وسائل النقل

من مخترع الطائرة

أبرز المساهمين في اختراع الطيران

عباس بن فرناس

يُعد العالِم المُسلم الأندلسي عباس بن فرناس أول من أقدم على تجربة طيران ناجحة عبر التاريخ، ويعتبره البعض “أبو الطيران” نظراً لمساهمته الكبيرة في هذا المجال التي لها دور كبير في فتح باب علوم الطيران على مصراعيه بالنسبة للغرب فيما بعد. ولِد هذا العالِم في مقاطعة ملقا الإسبانية في العام 810م، واسمه الكامل هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني المكنّى بأبي القاسم، ويرجع نسَل عائلته إلى البرابرة، وعلى صعيد حياته العلمية فقد كان ابن فرناس شغوفاً ومهتماً بالكثير من العلوم المختلفة، فقد تعلم علوم الفيزياء والهندسة، ثم تطرّق بعدها إلى علوم الفلك والموسيقى وذلك عندما سافر إلى العراق ليدرس هناك في دار الحكمة.[١][٢]

صنع عباس بن فرناس طائرة شراعية خفاقة (باليونانية: Ornithopter) قام من خلالها بأول عملية طيران ناجحة على الرغم من الهبوط الصعب الذي أدى إلى إصابته بجروح بالغة، وبالرغم من أنّ مجال الطيران كان أهم المجالات التي ترك فيها ابن فرناس أثراً كبيراً، إلا أنه برع في العديد من المجالات الأخرى، وترك فيها بصمته، ومنها اختراع النظارات والعدسات المُكبرة، كما أنّه استطاع تطوير طريقة قام من خلالها بتحويل قطع الصخور البلوريّة إلى الزجاج، مما سمح بصنع كميات كبيرة من هذه المادة، ولسوء الحظ لم يتمكن التاريخ من نقل كافة أعمال ابن فرناس وعلومه التي طوّرها.[١][٢]

الأخوان رايت

تعريف بالأخوين رايت

الأخوان رايت الأمريكيان هما: الأخ الأكبر ويلبر رايت (Wilbur Wright) الذي ولد في عام 1867م، والأخ الأصغر أورفيل رايت (Orville Wright) الذي ولِد في عام 1871م، والدهما هو ميلتون رايت (Milton Wright)، ووالدتهم هي سوزان كاثرين رايت. تلقّى الأخوان رايت تعليمهم الابتدائي في مدارس عامة، وتنقّلوا كثيراً برفقة عائلتهما إلى العديد من المناطق المُختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كان لديهم طموح كبير وإيمان عميق بأهدافهم مستمد من والدهم، وتعد تلك الشخصية ممّن تتمسك بالمبدأ وتعتبره شيئاً لا يتم التفاوض به، الأمر الذي أثّر على طريقة تعامُل الأخوين رايت مع عملية تسويقهما لاختراعاتهما فيما بعد.[٣]

إطلاق أول طائرة

كان للأخوين رايت الفضل في إطلاق أول طائرة بمُحرك عبر التاريخ، ففي العام 1899م بدأ الأخوان بالعمل على تجاربهم الخاصة التي اعتمدت في بادئ الأمر على قيامهم بالطيران الشراعي عبر مرتفعات ولاية كارولاينا الشمالية، ولكن لم تكن جميع هذه التجارب ناجحة، فعكفوا على تطوير قدرات الطيران الشراعي وحل المشاكل الموجودة فيه كالطيران المُستمِر، وإلى جانب قدرتهم على حل مشاكل الطيارة الشراعية فقد استطاعوا من خلال تجاربهم المُتعددة اكتساب المهارة الكافية للتحكُم بالطائرة في الجو، ثم عملوا على إنشاء أول طائرة تطير بمُحرك في العام 1903م، حيث استطاعوا صناعة مُحرك خاص بطائرتهم التي بلغ طولها حوالي اثني عشر متراً، ووزنها 274 كيلوغراماً، وفي تلك السنة في الرابع عشر من شهر كانون الأول قرر الأخوان البدء بأول رحلة طيران، ففاز الأخ ويلبر بقرعة صاحب الطيران الأول، إلا أنه لم يُقدر لهذه الرحلة أن تتم وذلك لحدوث خلل في الطائرة أثناء إقلاعها.[٤]

