معلومات عامة

ما هي سكرات الموت

الموت

الموتَ حقيقة لا يُنكرُها مُؤمن ولا كافر، وقد كتبهُ الله على جميع خلقه، ولم يَستَثْنِ في ذلك أحداً حتّى أَحَبَهم وأَقربَهم إليه، بل أَذاقهُ لرُسلهِ وأَنبيائهِ، قال الله عزَّ وجلَّ (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)،[١] فالإنسانُ لم يُخلَق للخلودِ على وجهِ هذه البسيطةِ بل إنّ الله قد استخلفهُ فيها؛ كي يُؤدّي الذي خُلِقَ من أجلهِ من عبادة الله وتوحيده، وألّا يُشرِك بعبادته، فإن حان أجله وأدركته المَنيّة فمن الطبيعيّ أنّه سيَشعُر بسكراتِ الموت، وينقسم العبدُ حينها إمّا لعبدٍ كافر، أو لعبدٍ مؤمن؛ فإن كان كافراً كانت سكرات الموت عليه شديدةً ومُوجعةً، وإن كان العبد مُؤمناً كانت سكراتُ الموت عليه سهلةً ويسيرةً، وقد تشتدُّ سكراتُ الموت على فئةٍ خاصّةٍ من المؤمنين حتّى يَرفع الله بذلك درجاتهم، ويُكَفِّر عن سيّئاتهم، ويَرفَع منزلتَهم، ومع ذلك فإنّ كلّ من يموت فلا بدّ سينالهُ نصيبٌ من سَكَرات الموت، فتلك إرادة الله في خلقه.

معنى سَكرة الموت

سَكْرَة (مفرد): جمعها سَكَرات وسَكْرات، أمّا المقصود بها فيصدُقُ على عدّة معانٍ منها:

  • اسم مرَّة من سَكِرَ من جَهل، غفلة، ضلال غشيته سكرةُ الموت، (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)،[٢] ذهَب بين الصَّحوة والسَّكْرة: بين أن يعقل ولا يعقل.[٣]
  • غَمرة وشِدّة: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)،[٤] وسَكْرَةُ الْمَيِّتِ غَشْيَتُه التِي تَدُلُّ الإِنسان عَلَى أَنّه مَيِّتٌ.[٥]

سكرة الموت كما أظهرت التّعريفات اللغويّة هي حالةٌ من الإغشاء سببها شدّة الألم الذي يشعر به الشّخص المُحتضِر بحيث يكون في حالةٍ بين الوعي واللّاوعي، والذي يظهر من هذه التّعريفات أنّ سكرة الموت حالةٌ من الإغشاء سببها شدّة الألم الذي يَشعر به الشّخص المُحتضِر بحيث يكون في حالة بين الوعي واللّاوعي.

سكرات الموت في القرآن والسُنّة

جاء ذكر سكرات الموت في عددٍ من المواضع في القرآن والسُنّة، وإن دلَّ ذلك على شيءٍ فإنّما يدلُّ على الأهميّة التي يُنبّه لها الشّارع سبحانه وتعالى لتلك اللّحظة وقيمتها في حياة المُؤمن حتّى يَتَنَبَّه من غفلته، ويكُفَّ عن معاصيه، ويعود لفطرته ودينه القويم، والآتي بعض تلك المواضع في القرآن والسُّنة مع بيانٍ يسيرٍ لها.

سكرات الموت في القرآن الكريم

وصف الله سبحانه وتعالى شدّة الموت في أربع آيات هي:

  • الأولى: قوله عزَّوجلَّ: (وجاءت سكرة الموت بالحق)،[٦] ففي قوله عزَّ وجلَّ وجهان من التّأويل، أحدهما: وجاءت سكرة الموت وهي شدّته وغلبته، كالسَّكْرَةِ من النَّوم أو الشّراب (المُسكِرات) حتّى أصبحت تلك السّكرات كأنّها أمرٌ حتميّ تيقّنه الإنسان وصدَّق بوجود الموت حقيقةً مُعاينةً لا مُجرّد شيءٍ قائمٍ على التّناقل والسّماع. والثاني: وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت.[٧]
  • الثّانية: قوله الحق: (ولو ترى إذ الظّالمون في غمرات الموت)،[٨] غَمَرات الموت: شدائده ومكارِهَه، وهي جمع غمرة، وهي ما تغشى الإنسان ممّا يكرهه.[٩] وفي هذا الموضع يُصوِّر الله عزّ وجل الظّالمين وهم في سكرات الموت بأدنى درجات الضّعف والخنوع وقد أصابهم ما يكرهون بعد عزٍّ وقوّة.
  • الثّالثة: قوله الحقّ: (فلولا إذا بلغت الحلقوم)،[١٠] أي: أيّها النّاس أفلا تنظرون إلى حالكم ووضعكم إذا بلغت منكم الرّوحُ الحلقَ وكنتم في حالة الاحتضار الشّديد وأقربائكم وأحبابكم من حولكم، هل يستطيعون تخفيف آلامكم، أو هل يستطيعون رؤية ملائكة الموت الذين يقبضون روحكم.[١١] وهذه الآية من أهمّ ما جاء في سكرات الموت؛ إذ وصفت حال المُحتضر وصفاً بليغاً؛ فقد بيَّنت أنّه يصل إلى مرحلةٍ من الألم والضّعف وهو في النّزع حتّى أنّ روحه تخرجه شيئاً فشيئاً حتّى تصل حلقه، وأهله حوله لا يستطيعون تخفيف آلامه أو ردَّ روحه إليه.
  • الرّابعة: قوله عزَّ وجلَّ: ( كلا إذا بلغت التّراقي )،[١٢] كَلاَّ : ردعٌ عنْ تفضيل وتقديم الحياة الدّنيا عَلى الآخرةِ، أيْ: أيّها النّاس انتهوا وابتعدوا عمّا تقومون به من المعاصي، وتنبّهوا وأفيقوا من غفلتكم فقد جاءكم الموت ليقطع الحبل الذي بينكم وبين هذه الحياة الفانية، إِذَا بَلَغَتِ التراقى، أيْ: بلغتْ النّفسُ أعاليَ الصَّدرِ، وهيَ: العظامُ المُكتَنِفة لثغرة النّحر عنْ يمينٍ وشمال.[١٣] وهذه الآية كسابقتها تُشير إلى المرحلة التي تصل فيها الرّوح إلى التّرقوة؛ وهي عظمةٌ في أعلى الصّدر.

سكرات الموت في السُنّة النبويّة

وأمّا عن ذكر سكرات الموت في السنّة فقد وردت أحاديثُ كثيرة حولها، ولأهميّة هذا الموضوع فقد جعل الأمام البخاريّ في كتابة صحيح البخاريّ باباً مُنفصلاً أسماه (باب سكرات الموت)؛ حيثُ أورد فيه عدداً من الأحاديث الصّحيحة منها: عن أم المؤمنين عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ( أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ – أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، يَشُكُّ عُمَرُ – فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ) ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى) حتى قُبضَ ومالت يداه).[١٤]

فقد عانى رسول الله – عليه الصّلاة والسّلام – في سكرات الموت أيُّما مُعاناة، وتألَّم أيُّما ألم؛ وذلك حتّى يُعلي الله شأنه فإنّه ما من ألمٍ يُصيب العبد المؤمن فيصبر إلا كُتِبَ له بذلك أجر، وقد رُوي عنه – عليه الصّلاة والسّلام – في ذلك ممّا رواه عبد الله بن مسعود حيث قال: (دخلتُ على رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – وهو يُوعَكُ، فقُلْت: يا رسولَ اللهِ، إنك لَتُوعَكُ وعْكًا شَديداً؟ قال: (أجل، إني أُوعَكُ كما يُوعَكُ رجُلانِ منكم) قُلْت: ذلك بأن لك أجرينِ ؟ قال: أجل، ذلك كذلِك، ما مِن مُسلِمٍ يُصيبُهُ أذًى، شَوْكَةٌ فما فَوقَها، إلا كفَّرَ اللهُ بها سيآتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ ورَقَها).[١٥]

سكرات الموت في الطبّ

قام المعهد الطبيّ في العاصمة التشيكيّة براغ بإجراء دراسة على ما يحدث للمُحتَضِر أثناء عمليّة الموت، وما يراه الإنسان في آخر لحظات حياته، مثل: عرض لشريط ذكرياته خلا فترة حياته ورؤيته لنفق في نهايته ضوء أبيض، وقد ارتكز المعهد في إجرائه لهذه الدّراسة على آراء العديد من الأطبّاء النَفسيّين والجرّاحين، والاعتماد على شهادات لعدد من الأشخاص الذين توفّوا لساعات أو دقائقَ وعادوا ليُخبروا بما جرى لهم، كما اعتمد المعهد أيضاً في إجراء دراسته على التّشخيص العلميّ عند مُغادرة الشّخص لهذه الحياة وارتباط هذه المرحلة بين المراحل التدريجيّة لحالة فقدان الوعي وعدم الإدراك الذي يحتفظ بالصّور الأخيرة في الذّاكرة. وأظهرت الدّراسة أنّ الخوف من الموت ورهبته ترك أثراً على التّفكير، وأنَّ الموت يبدأ بتوقُّف القلب عن أداء عمله وليس بتلف الدّماغ؛ حيث يوجد فرق بين الغيبوبة الطّويلة التي يَصحبُها احتفاظٌ في الصّور الأخيرة التي شاهدها المُحتضر، ويمكن أن تمتدّ إلى عدّة سنوات، يُقابله موت الدّماغ الذي يستغرق عشرين دقيقة فقط؛ حيث يستطيع الجسم البقاء كحدّ أقصى لمدّة عشرة أيام.

تكون اللّحظات التي يأتي بها الموت سريعةً ولا رَجْعَة فيها عندما يموت القلب بشكلٍ كامل، وتبدأ أعضاء الجسم الأُخرى بالتّلف نتيجة عدم وصول الأكسجين إليها، ويبدأ الدّماغ بالتَحَلُّل، ومن ثمّ تتحلّل الأعضاء الأُخرى وتعلَن الوفاة.[١٦]

المراجع

  1. سورة الأنبياء، آية: 35.
  2. سورة الحجر، آية: 72.
  3. د أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008م)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 1084، جزء 2.
  4. سورة ق، آية: 19.
  5. محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 373، جزء 4.
  6. سورة ق، آية: 19.
  7. محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (2000)، جامع البيان في تأويل القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 346، جزء 22.
  8. سورة الأنعام، آية: 93.
  9. أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي (1994م)، الوسيط في تفسير القرآن المجيد (الطبعة الأولى)، صفحة 300، جزء 2.
  10. سورة الواقعة، آية: 83.
  11. د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر النعاصر، صفحة 281، جزء 27.
  12. سورة القيامة، آية: 26.
  13. أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى، تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 68، جزء 9.
  14. رواه محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري، في الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6510، صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5648.
  16. أسامة عباس، “دراسة للحظات ما قبل الموت”، الجزيرة نت، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2016. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الموت

الموتَ حقيقة لا يُنكرُها مُؤمن ولا كافر، وقد كتبهُ الله على جميع خلقه، ولم يَستَثْنِ في ذلك أحداً حتّى أَحَبَهم وأَقربَهم إليه، بل أَذاقهُ لرُسلهِ وأَنبيائهِ، قال الله عزَّ وجلَّ (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)،[١] فالإنسانُ لم يُخلَق للخلودِ على وجهِ هذه البسيطةِ بل إنّ الله قد استخلفهُ فيها؛ كي يُؤدّي الذي خُلِقَ من أجلهِ من عبادة الله وتوحيده، وألّا يُشرِك بعبادته، فإن حان أجله وأدركته المَنيّة فمن الطبيعيّ أنّه سيَشعُر بسكراتِ الموت، وينقسم العبدُ حينها إمّا لعبدٍ كافر، أو لعبدٍ مؤمن؛ فإن كان كافراً كانت سكرات الموت عليه شديدةً ومُوجعةً، وإن كان العبد مُؤمناً كانت سكراتُ الموت عليه سهلةً ويسيرةً، وقد تشتدُّ سكراتُ الموت على فئةٍ خاصّةٍ من المؤمنين حتّى يَرفع الله بذلك درجاتهم، ويُكَفِّر عن سيّئاتهم، ويَرفَع منزلتَهم، ومع ذلك فإنّ كلّ من يموت فلا بدّ سينالهُ نصيبٌ من سَكَرات الموت، فتلك إرادة الله في خلقه.

معنى سَكرة الموت

سَكْرَة (مفرد): جمعها سَكَرات وسَكْرات، أمّا المقصود بها فيصدُقُ على عدّة معانٍ منها:

  • اسم مرَّة من سَكِرَ من جَهل، غفلة، ضلال غشيته سكرةُ الموت، (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)،[٢] ذهَب بين الصَّحوة والسَّكْرة: بين أن يعقل ولا يعقل.[٣]
  • غَمرة وشِدّة: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)،[٤] وسَكْرَةُ الْمَيِّتِ غَشْيَتُه التِي تَدُلُّ الإِنسان عَلَى أَنّه مَيِّتٌ.[٥]

سكرة الموت كما أظهرت التّعريفات اللغويّة هي حالةٌ من الإغشاء سببها شدّة الألم الذي يشعر به الشّخص المُحتضِر بحيث يكون في حالةٍ بين الوعي واللّاوعي، والذي يظهر من هذه التّعريفات أنّ سكرة الموت حالةٌ من الإغشاء سببها شدّة الألم الذي يَشعر به الشّخص المُحتضِر بحيث يكون في حالة بين الوعي واللّاوعي.

سكرات الموت في القرآن والسُنّة

جاء ذكر سكرات الموت في عددٍ من المواضع في القرآن والسُنّة، وإن دلَّ ذلك على شيءٍ فإنّما يدلُّ على الأهميّة التي يُنبّه لها الشّارع سبحانه وتعالى لتلك اللّحظة وقيمتها في حياة المُؤمن حتّى يَتَنَبَّه من غفلته، ويكُفَّ عن معاصيه، ويعود لفطرته ودينه القويم، والآتي بعض تلك المواضع في القرآن والسُّنة مع بيانٍ يسيرٍ لها.

سكرات الموت في القرآن الكريم

وصف الله سبحانه وتعالى شدّة الموت في أربع آيات هي:

  • الأولى: قوله عزَّوجلَّ: (وجاءت سكرة الموت بالحق)،[٦] ففي قوله عزَّ وجلَّ وجهان من التّأويل، أحدهما: وجاءت سكرة الموت وهي شدّته وغلبته، كالسَّكْرَةِ من النَّوم أو الشّراب (المُسكِرات) حتّى أصبحت تلك السّكرات كأنّها أمرٌ حتميّ تيقّنه الإنسان وصدَّق بوجود الموت حقيقةً مُعاينةً لا مُجرّد شيءٍ قائمٍ على التّناقل والسّماع. والثاني: وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت.[٧]
  • الثّانية: قوله الحق: (ولو ترى إذ الظّالمون في غمرات الموت)،[٨] غَمَرات الموت: شدائده ومكارِهَه، وهي جمع غمرة، وهي ما تغشى الإنسان ممّا يكرهه.[٩] وفي هذا الموضع يُصوِّر الله عزّ وجل الظّالمين وهم في سكرات الموت بأدنى درجات الضّعف والخنوع وقد أصابهم ما يكرهون بعد عزٍّ وقوّة.
  • الثّالثة: قوله الحقّ: (فلولا إذا بلغت الحلقوم)،[١٠] أي: أيّها النّاس أفلا تنظرون إلى حالكم ووضعكم إذا بلغت منكم الرّوحُ الحلقَ وكنتم في حالة الاحتضار الشّديد وأقربائكم وأحبابكم من حولكم، هل يستطيعون تخفيف آلامكم، أو هل يستطيعون رؤية ملائكة الموت الذين يقبضون روحكم.[١١] وهذه الآية من أهمّ ما جاء في سكرات الموت؛ إذ وصفت حال المُحتضر وصفاً بليغاً؛ فقد بيَّنت أنّه يصل إلى مرحلةٍ من الألم والضّعف وهو في النّزع حتّى أنّ روحه تخرجه شيئاً فشيئاً حتّى تصل حلقه، وأهله حوله لا يستطيعون تخفيف آلامه أو ردَّ روحه إليه.
  • الرّابعة: قوله عزَّ وجلَّ: ( كلا إذا بلغت التّراقي )،[١٢] كَلاَّ : ردعٌ عنْ تفضيل وتقديم الحياة الدّنيا عَلى الآخرةِ، أيْ: أيّها النّاس انتهوا وابتعدوا عمّا تقومون به من المعاصي، وتنبّهوا وأفيقوا من غفلتكم فقد جاءكم الموت ليقطع الحبل الذي بينكم وبين هذه الحياة الفانية، إِذَا بَلَغَتِ التراقى، أيْ: بلغتْ النّفسُ أعاليَ الصَّدرِ، وهيَ: العظامُ المُكتَنِفة لثغرة النّحر عنْ يمينٍ وشمال.[١٣] وهذه الآية كسابقتها تُشير إلى المرحلة التي تصل فيها الرّوح إلى التّرقوة؛ وهي عظمةٌ في أعلى الصّدر.

سكرات الموت في السُنّة النبويّة

وأمّا عن ذكر سكرات الموت في السنّة فقد وردت أحاديثُ كثيرة حولها، ولأهميّة هذا الموضوع فقد جعل الأمام البخاريّ في كتابة صحيح البخاريّ باباً مُنفصلاً أسماه (باب سكرات الموت)؛ حيثُ أورد فيه عدداً من الأحاديث الصّحيحة منها: عن أم المؤمنين عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ( أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ – أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، يَشُكُّ عُمَرُ – فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ) ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى) حتى قُبضَ ومالت يداه).[١٤]

فقد عانى رسول الله – عليه الصّلاة والسّلام – في سكرات الموت أيُّما مُعاناة، وتألَّم أيُّما ألم؛ وذلك حتّى يُعلي الله شأنه فإنّه ما من ألمٍ يُصيب العبد المؤمن فيصبر إلا كُتِبَ له بذلك أجر، وقد رُوي عنه – عليه الصّلاة والسّلام – في ذلك ممّا رواه عبد الله بن مسعود حيث قال: (دخلتُ على رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – وهو يُوعَكُ، فقُلْت: يا رسولَ اللهِ، إنك لَتُوعَكُ وعْكًا شَديداً؟ قال: (أجل، إني أُوعَكُ كما يُوعَكُ رجُلانِ منكم) قُلْت: ذلك بأن لك أجرينِ ؟ قال: أجل، ذلك كذلِك، ما مِن مُسلِمٍ يُصيبُهُ أذًى، شَوْكَةٌ فما فَوقَها، إلا كفَّرَ اللهُ بها سيآتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ ورَقَها).[١٥]

سكرات الموت في الطبّ

قام المعهد الطبيّ في العاصمة التشيكيّة براغ بإجراء دراسة على ما يحدث للمُحتَضِر أثناء عمليّة الموت، وما يراه الإنسان في آخر لحظات حياته، مثل: عرض لشريط ذكرياته خلا فترة حياته ورؤيته لنفق في نهايته ضوء أبيض، وقد ارتكز المعهد في إجرائه لهذه الدّراسة على آراء العديد من الأطبّاء النَفسيّين والجرّاحين، والاعتماد على شهادات لعدد من الأشخاص الذين توفّوا لساعات أو دقائقَ وعادوا ليُخبروا بما جرى لهم، كما اعتمد المعهد أيضاً في إجراء دراسته على التّشخيص العلميّ عند مُغادرة الشّخص لهذه الحياة وارتباط هذه المرحلة بين المراحل التدريجيّة لحالة فقدان الوعي وعدم الإدراك الذي يحتفظ بالصّور الأخيرة في الذّاكرة. وأظهرت الدّراسة أنّ الخوف من الموت ورهبته ترك أثراً على التّفكير، وأنَّ الموت يبدأ بتوقُّف القلب عن أداء عمله وليس بتلف الدّماغ؛ حيث يوجد فرق بين الغيبوبة الطّويلة التي يَصحبُها احتفاظٌ في الصّور الأخيرة التي شاهدها المُحتضر، ويمكن أن تمتدّ إلى عدّة سنوات، يُقابله موت الدّماغ الذي يستغرق عشرين دقيقة فقط؛ حيث يستطيع الجسم البقاء كحدّ أقصى لمدّة عشرة أيام.

تكون اللّحظات التي يأتي بها الموت سريعةً ولا رَجْعَة فيها عندما يموت القلب بشكلٍ كامل، وتبدأ أعضاء الجسم الأُخرى بالتّلف نتيجة عدم وصول الأكسجين إليها، ويبدأ الدّماغ بالتَحَلُّل، ومن ثمّ تتحلّل الأعضاء الأُخرى وتعلَن الوفاة.[١٦]

المراجع

  1. سورة الأنبياء، آية: 35.
  2. سورة الحجر، آية: 72.
  3. د أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008م)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 1084، جزء 2.
  4. سورة ق، آية: 19.
  5. محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 373، جزء 4.
  6. سورة ق، آية: 19.
  7. محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (2000)، جامع البيان في تأويل القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 346، جزء 22.
  8. سورة الأنعام، آية: 93.
  9. أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي (1994م)، الوسيط في تفسير القرآن المجيد (الطبعة الأولى)، صفحة 300، جزء 2.
  10. سورة الواقعة، آية: 83.
  11. د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر النعاصر، صفحة 281، جزء 27.
  12. سورة القيامة، آية: 26.
  13. أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى، تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 68، جزء 9.
  14. رواه محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري، في الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6510، صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5648.
  16. أسامة عباس، “دراسة للحظات ما قبل الموت”، الجزيرة نت، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2016. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الموت

الموتَ حقيقة لا يُنكرُها مُؤمن ولا كافر، وقد كتبهُ الله على جميع خلقه، ولم يَستَثْنِ في ذلك أحداً حتّى أَحَبَهم وأَقربَهم إليه، بل أَذاقهُ لرُسلهِ وأَنبيائهِ، قال الله عزَّ وجلَّ (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)،[١] فالإنسانُ لم يُخلَق للخلودِ على وجهِ هذه البسيطةِ بل إنّ الله قد استخلفهُ فيها؛ كي يُؤدّي الذي خُلِقَ من أجلهِ من عبادة الله وتوحيده، وألّا يُشرِك بعبادته، فإن حان أجله وأدركته المَنيّة فمن الطبيعيّ أنّه سيَشعُر بسكراتِ الموت، وينقسم العبدُ حينها إمّا لعبدٍ كافر، أو لعبدٍ مؤمن؛ فإن كان كافراً كانت سكرات الموت عليه شديدةً ومُوجعةً، وإن كان العبد مُؤمناً كانت سكراتُ الموت عليه سهلةً ويسيرةً، وقد تشتدُّ سكراتُ الموت على فئةٍ خاصّةٍ من المؤمنين حتّى يَرفع الله بذلك درجاتهم، ويُكَفِّر عن سيّئاتهم، ويَرفَع منزلتَهم، ومع ذلك فإنّ كلّ من يموت فلا بدّ سينالهُ نصيبٌ من سَكَرات الموت، فتلك إرادة الله في خلقه.

معنى سَكرة الموت

سَكْرَة (مفرد): جمعها سَكَرات وسَكْرات، أمّا المقصود بها فيصدُقُ على عدّة معانٍ منها:

  • اسم مرَّة من سَكِرَ من جَهل، غفلة، ضلال غشيته سكرةُ الموت، (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)،[٢] ذهَب بين الصَّحوة والسَّكْرة: بين أن يعقل ولا يعقل.[٣]
  • غَمرة وشِدّة: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)،[٤] وسَكْرَةُ الْمَيِّتِ غَشْيَتُه التِي تَدُلُّ الإِنسان عَلَى أَنّه مَيِّتٌ.[٥]

سكرة الموت كما أظهرت التّعريفات اللغويّة هي حالةٌ من الإغشاء سببها شدّة الألم الذي يشعر به الشّخص المُحتضِر بحيث يكون في حالةٍ بين الوعي واللّاوعي، والذي يظهر من هذه التّعريفات أنّ سكرة الموت حالةٌ من الإغشاء سببها شدّة الألم الذي يَشعر به الشّخص المُحتضِر بحيث يكون في حالة بين الوعي واللّاوعي.

سكرات الموت في القرآن والسُنّة

جاء ذكر سكرات الموت في عددٍ من المواضع في القرآن والسُنّة، وإن دلَّ ذلك على شيءٍ فإنّما يدلُّ على الأهميّة التي يُنبّه لها الشّارع سبحانه وتعالى لتلك اللّحظة وقيمتها في حياة المُؤمن حتّى يَتَنَبَّه من غفلته، ويكُفَّ عن معاصيه، ويعود لفطرته ودينه القويم، والآتي بعض تلك المواضع في القرآن والسُّنة مع بيانٍ يسيرٍ لها.

سكرات الموت في القرآن الكريم

وصف الله سبحانه وتعالى شدّة الموت في أربع آيات هي:

  • الأولى: قوله عزَّوجلَّ: (وجاءت سكرة الموت بالحق)،[٦] ففي قوله عزَّ وجلَّ وجهان من التّأويل، أحدهما: وجاءت سكرة الموت وهي شدّته وغلبته، كالسَّكْرَةِ من النَّوم أو الشّراب (المُسكِرات) حتّى أصبحت تلك السّكرات كأنّها أمرٌ حتميّ تيقّنه الإنسان وصدَّق بوجود الموت حقيقةً مُعاينةً لا مُجرّد شيءٍ قائمٍ على التّناقل والسّماع. والثاني: وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت.[٧]
  • الثّانية: قوله الحق: (ولو ترى إذ الظّالمون في غمرات الموت)،[٨] غَمَرات الموت: شدائده ومكارِهَه، وهي جمع غمرة، وهي ما تغشى الإنسان ممّا يكرهه.[٩] وفي هذا الموضع يُصوِّر الله عزّ وجل الظّالمين وهم في سكرات الموت بأدنى درجات الضّعف والخنوع وقد أصابهم ما يكرهون بعد عزٍّ وقوّة.
  • الثّالثة: قوله الحقّ: (فلولا إذا بلغت الحلقوم)،[١٠] أي: أيّها النّاس أفلا تنظرون إلى حالكم ووضعكم إذا بلغت منكم الرّوحُ الحلقَ وكنتم في حالة الاحتضار الشّديد وأقربائكم وأحبابكم من حولكم، هل يستطيعون تخفيف آلامكم، أو هل يستطيعون رؤية ملائكة الموت الذين يقبضون روحكم.[١١] وهذه الآية من أهمّ ما جاء في سكرات الموت؛ إذ وصفت حال المُحتضر وصفاً بليغاً؛ فقد بيَّنت أنّه يصل إلى مرحلةٍ من الألم والضّعف وهو في النّزع حتّى أنّ روحه تخرجه شيئاً فشيئاً حتّى تصل حلقه، وأهله حوله لا يستطيعون تخفيف آلامه أو ردَّ روحه إليه.
  • الرّابعة: قوله عزَّ وجلَّ: ( كلا إذا بلغت التّراقي )،[١٢] كَلاَّ : ردعٌ عنْ تفضيل وتقديم الحياة الدّنيا عَلى الآخرةِ، أيْ: أيّها النّاس انتهوا وابتعدوا عمّا تقومون به من المعاصي، وتنبّهوا وأفيقوا من غفلتكم فقد جاءكم الموت ليقطع الحبل الذي بينكم وبين هذه الحياة الفانية، إِذَا بَلَغَتِ التراقى، أيْ: بلغتْ النّفسُ أعاليَ الصَّدرِ، وهيَ: العظامُ المُكتَنِفة لثغرة النّحر عنْ يمينٍ وشمال.[١٣] وهذه الآية كسابقتها تُشير إلى المرحلة التي تصل فيها الرّوح إلى التّرقوة؛ وهي عظمةٌ في أعلى الصّدر.

سكرات الموت في السُنّة النبويّة

وأمّا عن ذكر سكرات الموت في السنّة فقد وردت أحاديثُ كثيرة حولها، ولأهميّة هذا الموضوع فقد جعل الأمام البخاريّ في كتابة صحيح البخاريّ باباً مُنفصلاً أسماه (باب سكرات الموت)؛ حيثُ أورد فيه عدداً من الأحاديث الصّحيحة منها: عن أم المؤمنين عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ( أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ – أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، يَشُكُّ عُمَرُ – فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ) ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى) حتى قُبضَ ومالت يداه).[١٤]

فقد عانى رسول الله – عليه الصّلاة والسّلام – في سكرات الموت أيُّما مُعاناة، وتألَّم أيُّما ألم؛ وذلك حتّى يُعلي الله شأنه فإنّه ما من ألمٍ يُصيب العبد المؤمن فيصبر إلا كُتِبَ له بذلك أجر، وقد رُوي عنه – عليه الصّلاة والسّلام – في ذلك ممّا رواه عبد الله بن مسعود حيث قال: (دخلتُ على رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – وهو يُوعَكُ، فقُلْت: يا رسولَ اللهِ، إنك لَتُوعَكُ وعْكًا شَديداً؟ قال: (أجل، إني أُوعَكُ كما يُوعَكُ رجُلانِ منكم) قُلْت: ذلك بأن لك أجرينِ ؟ قال: أجل، ذلك كذلِك، ما مِن مُسلِمٍ يُصيبُهُ أذًى، شَوْكَةٌ فما فَوقَها، إلا كفَّرَ اللهُ بها سيآتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ ورَقَها).[١٥]

سكرات الموت في الطبّ

قام المعهد الطبيّ في العاصمة التشيكيّة براغ بإجراء دراسة على ما يحدث للمُحتَضِر أثناء عمليّة الموت، وما يراه الإنسان في آخر لحظات حياته، مثل: عرض لشريط ذكرياته خلا فترة حياته ورؤيته لنفق في نهايته ضوء أبيض، وقد ارتكز المعهد في إجرائه لهذه الدّراسة على آراء العديد من الأطبّاء النَفسيّين والجرّاحين، والاعتماد على شهادات لعدد من الأشخاص الذين توفّوا لساعات أو دقائقَ وعادوا ليُخبروا بما جرى لهم، كما اعتمد المعهد أيضاً في إجراء دراسته على التّشخيص العلميّ عند مُغادرة الشّخص لهذه الحياة وارتباط هذه المرحلة بين المراحل التدريجيّة لحالة فقدان الوعي وعدم الإدراك الذي يحتفظ بالصّور الأخيرة في الذّاكرة. وأظهرت الدّراسة أنّ الخوف من الموت ورهبته ترك أثراً على التّفكير، وأنَّ الموت يبدأ بتوقُّف القلب عن أداء عمله وليس بتلف الدّماغ؛ حيث يوجد فرق بين الغيبوبة الطّويلة التي يَصحبُها احتفاظٌ في الصّور الأخيرة التي شاهدها المُحتضر، ويمكن أن تمتدّ إلى عدّة سنوات، يُقابله موت الدّماغ الذي يستغرق عشرين دقيقة فقط؛ حيث يستطيع الجسم البقاء كحدّ أقصى لمدّة عشرة أيام.

تكون اللّحظات التي يأتي بها الموت سريعةً ولا رَجْعَة فيها عندما يموت القلب بشكلٍ كامل، وتبدأ أعضاء الجسم الأُخرى بالتّلف نتيجة عدم وصول الأكسجين إليها، ويبدأ الدّماغ بالتَحَلُّل، ومن ثمّ تتحلّل الأعضاء الأُخرى وتعلَن الوفاة.[١٦]

المراجع

  1. سورة الأنبياء، آية: 35.
  2. سورة الحجر، آية: 72.
  3. د أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008م)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 1084، جزء 2.
  4. سورة ق، آية: 19.
  5. محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 373، جزء 4.
  6. سورة ق، آية: 19.
  7. محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (2000)، جامع البيان في تأويل القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 346، جزء 22.
  8. سورة الأنعام، آية: 93.
  9. أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي (1994م)، الوسيط في تفسير القرآن المجيد (الطبعة الأولى)، صفحة 300، جزء 2.
  10. سورة الواقعة، آية: 83.
  11. د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر النعاصر، صفحة 281، جزء 27.
  12. سورة القيامة، آية: 26.
  13. أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى، تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 68، جزء 9.
  14. رواه محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري، في الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6510، صحيح.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5648.
  16. أسامة عباس، “دراسة للحظات ما قبل الموت”، الجزيرة نت، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2016. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى