إنّ إبراهيم عليه السّلام هو أبو الأنبياء، فهو من أعظم الأنبياء والرّسل عند الله سبحانه وتعالى، وهو من أولي العزم من الرّسل عليهم السّلام جميعاً، وقد وصل هذا النّبي العظيم إلى هذه المرتبة عند الله عزّ وجلّ بسبب ما لاقاه خلال حياته من صعوبات اعترضته، فكان على قدر المسؤولية، وكان في فترة من الفترات هو الوحيد الموحّد على الكرة الأرضيّة، ومن هنا فقد كان إبراهيم أمّةً بين النّاس.
وشخصية النّبي إبراهيم عليه السّلام هي الشّخصية التي تلتقي عندها الدّيانات الثّلاث، فحملة الرّسالات الثّلاث هم من نسل هذا النّبي العظيم، وهذه الرسالات لها العديد من الأسماء منها، وهي بدورها ثلاثة: الدّيانة اليهوديّة وجاء بها رسول الله موسى عليه السّلام، والدّيانة المسيحيّة وجاء بها رسول الله عيسى المسيح عليه السّلام، والدّيانة الإسلاميّة ورسولها محمد – صلّى الله عليه وسلّم – خاتم الأنبياء والرّسل.
محتويات
من هم أولاد سيدنا إبراهيم
لقد ذكر القرآن الكريم اسم اثنين من أبناء سيّدنا إبراهيم – عليه السّلام – وهما نبيّ الله إسماعيل ونبي الله إسحاق عليهما السّلام، وهما أيضاً من أبرز أبناء نبي الله ورسوله إبراهيم عليه السّلام، واللذان ذكرت قصصهما في الكتابين السّماويين الآخرين، التّوراة والإنجيل.
فأمّا إسماعيل عليه السّلام فهو ابن إبراهيم عليه السّلام من زوجته هاجر، وكما هو معلوم فإنّ إبراهيم عليه السلام لم يكن ينجب من زوجته الأولى سارة، فتزوّج هاجر، والتي أنجبت له ابنه إسماعيل عليه السّلام. وبعد فترة من الزّمن ولمّا كان لوط عليه السّلام، وهو نبيّ كريم قريب لإبراهيم، يدعو قومه في سدوم، وعندما استكبروا وازداد طغيانهم في الأرض، جاءت الملائكة إليه لتبشّره بأنّ زوجته سارة التي كبرت في السنّ سوف تحمل بنبيّ الله إسحاق عليه السّلام، وتخبره أنّها جاءت أيضاً لتهلك قوم لوط، وفعلاً هذا ما قد كان فقد حملت سارة بإسحاق، فأصبح لدى إبراهيم ابنين اثنين، وهما اللذان ورد ذكرهما في القرآن الكريم وفي باقي الكتب السّماوية، وأمّا الطبري فقد ذكر في تاريخه أنّ إبراهيم عليه السّلام كان له ثلاثة عشر ولداً، جميعهم من الذّكور، ولم يذكر له من البنات شيئاً.
قال الله سبحانه وتعالى:” يا أيها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير “، الحجرات/13، ويقول النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في خطبته أيّام التّشريق:” يا أيها النّاس إنّ ربكم واحد، وأباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا أسود على أحمر، ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم “، رواه أحمد.
وممّا لا شكّ فيه أنّ أولاد إسماعيل عليه السّلام وهم طائفة من العرب، يعتبرون أولاد عمومة مع ذريّة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى رسولنا أفضل الصّلاة والسّلام، وأمّا هذا الاجتماع في النّسب فإنّه لا يغير شيئاً من حقيقة ما هو قائم بين المسلمين واليهود من الافتراق في الدّين، فإنّ الله تعالى لا يعتبر الأنساب، قال سبحانه وتعالى:” فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون “، المؤمنون/101، ويقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:” ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه “، رواه مسلم عن أبي هريرة. (1)
زوجات إبراهيم عليه السلام
إنّه من غير الممكن معرفة أسماء زوجات جميع الأنبياء والرّسل، ولا أن نعرف عددهم، وذلك لأنّ الأنبياء والرّسل أنفسهم لم يخبرنا الله سبحانه وتعالى بأسمائهم جميعاً، قال سبحانه وتعالى:” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ “، غافر/78.
وسيّدنا إبراهيم عليه السّلام تزوّج من السّيدة سارة، وقد ذكرت كتب التّواريخ أنّه قد تزوّج من امرأتين من العرب بعد وفاة السّيدة سارة، إحداهما قنطورا بنت يقظان فولدت له ستة بنين، والأخرى حجورا بنت أزهير ذكر ذلك الطبري في تاريخه، كما أنّه قد تزوّج من السّيدة هاجر أم سيّدنا إسماعيل عليه السّلام. (2)
قصة ذبح إسماعيل عليه السلام
عاش سيّدنا إبراهيم عليه السّلام حياته وهو يتمنّى أن يرزق بولد، وعندما بلغ من الكبر عتيّاً، رزقه الله سبحانه وتعالى إسماعيل عليه السّلام، فقرّت عينه به، ثمّ جاءه أمر الله سبحانه وتعالى فامتثل لهذا الأمر الرّباني، حيث ترك ولده وزوجته في مكان مقفر، وكان ما كان من قصّة ماء زمزم وغيرها، ثمّ أمر الله سبحانه وتعالى سيّدنا إبراهيم بأن يذبح ابنه إسماعيل عليه السّلام، وهو ولده الوحيد والعزيز، وكان هذا امراً تنوء بحمله الجبال، فاستجاب سيّدنا إبراهيم عليه السّلام لربّه سبحانه وتعالى، وامتثل لأوامره، وسارع إلى طاعته، فشدَّ الرحال إلى ابنه ليلبي أمر الله فيه، ولم يلبث أنّ أخبر ولده بما أمره الله به، فقال:” إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك فانظر ماذا ترى “، الصافات/102، فبادر الغلام بالطاعة، وقال:” يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصّابرين “، الصافات/102، فقال إبراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر الله!
ثمّ استسلم سيّدنا إسماعيل عليه السّلام لأمر الله سبحانه وتعالى، وألقاه إبراهيم على الأرض، وأمسك السّكين ليقوم بتنفيذ ما أمره الله سبحانه وتعالى به، وتدفقت عبراته، وتتابعت زفراته، ووضع السكين على حلقه، وأمرَّها على عنقه، ولكّنها لم تقطع شيئاً، ولم تفعل فعلها المعهود. ثمّ عاود الكرّة مرّةً أخرى، فلم تفعل السّكين ما هو مطلوب منها، فاحتار سيّدنا إبراهيم عليه السّلام، وشقّ ذلك الأمر عليه، فتوجّه إلى الله أن يجعل له من هذا الأمر مخرجاً، فرحم الله ضعفه، ورحم قلب إسماعيل عليه السّلام، واستجاب الله دعاء إبراهيم، وكشف غمّه، ونودي:” أن يا إبراهيم * قد صدّقت الرّؤيا إنّا كذلك نجزي المحسنين “، الصّافات/105، فقد فدى الله سبحانه وتعالى إسماعيل عليه السّلام:” بذبح عظيم “، الصّافات/107، فلمّا رآه بجواره أقبل عليه وذبحه، فكان ذلك فداءً لابنه، وحقناً لدمه. (3)
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 14844/ أولاد إسماعيل وإسحاق عليهما السلام أولاد عمومة/ 31-3-2002/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 96907/ زوجات إبراهيم عليه السلام/ 17-6-2007/مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن مقال قصة إسماعيل عليه السلام في القرآن/ 27/05/2012/ مركز المقالات/ إسلام ويب/ islamweb.net