزء 6. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  4. عبد الكريم الخضير، شرح المحرر في الحديث ، صفحة 26، جزء 59. بتصرّف.
  5. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار السلام، صفحة 12، جزء 7. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 3585، حسن.
  7. ^ أ ب محمد عبدالدايم، فضائل يوم عرفة، صفحة 18-20. بتصرّف.
  8. سورة المؤمنون، آية: 117.
  9. سورة البقرة، آية: 186.
  10. لابن قدامة (1388)، المغني ، مصر: مكتبة القاهرة، صفحة 368، جزء 3. بتصرّف.
  11. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار السلام، صفحة 546، جزء 5. بتصرّف.
  12. صالح السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 87. بتصرّف.
  13. ^ أ ب خالد أبو شادي، أحلى 13 يوم، السعودية: طيبة، صفحة 49. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1348 ، صحيح.
  15. ^ أ ب محمد صالح المنجد، 55 فائدة في يوم عرفة، صفحة 4-7. بتصرّف.
  16. سورة البروج، آية: 3.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3339 ، حسن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

أفضل الأعمال في يوم عرفة

الصوم

صيام التطوع يكون أعظم استحباباً، ويتأكّد حال موافقته لأيّام فاضلة، ويعدّ يوم عرفة من الأيام الفاضلة التي يُستحبّ الصيام فيها،[١] وقد استحبّ الفقهاء صيام يوم عرفة لغير الحاج، وقالوا في حكم صيام يوم عرفة للحاج أقوال؛ فذهب الحنفيّة إلى استحباب صيام يوم عرفة للحاج إن كان الصيام لا يضعفه عن أداء مناسك الحجّ؛ وذلك لفعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وذهب الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى كراهية صوم الحاج يوم عرفة، وقالوا باستحباب الإفطار في يوم يوم عرفة للحاجّ،[٢] ويكفّر صيام يوم عرفة صغائر الذنوب والمعاصي التي وقع بها العبد في سنتين؛ الماضية واللاحقة؛ فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)،[٣][٤] والمقصود بتكفير السنة القادمة؛ أي أنّ الله -تعالى- يوفّق عبده المؤمن في اجتناب الذنوب والمعاصي التي تحتاج إلى تكفير في سنته القادمة؛ جزاءاً له على صيام يوم عرفة.[٥]

الدعاء

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدعاء يوم عرفة من أفضل الدعاء، وأكثره خيراً؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)،[٦] فالدعاء في يوم عرفة يكون أعظم ثواباً، وأجزل عطاءاً، وأقرب إجابة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر في يوم عرفة من قول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له”؛ لأنّ هذا الدعاء يشتمل على ثناء الله -تعالى-، وتوحيده، مما يكون سبباً في نزول رحمة الله -تعالى- وخيره على عباده الموحّدين،كما أنّها شهادة التوحيد، وأفضل الدعاء قول: “الحمدلله”؛ لأن حمدالله -تعالى- على نعمه يتضمّن معنى الشكر الذي يكون سبباً في زيادة النعم.[٧]

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: الدعاء في القرآن الكريم يأتي بمعنيين؛ المعنى الأوّل دعاء العبادة؛ كقوله -تعالى-: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)،[٨] والثاني يأتي بمعنى دعاء المسألة، كما قال -جل وعلا-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)؛[٩] فكلّ داعٍ لله -تعالى- هو عابد له، وكذلك كلّ عابد لله -تعالى- فهو داع له وسائل.[٧]

ذكر الله

يستحب للمسلم أن يكثر في يوم عرفة من ذكر الله -تعالى-، ويشتغل بالتكبير، والتهليل إلى حين غروب الشمس، ويستحبّ أن يذكر الله -تعالى- بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كأن يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير”، وكان الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- يذكر الله -تعالى- كثيراً في يوم عرفة فيقول: “الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم اهدني بالهدى، وقني بالتقوى، واغفر لي في الآخرة والاولى”،[١٠] وقد سمّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الذكر في يوم عرفة بأفضل الدعاء -كما ورد في الحديث سابقاً-؛ وذلك ليبيّن اختصاص يوم عرفة بهذا الدعاء، وقد يسمّى الثناء دعاءاً؛ وذلك لتشاركهما في جلب المنافع، وحصول المقصود بهما.[١١]

