محتويات
عثمان الأوّل
معَ سُقوط الخلافة العبّاسية، وهجوم المغول على بغداد بقيادة هولاكو، كانت وِلادة عثمان بن أرطغرل بن سُليمان شاه في عام 656 للهجرة، الذي يُنسَب إليه تأسيس الدولة العثمانيّة؛ حيث كان عثمان الأوّل أوّل سلاطين العثمانيِّين، وقد تُوفِّي عام 726 للهجرة، واستلم ابنه أورخان قيادة الدولة العثمانيّة.[١]
نشأته
كانت نشأة عثمان الأوّل في أوقات ضَعْف الدولة الإسلاميّة، وتجبُّر أعدائها عليها، فكَبُر عثمان على هذه الأجواء المُضطرِبة من ضياعٍ للخلافة، وزوالٍ لهَيبة المسلمين، كما تفتّحت عيناه على وجود الصليبيّين بالقُرب من ثغور قبيلته وعِدائهم لهم، فكان لذلك كلِّه أكبر الأثر في حبّ عثمان للجهاد، وإيمانه الكبير، ورغبته في إعادة أمجاد الأمّة الإسلاميّة، والانتقام من أعدائها، كما أنّ عثمان كان مُلازماً لوالده أرطغرل بن سليمان شاه في جهاده وقتاله للصليبيّين، وكان مُلازماً للشيخ إده بالي القرماني أحد الشيوخ الصالحين.[٢]
زواجه
تزوَّج عثمان الأوّل ابنة الشيخ إده بالي القرمالي الذي كان يلازمه، وكان ذلك بعد أن قصَّ عليه عثمان رؤياه؛ إذ رأى في المنام وكأنّ قمراً يخرج من حِضن شيخه إده بالي القرمالي ويدخل في حِضنه، ورأى بعدها شجرة عظيمة تَنبُت من ظهره وترتفع إلى السماء، وتحت هذه الشجرة الأنهار والجبال، كما رأى أنّ أوراق هذه الشجرة تحوَّلت إلى سُيوفٍ تتّجه نحو القسطنطينيّة، فوافق الشيخ على تزويج ابنته من عثمان، حيث استبشر بهذه الرُّؤيا وبَشَّر عثمان بأنّه وذريّته سوف يحكُمون العالم ويَرِثون الأرض.[٢]
تأسيس الدولة العثمانيّة
بعد وفاة أرطغرل عام 687 للهجرة، تولّى عثمان الأوّل قيادة شؤون القبيلة، وسعى إلى توسيع أملاكها؛[٢] حيث تمكّن في عام 688 للهجرة من ضَمِّ القلعة السوداء (قلعة قرة حصا) إلى إمارته، وهذا ما أسعد السُّلطان علاء الدين الذي سمح له بضَرب العملة فيها، وأعطاه كافّة الأراضي التابعة لهذه القلعة، وقد استطاع عثمان الوصول إلى حُكم الدولة بعد وفاة علاء الدين الذي هرب إلى إمبراطور بيزنطة، ثم تُوفِّي في العام ذاته، و يُعتقد أنّه قد قُتِل على يد المَغول، ثم تولّى ابنه غياث الدين الحُكم من بعده، إلّا أنّه قُتِل من قِبَل المغول أيضاً، فلم يكن هنالك أحد أجدر من عثمان في تَولِّي السُّلطة، وقد استمرّ عثمان في توسيع الدولة؛ حيث حاصر كلّاً من أزميت (أزميد)، ونيقية (أزنيق)، إلاّ أنّه لم ينجح في فتحهما في ذلك الوقت.[١]
وفي عام 699 هجريّة تمّ تأسيس الدولة العثمانيّة،[٢] وقد اتّخذ عثمان الأوّل مدينة (يني شهر) قاعدة لدولته، وكان لها راية وهي راية تركيا حاليّاً (علم تركيّا)، كما أَطلَق على نفسه اسم باديشاه آل عثمان، واستطاع عثمان دُخول بورصة عام 717 للهجرة، وأحسن إلى أهلها وأمَّنَهم، كما أسلم أفرينوس حاكِم بورصة، وأصبح من قادة الدولة العثمانيّة البارزين، كما قام عثمان بدعوة أمراء الرُّوم إلى الإسلام، إلّا أنّهم رفضوا واستعانوا بالمغول لقتاله، فجهّز عثمان جيشه بقيادة ابنه أورخان لقتال المغول، ونَتج عن هذا القتال تشتيت شَمْل المغول.[١]
