محتويات
مفهوم الشعر اليوناني
كان الشعر اليونانيّ -سواء أكان الغنائيّ أم الملحميّ- شكلًا مهمًّا من أشكال الأدب الإغريقي، حيث اتّخذ نموذجًا لكل الآداب الأخرى كالأدب اللاتيني.
تاريخ الشعر اليوناني
يُمكن تقسيم تاريخ الشعر اليوناني إلى عدة عصور؛ حيث إنّ الأدب اليوناني عمومًا كان الوحيد بين آداب أوروبا القديمة والحديثة الذي تطور تطورًا طبيعيًا يناسب تطور المجتمع اليوناني وازدهاره، ويمكننا تقسيم تاريخ الشعر اليوناني حسب العصور إلى ما يأتي:[١]
- عصر ما قبل التاريخ
كان الشعر أول فنون الأدب اليوناني التي ظهرت في عصور ما قبل التاريخ، أو كما يُطلق عليها “عصور الأبطال والأساطير”، والتي بدأت بنزوح القبائل الآرية لليونان في القرن الخامس عشر ق. م، وتنتهي هذه الفترة في القرن الثامن تقريبًا، وقد اشتهرت هذه الفترة بشيوع التراتيل الدينية وشعر الملاحم.[١]
- العصور الكلاسيكية
هو عصر هومير الذي كان يتكلّم اللغة الأيونية المختلطة، وقد كان الشعر في هذا العصر يتحدث عن الحروب والمغامرات الحربية وتسلسل الأنساب؛ إذ كان الشعب في هذا الوقت أرستقراطيًّا يحب سماع مثل هذه الأشياء، ويكره الفقراء والجبناء.[٢]
- العصر الهلينستي
ظهر فيه الشعر الغنائي واشتهر كثيرًا، كما اشتهرت الموسيقى والرقص في هذا العصر، وكانت الأشعار في هذا الوقت تدور حول الشهوة والحب الجنسي، والخمر، والأحقاد السياسية.[٣]
سمات الشعر اليوناني
كان للشعر اليوناني على مر العصور والتطورات التي مر بها العديد من السمات التي تُميّزه عن غيره من الشعر، ولعل أبرزها:[٤]
- إيقاعية الأبيات الشعرية، سيّما تلك التي تحتوي على مقاطع لفظية طويلة وقصيرة.
- حضور التعابير المقولبة.
- لغة الشعر مكونة من خليط من كل اللهجات، عدا اللهجة الدورية.
- التغني بالمغامرات الحربية وتسلسل الأنساب، والشعر الكهنوتي والتحدث عن الآلهة.
- استخدام الفواصل المرحة الفكاهية بين الأبيات الملحمية.
- تمجيد الانتصارات وكراهية الضعف والفقر.
- حثّ الشعر على الوعظ والإرشاد.
- واقعيّة الأبيات الشعرية.
أنواع الشعر اليوناني
يُمكن تقسيم الشعر اليوناني إلى ثلاثة أنواع رئيسة: شعر الملاحم، الشعر التعليمي، والشعر الغنائي، وفيما يأتي نبذة عن كل نوع من الأنواع الثلاثة:
- شعر الملاحم
يتحدّث هذا النوع عن الآلهة؛ حيث كان ينظم العديد من الأناشيد الدينية التي تصف الشعائر الدينية حول المذبح، ومرّت هذه الأناشيد بثلاث مراحل: المرحلة الأولى هي مرحلة غزو القبائل الآرية لبلاد اليونان، والمرحلة الثانية التي انتشر فيها الشعراء المتجوّلون،[٥] والمرحلة الثالثة هي مرحلة المنشدين الذين نظموا الأناشيد وأعادوا صياغتها.[٥]
- الشعر التعليمي
يتحدث الشعر التعليمي عن الفلاحين، ويعرض للناس حياتهم وأعمالهم فيه، واهتمّ أيضًا بسرد الأنساب، ووضع التقاويم الدينية، وتعليم الناس الأمثال العلمية التي تنفعهم، كما تسرد القصائد التعليمية التطور الأدبي والسياسي والاجتماعي في بلاد اليونان.[٦]
- الشعر الغنائي
يُطلق على هذا النوع “الشعر الغنائي” الذي يُنشد أثناء الاحتفالات الدينية والأعياد القومية والمسابقات الرسمية، والذي يُمجّد الوطن والروح القومية، ويُمكننا تقسيم الشعر الغنائي إلى نوعين رئيسين هما: النوع الأول الذي يُعبّر فيه الشاعر عن عواطفه وانفعالاته الخاصة، والنوع الثاني الذي يتحدث فيه بلسان الغير، ويُعبّر عن أفكار الناس وعواطفهم.[٧]
أبرز رواد الشعر اليوناني
ضمّ العصر اليوناني مجموعة من الشعراء، ومن أشهر شعراء هذا العصر ما يأتي:
- هوميروس
الشاعر الإغريقي هوميروس من أشهر شعراء اليونان، مختصّ بالشعر الملحمي، فهو صاحب ملحمة الإلياذة والأوديسة الشهيرتين، لا يعرف مسقط رأسه وموطن ولادته تحديدًا، ولا يعرف أيضًا مكان موته، لكن يقال إنّه مات منتحرًا في مدينة إيوس التي ولدت بها أمه.[٨] ومن أشعاره:[٩]
رَبَّةَ الشعرِ عن آخيل بن فيلا
-
-
- أنشدينا واروي احتدامًا وبيلا
-
ذاك كيدٌ عمَّ الأخاء بلاهُ
-
-
- فكرام النفوس ألفت أفولا
-
لأذيسٍ أنفذن منحدراتٍ
-
-
- وفرى الطيرُ والكلابُ القيولا
-
ثم ما شاء زفس من يوم
-
-
- شَبَّت فتنةٌ بالشقاق تنذر أولى
-
بين أتريذ سيد القوم ثارت
-
-
- بصلاها والمجتبى آخيلا
-
أيّ ربٍ قضى؟ فما غير فيـ
-
-
- ـبُوس وزفس ونكلَّا تنكيلا
-
- هيسيودوس
هيسيودوس من أهمّ شعراء الشعر التعليمي، وُلد لأسرة فقيرة، يقول البعض إنه ولد في مدينة أسكرا والبعض الآخر يقول مدينة كوما، من أشهر أعماله: قصيدة الأعمال والأيام التي تتألف من 828 بيتًا،[١٠] ومن أشهر أشعاره “الرجل لا يكسب شيئًا أفضل من زوجة صالحة، ولا شيء أكثر إيلامًا من الزوجة السيئة”.[١١]
- ثيوجنس
من أشهر شعراء الغناء المختصّ في شعر الحكم والأمثال، ولد في مدينة ميجارا منتصف القرن السادس ق. م، وصل إلينا جزء كبير من أشعاره، وهذا لم يحدث مع الشعراء الآخرين، وقد كان أرستقراطيًا نبيلًا يكره الفقر، ومن أشعاره “وكما أن المال يفسد كل شيء، كذلك الفقر يسبب الآلام الجسمانية ويدفع إلى العبودية”.[١٢]
- سافو
هي شاعرة وُلدت أواخر القرن السابع في جزيرة لسبوس، وتنتمي لأسرة نبيلة، وتختصّ بشعر الحب والزواج، وقد اختلف المؤرّخون على أخلاق هذه الشاعرة، فمنهم من اتهمها بالمجون والخلاعة، ومنهم من يقول إنّها تزوجت، وأنجبت طفلة اسمها كليس،[١٣] ومنهم من يقول إنها أغرمت بشاب اسمه فاؤن، لكنّه لم يُبادلها الحب فانتحرت.[١٣]
من أشعارها “إنني عاشقة أحترق بنار الحب الذي يعذبني، إنه يحطم بدني، إنه حلو ومر في وقت واحد، إنه وحش لا يقهر، إنه يعصف بنفسي كما تعصف ريح عاتية بأشجار صلبة عالية”.[١٤]
- بانداروس
وُلد بالقرب من ضاحية كونو سكفلاي عام 522 ق. م، وكان من أسرة أرستقراطية متدينة، واشتهر بالشعر الغنائي، ونظم العديد من الأشعار، لكن لم يصل من أعماله إلا أربعة كتب تحتوي على أشعار النصر “أغاني النصر”، ومن أشعاره “إن الله وحده قادر على كل شيء، يلحق النسر السريع، ويسبق الخرتيت في أغوار الماء، ويذل المتكبرين”.[١٥]
مفهوم الشعر الروماني
تأثر الشعر الروماني كثيرًا بالشعر اليوناني وبالثقافة والأدب اليوناني عمومًا، وقد مرّ الشعر الروماني بتطوّرات تاريخيّة كبيرة سنتعرف عليها بالتفصيل فيما يأتي:
تاريخ الشعر الروماني
يُمكن أن يقسم تاريخ الشعر الروماني إلى أربعة أقسام رئيسة على النّحو الآتي:[١٦]
- عصر التأثر بالشعر اليوناني
تأثر الشعراء الرومان بالأدب والشعر اليوناني؛ حيث أدخل اليونان الفنون إلى روما، ولا أحد يمكنه أن ينكر -حتى روما نفسها- تفوُّق اليونان ودقتهم في الناحية الشعرية والأدبية والثقافية والفكرية.
- العصر الذهبي
أصبح الشعر الروماني متفردًا بذاته في العصر الذهبي، وظهر شعراء وكتاب عظماء مثل: فيرجيل، هوراس، أوفيد وغيرهم، واستمر العصر الذهبي من 70 ق. م إلى 14م، واشتهر بالقصائد الملحمية، وقصائد الحب والأساطير وغيرها.
- العصر الفضي
امتد العصر الفضي الروماني من القرن 39م إلى 96م، ويرتبط هذا العصر باثنين من الشعراء المشهورين وهم: ماركوس أنيوس لوكانوس المعروف باسم لوكان، وبوبليوس بابينيوس ستاتيوس الذي درس الفلسفة الرواقية في أثينا.
- العصر الحديث
تطوّر الأدب والشعر الروماني في القرن الرابع الميلادي بسبب انتشار المسيحية، وأدخلت إليه أنواع جديدة من الكتابات التي تتحدث عن الأخلاق المسيحية، والتي انتقدت بشدة الأعمال الجنسية والأعمال اللاأخلاقية.
سمات الشعر الروماني
تميّز الشعر الروماني بمجموعة من السمات والخصائص التي ميّزته عن غيره من أنواع الشعر الأخرى، وأبرز هذه السمات هي ما يأتي:[١٧]
- اعتناق الأسلوب الكلاسيكي في الكتابة.
- الوطنية وإظهار الحب لروما.
- التحدُّث عن الزراعة والريف الروماني وتربية الحيوانات والماشية.
- إبراز بهجة الحياة وحب الطبيعة.
- هجاء الرذيلة ونقدها.
- تصوير الحب والعاطفة والنشوة.
- المرح، والأسلوب الأدبي الساخر والرثاء.
- التعبير الصريح والمباشر عن المشاعر البشرية.
أنواع الشعر الروماني
يُمكن تقسيم الشعر الروماني إلى ثلاثة أنواع وهم على النّحو الآتي:
- الشعر الغنائي
تأثّر الرومان بالشعر الغنائي عند اليونان؛ لذا حاولوا تقليده، وكان الشاعر كاتولوس رائدًا في هذا النوع من الشعر، الذي كان مرحًا حينًا ومسيئًا ومثيرًا حينًا أخرى.
- الشعر الملحمي
وصل الشعر الملحمي لذروته في العصر الذهبي، وتأثر شعراء هذا العصر بالميول الهيلينية، وكان الشعر الملحمي رثائيًّا حينًا وساخرًا حينًا أخرى.
- الشعر التعليمي
اشتهر الشعر التعليمي عند الرومان أيضًا، لا سيّما في القرن الأول ق. م، ومن أشهر الشعراء المتخصصين في هذا النوع من الشعر: فيرجل، وأوفيد.
أبرز رواد الشعر الروماني
اشتهر العصر الروماني بمجموعة من أبرز الشعراء، ومنهم ما يأتي:
- كاتولوس
كاتولوس هو واحد من أشهر شعراء الرومان الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد، يُصنّف على أنّه واحد من فحول الشعراء الذين تميزوا بكتابة الشعر الغنائي والرثائي.، ومن أشعاره:[١٨]
وعصفور فتاتي يهيم بحجرها ** يقفز فيه من هنا ومن هنا
- فيرجل
عاش فيرجل بين 70 إلى 19 ق. م، وكان متخصصًا في الشعر التعليميّ الذي يُعلّم الناس أمور الزراعة والحياة الريفية ورعاية الماشية وتربيتها، ومن أشهر مؤلفاته: الجورجيين، وأينيد.[١٦] ومن أشعاره “إذا لم أستطع تحريك الجنة، فسوف أثير الجحيم”.[١٩]
- هوراس
هو شاعر متحرّر عاش بين 65 إلى 8 ق. م، تخصّص في شعر الطبيعة المبهج، ومن أشهر أعماله “هجاء” الذي كتب فيه نقدًا للرذيلة التي كانت متفشية في روما.[١٦] ومن أشعاره” إذا كان أي شخص لا يشعر بقوة الله عندما ينظر إلى النجوم، فأنا أشك فيما إذا كان قادرًا على الشعور بأي شيء على الإطلاق”.[٢٠]
- أوفيد
أوفيد هو شاعر عاش في الفترة بين 42 ق. م إلى 18م، تخصّص في شعر الحب، وتميّز بأسلوبه المرح، ومن أشهر كتبه “Amores” الذي نشره عام 22 ق. م.[١٦] ومن أشعاره “تجرني قوة جديدة غريبة، تتجاذب الرغبة والعقل في اتجاهات مختلفة، أرى الطريق الصحيح وأوافق عليه، لكن اتبع الخطأ”.[٢١]
تأثر الأدب الروماني بالأدب اليوناني
أثّر الأدب اليوناني على الأدب الروماني تأثيرًا كبيرًا، وذلك منذ أن روى إينيد قصة هروب إينيس من طروادة واستقرارها في مدينة روما، فمنذ نشأة الأدب الروماني نلاحظ أنه اقترض الكثير من أدب اليونان، سواء أكان في الشعر أم النثر أم التاريخ، وترجموا العديد من الأعمال اليونانية للغة اللاتينية.[١٦]
كتب هوراس أنّ اليونان أدخلت الفنون لمنطقة لاتيوم المتخلفة، بينما نُلاحظ أنّ المؤرخ نايجل رودجرز قال: إنّ كتّاب اليونان صاغوا العديد من المفاهيم الفلسفية والسياسية التي أثرت على الرومان، وأنّ روما لا تستطيع إنكار تفوُّق اليونان عليها،[١٦] وعلى الرغم من ذلك فقد استطاع الرومان إنشاء أدب خاص بهم.[١٦]
المراجع
- ^ أ ب محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ ترجمة هنري زغيب، الأدب اليوناني مترجم، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ ترجمة هنري زغيب، الأدب اليوناني مترجم، صفحة 36. بتصرّف.
- ↑ ترجمة هنري زغيب، الأدب اليوناني مترجم، صفحة 11-33. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 35-38. بتصرّف.
- ↑ محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 39. بتصرّف.
- ↑ محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 65-68. بتصرّف.
- ↑ محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 40-42. بتصرّف.
- ↑ هوميروس، الإلياذة، صفحة 186.
- ↑ محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 56-59. بتصرّف.
- ↑ “Hesiod”, goodreads, Retrieved 21/12/2021. Edited.
- ↑ محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 72-73. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 79-81. بتصرّف.
- ↑ محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 81. بتصرّف.
- ↑ محمد صقر خفاجة، تاريخ الأدب اليوناني، صفحة 84-88. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ “Roman Literature”, worldhistory, Retrieved 20/12/2021. Edited.
- ↑ “POETRY, ROMAN”, erenow, Retrieved 20/12/2021. Edited.
- ↑ أمين سلامة، غراميات كاتولوس، صفحة 58.
- ↑ “Virgil”, goodreads, Retrieved 21/12/2021. Edited.
- ↑ “Horace Quotes”, goodreads, Retrieved 21/12/2021. Edited.
- ↑ “Ovid”, goodreads, Retrieved 21/12/2021. Edited.