الوقوف بعرفة

يحقق الحاجّ ركن الوقوف بعرفة إذا حضر في داخل حدود المكان المسمى بعرفات، وأقام فيه لوقت يسير، ولو لحظة فأكثر، وأن يكون حضوره بنيّة الوقوف، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة، ويستمر إلى فجر اليوم العاشر من ذي الحجة،[١٢] وفي موقف عرفة يدنو الله -تبارك تعالى- من عباده، ويباهي بهم ملائكته الكرام، وفيه يعتق الله تعالى من النار أفواجاً من الناس لا حصر لهم؛[١٣] فعن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟)،[١٤] ويقول الإمام ابن رجب– رحمه الله تعالى- عن يوم عرفة: هو يوم العتق من النيران، فيُعتق الله -تبارك وتعالى- فيه حجّاجه الواقفين بعرفة، كما يعتق فيه عباده المسلمين في كلّ مكان؛ أولئك الذين لم يشهدوا الوقوف بعرفة؛ ولذلك يتبعه يوم عيدٍ لجميع المسلمين؛ وذلك لاشتراك جميع المسلمين في العتق من النيران، و نيل المغفرة في يوم عرفة.[١٣]

فضل يوم عرفة

يوم عرفة؛ هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يسبق آخر يوم من أيام العشر، والتي فضّلها الله -تعالى- على سائر أيّام الدنيا، وجعل أوقاتها من أفضل الأوقات، ويسارع المسلمون في هذه الأيام إلى عمل الصالحات، وفعل الطاعات، مغتنمينها في مرضاة الله -تعالى-، وقد عظَّم الله -تعالى- مكانة يوم عرفة، ورفع منزلته، وجعله أفضل الأيّام؛ ففيه تتنزّل الرحمات، وتجاب فيه الدعوات، ويغفر الله -تعالى- فيه الأخطاء والزلّات، ويُعين فيه أهل العثرات،[١٥] ويتباهى الله -سبحانه وتعالى- في يوم عرفة أمام ملائكته بعباده المؤمنين من أهل عرفة، الذين ارتفعت أيديهم إلى الله -تعالى- بالدعاء؛ خشية منه، ورغبة بما عنده، وقد أقسم الله -تعالى- بهذا اليوم العظيم في كتابه الكريم؛ فقال -عزّ وجلّ-: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)،[١٦] والمراد باليوم المشهود؛ هو يوم عرفة؛ وذلك لأنّ الحجاج يحضرون هذا اليوم، ويجتمعون فيه، وقد ذكر النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّ اليوم المشهود هو يوم عرفة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (اليومُ الموعودُ يومُ القيامةِ، واليومُ المشهودُ يومُ عرفةَ، والشَّاهدُ يومُ الجمعةِ).[١٧][١٥]

المراجع

  1. نجم الدين المقدسي (1978)، مختصر منهاج القاصدين، دمشق: مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ، صفحة 44. بتصرّف.
  2. سعيد حوى (1994)، الأساس في السنة وفقهها- العبادات في الإسلام (الطبعة الأولى)، مصر: دار السلام، صفحة 2637، جزء 6. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  4. عبد الكريم الخضير، شرح المحرر في الحديث ، صفحة 26، جزء 59. بتصرّف.
  5. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار السلام، صفحة 12، جزء 7. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 3585، حسن.
  7. ^ أ ب محمد عبدالدايم، فضائل يوم عرفة، صفحة 18-20. بتصرّف.
  8. سورة المؤمنون، آية: 117.
  9. سورة البقرة، آية: 186.
  10. لابن قدامة (1388)، المغني ، مصر: مكتبة القاهرة، صفحة 368، جزء 3. بتصرّف.
  11. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار السلام، صفحة 546، جزء 5. بتصرّف.
  12. صالح السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 87. بتصرّف.
  13. ^ أ ب خالد أبو شادي، أحلى 13 يوم، السعودية: طيبة، صفحة 49. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1348 ، صحيح.
  15. ^ أ ب محمد صالح المنجد، 55 فائدة في يوم عرفة، صفحة 4-7. بتصرّف.
  16. سورة البروج، آية: 3.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3339 ، حسن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أفضل الأعمال في يوم عرفة

الصوم

صيام التطوع يكون أعظم استحباباً، ويتأكّد حال موافقته لأيّام فاضلة، ويعدّ يوم عرفة من الأيام الفاضلة التي يُستحبّ الصيام فيها،[١] وقد استحبّ الفقهاء صيام يوم عرفة لغير الحاج، وقالوا في حكم صيام يوم عرفة للحاج أقوال؛ فذهب الحنفيّة إلى استحباب صيام يوم عرفة للحاج إن كان الصيام لا يضعفه عن أداء مناسك الحجّ؛ وذلك لفعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وذهب الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى كراهية صوم الحاج يوم عرفة، وقالوا باستحباب الإفطار في يوم يوم عرفة للحاجّ،[٢] ويكفّر صيام يوم عرفة صغائر الذنوب والمعاصي التي وقع بها العبد في سنتين؛ الماضية واللاحقة؛ فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)،[٣][٤] والمقصود بتكفير السنة القادمة؛ أي أنّ الله -تعالى- يوفّق عبده المؤمن في اجتناب الذنوب والمعاصي التي تحتاج إلى تكفير في سنته القادمة؛ جزاءاً له على صيام يوم عرفة.[٥]

الدعاء

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدعاء يوم عرفة من أفضل الدعاء، وأكثره خيراً؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)،[٦] فالدعاء في يوم عرفة يكون أعظم ثواباً، وأجزل عطاءاً، وأقرب إجابة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر في يوم عرفة من قول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له”؛ لأنّ هذا الدعاء يشتمل على ثناء الله -تعالى-، وتوحيده، مما يكون سبباً في نزول رحمة الله -تعالى- وخيره على عباده الموحّدين،كما أنّها شهادة التوحيد، وأفضل الدعاء قول: “الحمدلله”؛ لأن حمدالله -تعالى- على نعمه يتضمّن معنى الشكر الذي يكون سبباً في زيادة النعم.[٧]

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: الدعاء في القرآن الكريم يأتي بمعنيين؛ المعنى الأوّل دعاء العبادة؛ كقوله -تعالى-: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)،[٨] والثاني يأتي بمعنى دعاء المسألة، كما قال -جل وعلا-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)؛[٩] فكلّ داعٍ لله -تعالى- هو عابد له، وكذلك كلّ عابد لله -تعالى- فهو داع له وسائل.[٧]

ذكر الله

يستحب للمسلم أن يكثر في يوم عرفة من ذكر الله -تعالى-، ويشتغل بالتكبير، والتهليل إلى حين غروب الشمس، ويستحبّ أن يذكر الله -تعالى- بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كأن يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير”، وكان الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- يذكر الله -تعالى- كثيراً في يوم عرفة فيقول: “الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم اهدني بالهدى، وقني بالتقوى، واغفر لي في الآخرة والاولى”،[١٠] وقد سمّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الذكر في يوم عرفة بأفضل الدعاء -كما ورد في الحديث سابقاً-؛ وذلك ليبيّن اختصاص يوم عرفة بهذا الدعاء، وقد يسمّى الثناء دعاءاً؛ وذلك لتشاركهما في جلب المنافع، وحصول المقصود بهما.[١١]