لقد أسَّس عثمان الأوّل الدولة العثمانيّة على الالتزام بالشريعة الإسلاميّة في كلِّ الأمور، صغيرها وكبيرها، كما أوصى ابنَه بأن يحكُم بالحقّ، وأن يتقيّد بما أمر الله في كافّة أموره وأعماله، وهذا ما جعل حُكم عثمان وخلافته ذات صِبغة شَرعيّة إسلاميّة خالصة، كما أسَّس عثمان الدولة على أساس الشُّورى في الحُكم، وهذا كان واضحاً أيضاً في وصيّته لابنه بأن يجعل مجلس الشُّورى من العلماء، مُقتدِياً بالرسول عليه الصلاة والسلام.[٣]
صفات عثمان القياديّة
كان عثمان الأوّل صاحب صفاتٍ قياديّة مُميَّزة، جعلت منه قائداً عسكريّاً، وهذه الصِّفات هي:[٣]
- حِكْمته التي أظهرها في العديد من المواقف، حيث تجلَّت هذه الصِّفة عندما قرّر أن يساند السلطان علاء الدين ضدّ النصارى، وكان مُسانداً له في فتوحاته، واستطاع أن يحصل على الإمارة من السلطان.
- إخلاصه للدين؛ ونتيجة لذلك فقد سانده سكّان الأراضي القريبة من إمارته؛ لتوطيد دعائم الدولة الإسلامية في الفترة التي كان يؤسِّسها فيها.
- صبْرُه الذي ظهر بشكلٍ واضحٍ في ثباته في فُتوحاته للحُصون والبلاد؛ حيث استطاع فتْح حِصن لفكه، وحِصن كته، وفي عام 712 للهجرة استطاع فتْح حِصن كبوه، وكان فتْح بروسة من أهمّ المواقف التي دلّت على صبْره؛ إذ استغرق فتْحُها سنواتٍ عديدةً، إلّا أنّها في النهاية خضعت لعثمان بعد استسلام قائدها.
- جاذبيّته الإيمانيّة التي ظهرت أثناء تعامُله مع قائد بروسة (اقرينوس) الذي اعتنق الإسلام، وأصبح قائداً بارزاً في الدولة العثمانيّة، كما أنّ لشخصيّته الإيمانيّة تأثيراً كبيراً في نفوس القادة البيزنطيِّين؛ حيث أسلم العديدُ منهم ودخلوا بين صفوف العثمانيِّين.
- عدْله الذي ظهر في العديد من المواقف، وتجلَّت هذ الصِّفة بشكل واضح عندما تولَّى القضاء في عهد والده أرطغرل في مدينة (قرّه جه)، كما أنّ عثمان كان عادلاً مع رعيّته، وكذلك مع البلاد التي فتحها.
- التزامه بالعهود؛ فقد كان عثمان وفيّاً بعهوده وظهرذلك واضحاً عندما التزم بعهْده مع أمير قلعة أولوباد، عندما استسلم للعثمانيّين وطلب أن لا يمرّ أحدٌ من المسلمين العثمانيّين إلى القلعة من فوق الجسر، وهذا ما فعله عثمان وجنوده، إذ التزموا بهذا العَهْد.
- تجرُّده لله في فتوحاته؛ إذ إنّه لم يجعل أعماله وفتوحاته لتحقيق أيِّة مصالح عسكريّة، أو اقتصاديّة، بل كانت من أجل نَشْر دين الله، وتبليغ دعوته.
- شجاعته التي كان يُضرَب بها المثل عند العثمانيّين؛ إذ كان يشارك في الحروب بنَفْسه، وظهر ذلك واضحاً عندما تصدَّى لمحاربة الصليبيّين عندما تحالفوا لمحاربته عام 700 للهجرة.
المراجع
- ^ أ ب ت “عثمان بن أرطغرل.. مؤسس الخلافة العثمانية”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث شريف الزهيري (3-4-2017)، “عثمان الأول بن أرطغرل”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب مؤميد أحمد غازي، تاريخ الدولة التركية، الأردن: المنهل، صفحة 17-25. بتصرّف.