بعد بضعة أيام أجرى الأخوان رايت تجربة ثانية للإقلاع بطائرتهم، وكرّروا عملية الطيران أكثر من مرة مع تطورٍ في المسافة في كل مرة، لتُكلل جهودهم بالنجاح.[٤]

إظهار الاختراع للعلن

بدأ الأخوان رايت بمحاولة التسويق لاختراعهم الجديد وتقديمه للعالم وذلك من خلال عرضهِ على ما كان يُعرف بوزارة الحرب في حكومة الولايات المُتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات أو حتى الأشخاص في العديد من الدول الأوروبية، حتى وصلت عروضهم للبيع إلى روسيا، ولكنها قوبلت بالرفض، وبقي هذا الرفض قائماً حتى العام 1907م عندما طلبت إحدى وحدات الجيش الأمريكي طائرة من الأخوين رايت، كما تمّ بيع طائرة أخرى لنقابة رجال الأعمال الفرنسيين في العام 1908م.[٥]

قام الأخوان رايت بإضافة مقعد آخر لطائراتهما وذلك بناء على طلب كل من الجيش الأمريكي والفرنسي، واتجهوا إلى فرنسا لتحطيم الأرقام القياسية في الطيران، وعقِب ذلك بدأ نجم الاخوين رايت بالسطوع كأحد أبرز مشاهير القرن العشرين، وبعد عودتهم من فرنسا أجرى ويلبر أول رحلة طيران عامة في الولايات المتحدة الأمريكية في ميناء نيويورك، وقد تابع هذا التحليق أكثر من مليون مُتفرج من الأمريكيين.[٥]

تطوّر الطائرة بعد الأخوين رايت

لم يتوقف علم صناعة الطائرات وتطويرها على ما صنعه الأخوان رايت، بل استمر تطوير قدرة الطائرات مع مرور الزمن، ففي العام 1911م أجرت طائرة (Wrights ‘Vin Fiz) الطيران لمدة 84 يوماً، تم خلالها الهبوط بالطائرة لصيانتها سبعين مرة، حيث يتم في كل مرة تبديل بعض القطع منها، ولكثرة عدد مرات الصيانة والتبديل التي حدثت في هذه الرحلة فإنه عند انتهاء مسارها في كاليفورنيا لم يكن يوجد عليها من قطعها الأصلية سوى عدد قليل من هذه القطع، ويجدر بالذكر أن هذه الطائرة كانت أول طائرة تعبر الولايات المتحدة الأمريكية.[٦]

مساهمون آخرون في اختراع الطائرة

غوستاف وايتهيد

بالرغم من شيوع معلومة أنّ الأخوين رايت كانا أول من اخترع الطائرة إلا أنّ هنالك أقوال مختلفة، فقد ادّعى غوستاف وايتهيد (بالإنجليزية: Gustave Whitehead) الرجل الألماني الذي هاجر إلى أمريكا عام 1894م أنه طار برحلة جوية على متن طائرته التي تعمل بالمحركات في الرابع عشر من آب/أغسطس عام 1901م، وهذا قبل عامَين من الأخوين رايت، وقال أنه قام برحلات جوية أخرى امتدت لميلين وأخرى لسبعة أميال في كانون الأول/يناير من عام 1902، وتمّ طرح أول مقالات تدعم وايتهيد بأنه أول من قام بالطيران في كتاب نُشر عام 1937م وتم إعادة كتابته عدة مرات، واستندت قضية وايتهيد على مقالات إخبارية، وصورة طائرته رقم 22 في الهواء التي لم يشاهدها أحد منذ عام 1906م، وادعاءات كثيرة منها مؤيدة وأخرى معارضة.[٧]

ألبرتو سانتوس

يقع ألبرتو سانتوس دومون الرجل البرازيلي في المرتبة الرابعة بين مَن يظنّون أنهم أول من اخترع الطائرة، إلّا أن البرازيليين يدّعون أنه أول مَن اخترع الطائرة، فهو أول من حقّق رحلة جوية بطائرة تعمل بالمحركات في أوروبا في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1906م، حيث ارتفع لقرابة 60 متراً على متن طائرته (bis 14)، ثم أجرى محاولة أفضل من الأولى ليصل إلى ارتفاع 220 متراً في الهواء في غضون 21 ثانية، وذلك بعد ثلاثة أعوام مما حققه الأخوان رايت عام 1903م وأقل ارتفاعاً بـ 150 متراً.[٨][٩]

