ثقافة إسلامية

ما معنى العلماء ورثة الأنبياء

العلماء ورثة الأنبياء

العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)،[١] قال الزمخشريّ في الكشّاف: “ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله”،[٢] ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: “من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس”.[٣].

ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)،[٤] ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.[٥]

فضل العلماء

العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:[٦][٧]

  • العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).[٨]
  • العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).[٩]
  • العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
  • العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[١٠]
  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
  • العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.

مكانة العلم في الإسلام

وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.[١١]

وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[١٢] وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.[١٣]

ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)،[١٤] والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.[١٥]

المراجع

  1. سورة فاطر، آية: 32.
  2. زين الدين بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
  3. فيصل بن عبد العزيز النجدي (1423 هـ – 2002 م)، تطريز رياض الصالحين (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 759، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2682، صحيح.
  5. محمد بن علي بن آدم بن موسى (1427 هـ – 2006 م)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار المغني، صفحة 323، جزء 4. بتصرّف.
  6. القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (1433 هـ – 2012م)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (الطبعة الأولى)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 152-153، جزء 1. بتصرّف.
  7. طريق الإسلام (2017-4-20)، “فضل العلماء”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-1-2. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645، صحيح.
  9. سورة فاطر، آية: 28.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 73، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة العلق، آية: 1.
  13. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2646، صحيح.
  15. محمد منير مرسي (1425هـ/ 2005م)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: عالم الكتب، صفحة 20-21. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلماء ورثة الأنبياء

العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)،[١] قال الزمخشريّ في الكشّاف: “ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله”،[٢] ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: “من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس”.[٣].

ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)،[٤] ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.[٥]

فضل العلماء

العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:[٦][٧]

  • العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).[٨]
  • العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).[٩]
  • العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
  • العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[١٠]
  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
  • العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.

مكانة العلم في الإسلام

وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.[١١]

وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[١٢] وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.[١٣]

ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)،[١٤] والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.[١٥]

المراجع

  1. سورة فاطر، آية: 32.
  2. زين الدين بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
  3. فيصل بن عبد العزيز النجدي (1423 هـ – 2002 م)، تطريز رياض الصالحين (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 759، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2682، صحيح.
  5. محمد بن علي بن آدم بن موسى (1427 هـ – 2006 م)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار المغني، صفحة 323، جزء 4. بتصرّف.
  6. القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (1433 هـ – 2012م)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (الطبعة الأولى)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 152-153، جزء 1. بتصرّف.
  7. طريق الإسلام (2017-4-20)، “فضل العلماء”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-1-2. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645، صحيح.
  9. سورة فاطر، آية: 28.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 73، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة العلق، آية: 1.
  13. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2646، صحيح.
  15. محمد منير مرسي (1425هـ/ 2005م)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: عالم الكتب، صفحة 20-21. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلماء ورثة الأنبياء

العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)،[١] قال الزمخشريّ في الكشّاف: “ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله”،[٢] ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: “من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس”.[٣].

ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)،[٤] ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.[٥]

فضل العلماء

العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:[٦][٧]

  • العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).[٨]
  • العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).[٩]
  • العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
  • العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[١٠]
  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
  • العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.

مكانة العلم في الإسلام

وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.[١١]

وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[١٢] وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.[١٣]

ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)،[١٤] والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.[١٥]

المراجع

  1. سورة فاطر، آية: 32.
  2. زين الدين بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
  3. فيصل بن عبد العزيز النجدي (1423 هـ – 2002 م)، تطريز رياض الصالحين (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 759، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2682، صحيح.
  5. محمد بن علي بن آدم بن موسى (1427 هـ – 2006 م)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار المغني، صفحة 323، جزء 4. بتصرّف.
  6. القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (1433 هـ – 2012م)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (الطبعة الأولى)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 152-153، جزء 1. بتصرّف.
  7. طريق الإسلام (2017-4-20)، “فضل العلماء”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-1-2. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645، صحيح.
  9. سورة فاطر، آية: 28.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 73، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة العلق، آية: 1.
  13. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2646، صحيح.
  15. محمد منير مرسي (1425هـ/ 2005م)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: عالم الكتب، صفحة 20-21. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلماء ورثة الأنبياء

العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)،[١] قال الزمخشريّ في الكشّاف: “ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله”،[٢] ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: “من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس”.[٣].

ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)،[٤] ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.[٥]

فضل العلماء

العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:[٦][٧]

  • العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).[٨]
  • العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).[٩]
  • العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
  • العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[١٠]
  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
  • العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.

مكانة العلم في الإسلام

وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.[١١]

وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[١٢] وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.[١٣]

ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)،[١٤] والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.[١٥]

المراجع

  1. سورة فاطر، آية: 32.
  2. زين الدين بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
  3. فيصل بن عبد العزيز النجدي (1423 هـ – 2002 م)، تطريز رياض الصالحين (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 759، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2682، صحيح.
  5. محمد بن علي بن آدم بن موسى (1427 هـ – 2006 م)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار المغني، صفحة 323، جزء 4. بتصرّف.
  6. القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (1433 هـ – 2012م)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (الطبعة الأولى)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 152-153، جزء 1. بتصرّف.
  7. طريق الإسلام (2017-4-20)، “فضل العلماء”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-1-2. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645، صحيح.
  9. سورة فاطر، آية: 28.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 73، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة العلق، آية: 1.
  13. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2646، صحيح.
  15. محمد منير مرسي (1425هـ/ 2005م)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: عالم الكتب، صفحة 20-21. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلماء ورثة الأنبياء

العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)،[١] قال الزمخشريّ في الكشّاف: “ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله”،[٢] ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: “من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس”.[٣].

ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)،[٤] ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.[٥]

فضل العلماء

العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:[٦][٧]

  • العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).[٨]
  • العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).[٩]
  • العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
  • العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[١٠]
  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
  • العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.

مكانة العلم في الإسلام

وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.[١١]

وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[١٢] وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.[١٣]

ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)،[١٤] والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.[١٥]

المراجع

  1. سورة فاطر، آية: 32.
  2. زين الدين بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
  3. فيصل بن عبد العزيز النجدي (1423 هـ – 2002 م)، تطريز رياض الصالحين (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 759، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2682، صحيح.
  5. محمد بن علي بن آدم بن موسى (1427 هـ – 2006 م)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار المغني، صفحة 323، جزء 4. بتصرّف.
  6. القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (1433 هـ – 2012م)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (الطبعة الأولى)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 152-153، جزء 1. بتصرّف.
  7. طريق الإسلام (2017-4-20)، “فضل العلماء”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-1-2. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645، صحيح.
  9. سورة فاطر، آية: 28.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 73، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة العلق، آية: 1.
  13. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2646، صحيح.
  15. محمد منير مرسي (1425هـ/ 2005م)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: عالم الكتب، صفحة 20-21. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلماء ورثة الأنبياء

العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)،[١] قال الزمخشريّ في الكشّاف: “ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله”،[٢] ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: “من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس”.[٣].

ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)،[٤] ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.[٥]

فضل العلماء

العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:[٦][٧]

  • العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).[٨]
  • العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).[٩]
  • العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
  • العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[١٠]
  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
  • العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.

مكانة العلم في الإسلام

وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.[١١]

وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[١٢] وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.[١٣]

ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)،[١٤] والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.[١٥]

المراجع

  1. سورة فاطر، آية: 32.
  2. زين الدين بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
  3. فيصل بن عبد العزيز النجدي (1423 هـ – 2002 م)، تطريز رياض الصالحين (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 759، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2682، صحيح.
  5. محمد بن علي بن آدم بن موسى (1427 هـ – 2006 م)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار المغني، صفحة 323، جزء 4. بتصرّف.
  6. القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (1433 هـ – 2012م)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (الطبعة الأولى)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 152-153، جزء 1. بتصرّف.
  7. طريق الإسلام (2017-4-20)، “فضل العلماء”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-1-2. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645، صحيح.
  9. سورة فاطر، آية: 28.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 73، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة العلق، آية: 1.
  13. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2646، صحيح.
  15. محمد منير مرسي (1425هـ/ 2005م)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: عالم الكتب، صفحة 20-21. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلماء ورثة الأنبياء

العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)،[١] قال الزمخشريّ في الكشّاف: “ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله”،[٢] ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: “من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس”.[٣].

ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)،[٤] ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.[٥]

فضل العلماء

العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:[٦][٧]

  • العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).[٨]
  • العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).[٩]
  • العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
  • العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[١٠]
  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
  • العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.

مكانة العلم في الإسلام

وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.[١١]

وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[١٢] وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.[١٣]

ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)،[١٤] والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.[١٥]

المراجع

  1. سورة فاطر، آية: 32.
  2. زين الدين بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
  3. فيصل بن عبد العزيز النجدي (1423 هـ – 2002 م)، تطريز رياض الصالحين (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 759، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2682، صحيح.
  5. محمد بن علي بن آدم بن موسى (1427 هـ – 2006 م)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار المغني، صفحة 323، جزء 4. بتصرّف.
  6. القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (1433 هـ – 2012م)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (الطبعة الأولى)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 152-153، جزء 1. بتصرّف.
  7. طريق الإسلام (2017-4-20)، “فضل العلماء”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-1-2. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645، صحيح.
  9. سورة فاطر، آية: 28.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 73، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة العلق، آية: 1.
  13. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2646، صحيح.
  15. محمد منير مرسي (1425هـ/ 2005م)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: عالم الكتب، صفحة 20-21. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلماء ورثة الأنبياء

العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)،[١] قال الزمخشريّ في الكشّاف: “ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله”،[٢] ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: “من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس”.[٣].

ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)،[٤] ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.[٥]

فضل العلماء

العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:[٦][٧]

  • العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).[٨]
  • العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).[٩]
  • العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
  • العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).[١٠]
  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
  • العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.

