التاريخ الإسلامي

جديد من هم المماليك ومن أين جاؤوا

مقالات ذات صلة

من هم المماليك ومن أين جاؤو؟

يُعرف المماليك بأنّهم فئة من الناس خدموا العديد من الإمبراطوريات، والسلاطين، والخلفاء في القِدم بصفتهم جنوداً تحت إمرتهم، ثمّ أصبحت لهم سلطتهم الخاصة لاحقاً، وكان معظم المماليك من عائلات غير مسلمة يعود أصلهم إلى مناطق أوروبا الشرقية، والقوقاز، وتركيا.[١]

بدأ تجنيد المماليك في القرن التاسع من قِبل الخلفاء العباسيين في بغداد، حيث كانوا يُدرَّبون في سلاح الفرسان بعد اعتناقهم الإسلام ليُصبحوا جنوداً وقوةً تدعم الجيش تحت قيادة مُباشرة من الحاكم، وكانوا يُدرَّبون بشكل صارم ودقيق إذ عُيّن عدد منهم في مراكز قيادة عليا في الدولة، وكان السبب الرئيسي وراء تجنيد المماليك البُعد عن تجنيد أفراد القبائل الذين يُكِنّون الولاء والطاعة لِزُعماء قبائلهم بخلاف أمر الحاكم، أمّا المماليك فلا تربطهم أيّة صِلة بقادة الجيش والنبلاء، وكانوا يتبعون للحاكم حيث إنّه كان ولي أمرهم دون غيره.[١]

نشأة سلطنة المماليك

كانت مصر تحت سيطرة القائد صلاح الدين الأيوبي عام 1169م، وكان المماليك حينها جزءاً من الجيش بالإضافة إلى العرب، والأكراد، والتركمان، وغيرهم، وبقي المماليك ضمن الجيوش بعد عهد صلاح الدين الأيوبي، حيث ورد أنّ الملك الصالح أيوب اشتهر في جذب المماليك الأتراك لصالحه؛ وذلك للحماية من انقلاب أفراد الأسرة الأيوبية عليه، وأيضاً للحماية من هجمات الصليبيين.[٢]

توفي الملك الصالح أيوب بعد 9 سنين من الحكم على مصر خلال الفترة 1240-1249م، فاشتعل صراع بين الوريث الشرعي للعرش وقادة المماليك، إلى أن نجح المماليك بأخذ الحكم وتنصيب سلطان لدولتهم، واتخذوا القاهرة عاصمةً لهم، فأصبحت القاهرة في عصرهم مركزاً اقتصادياً وثقافياً للعالم الإسلامي.[٣][٢]

فرض المماليك سيطرتهم على سوريا خلال الفترة 1250–1517م بعدما تمكّنوا من السيطرة على الحكم في مصر، أيّ أنّهم حكموا مصر وسوريا أكثر من 250 سنة، ولم تمضِ إلّا فترة قليلة من الزمن حتّى أصبحت دولة المماليك أكبر إمبراطورية إسلامية في أواخر العصور الوسطى، ويُشار إلى أنّ المماليك سيطروا لاحقاً على مكة المكرمة والمدينة المنورة.[٣][٢]

نظام حكم المماليك

كان نظام الحكم الخاص بالمماليك نظاماً غير وراثي، حيث إنّهم كانوا يترقّون لأعلى المناصب في الدولة بشكل غير وراثي، وكان ذلك سبباً لتسمية دولتهم بالسلطنة من قِبل المؤرخين،[٣][١] ويُقسم حكام المماليك إلى قسمين كالآتي:[١][٢]

  • الحكام الأتراك: حكم الأتراك المماليك في الفترة ما بين 1250-1382م، وسُمّيت هذه الفترة بفترة المماليك البحرية نسبة لمقرّهم في جزيرة المنيل على النيل، وجعل الحكام في هذه الفترة نظام الحكم وراثيّاً وأنشؤوا سلالات حكم.
  • الحكام الشركس: حكم الشركس المماليك في الفترة ما بين 1382-1517م، وعُرفت تلك الفترة بفترة المماليك البرجية، وأطلق عليها هذه الاسم نسبةً إلى مقرّهم في قلعة القاهرة، وغلبت في تلك الفترة أصول عرقية معينة في المماليك على أصول أخرى، وكان ذلك تحديداً بعد عهد برقوق الذي بدأ عام 1382م، كما ازدادت أعداد المماليك آنذاك بشكل واضح.

انتصارات المماليك

حقّق المماليك انتصارات عدّة من أبرزها ما يأتي:[١]

  • هزم المماليك جيوش المغول، وكان ذلك على يد السلطان قطز حاكم دولة المماليك آنذاك.
  • حارب المماليك الصليبيين في سوريا ومصر وانتصروا عليهم، وكان ذلك على يد عدةّ سلاطين وهم؛ بيبرس، وقلاوون، وخليل.