الوقوف بعرفة

يحقق الحاجّ ركن الوقوف بعرفة إذا حضر في داخل حدود المكان المسمى بعرفات، وأقام فيه لوقت يسير، ولو لحظة فأكثر، وأن يكون حضوره بنيّة الوقوف، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة، ويستمر إلى فجر اليوم العاشر من ذي الحجة،[١٢] وفي موقف عرفة يدنو الله -تبارك تعالى- من عباده، ويباهي بهم ملائكته الكرام، وفيه يعتق الله تعالى من النار أفواجاً من الناس لا حصر لهم؛[١٣] فعن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟)،[١٤] ويقول الإمام ابن رجب– رحمه الله تعالى- عن يوم عرفة: هو يوم العتق من النيران، فيُعتق الله -تبارك وتعالى- فيه حجّاجه الواقفين بعرفة، كما يعتق فيه عباده المسلمين في كلّ مكان؛ أولئك الذين لم يشهدوا الوقوف بعرفة؛ ولذلك يتبعه يوم عيدٍ لجميع المسلمين؛ وذلك لاشتراك جميع المسلمين في العتق من النيران، و نيل المغفرة في يوم عرفة.[١٣]

فضل يوم عرفة

يوم عرفة؛ هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يسبق آخر يوم من أيام العشر، والتي فضّلها الله -تعالى- على سائر أيّام الدنيا، وجعل أوقاتها من أفضل الأوقات، ويسارع المسلمون في هذه الأيام إلى عمل الصالحات، وفعل الطاعات، مغتنمينها في مرضاة الله -تعالى-، وقد عظَّم الله -تعالى- مكانة يوم عرفة، ورفع منزلته، وجعله أفضل الأيّام؛ ففيه تتنزّل الرحمات، وتجاب فيه الدعوات، ويغفر الله -تعالى- فيه الأخطاء والزلّات، ويُعين فيه أهل العثرات،[١٥] ويتباهى الله -سبحانه وتعالى- في يوم عرفة أمام ملائكته بعباده المؤمنين من أهل عرفة، الذين ارتفعت أيديهم إلى الله -تعالى- بالدعاء؛ خشية منه، ورغبة بما عنده، وقد أقسم الله -تعالى- بهذا اليوم العظيم في كتابه الكريم؛ فقال -عزّ وجلّ-: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)،[١٦] والمراد باليوم المشهود؛ هو يوم عرفة؛ وذلك لأنّ الحجاج يحضرون هذا اليوم، ويجتمعون فيه، وقد ذكر النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّ اليوم المشهود هو يوم عرفة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (اليومُ الموعودُ يومُ القيامةِ، واليومُ المشهودُ يومُ عرفةَ، والشَّاهدُ يومُ الجمعةِ).[١٧][١٥]

المراجع

  1. نجم الدين المقدسي (1978)، مختصر منهاج القاصدين، دمشق: مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ، صفحة 44. بتصرّف.
  2. سعيد حوى (1994)، الأساس في السنة وفقهها- العبادات في الإسلام (الطبعة الأولى)، مصر: دار السلام، صفحة 2637، جزء 6. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  4. عبد الكريم الخضير، شرح المحرر في الحديث ، صفحة 26، جزء 59. بتصرّف.
  5. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار السلام، صفحة 12، جزء 7. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 3585، حسن.
  7. ^ أ ب محمد عبدالدايم، فضائل يوم عرفة، صفحة 18-20. بتصرّف.
  8. سورة المؤمنون، آية: 117.
  9. سورة البقرة، آية: 186.
  10. لابن قدامة (1388)، المغني ، مصر: مكتبة القاهرة، صفحة 368، جزء 3. بتصرّف.
  11. محمد الصنعاني (2011)، التنوير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة دار السلام، صفحة 546، جزء 5. بتصرّف.
  12. صالح السدلان (1425)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 87. بتصرّف.
  13. ^ أ ب خالد أبو شادي، أحلى 13 يوم، السعودية: طيبة، صفحة 49. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1348 ، صحيح.
  15. ^ أ ب محمد صالح المنجد، 55 فائدة في يوم عرفة، صفحة 4-7. بتصرّف.
  16. سورة البروج، آية: 3.
  17. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3339 ، حسن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى