محتويات
العصر الحجريّ
عاشَ الإنسانُ ضمنَ فتراتٍ زمنيّة عديدة، كانَ يتطوّر في كلّ فترةٍ منها في جميع مناحي حياته، ومع تطوُّره كانت طبيعة المعيشة تتغيَّر، ونوعيّة الحياة تُصبِحُ أفضلَ وأسهلَ، فقَبْل 3.3 مليون سنة، عاشَ الإنسانُ في حِقبةٍ زمنيّةٍ سُمِّيَت بالعَصر الحجريّ؛ لاعتماد الإنسانِ على استخدام الأدوات المصنوعةِ من الحجارة، وتُعَدّ هذه المرحلة الثقافيّة التي تعود إلى فترة ما قَبل التاريخ المرحلةَ التي بدأ فيها الإنسان بالتطوُّر، وهي تتضمَّن 3 فتراتٍ مُنفصِلة، هيَ: العَصر الحجريّ القديم، والفترة الميزوليتيّة (المُتوسِّطة)، والعصر الحجريّ الحديث.[١] كما يُسمَّى العَصر الحجريّ القديم بعَصر الباليوثيّ (بالإنجليزيّة:Paleolithic)، وهي كلمة تتكوّن من جزأين؛ فكلمة (paleo)، إنجليزيّة الأَصْل، ومعناها عصور ما قَبْل التاريخ، أمّا (lithos)، فهي كلمة ذات أَصْل يونانيّ، وتعني حجر، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الإنسان قد عاشَ في هذه الفترة بأقلِّ أشكال التطوُّر، وبأبسط أساليب الحياة، علماً بأنّه يُطلَق على الإنسان الذي عاشَ في العصر الحجريّ القديم اسم أشباه البَشَر (بالإنجليزيّة: hominins).[٢]
أساسيّات حياة الإنسان الحجريّ القديم
من خلال الدراسات الأثريّة لما خلَّفه الإنسان البدائيّ من أدوات، ورسومات، وأحافير، استنبطَ علماء الآثار والتاريخ، مجموعة من المعلومات المُتعلِّقة بطبيعة حياة الإنسان في العَصر الحجريّ القديم،[٣]
وفي ما يأتي أهمّ أساسيّات الحياة التي اعتمدَ عليها الإنسان البدائيّ:
المساكن
اختار الإنسان الحجريّ العيش في أماكن مَحميّة من تقلُّبات الجَوّ، ومن الحيوانات المُفترِسة، كما اختارَ الإنسان العَيش بالقُرب من المياه، كالأنهار، والبحيرات، وقد سكنَ الإنسانُ في بداية العَصرِ الحجريِّ الكهوفَ، ولأنّ عدد الكهوف المُكتشَفة قليلة؛ فإنّ الاعتقاد السائد هو أنّ البَشَر كانوا يعيشونَ كمجموعات داخل الكَهف الواحد، ولاحقاً لجأَ بعض الناس للعيش في الخِيام، والأكواخ؛ حيث وُجِدَ منزل في سيبيريا مصنوع من عظام الماموث، كما استخدمَ البَشَر الجُدران، والعِصيّ، والأغصان، والقَشّ؛ لصُنْع الخِيام.[٣]
الغذاء
اعتمدَ الإنسان الحجريّ في الفترة الأقدم على المُكسّرات، والتوت، والنباتات البرّية، وعلى بقايا جُثَث الحيوانات التي تتركُها الحيوانات المُفترِسة، وعلى تجميع بَيض الطيور؛ وذلك لعدم تَوفُّر الأدوات اللازمة لتجميع الغذاء؛ ولذلك فإنّ أضراس الإنسان البدائيّ كانت كبيرة الحجم؛ لتسهيل تحطيم الألياف النباتيّة، إضافة إلى أنّ الجهاز الهضميّ كان يُفرزُ أنزيمات مُتخصِّصة؛ لهَضْم هذه الأغذية، ومع بداية صناعة الآلات البسيطة، أصبح الصَّيد هو الصورة الأساسيّة لتوفير الغذاء، فقد تبيَّن لدى العلماء اعتماد الإنسان الحجريّ على اللحوم بنسبة 65%؛ إذ اصطاد الإنسان الغزلان، والخنازير، والجواميس، والأغنام، ووحيد القَرن، والأسماك، ونظراً لهذا التغيُّر في نَمط التغذية، فإنّ فَكّ الإنسان تطوَّر ليُصبِحَ أقلّ حجماً؛ وذلك لعدم حاجته إلى الهَضْم لفترات طويلة.[٤]
الملابس
لم يستخدم الإنسان في بداية العَصر الحجريّ القديم أيّة ملابس، واستمرّ ذلكَ حتى بدأ بصناعة الأدوات؛ حيث استَخدمَ جلود الحيوانات التي يصطادها لصُنع ملابس تَقيه البرد، وكانت الجلود قاسية؛ ممّا اضطرّه إلى مَضغِها؛ وذلك لجَعلها أكثرَ مرونةً وسهولة، ثمّ اكتشفَ الإنسان أنّ تعريض الجلود لدخان النار يعمل على إكسابها الليونة، واستمرَّت البساطة في ملابس الرجل الحجريّ حتى نهاية العَصر القديم؛ إذ بدأ بصناعة القُمصان المُقيَّدة بالأحزمة، والتنانير، والقُبَّعات، والأحذية.[٥]
الأدوات
صَنعَ الإنسان الحجريّ القديم العديد من الأدوات التي كان يستخدمُها في حياته، حيث استخدمَ الخشبَ، والعظام، والحجارة، بشكلٍ أساسيّ؛ لصناعةِ هذه الأدوات، وكانت هذه الأدوات بسيطة، ومع نهاية العَصر الحجريّ القديم، بدأَت الأدوات تُصبِح أكثرَ تطوُّراً، كالصناعة الورجناسيّة (بالإنجليزيّة:Aurignacian)، والسولوترين (بالإنجليزيّة:Solutrean)، وغيرها من الصناعات اليدويّة التقليديّة.[٦] ومن أهمّ الأدوات التي صنعها الإنسان الحجريّ:[٢]
- الإِبر العَظميّة: حيث كانت تُستخدَم لخياطة الملابس المصنوعة من الجلود، أو لحاء الشَّجر، أو لخياطة الموادّ المُخصَّصة لبناء المأوى.
- المِطرقة الحجريّة: وهي عبارة عن حجارة مُسطَّحة تُستخدَم لفَتْح المُكسّرات، وصناعة الأدوات.
- الفأس اليدويّ: صُنِعَت الفؤوس اليدويّة من حجارة الصوّان، أو أيّ نوع من الحجارة التي تتقشَّر، وقد استُخدِمت لتقطيع اللحم، وتكسير الخشب، واللحاء، إضافة إلى قَتْل الفرائِس.
- أداة النَّقش: وهي عبارة عن أداة تُشبِه الإزميل، مصنوعة من الحَجر، حيث استُخدِمت لنَقْش أو نَحْت العظام، والخشب.
- رأس الحربة: هي أدوات مصنوعة من الحجارة، أو العظام، كانت تُثبَّت على عِصِيّ، وكان الهدف منها اصطياد الأسماك، أو استخدامها كسلاح؛ للحماية من الحيوانات المُفترِسة.
- الكاشِطات: هي حجارة حادّة الطرفَين، استُخدِمت لتقطيع الحيوانات، وتنظيف الجلود، وصَقْل خشب الشجر، ولحائِه.
- المخرز: هي عبارة عن مسامير طويلة ومُدبَّبة، تُستخدَم لثَقْب الجلود، والخشب.
اكتشاف النار
اكتشفَ الإنسان القديم النار بعد ضَرْبه لحَجرَي صوّانٍ ببعضهما البعض؛ ممّا أعطاه الشرارة الأولى التي سَهَّلت عليه الكثير من أمور حياته؛ إذ ساهمت النار في تحسين مُستوَى الطعام، من خلال طهيه عليها، كما وفَّرت النار الضوءَ ليلاً؛ ممّا أدّى إلى إبعاد الحيوانات المُفترِسة، وشكَّلت لاحقاً وسيلةً مُهمّة لصناعة الأدوات المعدنيّة؛ من خلال تذويب المعادن، وتشكيلها؛ لصناعة الأدوات، والأسلحة.[٢]
الحياة الإجتماعيّة في العصر الحجريّ القديم
كانت الحياة البشريّة في العَصر الحجريّ القديم بسيطةً، تتَّصف بالمُساواة الاجتماعيّة؛ فقد عاشَ البَشَر في جماعاتٍ تحاولُ البقاء على قَيدِ الحياةِ، وتتعاونُ على اصطياد الحيوانات، كما كان أفراد هذه الجماعات يتنقَّلونَ من مكانٍ إلى آخرَ؛ بحثاً عن مناطقَ أكثرَ وَفْرةً من حيث الطعامِ، وقد كانت المُلكيّة الجماعيّة هيَ السائدةَ، حيث كانت الملكيّة الفرديّة مُتمثِّلةً في صُورٍ صغيرةٍ، كالأسلحةِ، والملابسِ، وبعضِ الأدواتِ، أمّا من ناحية التفوُّق الجنسيّ، فلم يكن هذا المفهوم مُتشكِّلاً آنذاك؛ لأنّ الرجال كانوا مسؤولينَ عن توفير اللحوم، أمّا النساء فكُنَّ مسؤولاتٍ عن جَمْع الغذاءِ النباتيّ، ولم تبدأ الفوارق الاجتماعيّة بالظهور بين الأفراد إلّا بعد ظهور المفاهيم كالشجاعة، والذكاءِ، والخصوبةِ، وقوّة الشخصيّة، وبعض الصفات الأخرى.[٧]
الفنّ في العصر الحجريّ القديم
لم يكتفِ الإنسان الحجريّ بتأمين أساسيّات حياته، فقد عبَّرَ عن جانبه الفنيّ بما كانَ يمتلك من أدواتٍ، وموادّ بسيطة، وفيما يأتي أهمّ مظاهر الجانب الفنيّ في شخصيّة الإنسان البدائيّ:[٦]
- التماثيل الصغيرة: صَنَعَ الإنسان الحجريّ تماثيل صغيرة مصنوعة من الطين، أو العظام، أو الحجارة، أو من العاج، فقد نحتَ الإنسان الحجريّ تماثيلَ حجريّة للنساء، تظهر فيها الأجزاء الأُنثويّة المُرتبِطة بالجنس، والخصوبة، كما وُجِدت بعض التماثيل الحيوانيّة، والبشريّة، ويَعتقِدُ العلماء أنّ بعض هذه التماثيل استُخدِم ضمن طقوس سِحريّة؛ لضمان نجاح الصَّيد.
- الرسومات: وُجِدت عدّة رسومات على جُدران الكُهوف، وقد اتَّخذَت هذه الرسومات طابعاً ديناميكيّاً؛ حيث ظهرَت رسومات طينيّة، ورسومات ذات ألوان مُختلِفة؛ لتُصوِّر الحيوانات، والطبيعة بتصاميم مُميَّزة، ومن الكهوف التي عُثِر فيها على رسومات تعود إلى العَصر الحجريّ القديم، كهف شوفيه ذو الأحجار الجيريّة التي تَضمّ جدرانها العديد من اللوحات، والنُّقوش.
- النقوش الفنّية: تُعَدُّ النقوش العظميّة والعاجيّة أحد أشكال الفنّ المُميِّزة للعَصر الحجريّ القديم، ومن هذه النقوش، المزامير العظميّة، أو العاجيّة الجُزئيّة ، حيث وُجِدت هذه النقوش في كهف هول فيلس بالقُرْب من مدينة (أولم) في ألمانيا، والتي يعود أَصْلها إلى 35,000 سنة.
المراجع
- ↑ Richard Pittioni, Robert Adams، Felix M. Keesing (15-5-2007)، “Stone Age”، www.britannica.com, Retrieved 30-6-2018. Edited.
- ^ أ ب ت Janice Ridenour , World’s Early People, USA: Kids Discover, LLC , Page 2،3،10،11. Edited.
- ^ أ ب “Paleolithic Architecture”, courses.lumenlearning.com, Retrieved 30-6-2018. Edited.
- ↑ Gregg Newby (30-4-2018), “How Did Early Hominids Find Food During the Old Stone Age”، sciencing.com, Retrieved 30-6-2018. Edited.
- ↑ Aida Vega Felgueroso, “Paleolithic Age Art & Clothing”، study.com, Retrieved 30-6-2018. Edited.
- ^ أ ب Adam Augustyn (11-6-2018), “Paleolithic Period”، www.britannica.com, Retrieved 30-6-2018. Edited.
- ↑ Jerry H. Bentley, Paleolithic Society , USA: Forest Hills High School, Page 1. Edited.