من هو ملك الموت؟
يَختَلف الكثيرونَ حَول اسمِ مَلكِ المَوت الّذي لَم يُذكر فِي التّاريخ الإسلامِي تَحديداً؛ حَيثُ قال الله تعالى فِي كِتابهِ العَزيز: ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (سُورة السّجدة آية 11)؛ فَهُوَ يُعرَف بِمَلِكِ المَوتِ فِي الإسلام ولكِن هناك تَسمِية عِبريّة لِمَلِكِ المَوت وَهُي (عُزرائيل)، ومَعناها بالّلغةِ الحَرفِيّة (الذي يُعيّنهُ الله)، أو عَبدُ الله أو عَبدُ الرّحمن الّذي وَكّلهُ اللهُ سبحانهُ وتعالى لِقبضِ الأرواح، وَهُوَ آخر مَخلوق يَموت بَعدَ أن يَقبِض أرواح الجَميع، ويأمَرهُ الله تعالى بأن يَموت ويبقى وجهُ ربّكَ ذُو الجَلالةِ والإكرام وَيَقولُ لِمَن المُلكُ اليَوم! فلا أحَدَ يُجيب، وَيُجِيبُ الله نَفسَهُ، للهِ الواحِد القهّار، ومن ثمّ يَبعَثنا اللهُ تعالى للحِساب.
حقيقة ملكِ الموت
قَد يَختَلفُ الكثيرونَ حَول اسمِ قابض الأرواح الّذي أمَرهُ الله تعالى سبحانهُ وأوكلهُ بِهذِهِ المُهمّة، ولكِن الحَقيقة الأكِيدة هِيَ أنّ المَوتَ حَقّ لا يُمكِن الهُروبُ مِنهُ، وَحَقِيقةِ مَلِكِ المَوت الّذي أمَرهُ الله تعالى بِجَمْعِ كُلّ أنواعِ تُربةِ الأرضِ حَتّى يَخلِق اللهُ آدم أبُو البَشَرِيّة، وأيضاً مُهمّتهُ الوَحِيدة هِيَ أن يَقبِضَ أرواحَ البَشَر والمَلائِكَة بأمرٍ من الله، وَكُلّ كائِن خَلقهُ الله تعالى لَهُ أجَل مُسمّى مَحفُوظ، فَإن جَاءَ مَوعِدُها (مَوعِد قَبضَِ الرّوح) فَلَن تَتَقَدّم ساعَة أو تتأخّر وتُقبضُ رُوحَهُ بأمرِ مِنَ الله.
حقيقة الموت
لا أحَد مِنَ المُمكِن أن يَعرفَ ماذا سَيَحدُث بَعدَ المَوت وقَبضِ الرّوح؛ لأنّهُ لا يوجد أحد قد ماتَ وأخبر الآخرين عَنِ الأمورِ الّتي رآها بَعدَ المَوت، لذلِك كانتِ الأسئلة كثيرة حَولَ المَوت والأهوالِ والقبرِ وحسابهُ، وماذا سَيَحدُث بَعدَ أن يَموتُ الإنسان؛ فَهِيَ أسئِلة قَد أجابَ عليها اللهُ تعالى فِي القُرآن، والرّسول بأحاديثهُ؛ فالموتُ حقّ ولا جِدالَ فيه.
العبدُ المؤمن إذا انقَطَعَ المُؤمِن مِنَ الّدُنيا وإقبالِهِ على الآخِرة جَاءهُ مَلِكَ المَوت فَيَقعُد عِندَ رأسهِ، وبعدها ينزِلُ المَلائكة كأنّ وجوهَهُم الشّمس، ومَعَهُم كَفَن مِن أكفانِ الجَنّة وَحُنُوط ٍمِن حُنوطِ الجنّة، فَيقولُ مَلِكَ المَوت: (أيّتها النّفسُ المُطمَئنة اخرُجي إلى مَغفِرةٍ مِنَ الله ورضوانَ)، فَتَخرُج الرّوحِ كَمَا تَخرُجُ القَطرةِ مِنَ الماء، وَيَأخُذُ المَلائِكَة رُوحَهُ ويعرجُونَ بِها إلى السّماء، وَعِندَ صُعُودِ الرّوح فَيقولو جُمُوعٍ مِنَ المَلائِكة لِمَن هَذهِ الرّوح الطيّبة فَيَقولُ حَمَلَتها فُلان إبنِ فُلان بأحسَنَ أسمائِهِ.
العَبدُ الكافر عِندَ مَوتِ الكافِر والفاجِر وانقطاعِ حَياتهِ مِنَ الّدُنيا وإقبالهِ على الآخرة يأتيهِ مَلِكُ المَوت وَيَجلِس عِندَ رأسِهِ، وَبَعدَها يَنزِلُ الملَائكة سُود الوُجُوهِ وَمَعَهُم المَسوح، فَيَقولُ مَلِكُ المَوت: (اخرُجي أيّتها النّفسُ الخَبيثة إلى سَخَطٍ مِنَ الله وَغَضَبْ)، فَتخرُج رُوحَهُ فَتنقَطِع مَعَها العُروق والعَصَب، كَما يُستَخَرجُ الصّوفِ المَبلول وَيتمّ تَمزيقهُ، ويأخُذُ المَلائكة رُوحهُ وَيصعَدونَ بِها إلى السّماء فَيمرّون على جُموعٍ مِنَ المَلائكة، فَيَقُولُ المَلائِكة: ما هَذهِ الرّوحِ الخَبيثة، فَيرُدّ حَمَلتُها هِي لِفُلان بأقبَحِ أسمائِه.
حقيقة الموت عند القبر
العبدُ المؤمن
تَصعدُ رًوحَهُ إلى السّماء السّابِعة ثًُمّ يُقالُ لروحِهُ: (اكتُبُوا كِتابهُ فِي عِليّين)، وَثمّ يُقالُ : (أعيدوا عَبدي إلى الأرض فَإني وَعَدّتَهُم أنّي مِنها خَلقتهم وَفِيها أعِيدَهُم ومِنها أخرِجَهُم تارّةً أخرى)، فَتَرُدّ رُوحَهُ فِي جَسَدِه ويأتيهِ المَلائكة عِندَ القَبرِ فَيسألونهُ من ربّك؟ فيقولُ الله، ويسألونهُ ما دينُك؟ فَيقولُ الإسلام، وَيسألونهُ ما هذا الذي خَرجَ فيكُم؟ فَيقول رسولَ الله، فَينادي مُنادٍ مِنَ السّماء فَأفرِشُوهُ مِنَ الجنّة، وألبِسُوهُ مِنَ الجنّة، وأروهُ مَنزِلهُ فِي الجنّة، فيقول ربّ أقم الساعة حتّى أرجعَ إلى أهلي ومالي من شدّة حبّ الدخولِ إلى الجنّة، وينام نَوماً لا ظَمَأ بَعدَه كَأنّها سَاعَة ومَا يَلبَثُ إلاّ وَقَد قامَت القيامَة والحِساب ، وقال اللهُ تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة).
العبدُ الكافر
تُغلقُ أبوابِ السّماءِ لهُ وَيُقالُ له: (أكتُبوا كِتابهُ فِي سَجين)، وثمّ يقال: (أعيدوا عَبدي إلى الأرض فَإني وَعَدتَهُم أنّي مِنها خَلقتهم وَفِيها أعِيدَهُم ومِنها أخرِجَهُم تارّةً أخرى)، فَتُرمى رُوحَهُ حتّى تَقَعَ فِي جَسَدِهِ وتأتيهِ المَلائكة وَتَسألهُ مَن ربّك؟ وما دينُك؟ وما هذا الذي خَرجَ فيكُم؟ فَيُجيب لا أدري، فَينادي مُنادٍ فِي السّماء فأفرشُوهُ مِنَ النّار، وألبِسُوهُ مِنَ النّار، وأروهُ منزلهُ في النار، وَيَضيّق عليهِ قبرهُ حتّى تَختَلِفَ فِيهِ أضلاعهُ ويقول ربّ لا تقم الساعة.