تطوّر اختراع الطائرة

شهدت صناعة الطائرات تطوراً كبيراً مما أدى إلى استخدام الطائرات في المجالات التجارية فضلاً عن العسكرية، وفي أواخر الثلاثينات من القرن العشرين حدث تطور كبير في صناعة الطائرات وتطوّرها، وذلك من خلال ما قام به المُهندسان هانس فون أوهاين الألماني (Hans von Ohain) وفرانك ويتل الإنجليزي (Frank Whittle) من صناعة لنوع جديد من محركات الطائرات يُعرف بالمُحرك النفاث الذي عمل على زيادة سرعة الطائرات وزيادة ارتفاع تحليقها عن مستوى سطح الأرض، فأصبحت بعضها تُحلق على ارتفاعات تتراوح بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف متر.[٦]

تركّز صناعة الطائرات على تطوير محركات جديدة، فتمّ اختراع بعض المحركات التي تعمل بالطاقة الكهربائية المُولدة من مصادر بديلة للطاقة كالخلايا الشمسية وبعض أنواع المكثفات وغيرها من أنواع الطاقة البديلة، ولا تزال صناعة هذا النوع من المُحركات في أطرها الأولية، كما اهتم العلماء بالتوجُه إلى مجال آخر في صناعة الطائرات، وهو ذلك المجال المُستند على صناعة الطائرات التي تعمل بالطاقة الصاروخية، مما يسمح لها بتحقيق سرعات كبيرة جداً والارتفاع لمسافات كبيرة أيضاً، فتصل سرعات الطائرات التي تستخدم هذه التقنية إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، وكانت طائرة Bell X-1 المُصنّعة في العام 1947م أول طائرة تستطيع تخطي سرعة الصوت.[٦]

تاريخ الطيران

أراد الإنسان منذ القِدَم تحقيق حلمه بالطيران بشكل كامل، وأصبح هذا الحلم بمثابة حقيقة وواقع نتيجة للكثير من الجهود التي بُذِلت والتجارب التي تم تطبيقها من قِبَل أشخاص كثر على مرّ التاريخ، وترجع أولى هذه الجهود إلى العام 400 قبل الميلاد عندما قام عالِم الرياضيات والفلك والفيلسوف الإغريقي أولس جيليوس (Aulus Gellius) بتصميم آلة تطير بواسطة محرّك بخاري، ويُقال أن هذه الآلة استطاعت التحليق على ارتفاع 200 متر، وفي القرن التاسع من الميلاد استطاع عباس بن فرناس إنجاح أول محاولة طيران بشرية في التاريخ، واستمرت الجهود والتجارب حتى بعد محاولة ابن فرناس الناجحة بالطيران، وفي العام 1010 للميلاد قام الراهب البريطاني ايلمر بالتزحلق عن أبراج أحد المعابد وباستخدام أداة يقال إنها مكّنته من الارتفاع والتحليق لعلو 200م.[١٠]

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من التجارب التي عملت على تحقيق حلم الطيران وجعله واقعاً عملياً، كتلك التجارب التي قام بها صموئيل لانغلي (Samuel Langley) والتي لم تنجح في تحقيق ما حققه الأخوان رايت.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب Ezad Azraai Jamsari, Ibn Firnas and His Contribution to the Aviation Technology of the World, Page 74. Edited.
  2. ^ أ ب Aisyah Rasdei, (IBN FIRNAS FLYING MACHINE), Page 3. Edited.
  3. Tom D. Crouch, “Wright brothers”، www.britannica.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “1903-The First Flight”, www.nps.gov, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  5. ^ أ ب Darrel Collins, “THE WRIGHT STORY”، www.wright-brothers.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت Mary Bellis (3-7-2019), “The History of Airplanes and Flight”، www.thoughtco.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  7. “The Flight Claims of Gustave Whitehead”, airandspace.si.edu,2013-4-6، Retrieved 2019-12-30. Edited.
  8. “Alberto Santos-Dumont”, invention.psychology.msstate.edu, Retrieved 2019-12-31.Edited.
  9. “Alberto Santos-Dumont”, firstflight.org, Retrieved 2019-12-31. Edited.
  10. “History of Aviation-A Short Review”, www.semanticscholar.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

