قرآن

جديد الأنفال ماذا تعني

سورة الأنفال

يُطلق على سورة الأنفال عدّة أسماءٍ؛ منها: سورة القتال؛ لأنّها تحدثت عن أوّل قتالٍ في الإسلام، ومن أسمائها الفرقان؛ لقول الله -تعالى- فيها: (يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ)،[١] وتسمّى أيضاً سورة بدرٍ؛ لأنّها نزلت بعد غزوة بدر واصفةً أحداثها ووقائعها، كما ورد عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه، ونزلت سورة الأنفال بعد بداية نزول سورة البقرة، حيث إنّ سورة البقرة من أوائل ما نزل من الوحيِ في المدينة المنوّرة؛ أي أنّها نزلت بعد بدء نزول سورة البقرة، وليس بعد انتهاء نزولها، ومن الخصائص التي تميّزت فيها سورة الأنفال أنّها نزلت دفعةً واحدةً، وليس فيها أَيّ آيةٍ مكيّةٍ، كما أنّه ليس فيها أيّ آيةٍ ناسخةٍ لأيّ آيةٍ أخرى، وهي الثامنة في ترتيب المصحف العثماني، وتقع بعد سورة الأعراف، وقبل سورة التوبة.[٢]

معنى الأنفال

الأنفال في اللغة اسم، والمفرد منه: نفل، والمقصود منها الغنائم، والمفرد من الغنائم: غنيمة، والأنفال اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي سورةٌ مدنيّةٌ، وعدد آياتها خمسٌ وسبعون آيةً،[٣] أمّا الأنفال اصطلاحاً: فهي ما يكسبه المسلمون من الغنائم بعد قتال أعدائهم، وتطلق أيضاً على ما ينفله الإمام للبعض من السّلب أو غيره، بعد توزيع أصل الغنائم أو الأنفال، وسُمّيت الغنائم بالأنفال؛ لأنّ المسلمين تميّزوا بها عن الأمم التي لم تحلّ لها الغنائم؛ ودليل ذلك قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (أُعطِيتُ خَمساً لم يُعطَهنّ أحَدٌ قبْلي: نُصِرْتُ بالرّعبِ مسيرةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مسجداً وطَهوراً، وأيّمَا رجُلٍ مِن أمّتي أدرَكَتْه الصّلاةُ فلْيُصَلّ، وأُحِلّتْ لِيَ الغَنائم ولَمْ تحِلّ لأحَدٍ قبْلي، وأُعطِيتُ الشّفاعةَ، وكان النّبيّ يُبعَثُ إلى قومِه خاصّةً وبُعِثْتُ إلى النّاسِ عامّةً)،[٤] وقال ابن كثير إنّ الغنائم تختلف عن الفيء؛ حيث إنّ الغنائم هي كلّ ما يناله المسلمون من أموال الحرب.[٥]

أحكام الأنفال في الإسلام

بيّن العلماء عدّة أحكامٍ متعلّقةٍ بالأنفال، وفيما يأتي بيان بعضٍ منها:

  • إنّ أمر الأنفال أمرٌ خاصٌّ بالله تعالى، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث إنّ الله -تعالى- يحكم بكيفيّة تقسيم الأنفال، والرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يُطبّق أوامره، وقال بعض العلماء أنّ قول الله تعالى: (يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ قُلِ الأَنفالُ لِلَّهِ وَالرَّسولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكُم وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ)،[٦] منسوخةٌ بقوله: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ)،[٧] إلّا أنّ جمهور العلماء قالوا بعدم نسخها، وأنّها بيّنت حكم الغنائم إجمالاً، وأنّ الآية الثانية فصّلت الأحكام، فخُمس الغنائم للمصارِف التي بيّنتها الآية، وأربع الأخماس للغانمين.[٨]
  • اختلف العلماء في حكم التّنفيل، والتّنفيل هو: إعطاء بعض المجاهدين في سبيل الله من الغنائم قبل توزيعها، على أن يتم ذلك من قِبل الإمام قبل أخذ الخُمس من الغنائم؛ حيث ذهب جمهور العلماء إلى أنّ ذلك يجوز، ودليل ذلك قول الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في غزوة بدرٍ: (مَن قَتلَ قتيلاً فلَهُ كذا وَكَذا، وَمَن أسرَ أسيراً فلَهُ كذا وَكَذا)،[٩] إلّا أنّه نُقل عن الإمام مالك بن أنس أنّ ذلك مكروه؛ وعلّل ذلك بأنّ القتال يصبح قتالاً على الدنيا، وقال ابن العربي: إنّ القتال يجوز لإعلاء كلمة الحقّ، وكلمة الله تعالى، وإنْ كانت النيّة الحصول على الغنائم والأنفال.[٨]
  • اختلف العلماء في وقت التّنفيل؛ هل يكون من أصل الغنائم، أم من الخُمس، حيث ذهب كلّاً من الإمام مالك والإمام أبو حنيفة إلى القول بأنّ التنفيل يكون من الخُمس وليس من أصل الغنائم، واستدلّوا بقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا يحِلّ لي ممّا أفاء اللهُ عليكم قَدرَ هذه، إلّا الخُمُسُ، والخُمُسُ مردودٌ عليكم)،[١٠] بينما ذهب الإمام الشافعيّ في رأيه إلى أنّ التّنفيل يكون من أصل الغنيمة، واستدلّ بقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، يوم غزوة حُنين، عندما قضى بسلب أبي جهلٍ لمعاذ بن عمرو، حيث قال: (من قَتلَ قتيلاً لَهُ عليْهِ بيّنةٌ فلَهُ سلَبُهُ).[١١][٨]
  • تُوزّع الغنائم على مَن شَهِدَ القتال؛ سواءً قاتل أم لم يقاتل، ولا يكون أيّ سهمٍ من الغنيمة إلّا لمن تحقّقت لديه خمسة شروطٍ، وهي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والذكوريّة، ويجب أن تتوفّر جميع الشروط، وإن اختلّ أيٌ منها لم يعد من أهل الجهاد.[١٢]
  • يوزّع الإمام الغنائم؛ حيث يُوزّعه على خمسة أقسامٍ؛ قسمٌ لله وللرسول؛ يُصرف في المصالح العامّة للمسلمين، وقسمٌ لذوي القُربى، وهم بنو هاشمٍ، وبنو عبد المطلب؛ لأنّهم آزروا النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقسمٌ لليتامى، وقسمٌ لابن السبيل، وقسمٌ للمساكين، والأربعة أخماسٍ الباقية توزّع على المجاهدين في سبيل الله؛ حيث يُعطى المجاهد المترجّل سهماً، بينما يُعطى المجاهد الفارس ثلاثة أسهمٍ، سهمٌ له، واثنان لفرسه، ودليل ذلك قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (للفرسِ سهمَينِ، وللرّجلِ سهماً).[١٣][١٢]
  • يحرّم الغلول من الغنائم، أي السّرقة منها؛ وهو من كبائر الذنوب والآثام، والحكم لا يختلف إن كثر الغلول أم قلّ؛ حيث إنّه أكلٌ باطلٌ لأموال المسلمين، كما أنّ المقاتلين ينشغلوا به عن القتال والجهاد إن جاز، ممّا يؤدّي إلى اختلال صفّ المجاهدين، وتفريق كلمتهم، ثمّ يؤدّي ذلك إلى الهزيمة، كما أنّ للإمام أن يؤدّب الذي يغلّ من الغنيمة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).[١٤][١٢]

المراجع

  1. سورة الأنفال، آية: 41.
  2. “حول سورة الأنفال والتعريف بها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  3. “تعريف ومعنى الأنفال”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جابر بن عبد الله، الصّفحة أو الرّقم: 6398، أخرجه في صحيحه.
  5. “معنى الأنفال”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  6. سورة الأنفال، آية: 1.
  7. سورة الأنفال، آية: 41.
  8. ^ أ ب ت “الغنائم وحكمها وكيفية تقسيمها”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبد الله بن عباس، الصّفحة أو الرّقم: 2738، صحيح.
  10. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 4855، أخرجه في صحيحه.
  11. رواه الألبانيّ، في صحيح أبي داوود، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 2717، صحيح.
  12. ^ أ ب ت “حكم الغنائم”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1762، صحيح.
  14. سورة آل عمران، آية: 161.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى