قال الشاعر إيليا أبو ماضي:
روض إذا زرته كئيبا
-
-
-
-
- نفّس عن قلبك الكروبا
-
-
-
يعيد قلب الخليّ مغرا
-
-
-
-
- و ينسى العاشق الحبيبا
-
-
-
خلق الله السماوات والأرض وما فيهنّ فأبدع، وخلق الإنسان ليسعى في مناكب هذه الأرض بما تحتويه من مظاهر جمال تتمثل بالجبال الشاهقة والأنهار العذبة والبحار الواسعة، وما تزدان به من نباتات خضراء بثمارها اليانعة، فها هي الطبيعة من حولنا يأكل من ثمار شجرها الجائع، ويشرب من ماء أنهارها العطشان، ويتمتع في سحرها الناظر، ولا يقتصر دور الطبيعة على ما تمتعنا به من مناظر خلّابة بل بما تقدمه لنا من ثروات أخرى تعيننا في الحياة، فها هي النباتات تطعمنا من ثمرها وتظلنا في ظلالها وتنقي لنا الأجواء، وها هي البحار والأنهار تقدّم لنا من الثروات البحرية ما لا يعد ولا يحصى، وغير ذلك الكثير من النعم.
نجد في الطبيعة تنوعاً لا حصر له يدل على حسن خلق الخالق وإبداعه، فترى الأرض تزدان بثوبها الأخضر المطرّز بالورود في فصل الربيع وترى الفراشات والعصافير تغازلها بخجل فينتشر أريج الزهر العطر في الأرجاء، أمّا في الصيف فينضج طيّب الثمر وتحلو الأجواء فينتشر الناس للسياحة والرحلات والسفر بُغية الاستمتاع بأشعة الشمس الجميلة وزرقة البحار وعذوبة الأنهار، قبل أن يحلّ فصل الخريف برياحه اللطيفة التي تهز أغصان الأشجار بألوانها المختلفة فتتساقط أرضاً مكونة لوحة فنية غاية في الجمال، فيما تكتسي الطبيعة بعد ذلك بثوبها الأبيض الناصع في فصل الشتاء، وتتساقط الأمطار الخيّرة لتروي عطش الأرض وتأذن ببدء ربيع جديد.
والباحث عن جمال الطبيعة بحق يستطيع أن يجده في القرى والأرياف بشكل أكبر منه في المدن، فهناك ترى الجداول المُنسابة بين المروج وتسمع خرير مائها اللامع كالفضة، فيما تتزين الطرق بالأشجار الخضراء المتباينة في أشكالها وأنواعها، وتتراقص العصافير والحمائم بين الأزهار لتغرّد أجمل الألحان، وفي الريف أيضاً ترى صفاء السماء وشدّة زرقتها التي لا تحجبها الغازات والملوِّثات، إلّا أنه وعلى الرغم من هذا الجمال نرى الإنسان في بقيّة الأماكن يؤذي الطبيعة بما يلقيه في مياهها وعلى أرضها من نفايات، وما يطلقه في جوّها من غازات ضارة، وبما يقطعه من أشجار ونباتات، فتغدو أقل جمالاً وفائدة.
في مظاهر الطبيعة الجميلة للإنسان راحة من كل ضيق، فهي نعمة الله التي يجب عليه حمايتها من كل ما يضرها من ملوثات، والمحافظة على نظافتها، والحرص على الحفاظ على ثرواتها النباتية والحيوانيّة لما لها من ضرورة في حياة الإنسان، فبقاء الطبيعة وخلوّها من الملوثات يعني حياة صحيّة خالية من المنغّصات.