محتويات
مفهوم الوقت
يُعرَّف الوقت في معاجم اللُّغة العربيّة على أنَّه: مقدار من الزمان قُدِّر لأمر ما،[١] والوقت من أعظم، وأجلِّ النِّعَم التي أكرمنا الله بها، وقد أقسمَ جلَّ شأنه بأجزاء مُعيَّنة منه في بدايات بعض سُوَر القرآن الكريم، مثل: الضُّحى، والليل، والنهار، والعصر، والفجر؛ حتى يُنبِّهنا الله إلى فَرط أهمّيته، وعظيم شأنه، وهذا القَسَم دليلٌ على منفعته الجليلة، وآثاره العظيمة،[٢] ومن الجدير بالذكر أنَّ للوقت خصائص، ومُميِّزات تُكسبه هذه الأهمّية، وتجعله أَنفس ما يملكه الإنسان؛ لذا يجب على كلِّ فرد أن يَذكر هذه الميِّزات، ويُدركها، ومن هذه الميِّزات أنَّه يمضي سريعاً، وما مضى منه لا يعود، ولا يُمكن استرجاعه، أو تعويضه، ومن الأسباب التي تُكسبه هذه القيمة العالية هو أنَّه أساسٌ لكلِّ عمل، وكلِّ إنتاج؛ حيث إنَّه يُشكِّل رأس المال الحقيقيّ للإنسان.[٢]
ومن الأمور البديهيّة المُتعلِّقة بالوقت أنَّ لكلِّ فرد 24 ساعة في اليوم، أيّاً كان مقامه في المُجتمع، أو مَنصِبه، أو حالته النفسيّة، وبهذا فإنَّ الجميع يشتركون في مقدار ما لديهم من وقت، إلّا أنَّهم يختلفون في طُرُق استغلاله، واستثماره،[٢] وممّا يجدر ذِكره أنَّ كثيراً من الناس يقولون إنَّه ليس لديهم الوقت الكافي لأداء أعمالهم، وهذه الخُرافة هي التي تجعل الأشخاص غير مُنظَّمين في حياتهم، ولهذا فإنّه يجب التحرُّر منها؛ لتحقيق حياة مُنظَّمة، واستغلال الوقت بشكلٍ مثاليّ.[٢]
كيفيّة تنظيم الوقت
تتمّ عمليّة تنظيم الوقت بصورة صحيحة إذا ما سار الفرد وِفق مجموعة من المبادئ، والأُسُس، ومنها ما يأتي:[٣]
- إدراك أهمّية الوقت: يُعَدُّ تقدير الوقت، وإدراك أهمّية تنظيمه من أهمّ المُمارسات التي تقود الفرد إلى النجاح، وبالتالي تُصبِح لديه المقدرة على مُعاينة، وتفحُّص العمليّات التي من خلالها يتمكَّن من تحسين كلِّ ما يهدرُ وقته من عادات.
- تحليل الوقت: يهدف هذا المبدأ إلى مُساعدة الفرد على استخدام وقته بطريقة فعَّالة، مُتجنِّباً إضاعة الوقت على الأمور غير المُهمّة، وذلك من خلال معرفة الفرد لأهدافه، وتحويلها إلى أنشطة، وتحديد الوقت الذي تستغرقه كلُّ مرحلة من مراحل تحقيق هذه الأهداف.
- تخطيط، وتحديد الأهداف: إنَّ عمليّة تخطيط الوقت، وتنظيمه لا تتمّ إلّا بتحديد الأهداف، وترتيبها، ويتضمَّن ذلك إعادة ترتيب الفعاليّات التي يُمارسها الفرد، أو التخلُّص منها، وعدم مُمارستها، أو تقليل الوقت المُقرَّر لها، وبهذه الطريقة يتمّ تحقيق الاستغلال الفعّال للوقت.
- ترتيب الأولويّات: إنَّ تحقيق الأهداف، والنتائج الفعّالة يستحيل أن يأتي عن طريق الصُّدفة؛ لذا يجب على الفرد أن يسعى، ويُرتِّب أولويّاته بشكلٍ تنازليّ، والتقيُّد بهذا الترتيب، والسَّير على أساسه.
- مبدأ المرونة: قد تمرُّ على الإنسان خلال يومه أحداث خارجة عن سيطرته؛ لذا فإنَّ من الضروريّ أن يكون الجدول الموضوع مُتَّصِفاً بالمرونة؛ لاستيعاب هذه الأحداث.
- التركيز: أو ما يُسمَّى (مبدأ باريتو)؛ وباريتو هو أحد الاقتصاديِّين الإيطاليِّين، وقد اكتشف هذا المبدأ في القرن التاسع عشر، حيث توصَّل إلى أنَّ مجموعة الأشياء التي نُمارسها خلال اليوم تُشكِّل الأشياء المُهمّة منها نسبة ضئيلة؛ أي أنَّ الفرد عندما يُركِّز جُهودَه بشكلٍ أكبر على الجزء الذي يُمثِّل عشرين بالمئة من الأنشطة المُهمَّة، فإنَّ ذلك من شأنه أن يُؤدِّي إلى تحقيق 80% من النتائج.
- مبدأ التفويض: يعتمد الاستخدام السليم للوقت، وتحقيق النتائج على الجُهود الجماعيّة، وليس فقط على الجُهود الفرديّة للمُدير، أو مُتَّخِذ القرار؛ فكُلَّما كان المُدير يُفضِّل العمل الفرديّ، فإنَّه سيكون غير قادرٍ على استخدام الوقت بشكل فعّال، ممّا يُؤدّي إلى إهدار الوقت في إنجاز الأمور غير المُهمّة عِوضاً عمّا هو مهمّ.
مفهوم تنظيم الوقت
كثيراً ما نسمع ممَّن حولنا عبارة (ليس لديّ وقت)، أو (لا راحة في هذه الحياة)، ونحن قد نُردِّد هذه العبارات، ونتمنَّى لو أنَّ لدينا 24 ساعة إضافيّة في اليوم، علماً بأنّ حلُّ هذه المشكلات يكون من خلال أمرٍ واحدٍ لا غير، وهو إدارة الوقت بشكلٍ صحيح، فما هي إدارة الوقت؟[٢]
تُعرَّف عمليّة تنظيم، وإدارة الوقت على أنَّها: استفادة الفرد ممَّا هو مُتاحٌ له من وقت، ومواهب شخصيَّة يمتلكها؛ بهدف الوصول إلى تحقيق الأهداف الضروريّة التي يسعى إليها، والحفاظ على تحقيق التوازن بين مُتطلَّبات الحياة الشخصيّة، ومُتطلَّبات العمل، والحاجات الجسديّة، والعقليّة، والروحيّة لديه.[٤]
معوِّقات الوقت
تُعرَّف مُعوِّقات الوقت على أنَّها: الأمور التي تمنع التحقيق الفعّال للأهداف، [٤] وقد تبيَّن من خلال استبيان عُرِض على مجموعة كبيرة من العاملين في عِدَّة مجالات مُتنوِّعة، أنَّ مُعوِّقات الوقت تكون على أربعة أصناف بحسب وجهة نظر هؤلاء العاملين؛ حيث إنَّها قد تكون إيمانيّة، أو إداريّة، أو شخصيّة، أو اجتماعيّة، على النحو الآتي:[٢]
- المُعوِّقات الإيمانيّة، ومن بينها:
- العلاقة السيِّئة مع الله.
- تَرْك مُحاسَبة النفس.
- ترصُّد الشيطان للإنسان؛ لصرفه عن كلِّ ما هو خير.
- المُعوِّقات الشخصيّة، ومن بينها:
- فُقدان الحسِّ بالمسوؤليّة.
- تَرْك المُتابعة اللازمة بشكلٍ يوميّ.
- عدم الالتزام بالأوقات الثابتة للعمل.
- الوضع الصحِّي.
- المُعوِّقات الإداريّة، ومن بينها:
- اتِّخاذ القرارات بشكلٍ مُتسرِّع.
- إهمال ترتيب الأولويّات.
- الضَّعْف في التخطيط، وضَعْف الرُّؤية المُستقبليّة.
- المُعوِّقات البيئيّة، والاجتماعيّة، ومن بينها:
- الزيارات المُفاجئة، والعلاقات الاجتماعيّة.
- عدم احترام قيمة الوقت من قِبَل المُجتمع المُحيط.
- المواصلات.
فوائد تنظيم الوقت
يظنُّ بعض الأشخاص أنَّ تنظيم الوقت يعني أنَّه لا وجود للراحة، والتسلية أبداً، وأنَّه يعني الجدّية التامَّة، والبعض الآخر قد لا يُلقي بالاً لأهمّية الأمر، فيعتبرُه أمراً تافهاً للأسف، على الرغم من فوائده العظيمة التي قد لا تكون مُباشرة؛ لذا يجب عدم استعجال رُؤيتها، علماً بأنَّ هناك فوائد تتحقَّق نتائجها على المدى القريب.[٢]
إنَّ نتائج تنظيم الوقت تعود بالخير على الفرد؛ فمن خلاله يقضي وقتاً أطول مع عائلته، ويَجِد وقتاً للراحة، والترفيه، وتطوير الذات، كما يُمكِّنه من إنجاز أهدافه، وتحقيق أحلامه، إضافة إلى تحقيق نتائج أفضل في عمله، والتخفيف من ضُغوط الحياة، والسيطرة على يومه، بحيث يتمكَّن من استغلاله بأفضل صُورة مُمكنة، ممَّا يعني الشُّعور بالتحسُّن في حياته، وبشكلٍ كُلِّي.[٢]
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى وقت في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8-11-2018.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د الدكتور إبراهيم الفقي (2009)، إدارة الوقت (الطبعة الأولى)، مصر: دار الإبداع للإعلام والنشر، دار القلوب للإعلام والنشر، صفحة 19-27، 33-35، 45-47، 51-53.
- ↑ إبراهيم علي ربابعة، مهارة إدارة الوقت، الرياض: شبكة الألوكة، صفحة 5-6. بتصرّف.
- ^ أ ب أ.م.د.إحسان حميد عبد، إدارة الوقت، العراق: جامعة القادسية ، صفحة 5 ،6.