قال الشافعي:
اصبر على مُرّ الجفا من معلّمٍ
-
-
-
-
- فإن رُسوبُ العلم في نَفراتِهِ
-
-
-
ومن لَم يذُق مُرَّ التّعلُّمِ ساعةً
-
-
-
-
- تَذَرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طولَ حياتِهِ
-
-
-
يقولون إنّ أُمّة تقود الأُمم لا بدّ أن تبدأ بالصغار، وكيف نبدأ بالصغار إلّا إذا بدأنا بالمعلِّمين؟ فالمعلمون هم بُناة المجتمعات وقادة النهضة، وإن تعدّدت الوظائف من حولنا وكثرت المهام، فالمحامي مثلاً معنيٌّ بإحقاق الحق والدفاع عن المظلومين، والطبيب حريص على علاج المرضى وتقديم ما يلزم صحتهم، والمهندس مسؤول عن إعمار المباني والجسور والطّرق، أمّا المعلّم فهو من يصنع كلُّ هؤلاء وغيرهم، ولأجل ذلك يجب أن يكون للمعلّم شأنٌ عظيم ومكانة مرموقة بين طلابه وأفراد مجتمعه.
المعلّم هو المربي، وغارس الأخلاق في نفوس طلابه بعد ذويهم، وهو المحفّز الذي يُضفي الحماسة في النفوس فيشعلها للتقدّم في الحياة، هو مَن يفتح عيون تلاميذه على مستقبلهم الواعد المليئ بالتفاؤل والحياة، فيعطيهم بذلك دفعة للبدء، ونظرة إيجابية للسير نحو المستقبل بخطى واثقة، والمعلّم هو من يزرع فيهم الثقة ليبدؤوا تجاربهم الحياتية، فينتشروا في هذه الحياة مستفيدين من نصائحه التي يوجهها لهم لتعينهم على الحياة بصعوباتها، فالمعلّم كالأب يحرص على أن يعلّم أبناءه دائماً ما يفيدهم وإن قسا عليهم أحياناً، ويحرص على أن يعطيهم كلّ ما يمكنه أيضاً لِيُتمّ رِسالته ويؤدي أمانته، ويُنشئ جيلاً قادراً على حمل أمته.
يجب على الطلبة وذويهم تقدير ما يفعله المعلّم لرفع مستواهم التعليمي والفكري، والارتقاء بأخلاقهم، ويكون ذلك في أن يحرصوا على القيام بواجباتهم نحوه على أكمل وجه، وأن يبدوا له الاحترام الذي يليق بمقامه، فينصتون لما يقدمه لهم من معلومات بتهذيب، ويناقشونه باحترام، ولا يقاطعون ما يقول، ولا يتأخرون عمّا يطلبه منهم، ولا يتكاسلون عمّا يقرّه من واجبات، وعليهم أن يولوا الاهتمام الكافي لما يقدمه لهم من فائدة، وعليهم أيضاً أن يمتثلوا لما زرعه في نفوسهم من آداب في التعامل، وأخلاق حميدة حتى يشعر بأنّ مجهوده لم يذهب سُدى، وأنّ ما زرعه من علم وخلق وتجربه سيجنيه كأفضل الثمار.
للمعلم حقوق على الكل أن يسعى جاهداً لتوفيرها له، فالمعلم نبراس العلم الذي يُضاء به طريق الأمم، فبه تصلُح العقول وتحيا الهمم وترتقي الأوطان.