انهيار سلطنة المماليك

دخل العثمانيون مصر وأسقطوا حُكم المماليك فيها، وكان ذلك خلال الفترة 1516-1517م، إلّا أنّ بعض المماليك تمكّنوا من إبقاء سيطرتهم ونفوذهم في مصر واستمرّ وجودهم كجزء من المجتمع المصري، والتحقوا بالجيش العثماني وسرعان ما شكّلوا نواة الجيش، ورُقّوا لمناصب عليا في الدولة العثمانية، كما عادت امتيازات أبناء المماليك بالسماح لهم بالخدمة في الدولة العثمانية بعدما حُرموا منها لفترة طويلة، فازدادت سلطتهم بِحُكم ما يربطهم من عِرق بينهم وبين أبناء دولتهم القديمة.[٤][٥]

وُجدت العديد من محاولات للسيطرة على نفوذ أكبر في الدولة من قِبل المماليك، وكانت عودة نظام الحكم لكونه وراثي أحد الأسباب التي أدّت إلى عودة حُكم المماليك، واستمرّت سيطرة المماليك على الحكم إلى أن انتهى حكمهم تماماً على يد محمد علي باشا في عام 1811م لينتهي بذلك عصر المماليك.[٥]

أجمع المؤرخون على أنّ انهيار دولة المماليك بدأ تدريجياً بعد عام 1382م،[٢] وأدّت العديد من الأسباب لانهيار سلطنة المماليك ومن أبرزها ما يأتي:[٢][٦]

  • العوامل الاقتصادية: انهار النظام الاقتصادي في عهد السلاطين الشركس، بسبب كثرة الأوبئة المنتشرة في مصر ذلك الحين، ممّا أدّى لضعف التجارة والزراعة في البلاد، كما تسبّبت الهجمات البرتغالية في المحيط الهندي على القوافل البحرية في إضعاف اقتصاد سلطنة المماليك.
  • العوامل العسكرية: أدّى الانشقاق الداخلي في صفوف الجيش إلى إضعاف قوة سلطنة المماليك ضد الأعداء الخارجيين، وعدم قدرة الجيش على حماية التجار من هجماتهم، حيث كثرت الهجمات البحرية من البندقية وجنوة، بالإضافة إلى الهجمات القبرصيّة على مدينة الإسكندرية.
  • التمييز العرقي: اعتمد الحكّام الشركس في توزيع المناصب على من هم من عِرقهم ونسبهم، فكان الشركس يرتقون بالمناصب دون غيرهم من الناس.
  • ضعف الحكم: حكم المماليك السلطان قانصوه الغوري في الفترة 1501–1516م، وسادت تلك الفترة كثرة الأزمات الداخلية والخارجية التي عجزت السلطنة عن مواجهتها، كما سادت تلك الفترة العديد من الحروب التي كان آخرها الهجوم العثماني بقيادة السلطان العثماني سليم، وقُتل في تلك الحرب قانصوه الغوري.

المماليك في فرنسا

يُذكر أنّ مصر تعرّضت للغزو الفرنسي على يد نابليون عام 1798م، وانضم بعدها وتحديداً بداية القرن التاسع عشر العديد من المماليك إلى نابليون، وكان لنابليون حُرّاس أحدهم من المماليك، ويُدعى روستان وهو أحد المماليك من أصل مصري، ولاحقاً أُضيفت فرقة من فرسان المماليك في فرنسا إلى إحدى الفِرق العسكرية الفرنسية، بالرغم من وجود قانون ينُصّ على عدم قبول خدمات الأجانب في الخدمة العسكرية.[١][٥]

إنجازات المماليك

بقي ذِكر المماليك راسخاً إلى هذا اليوم ببراعتهم في المجالات الإدارية والعسكرية والفنية، حيث ما زال أثر براعة المماليك في فن العمارة ظاهراً في العديد من الأماكن، مثل مصر وسوريا، ومن أبرز ما برع المماليك في تصميمه وبنائه المساجد، والمدارس، والجسور، ونوافير المياه،[١][٧] كما ازدهرت البلاد الإسلامية في عهد المماليك، وفي ما يأتي أبرز إنجازات المماليك خلال فترة حكمهم:[٣]

  • خلال فترة حكم المماليك الأتراك:
    • برع المماليك في فن العمارة في الفترة الأولى من الحكم، واستمرّ ذلك حتّى نهاية الدولة المملوكية، كما أنّهم صنعوا العديد من الآليات التي تُستخدم في أعمال البناء.
    • ازدهرت تجارة المماليك في مناطق واسعة من الأرض، وكان أهمّها تجارة التوابل والحرير.
    • اشتهر المماليك بفن الزخارف؛ فكانوا يبرعون في زخرفة الزجاج بالطلاء والذهب.
    • أنتج المماليك المعادن المُرصّعة، والمنسوجات الفاخرة، والأعمال الخشبية.
    • بنوا العديد من المدارس الدينية، والأضرحة، والمآذن، والمستشفيات.
  • خلال فترة حكم المماليك الشركس:
    • تبع المماليك في هذه الفترة خُطى المماليك الأتراك في أعمال العمارة والتجارة لما كان لها من الأهمية الكبيرة في العالم.
    • توسّعت تجارة المماليك بشكل أكبر في هذه الفترة بين إيران وأوروبا، كما كانت التجارة على طريق الحج في مكة المكرمة بالغةً في الأهمية، فتوسّعت الأسواق التجارية وازدادت المؤسسات الدينية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ “Mamluk”, academickids.com,2005-6-22، Retrieved 2021-2-9. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح “Mamluk”, www.britannica.com, 2020-4-7، Retrieved 2021-2-9. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث Suzan Yalman (2001), “The Art of the Mamluk Period (1250–1517)”، www.metmuseum.org, Retrieved 2021-2-9. Edited.
  4. Kent Bob Huzen (2010), Account for the Rise and Fall of the Mamluk State, New Zealand: University of Canterbury, Page 5-2. Edited.
  5. ^ أ ب ت James Waterson (2018-9-5), “Who Were the Mamluks?”، www.historytoday.com, Retrieved 2021-2-9. Edited.
  6. Salah Ziemech (2004), The Mamluks in History, united kingdom: foundation for science technology and civilisation, Page 2-5. Edited.
  7. “Warrior kings: A look at the history of the Mamluks”, oxfordbusinessgroup.com, Retrieved 2021-2-10. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى