الآداب

نقائض جرير والفرزدق

صورة مقال نقائض جرير والفرزدق

مفهوم شعر النقائض عند جرير والفرزدق

النقائض؛ هي قصيدة يقوم الشاعر بالردّ فيها على شاعر آخر هو خصم له، فيقوم بانتقاض المعاني الخاصة بقصيدة خصمه، ويقلب فخر خصمه بنفسه إلى هجاء، ومن ثم ينسب الفخر إلى نفسه.[١]

عادةً ما تكون النقيضة على نفس البحر وحرف الروي الخاص بقصيدة الخصم، وعادةً لا تُؤخذ المعني الخاصة بتلك النقائض على محمل الجد حيث يُؤخذ الأمر على محل الطرافة ونحو ذلك، ومن أشهر من ركب غمار النقائض: جرير والفرزدق.[١]

خصائص شعر النقائض عند جرير والفرزدق

من خصائص شعر النقائض عند جرير والفرزدق ما يأتي:[٢]

  • صدق الإحساس.
  • مدح القبيلة وعلو النسب.
  • امتياز الفرزدق بالفخر، وامتياز جرير بالنسيب والهجاء.
  • القلب والمقابلة، والتكذيب.[١]
  • وحدة الموضوع والموسيقى.[١]

نماذج من شعر النقائض عند جرير والفرزدق

من قصائد جرير والفرزدق في النقائض ما يأتي:

قصيدة تحن بزوراء المدينة ناقتي للفرزدق

قال الفرزدق:[٣]

تَحِنُّ بِزَوراءِ المَدينَةِ ناقَتي

حَنينَ عَجولٍ تَبتَغِ البَوَّ رائِمِ

وَيا لَيتَ زَوراءَ المَدينَةِ أَصبَحَت

بِأَحفارِ فَلجٍ أَو بِسَيفِ الكَواظِمِ

وَكَم نامَ عَنّي بِالمَدينَةِ لَم يُبَل

إِلَيَّ اِطِّلاعَ النَفسِ دونَ الحَيازِمِ

إِذا جَشَأَت نَفسي أَقولُ لَها اِرجِعي

وَرائِكِ وَاِستَحيِي بَياضَ اللَهازِمِ

فَإِنَّ الَّتي ضَرَّتكَ لَو ذُقتَ طَعمَها

عَلَيكَ مِنَ الأَعباءِ يَومَ التَخاصُمِ

وَلَستَ بِمَأخوذٍ بِلَغوٍ تَقولُهُ

إِذا لَم تَعَمَّد عاقِداتِ العَزائِمِ

وَلَمّا أَبَوا إِلّا الرَحيلَ وَأَعلَقوا

عُرىً في بُرىً مَخشوشَةٍ بِالخَزائِمِ

وَراحوا بِجُثماني وَأَمسَكَ قَلبَهُ

حُشاشَتُهُ بَينَ المُصَلّى وَواقِمِ

أَقولُ لِمَغلوبٍ أَماتَ عِظامَهُ

تَعاقُبُ أَدراجِ النُجومِ العَوائِمِ

إِذا نَحنُ نادَينا أَبى أَن يُجيبُنا

وَإِن نَحنُ فَدَّيناهُ غَيرَ الغَماغِمِ

سَيُدنيكَ مِن خَيرِ البَرِيَّةِ فَاِعتَدِل

تَناقُلُ نَصَّ اليَعمُلاتِ الرَواسِمِ

إِلى المُؤمِنِ الفَكّاكِ كُلَّ مُقَيَّدٍ

يَداهُ وَمُلقي الثِقلِ عَن كُلِّ غارِمِ

بِكَفَّينِ بَيضاوَينِ في راحَتَيهِما

حَيا كُلُّ شَيءٍ بِالغُيوثِ السَواجِمِ

بِخَيرِ يَدَي مَن كانَ بَعدَ مُحَمَّدٍ

وَجارَيهِ وَالمَظلومِ لِلَّهِ صائِمِ

فَلَمّا حَبا وادي القُرى مِن وَرائِنا

وَأَشرَفنَ أَقتارَ الفِجاجِ القَوائِمِ

لَوى كُلُّ مُشتاقٍ مِنَ القَومِ رَأسَهُ

بِمُغرَورِقاتٍ كَالشِنانِ الهَزائِمِ

وَأَيقَنَ أَنّا لا نَرُدُّ صُدورَها

وَلَمّا تُواجِهّا جِبالُ الجَراجِمِ

قصيدة أتيت حدود الله مذ أنت يافع لجرير

نقض جرير قصيدة الفرزدق “تحن بزوراء المدينة ناقتي” بقصيدته هذه فقال فيها:[٤]

أَتَيتَ حُدودَ اللَهِ مُذ أَنتَ يافِعٌ

وَشِبتَ فَما يَنهاكَ شيبُ اللَهازِمِ

تَتَبَّعُ في الماخورِ كُلَّ مُريبَةٍ

وَلَستَ بِأَهلِ المُحصَناتِ الكَرائِمِ

رَأَيتُكَ لا توفي بِجارٍ أَجَرتَهُ

وَلا مُستَعِفّاً عَن لِئامِ المَطاعِمِ

هُوَ الرِجسُ يا أَهلَ المَدينَةِ فَاِحذَروا

مُداخِلَ رِجسٍ بِالخَبيثاتِ عالِمِ

قصيدة الفرزدق فإن تهدموا داري فإن أرومتي

قال في هذه القصيدة:[٥]

عَزيزٌ مِنَ اللائي يُنازِلُ قِرنَهُ

وَقَد ثَكِلَتهُ أُمُّهُ مَن يُنازِلُه

وَإِنَّ كُلَيباً إِذ أَتَتني بِعَبدِها

كَمَن غَرَّهُ حَتّى رَأى المَوتَ باطِلُه

رَجَوا أَن يَرِدّوا عَن كُلَيبٍ بِدِرعِهِ

نَوافِذَ ما أَرمي وَما أَنا ناقِلُه

عَجِبتُ لِرامي الضَأنِ في حُطَمِيَّةٍ

وَفي الدِرعِ عَبدٌ قَد أُصيبَت مَقاتِلُه

وَهَل تَلبِسُ الحُبلى السِلاحَ وَبَطنُها

إِذا اِنتَطَقَت عِبءٌ عَلَيها تُعادِلُه

أَفاخَ وَأَلقى الدِرعَ عَنهُ وَلَم أَكُن

لِأُلقِيَ دِرعي مِن كَمِيٍّ أُقاتِلُه

أَلَستَ تُرى يا اِبنَ المَراغَةِ صامِتًا

لِما أَنتَ في أَضعافِ بَطنِكَ حامِلُه

وَقَد عَلِمَ الأَقوامُ حَولي وَحَولَكُم

بَني الكَلبِ أَنّي رَأسُ عِزٍّ وَكاهِلُه

أَلَم تَعلَموا أَنّي اِبنُ صاحِبَ صَوأَرٍ

وَعِندي حُساما سَبفِهِ وَحَمائِلُه

تَرَكنا جَريراً وَهوَ في السوقِ حابِسٌ

عَطِيَّةَ هَل يَلقى بِهِ مَن يُبادِلُه

قصيدة جرير لمن الديار رسومهن خوالي

قال جرير فيها:[٦]

لِمَنِ الدِيارُ رُسومُهُنَّ خَوالي

أَقَفَرنَ بَعدَ تَأَنُّسٍ وَحِلالِ

عَفّى المَنازِلَ بَعدَ مَنزِلِنا بِها

مَطَرٌ وَعاصِفُ نَيرَجٍ مِجفالِ

عادَت تُقايَ عَلى هَوايَ وَرُبَّما

حَنَّت إِذا ظَعَنَ الخَليطُ جِمالي

وَلَقَد أَرى المُتَجاوِرينَ تَزايَلوا

مِن غَيرِ ما تِرَةٍ وَغَيرِ تَقالي

إِنّي إِذا بَسَطَ الرُماةَ لِغَلوِهِم

عِندَ الحِفاظِ غَلَوتُ كُلَّ مَغالي

رُفِعَ المَطِيُّ بِما وَسَمتُ مُجاشِعًا

وَالزَنبَرِيُّ يَعومُ ذو الأَجلالِ

في لَيلَتَينِ إِذا حَدَوتُ قَصيدَةً

بَلَغَت عُمانَ وَطَيِّئَ الأَجبالِ

هَذا تَقَدُّمُنا وَزَجرَي مالِكًا

لا يُردِيَنَّكَ حَينُ قَينِكَ مالِ

لَمّا رَأوا جَمَّ العَذابِ يُصيبُهُم

صارَ القُيونُ كَساقَةِ الأَفيالِ

يا قُرطُ إِنَّكُمُ قَرينَةُ خِزيَةٍ

وَاللُؤمُ مُعتَقِلٌ قُيونَ عِقالِ

أَمسى الفَرَزدَقُ لِلبَعيثِ جَنيبَةً

كَاِبنِ اللَبونِ قَرينَةَ المُشتالِ

أَرداكَ حَينُكَ يا فَرَزدَقُ مُحلِبًا

ما زادَ قَومَكَ ذاكَ غَيرَ خَبالِ

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث عيسى إبراهيم السعدي، واحة الشعر العربي: لغة وبلاغة ونحواً، صفحة 78. بتصرّف.
  2. محسن علي عطية، الكافي في أساليب تدريس اللغة العربية، صفحة 338. بتصرّف.
  3. “تحن بزوراء المدينة ناقتي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022.
  4. “ألا حي ربع المنزل المتقادم”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022.
  5. ” فإن تهدموا داري فإن أرومتي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022.
  6. “لمن الديار رسومهن خوالي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى