الإسراء والمعراج
تُعدّ حادثة الإسراء والمعراج من المعجزات الخالدة التي حصلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي رحلةٌ عظيمةٌ حيث اجتمع فيها أنبياء الله جميعاً في المسجد الأقصى المبارك لأداء الصلاة فيه، حيث كان إمامهم في الصلاة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وبعدها عرج إلى السماء السابعة، برفقة أمين الوحي جبريل عليه السلام، وقد شكّلت رحلة الإسراء والمعراج منعطفاً مهمّاً في سيرته صلّى الله عليه وسلّم؛ فقد فُرِضت الصّلاة في هذه الرحلة، والتقى النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام، فمتى كانت ليلة الإسراء والمعراج؟
وقت حدوث رحلة الإسراء والمعراج
جاء ذكر رحلة الإسراء والمعراج في القرآن الكريم؛ حيث قال الله تعالى: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ)،[١] أمّا تاريخ حدوث رحلة الإسراء والمعراج بالتحديد؛ فإنّه لم يأت نصٌ صحيحٌ في القرآن الكريم، أو في السنّة النبوية يبيّن تاريخ حدوث رحلة الإسراء والمعراج، وقد انتشر بين المسلمين أنّ رحلة الإسراء والمعراج كانت في السابع والعشرين من شهر رجب، إلّا أنّ هذا القول لم يؤيده نصٌ صحيحٌ في القرآن الكريم أو في السنّة النبوية، أمّا أصحاب كتب السِّير والمؤرخون فقد وضعوا عدّة احتمالات لتاريخ حدوث رحلة الإسراء والمعراج، استناداً إلى الأحداث التي حصلت قبل هذه الرحلة، منها:[٢]
- الفريق الأول: ذهب فريق من المؤرخين إلى أنّ ليلة الإسراء والمعراج كانت قبل الهجرة النبويّة بسنة.
- الفريق الثاني: قال البعض الآخر من المؤرخين إنّ ليلة الإسراء والمعراج كانت قبل الهجرة النبويّة بخمس سنوات.
- الفريق الثالث: قد ذهب هذا الفريق من المؤرخين إلى أنّ ليلة الإسراء والمعراج كانت قبل الهجرة النبويّة بشهر واحد فقط.
أمّا الشهر الذي حدثت فيه رحلة الإسراء والمعراج ففيه اختلافٌ بين المؤرخين؛ فبعضهم يرى أنّها كانت في شهر رجب، والآخرون يرون أنّها كانت في شهر ربيع الأول، وقيل: بل كانت في شهر ذي القعدة،[٢] ويشير الدكتور راغب السرجانيّ إلى اختلاف العلماء وأقوالهم في تحديد ليلة الإسراء والمعراج، فذهب ابن عساكر إلى القول بأنّها وقعت في أوائل البعثة النبويّة، أمّا ابن إسحاق فيرى أنّها وقعت بعد البعثة بعشر سنوات تقريباً، أمّا بالنسبة للشهر الذي وقعت فيه رحلة الإسراء والمعراج، فقد نقل عن الزّهري وعروة بن الزبير بأنّ رحلة الإسراء والمعراج كانت في شهر ربيع الأول، قبل هجرة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنورة بسنة تقريباً.[٣]
وقد نُقِل عَن إِسمَاعِيلَ السُّدِّيِّ: (فُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- الخَمسُ ببيتِ المقدسِ ليلةَ أُسرِيَ بهِ، قبلَ مُهاجره بستَّةِ عشر شَهراً)، ممّا يعني أنَّ حادثةَ الإسراءِ والمعراجِ في رأي السُّدي كانت في شهرِ ذي القعدة، ويقولُ ابن كثير: و(قالَ أَبُو بَكرِ بنُ أَبِي شَيبَةَ: حَدَّثَنَا عثمَانُ، عن سعيدِ بن مِينَاء، عن جابرٍ وابن عبَّاسٍ، قَالاَ: وُلِدَ رَسولُ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- عام الفيل يوم الاثنين، الثاني عشر من ربيع الأَول، وَفِيه بُعثَ، وفيه عُرِجَ به إِلى السماءِ، وفيه هاجرَ، وفيه مَاتَ).[٣]
سبب رحلة الإسراء والمعراج
منذ الجهر بالدعوة، عانى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه الكثير من أصناف التعذيب والتنكيل والسخرية والاستهزاء، وكان أبو طالب في تلك الفترة، يساند الرسول صلّى الله عليه وسلّم، بالإضافة إلى دعم خديجة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- لزوجها محمّد صلّى الله عليه وسلّم، عندما كان يمرّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بضائقة أو همّ، إلى أن جاء الحصار على الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ومن آمن معه في شعب أبي طالب؛ حيث سعت قريش في هذا الحصار إلى تشديد الخناق على دعوة النبي صلّى الله عليه وسلّم، فمنعت عنه ومن معه التعاملات الاقتصادية، ومنعت أيضاً التناكح فيما بينهم؛ فلا يزوّجونهم ولا يتزوجون منهم، ولا يجالسونهم، وكان شرط قريش حينها تسليم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لهم؛ ليقتلوه.[٤]
بعد انتهاء الحصار في شعب أبي طالب، جاء العام الأكثر حزناً، حيث مرّت بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- في هذا العام مصيبتان كانتا من أشد ما أصاب النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد كان ذلك في العام العاشر للبعثة النبويّة الشريفة، وقد كانت أولاهما موت السند الاجتماعي لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو عمّه أبي طالب، ثمّ تلا ذلك بفترة قريبة جداً موت زوجة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وسنده العاطفي؛ خديجة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، فازداد الحزن في قلبه، وزاد تجرّؤ المشركين واستخفافهم بالرسول صلّى الله عليه وسلّم.[٤]
بعد ذلك أراد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يبحث عمّن يناصره من غير قومه، ويعينه على نشر دعوته؛ فخرج -صلّى الله عليه وسلّم- طالباً قبيلة ثقيف في الطائف؛ لكنّهم كذّبوه، وطردوه، وأخرجوا سفهاءهم ومجانينهم؛ ليتبعوه بالحجارة حتى دمِيَت قدماه، فعاد إلى مكّة حزيناً، فلمّا ضاقت الأرض به بعد الحصار، وعام الحزن، وطرده من الطائف؛ اتّسعت السماء لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وجاءت رحلة الإسراء والمعراج؛ تمسح عنه أحزانه، وتخفّف ألمه وحزنه.[٤]
المراجع
- ↑ سورة الإسراء، آية: 1.
- ^ أ ب “متى كان الإسراء والمعراج”، ar.islamway.net، 25-5-2014، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب راغب السرجاني (4-5-2016)، “تاريخ وتوقيت رحلة الإسراء والمعراج”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب ت راغب السرجاني (16-6-2010)، “لماذا كان الإسراء والمعراج”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2017. بتصرّف.