مكانة العلم في الإسلام

وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.[١١]

وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،[١٢] وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.[١٣]

ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)،[١٤] والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.[١٥]

المراجع

  1. سورة فاطر، آية: 32.
  2. زين الدين بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة الأولى)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 383، جزء 4. بتصرّف.
  3. فيصل بن عبد العزيز النجدي (1423 هـ – 2002 م)، تطريز رياض الصالحين (الطبعة الأولى)، الرياض- السعودية: دار العاصمة للنشر والتوزيع، صفحة 759، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 2682، صحيح.
  5. محمد بن علي بن آدم بن موسى (1427 هـ – 2006 م)، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: دار المغني، صفحة 323، جزء 4. بتصرّف.
  6. القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (1433 هـ – 2012م)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (الطبعة الأولى)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 152-153، جزء 1. بتصرّف.
  7. طريق الإسلام (2017-4-20)، “فضل العلماء”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-1-2. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5645، صحيح.
  9. سورة فاطر، آية: 28.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 73، جزء 1. بتصرّف.
  12. سورة العلق، آية: 1.
  13. حسن بن محمد حسن الأسمري (1433 هـ – 2012 م)، النظريات العلمية الحديثة، مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها – دراسة نقدية (الطبعة الأولى)، جدة – المملكة العربية السعودية: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2646، صحيح.
  15. محمد منير مرسي (1425هـ/ 2005م)، التربية الإسلامية أصولها وتطورها في البلاد العربية (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: عالم الكتب، صفحة 20-21. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلم والعلماء

جاءت الشريعة الإسلاميَّة حاثَّةً على العلم، ومُرغِّبةً في طلبه، وداعيةً إلى تَحصيله، فوَردت نُصوصٌ شرعيَّةٌ عدَّةٌ سواءً في القرآن الكريم أو في السُنّة النَّبويَّة الشَّريفة تُعلي من شأن العلم، وتُبيّن مَنزلة العُلماء وفَضلهم على من سواهم، ومن ذلك قول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)،[١] ولا يَخفى ما للعلماء من دورٍ جليلٍ في خدمة النَّاس ونفعهم، والرقيّ بالمُجتمع وتقدُّمه.

العلم كما عرَّفه علماء اللغة مُشتقٌ من الجذر اللغوي علم؛ فالعين واللام والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الأثر في الشيء الذي يُميّزه عن غيره، وعلَّم الرجل على الشيء علامةً؛ إذ ترك فيه أثرًا، والعلم نقيض الجهل،[٢] وعلَّم وأعلم أصلٌ واحدٌ بفارق أنَّ الإعلام مُتعلِّقٌ بالإخبار السَّريع، في حين أنَّ التَّعليم مُتعلّقٌ بالتَّكثير والتكرار؛ بغية تحقُّق أثره في النَّفس.[٣]

العلماء هم حَمَلة العلم ومُبلِّغوه للنَّاس، والسَّاعون لنشره، ولهم من الفضلِ والأثر الطَيّب الكثير، حتى وصَفَهم النَّبيّ -عليه الصلَّاة والسَّلام- بورثة الأنبياء، وتالياً حديثٌ عن العلماء، لما هم ورثة الأنبياء؟، وبيانٌ لفضلهم وفضلُ العلم ومَنزلته.

العلماء ورثة الأنبياء

وصف النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- العلماء بأنَّهم ورثةُ الأنبياء؛ فقد جاءَ في الحَديث الشريف الذي رواه أبو الدرداء -رضي الله عنه- عن رسول الله أنَّه قال: (من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طُرُقِ الجنَّةِ، وإنَّ المَلائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنع، وإنَّ العالمَ لَيستغفرُ له مَن في السمواتِ، ومن في الأرضِ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ، وإنّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ، لم يُوَرِّثوا دينارًا، ولا درهمًا، إنما وَرّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ).[٤]

إنَّ من أعظَم خصائص ومَناقب العلماء أنَّهم ورثةٌ للأنبياء، وهم لم يَرثوا مِنهم مالاً أو مَتاعاً من متاع الدنيا، بل وَرثوا عنهم العلم، وذلك متمثِّلٌ بأنَّ الأنبياء -عليهم السَّلام- خير خلق الله تعالى في الأرض؛ فورثتهم لا بدَّ أن يكونوا خير الخَلق من بعدهم وهم العلماء، كما أنَّه من المَعروف أنَّ الميراث يَنتقل من المَورث إلى ورثته القريبين الذين يقومون مقامه من بعده، ولا يقدر على القيام مقام الرُّسل -عليهم السَّلام- وأداء رسالتهم ودورهم في التَّبليغ والدَّعوة إلى الله تعالى وتعليم دينه مثل الأنبياء، وفي اعتبار العلماء ورثةً للأنبياء -عليهم السَّلام- إشارةٌ للناس وتنبيهٌ لهم بلزوم احترامهم وتوقيرهم، والرُّجوع إليهم في شؤونهم وطاعتهم، فهذا حقٌّ لهم كما هو حقٌّ للأنبياء -عليهم السَّلام-.[٥]

جاءت في القرآن الكريم آياتٌ بشأن بعض الأنبياء -عليهم الصَّلاة والسَّلام- ذكرت فعل الإرث والميراث، إلا أنَّ المعنى المُراد في الآيات هو ذات معنى الحديث؛ ميراث العلم والدِّين، كما جاء في قول الله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،[٦] ومثل ذلك ما جاء في دعاء نبي الله زكريا-عليه السَّلام- كما جاء في سورة مريم: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)،[٧] فالميراث الذي سيورث من الأنبياء ليس سوى العلم والدِّين بتعليمهما والدَّعوة إليهما، والسَّير على خطى الأنبياء في ذلك.[٥]

الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يدركون أنَّ العلم ميراث النُّبوة وأنَّ العلماء هم ورثة الأنبياء، لذا كانوا يتناوبون فيما بينهم على الحضور إلى مجلس رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في مسجده؛ ليُعلّمهم أمور دينهم، وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- : (أنَّه مرَّ بسوقِ المدينةِ فوقَف عليها فقال: يا أهلَ السُّوقِ ما أعجَزَكم قالوا: وما ذاك يا أبا هريرةَ؟ قال ذاك ميراثُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقسَمُ وأنتم ههُنا ألا تذهَبونَ فتأخُذونَ نصيبَكم منه قالوا: وأينَ هو؟ قال: في المسجدِ فخرَجوا سِراعًا ووقَف أبو هريرةَ لهم حتَّى رجَعوا فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أبا هريرةَ فقد أتَيْنا المسجدَ فدخَلْنا فلم نرَ فيه شيئًا يُقسَمُ فقال لهم أبو هريرةَ: وما رأَيْتُم في المسجدِ أحدًا قالوا: بلى رأَيْنا قومًا يُصلُّونَ وقومًا يقرَؤونَ القرآنَ وقومًا يتذاكَرونَ الحلالَ والحرامَ فقال لهم أبو هريرةَ: وَيْحَكم فذاك ميراثُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).[٨]

لأنَّ العلماء ورثةُ الأنبياء، كان فقدهم بموتهم مصيبةً لا تُجبر وجَلالاً يخلِّف في الأمة أعظم الأثر، بل إنَّ في فقدهم خَشيةً من قبض العلم وانحساره بين النّاس،[٥] ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: (إنَّ اللهَ لا ينزعُ العِلمَ بعد أن أعطاكمُوهُ انتزاعًا، ولكن ينتزعُه منهم مع قبضِ العلماءِ بعِلمِهم، فيبقى ناسٌ جُهَّالٌ، يستفتونَ فيُفتون برأيِهم، فيَضِلُّونَ ويُضِلُّونَ).[٩]

فضل العلم والعلماء

إنَّ للعلماء مَنزلةً عَظيمةً ودرجةً رفيعةً بين النَّاس في الدنيا والآخرة، ومصداق ذلك قول الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)،[١٠] كما أنَّ للعلماء سمةً يكسبهم إياها العلم، ألا وهي خشية الله تعالى ومخافته وتقواه، كما جاء في قوله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)،[١١] ولا يخفى ما للعلماء من أثرٍ بالغٍ في نفع مجتمعهم وتبصرتهم بأمور دينهم ودنياهم، ما جَعلهم بحقٍّ ورثةً لخَير البشر الأنبياء -عليهم الصَّلاة والسَّلام-.[١٢]

المراجع

  1. سورة الزمر، آية: من الآية 9.
  2. ابن فارس (2002)، مقاييس اللغة، دمشق: دار اتحاد الكتاب العرب، صفحة 88-89، جزء 4. بتصرّف.
  3. الراغب الأصفهاني (1412هـ)، المفردات في غريب القرآن (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 580. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 6297، حَديثٌ صحيح.
  5. ^ أ ب ت ابن قيم الجوزية، مفتاح دار السعادة، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 66-68، جزء 1. بتصرّف.
  6. سورة النمل، آية: 16.
  7. سورة مريم، آية: 5-6.
  8. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عبد الله الرومي، الصفحة أو الرقم: جزء1، 128، إسناده حسن.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 7307.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. سورة فاطر، آية: 28.
  12. صالح بن حميد، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة، صفحة 2982، جزء 7. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

العلم والعلماء

جاءت الشريعة الإسلاميَّة حاثَّةً على العلم، ومُرغِّبةً في طلبه، وداعيةً إلى تَحصيله، فوَردت نُصوصٌ شرعيَّةٌ عدَّةٌ سواءً في القرآن الكريم أو في السُنّة النَّبويَّة الشَّريفة تُعلي من شأن العلم، وتُبيّن مَنزلة العُلماء وفَضلهم على من سواهم، ومن ذلك قول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)،[١] ولا يَخفى ما للعلماء من دورٍ جليلٍ في خدمة النَّاس ونفعهم، والرقيّ بالمُجتمع وتقدُّمه.

العلم كما عرَّفه علماء اللغة مُشتقٌ من الجذر اللغوي علم؛ فالعين واللام والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الأثر في الشيء الذي يُميّزه عن غيره، وعلَّم الرجل على الشيء علامةً؛ إذ ترك فيه أثرًا، والعلم نقيض الجهل،[٢] وعلَّم وأعلم أصلٌ واحدٌ بفارق أنَّ الإعلام مُتعلِّقٌ بالإخبار السَّريع، في حين أنَّ التَّعليم مُتعلّقٌ بالتَّكثير والتكرار؛ بغية تحقُّق أثره في النَّفس.[٣]

العلماء هم حَمَلة العلم ومُبلِّغوه للنَّاس، والسَّاعون لنشره، ولهم من الفضلِ والأثر الطَيّب الكثير، حتى وصَفَهم النَّبيّ -عليه الصلَّاة والسَّلام- بورثة الأنبياء، وتالياً حديثٌ عن العلماء، لما هم ورثة الأنبياء؟، وبيانٌ لفضلهم وفضلُ العلم ومَنزلته.

العلماء ورثة الأنبياء

وصف النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- العلماء بأنَّهم ورثةُ الأنبياء؛ فقد جاءَ في الحَديث الشريف الذي رواه أبو الدرداء -رضي الله عنه- عن رسول الله أنَّه قال: (من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طُرُقِ الجنَّةِ، وإنَّ المَلائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنع، وإنَّ العالمَ لَيستغفرُ له مَن في السمواتِ، ومن في الأرضِ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ، وإنّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ، لم يُوَرِّثوا دينارًا، ولا درهمًا، إنما وَرّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ).[٤]

إنَّ من أعظَم خصائص ومَناقب العلماء أنَّهم ورثةٌ للأنبياء، وهم لم يَرثوا مِنهم مالاً أو مَتاعاً من متاع الدنيا، بل وَرثوا عنهم العلم، وذلك متمثِّلٌ بأنَّ الأنبياء -عليهم السَّلام- خير خلق الله تعالى في الأرض؛ فورثتهم لا بدَّ أن يكونوا خير الخَلق من بعدهم وهم العلماء، كما أنَّه من المَعروف أنَّ الميراث يَنتقل من المَورث إلى ورثته القريبين الذين يقومون مقامه من بعده، ولا يقدر على القيام مقام الرُّسل -عليهم السَّلام- وأداء رسالتهم ودورهم في التَّبليغ والدَّعوة إلى الله تعالى وتعليم دينه مثل الأنبياء، وفي اعتبار العلماء ورثةً للأنبياء -عليهم السَّلام- إشارةٌ للناس وتنبيهٌ لهم بلزوم احترامهم وتوقيرهم، والرُّجوع إليهم في شؤونهم وطاعتهم، فهذا حقٌّ لهم كما هو حقٌّ للأنبياء -عليهم السَّلام-.[٥]

جاءت في القرآن الكريم آياتٌ بشأن بعض الأنبياء -عليهم الصَّلاة والسَّلام- ذكرت فعل الإرث والميراث، إلا أنَّ المعنى المُراد في الآيات هو ذات معنى الحديث؛ ميراث العلم والدِّين، كما جاء في قول الله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،[٦] ومثل ذلك ما جاء في دعاء نبي الله زكريا-عليه السَّلام- كما جاء في سورة مريم: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)،[٧] فالميراث الذي سيورث من الأنبياء ليس سوى العلم والدِّين بتعليمهما والدَّعوة إليهما، والسَّير على خطى الأنبياء في ذلك.[٥]

الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يدركون أنَّ العلم ميراث النُّبوة وأنَّ العلماء هم ورثة الأنبياء، لذا كانوا يتناوبون فيما بينهم على الحضور إلى مجلس رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في مسجده؛ ليُعلّمهم أمور دينهم، وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- : (أنَّه مرَّ بسوقِ المدينةِ فوقَف عليها فقال: يا أهلَ السُّوقِ ما أعجَزَكم قالوا: وما ذاك يا أبا هريرةَ؟ قال ذاك ميراثُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقسَمُ وأنتم ههُنا ألا تذهَبونَ فتأخُذونَ نصيبَكم منه قالوا: وأينَ هو؟ قال: في المسجدِ فخرَجوا سِراعًا ووقَف أبو هريرةَ لهم حتَّى رجَعوا فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أبا هريرةَ فقد أتَيْنا المسجدَ فدخَلْنا فلم نرَ فيه شيئًا يُقسَمُ فقال لهم أبو هريرةَ: وما رأَيْتُم في المسجدِ أحدًا قالوا: بلى رأَيْنا قومًا يُصلُّونَ وقومًا يقرَؤونَ القرآنَ وقومًا يتذاكَرونَ الحلالَ والحرامَ فقال لهم أبو هريرةَ: وَيْحَكم فذاك ميراثُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).[٨]

لأنَّ العلماء ورثةُ الأنبياء، كان فقدهم بموتهم مصيبةً لا تُجبر وجَلالاً يخلِّف في الأمة أعظم الأثر، بل إنَّ في فقدهم خَشيةً من قبض العلم وانحساره بين النّاس،[٥] ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: (إنَّ اللهَ لا ينزعُ العِلمَ بعد أن أعطاكمُوهُ انتزاعًا، ولكن ينتزعُه منهم مع قبضِ العلماءِ بعِلمِهم، فيبقى ناسٌ جُهَّالٌ، يستفتونَ فيُفتون برأيِهم، فيَضِلُّونَ ويُضِلُّونَ).[٩]

فضل العلم والعلماء

إنَّ للعلماء مَنزلةً عَظيمةً ودرجةً رفيعةً بين النَّاس في الدنيا والآخرة، ومصداق ذلك قول الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)،[١٠] كما أنَّ للعلماء سمةً يكسبهم إياها العلم، ألا وهي خشية الله تعالى ومخافته وتقواه، كما جاء في قوله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)،[١١] ولا يخفى ما للعلماء من أثرٍ بالغٍ في نفع مجتمعهم وتبصرتهم بأمور دينهم ودنياهم، ما جَعلهم بحقٍّ ورثةً لخَير البشر الأنبياء -عليهم الصَّلاة والسَّلام-.[١٢]

المراجع

  1. سورة الزمر، آية: من الآية 9.
  2. ابن فارس (2002)، مقاييس اللغة، دمشق: دار اتحاد الكتاب العرب، صفحة 88-89، جزء 4. بتصرّف.
  3. الراغب الأصفهاني (1412هـ)، المفردات في غريب القرآن (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 580. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 6297، حَديثٌ صحيح.
  5. ^ أ ب ت ابن قيم الجوزية، مفتاح دار السعادة، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 66-68، جزء 1. بتصرّف.
  6. سورة النمل، آية: 16.
  7. سورة مريم، آية: 5-6.
  8. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عبد الله الرومي، الصفحة أو الرقم: جزء1، 128، إسناده حسن.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 7307.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. سورة فاطر، آية: 28.
  12. صالح بن حميد، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة، صفحة 2982، جزء 7. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

العلم والعلماء

جاءت الشريعة الإسلاميَّة حاثَّةً على العلم، ومُرغِّبةً في طلبه، وداعيةً إلى تَحصيله، فوَردت نُصوصٌ شرعيَّةٌ عدَّةٌ سواءً في القرآن الكريم أو في السُنّة النَّبويَّة الشَّريفة تُعلي من شأن العلم، وتُبيّن مَنزلة العُلماء وفَضلهم على من سواهم، ومن ذلك قول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)،[١] ولا يَخفى ما للعلماء من دورٍ جليلٍ في خدمة النَّاس ونفعهم، والرقيّ بالمُجتمع وتقدُّمه.

العلم كما عرَّفه علماء اللغة مُشتقٌ من الجذر اللغوي علم؛ فالعين واللام والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الأثر في الشيء الذي يُميّزه عن غيره، وعلَّم الرجل على الشيء علامةً؛ إذ ترك فيه أثرًا، والعلم نقيض الجهل،[٢] وعلَّم وأعلم أصلٌ واحدٌ بفارق أنَّ الإعلام مُتعلِّقٌ بالإخبار السَّريع، في حين أنَّ التَّعليم مُتعلّقٌ بالتَّكثير والتكرار؛ بغية تحقُّق أثره في النَّفس.[٣]

العلماء هم حَمَلة العلم ومُبلِّغوه للنَّاس، والسَّاعون لنشره، ولهم من الفضلِ والأثر الطَيّب الكثير، حتى وصَفَهم النَّبيّ -عليه الصلَّاة والسَّلام- بورثة الأنبياء، وتالياً حديثٌ عن العلماء، لما هم ورثة الأنبياء؟، وبيانٌ لفضلهم وفضلُ العلم ومَنزلته.

العلماء ورثة الأنبياء

وصف النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- العلماء بأنَّهم ورثةُ الأنبياء؛ فقد جاءَ في الحَديث الشريف الذي رواه أبو الدرداء -رضي الله عنه- عن رسول الله أنَّه قال: (من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طُرُقِ الجنَّةِ، وإنَّ المَلائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنع، وإنَّ العالمَ لَيستغفرُ له مَن في السمواتِ، ومن في الأرضِ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ، وإنّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ، لم يُوَرِّثوا دينارًا، ولا درهمًا، إنما وَرّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ).[٤]

إنَّ من أعظَم خصائص ومَناقب العلماء أنَّهم ورثةٌ للأنبياء، وهم لم يَرثوا مِنهم مالاً أو مَتاعاً من متاع الدنيا، بل وَرثوا عنهم العلم، وذلك متمثِّلٌ بأنَّ الأنبياء -عليهم السَّلام- خير خلق الله تعالى في الأرض؛ فورثتهم لا بدَّ أن يكونوا خير الخَلق من بعدهم وهم العلماء، كما أنَّه من المَعروف أنَّ الميراث يَنتقل من المَورث إلى ورثته القريبين الذين يقومون مقامه من بعده، ولا يقدر على القيام مقام الرُّسل -عليهم السَّلام- وأداء رسالتهم ودورهم في التَّبليغ والدَّعوة إلى الله تعالى وتعليم دينه مثل الأنبياء، وفي اعتبار العلماء ورثةً للأنبياء -عليهم السَّلام- إشارةٌ للناس وتنبيهٌ لهم بلزوم احترامهم وتوقيرهم، والرُّجوع إليهم في شؤونهم وطاعتهم، فهذا حقٌّ لهم كما هو حقٌّ للأنبياء -عليهم السَّلام-.[٥]

جاءت في القرآن الكريم آياتٌ بشأن بعض الأنبياء -عليهم الصَّلاة والسَّلام- ذكرت فعل الإرث والميراث، إلا أنَّ المعنى المُراد في الآيات هو ذات معنى الحديث؛ ميراث العلم والدِّين، كما جاء في قول الله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،[٦] ومثل ذلك ما جاء في دعاء نبي الله زكريا-عليه السَّلام- كما جاء في سورة مريم: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)،[٧] فالميراث الذي سيورث من الأنبياء ليس سوى العلم والدِّين بتعليمهما والدَّعوة إليهما، والسَّير على خطى الأنبياء في ذلك.[٥]

الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يدركون أنَّ العلم ميراث النُّبوة وأنَّ العلماء هم ورثة الأنبياء، لذا كانوا يتناوبون فيما بينهم على الحضور إلى مجلس رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في مسجده؛ ليُعلّمهم أمور دينهم، وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- : (أنَّه مرَّ بسوقِ المدينةِ فوقَف عليها فقال: يا أهلَ السُّوقِ ما أعجَزَكم قالوا: وما ذاك يا أبا هريرةَ؟ قال ذاك ميراثُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقسَمُ وأنتم ههُنا ألا تذهَبونَ فتأخُذونَ نصيبَكم منه قالوا: وأينَ هو؟ قال: في المسجدِ فخرَجوا سِراعًا ووقَف أبو هريرةَ لهم حتَّى رجَعوا فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أبا هريرةَ فقد أتَيْنا المسجدَ فدخَلْنا فلم نرَ فيه شيئًا يُقسَمُ فقال لهم أبو هريرةَ: وما رأَيْتُم في المسجدِ أحدًا قالوا: بلى رأَيْنا قومًا يُصلُّونَ وقومًا يقرَؤونَ القرآنَ وقومًا يتذاكَرونَ الحلالَ والحرامَ فقال لهم أبو هريرةَ: وَيْحَكم فذاك ميراثُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).[٨]

لأنَّ العلماء ورثةُ الأنبياء، كان فقدهم بموتهم مصيبةً لا تُجبر وجَلالاً يخلِّف في الأمة أعظم الأثر، بل إنَّ في فقدهم خَشيةً من قبض العلم وانحساره بين النّاس،[٥] ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: (إنَّ اللهَ لا ينزعُ العِلمَ بعد أن أعطاكمُوهُ انتزاعًا، ولكن ينتزعُه منهم مع قبضِ العلماءِ بعِلمِهم، فيبقى ناسٌ جُهَّالٌ، يستفتونَ فيُفتون برأيِهم، فيَضِلُّونَ ويُضِلُّونَ).[٩]

فضل العلم والعلماء

إنَّ للعلماء مَنزلةً عَظيمةً ودرجةً رفيعةً بين النَّاس في الدنيا والآخرة، ومصداق ذلك قول الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)،[١٠] كما أنَّ للعلماء سمةً يكسبهم إياها العلم، ألا وهي خشية الله تعالى ومخافته وتقواه، كما جاء في قوله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)،[١١] ولا يخفى ما للعلماء من أثرٍ بالغٍ في نفع مجتمعهم وتبصرتهم بأمور دينهم ودنياهم، ما جَعلهم بحقٍّ ورثةً لخَير البشر الأنبياء -عليهم الصَّلاة والسَّلام-.[١٢]

المراجع

  1. سورة الزمر، آية: من الآية 9.
  2. ابن فارس (2002)، مقاييس اللغة، دمشق: دار اتحاد الكتاب العرب، صفحة 88-89، جزء 4. بتصرّف.
  3. الراغب الأصفهاني (1412هـ)، المفردات في غريب القرآن (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 580. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 6297، حَديثٌ صحيح.
  5. ^ أ ب ت ابن قيم الجوزية، مفتاح دار السعادة، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 66-68، جزء 1. بتصرّف.
  6. سورة النمل، آية: 16.
  7. سورة مريم، آية: 5-6.
  8. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عبد الله الرومي، الصفحة أو الرقم: جزء1، 128، إسناده حسن.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 7307.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. سورة فاطر، آية: 28.
  12. صالح بن حميد، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة، صفحة 2982، جزء 7. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

العلم والعلماء

جاءت الشريعة الإسلاميَّة حاثَّةً على العلم، ومُرغِّبةً في طلبه، وداعيةً إلى تَحصيله، فوَردت نُصوصٌ شرعيَّةٌ عدَّةٌ سواءً في القرآن الكريم أو في السُنّة النَّبويَّة الشَّريفة تُعلي من شأن العلم، وتُبيّن مَنزلة العُلماء وفَضلهم على من سواهم، ومن ذلك قول الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)،[١] ولا يَخفى ما للعلماء من دورٍ جليلٍ في خدمة النَّاس ونفعهم، والرقيّ بالمُجتمع وتقدُّمه.

العلم كما عرَّفه علماء اللغة مُشتقٌ من الجذر اللغوي علم؛ فالعين واللام والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الأثر في الشيء الذي يُميّزه عن غيره، وعلَّم الرجل على الشيء علامةً؛ إذ ترك فيه أثرًا، والعلم نقيض الجهل،[٢] وعلَّم وأعلم أصلٌ واحدٌ بفارق أنَّ الإعلام مُتعلِّقٌ بالإخبار السَّريع، في حين أنَّ التَّعليم مُتعلّقٌ بالتَّكثير والتكرار؛ بغية تحقُّق أثره في النَّفس.[٣]

العلماء هم حَمَلة العلم ومُبلِّغوه للنَّاس، والسَّاعون لنشره، ولهم من الفضلِ والأثر الطَيّب الكثير، حتى وصَفَهم النَّبيّ -عليه الصلَّاة والسَّلام- بورثة الأنبياء، وتالياً حديثٌ عن العلماء، لما هم ورثة الأنبياء؟، وبيانٌ لفضلهم وفضلُ العلم ومَنزلته.

العلماء ورثة الأنبياء

وصف النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- العلماء بأنَّهم ورثةُ الأنبياء؛ فقد جاءَ في الحَديث الشريف الذي رواه أبو الدرداء -رضي الله عنه- عن رسول الله أنَّه قال: (من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طُرُقِ الجنَّةِ، وإنَّ المَلائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يصنع، وإنَّ العالمَ لَيستغفرُ له مَن في السمواتِ، ومن في الأرضِ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ، وإنّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ، لم يُوَرِّثوا دينارًا، ولا درهمًا، إنما وَرّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ).[٤]

إنَّ من أعظَم خصائص ومَناقب العلماء أنَّهم ورثةٌ للأنبياء، وهم لم يَرثوا مِنهم مالاً أو مَتاعاً من متاع الدنيا، بل وَرثوا عنهم العلم، وذلك متمثِّلٌ بأنَّ الأنبياء -عليهم السَّلام- خير خلق الله تعالى في الأرض؛ فورثتهم لا بدَّ أن يكونوا خير الخَلق من بعدهم وهم العلماء، كما أنَّه من المَعروف أنَّ الميراث يَنتقل من المَورث إلى ورثته القريبين الذين يقومون مقامه من بعده، ولا يقدر على القيام مقام الرُّسل -عليهم السَّلام- وأداء رسالتهم ودورهم في التَّبليغ والدَّعوة إلى الله تعالى وتعليم دينه مثل الأنبياء، وفي اعتبار العلماء ورثةً للأنبياء -عليهم السَّلام- إشارةٌ للناس وتنبيهٌ لهم بلزوم احترامهم وتوقيرهم، والرُّجوع إليهم في شؤونهم وطاعتهم، فهذا حقٌّ لهم كما هو حقٌّ للأنبياء -عليهم السَّلام-.[٥]

جاءت في القرآن الكريم آياتٌ بشأن بعض الأنبياء -عليهم الصَّلاة والسَّلام- ذكرت فعل الإرث والميراث، إلا أنَّ المعنى المُراد في الآيات هو ذات معنى الحديث؛ ميراث العلم والدِّين، كما جاء في قول الله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،[٦] ومثل ذلك ما جاء في دعاء نبي الله زكريا-عليه السَّلام- كما جاء في سورة مريم: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)،[٧] فالميراث الذي سيورث من الأنبياء ليس سوى العلم والدِّين بتعليمهما والدَّعوة إليهما، والسَّير على خطى الأنبياء في ذلك.[٥]

الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يدركون أنَّ العلم ميراث النُّبوة وأنَّ العلماء هم ورثة الأنبياء، لذا كانوا يتناوبون فيما بينهم على الحضور إلى مجلس رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في مسجده؛ ليُعلّمهم أمور دينهم، وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- : (أنَّه مرَّ بسوقِ المدينةِ فوقَف عليها فقال: يا أهلَ السُّوقِ ما أعجَزَكم قالوا: وما ذاك يا أبا هريرةَ؟ قال ذاك ميراثُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقسَمُ وأنتم ههُنا ألا تذهَبونَ فتأخُذونَ نصيبَكم منه قالوا: وأينَ هو؟ قال: في المسجدِ فخرَجوا سِراعًا ووقَف أبو هريرةَ لهم حتَّى رجَعوا فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أبا هريرةَ فقد أتَيْنا المسجدَ فدخَلْنا فلم نرَ فيه شيئًا يُقسَمُ فقال لهم أبو هريرةَ: وما رأَيْتُم في المسجدِ أحدًا قالوا: بلى رأَيْنا قومًا يُصلُّونَ وقومًا يقرَؤونَ القرآنَ وقومًا يتذاكَرونَ الحلالَ والحرامَ فقال لهم أبو هريرةَ: وَيْحَكم فذاك ميراثُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).[٨]

لأنَّ العلماء ورثةُ الأنبياء، كان فقدهم بموتهم مصيبةً لا تُجبر وجَلالاً يخلِّف في الأمة أعظم الأثر، بل إنَّ في فقدهم خَشيةً من قبض العلم وانحساره بين النّاس،[٥] ومن ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: (إنَّ اللهَ لا ينزعُ العِلمَ بعد أن أعطاكمُوهُ انتزاعًا، ولكن ينتزعُه منهم مع قبضِ العلماءِ بعِلمِهم، فيبقى ناسٌ جُهَّالٌ، يستفتونَ فيُفتون برأيِهم، فيَضِلُّونَ ويُضِلُّونَ).[٩]

فضل العلم والعلماء

إنَّ للعلماء مَنزلةً عَظيمةً ودرجةً رفيعةً بين النَّاس في الدنيا والآخرة، ومصداق ذلك قول الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)،[١٠] كما أنَّ للعلماء سمةً يكسبهم إياها العلم، ألا وهي خشية الله تعالى ومخافته وتقواه، كما جاء في قوله تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)،[١١] ولا يخفى ما للعلماء من أثرٍ بالغٍ في نفع مجتمعهم وتبصرتهم بأمور دينهم ودنياهم، ما جَعلهم بحقٍّ ورثةً لخَير البشر الأنبياء -عليهم الصَّلاة والسَّلام-.[١٢]

المراجع

  1. سورة الزمر، آية: من الآية 9.
  2. ابن فارس (2002)، مقاييس اللغة، دمشق: دار اتحاد الكتاب العرب، صفحة 88-89، جزء 4. بتصرّف.
  3. الراغب الأصفهاني (1412هـ)، المفردات في غريب القرآن (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 580. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 6297، حَديثٌ صحيح.
  5. ^ أ ب ت ابن قيم الجوزية، مفتاح دار السعادة، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 66-68، جزء 1. بتصرّف.
  6. سورة النمل، آية: 16.
  7. سورة مريم، آية: 5-6.
  8. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عبد الله الرومي، الصفحة أو الرقم: جزء1، 128، إسناده حسن.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 7307.
  10. سورة المجادلة، آية: 11.
  11. سورة فاطر، آية: 28.
  12. صالح بن حميد، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة الرابعة)، جدة: دار الوسيلة، صفحة 2982، جزء 7. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى