هذا حال الدنيا
مع مرور الزمن تغيرت الأحوال و تغيرت الناس فأصبح الحال غير الحال و أصبح صلاح الحال من المحال , فتجد الغني لا يسأل لو مات الفقير من الجوع , و تجد القوي لا يرحم الضعيف حتى لو ركع أمامه , تجد الحكام أشد قسوة من الجلادين و يقودون الشعب كما يقودون قطيعا من الأغنام على جانب الهاوية فلا يرون من سقط في الهاوية و لا يعتقون من نجى من السقوط فيسلخونهم مثل الخراف , و تجد من يدافع عن الشعب يضرب بيد من حديد روؤس الشعب , يستغل الشعب و يستنزف دماءهم ويسرق قوتهم بحجة أنه يحفظ حقهم و يدرء عنهم الظلم و هو الظلم بحد ذاته , فلا يعود المواطن البسيط المسكين يدرك من الجلاد فهم كلهم جلادين ويضيع بين أسواطهم دون أن ترف أعينهم أو تحن سياطهم على وهنه و ضعفه .
لقد أضحت قيمة الانسان صفرا , أو حتى دون الصفر , يجب ان يخترعوا قيمة جديدة تعبر عن القيمة المنحلة التي يعطوها للانسان حاليا , فهو سلعة رخيصة باسمها ينهب الانسان و يقتل الانسان و يضحى بالانسان , فأصبح هو العلة والداء و التضحية به هي الحل و الدواء .
حال الدنيا الأن اقبح مما كان في الجاهلية , بالرغم من أنهم في الجاهلية لم يمتلكوا تلك القيم العظيمة التي منحنا اياها الاسلام ولم يمتلكوا التشريعات التي تنظم حياتهم , الا أن حياتهم كانت تحتوي من المراعاة و الانسانية أكثر مما تحتويه حياتنا الأن , فحياتنا الأن ترتكز على الظلم و الأنانية و الاستبداد , و شعار اليوم ” الغاية تبرر الوسيلة ” , فبات النظام فوضى , و أضحى القاتل باطلا , و صار المسالم عبدا , أما الضعيف فهو الضحية التي ينهشها الذئاب , و الظالم هو من يضرب له السلام و تقام له الموائد و ترفع له الرايات , هكذا أصبحت أحوالنا , هذه حال الدنيا .