أبرز المساهمين في اختراع الطيران

عباس بن فرناس

يُعد العالِم المُسلم الأندلسي عباس بن فرناس أول من أقدم على تجربة طيران ناجحة عبر التاريخ، ويعتبره البعض “أبو الطيران” نظراً لمساهمته الكبيرة في هذا المجال التي لها دور كبير في فتح باب علوم الطيران على مصراعيه بالنسبة للغرب فيما بعد. ولِد هذا العالِم في مقاطعة ملقا الإسبانية في العام 810م، واسمه الكامل هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني المكنّى بأبي القاسم، ويرجع نسَل عائلته إلى البرابرة، وعلى صعيد حياته العلمية فقد كان ابن فرناس شغوفاً ومهتماً بالكثير من العلوم المختلفة، فقد تعلم علوم الفيزياء والهندسة، ثم تطرّق بعدها إلى علوم الفلك والموسيقى وذلك عندما سافر إلى العراق ليدرس هناك في دار الحكمة.[١][٢]

صنع عباس بن فرناس طائرة شراعية خفاقة (باليونانية: Ornithopter) قام من خلالها بأول عملية طيران ناجحة على الرغم من الهبوط الصعب الذي أدى إلى إصابته بجروح بالغة، وبالرغم من أنّ مجال الطيران كان أهم المجالات التي ترك فيها ابن فرناس أثراً كبيراً، إلا أنه برع في العديد من المجالات الأخرى، وترك فيها بصمته، ومنها اختراع النظارات والعدسات المُكبرة، كما أنّه استطاع تطوير طريقة قام من خلالها بتحويل قطع الصخور البلوريّة إلى الزجاج، مما سمح بصنع كميات كبيرة من هذه المادة، ولسوء الحظ لم يتمكن التاريخ من نقل كافة أعمال ابن فرناس وعلومه التي طوّرها.[١][٢]

الأخوان رايت

تعريف بالأخوين رايت

الأخوان رايت الأمريكيان هما: الأخ الأكبر ويلبر رايت (Wilbur Wright) الذي ولد في عام 1867م، والأخ الأصغر أورفيل رايت (Orville Wright) الذي ولِد في عام 1871م، والدهما هو ميلتون رايت (Milton Wright)، ووالدتهم هي سوزان كاثرين رايت. تلقّى الأخوان رايت تعليمهم الابتدائي في مدارس عامة، وتنقّلوا كثيراً برفقة عائلتهما إلى العديد من المناطق المُختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كان لديهم طموح كبير وإيمان عميق بأهدافهم مستمد من والدهم، وتعد تلك الشخصية ممّن تتمسك بالمبدأ وتعتبره شيئاً لا يتم التفاوض به، الأمر الذي أثّر على طريقة تعامُل الأخوين رايت مع عملية تسويقهما لاختراعاتهما فيما بعد.[٣]

إطلاق أول طائرة

كان للأخوين رايت الفضل في إطلاق أول طائرة بمُحرك عبر التاريخ، ففي العام 1899م بدأ الأخوان بالعمل على تجاربهم الخاصة التي اعتمدت في بادئ الأمر على قيامهم بالطيران الشراعي عبر مرتفعات ولاية كارولاينا الشمالية، ولكن لم تكن جميع هذه التجارب ناجحة، فعكفوا على تطوير قدرات الطيران الشراعي وحل المشاكل الموجودة فيه كالطيران المُستمِر، وإلى جانب قدرتهم على حل مشاكل الطيارة الشراعية فقد استطاعوا من خلال تجاربهم المُتعددة اكتساب المهارة الكافية للتحكُم بالطائرة في الجو، ثم عملوا على إنشاء أول طائرة تطير بمُحرك في العام 1903م، حيث استطاعوا صناعة مُحرك خاص بطائرتهم التي بلغ طولها حوالي اثني عشر متراً، ووزنها 274 كيلوغراماً، وفي تلك السنة في الرابع عشر من شهر كانون الأول قرر الأخوان البدء بأول رحلة طيران، ففاز الأخ ويلبر بقرعة صاحب الطيران الأول، إلا أنه لم يُقدر لهذه الرحلة أن تتم وذلك لحدوث خلل في الطائرة أثناء إقلاعها.[٤]

بعد بضعة أيام أجرى الأخوان رايت تجربة ثانية للإقلاع بطائرتهم، وكرّروا عملية الطيران أكثر من مرة مع تطورٍ في المسافة في كل مرة، لتُكلل جهودهم بالنجاح.[٤]

إظهار الاختراع للعلن

بدأ الأخوان رايت بمحاولة التسويق لاختراعهم الجديد وتقديمه للعالم وذلك من خلال عرضهِ على ما كان يُعرف بوزارة الحرب في حكومة الولايات المُتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات أو حتى الأشخاص في العديد من الدول الأوروبية، حتى وصلت عروضهم للبيع إلى روسيا، ولكنها قوبلت بالرفض، وبقي هذا الرفض قائماً حتى العام 1907م عندما طلبت إحدى وحدات الجيش الأمريكي طائرة من الأخوين رايت، كما تمّ بيع طائرة أخرى لنقابة رجال الأعمال الفرنسيين في العام 1908م.[٥]

قام الأخوان رايت بإضافة مقعد آخر لطائراتهما وذلك بناء على طلب كل من الجيش الأمريكي والفرنسي، واتجهوا إلى فرنسا لتحطيم الأرقام القياسية في الطيران، وعقِب ذلك بدأ نجم الاخوين رايت بالسطوع كأحد أبرز مشاهير القرن العشرين، وبعد عودتهم من فرنسا أجرى ويلبر أول رحلة طيران عامة في الولايات المتحدة الأمريكية في ميناء نيويورك، وقد تابع هذا التحليق أكثر من مليون مُتفرج من الأمريكيين.[٥]

تطوّر الطائرة بعد الأخوين رايت

لم يتوقف علم صناعة الطائرات وتطويرها على ما صنعه الأخوان رايت، بل استمر تطوير قدرة الطائرات مع مرور الزمن، ففي العام 1911م أجرت طائرة (Wrights ‘Vin Fiz) الطيران لمدة 84 يوماً، تم خلالها الهبوط بالطائرة لصيانتها سبعين مرة، حيث يتم في كل مرة تبديل بعض القطع منها، ولكثرة عدد مرات الصيانة والتبديل التي حدثت في هذه الرحلة فإنه عند انتهاء مسارها في كاليفورنيا لم يكن يوجد عليها من قطعها الأصلية سوى عدد قليل من هذه القطع، ويجدر بالذكر أن هذه الطائرة كانت أول طائرة تعبر الولايات المتحدة الأمريكية.[٦]

مساهمون آخرون في اختراع الطائرة

غوستاف وايتهيد

بالرغم من شيوع معلومة أنّ الأخوين رايت كانا أول من اخترع الطائرة إلا أنّ هنالك أقوال مختلفة، فقد ادّعى غوستاف وايتهيد (بالإنجليزية: Gustave Whitehead) الرجل الألماني الذي هاجر إلى أمريكا عام 1894م أنه طار برحلة جوية على متن طائرته التي تعمل بالمحركات في الرابع عشر من آب/أغسطس عام 1901م، وهذا قبل عامَين من الأخوين رايت، وقال أنه قام برحلات جوية أخرى امتدت لميلين وأخرى لسبعة أميال في كانون الأول/يناير من عام 1902، وتمّ طرح أول مقالات تدعم وايتهيد بأنه أول من قام بالطيران في كتاب نُشر عام 1937م وتم إعادة كتابته عدة مرات، واستندت قضية وايتهيد على مقالات إخبارية، وصورة طائرته رقم 22 في الهواء التي لم يشاهدها أحد منذ عام 1906م، وادعاءات كثيرة منها مؤيدة وأخرى معارضة.[٧]

ألبرتو سانتوس

يقع ألبرتو سانتوس دومون الرجل البرازيلي في المرتبة الرابعة بين مَن يظنّون أنهم أول من اخترع الطائرة، إلّا أن البرازيليين يدّعون أنه أول مَن اخترع الطائرة، فهو أول من حقّق رحلة جوية بطائرة تعمل بالمحركات في أوروبا في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1906م، حيث ارتفع لقرابة 60 متراً على متن طائرته (bis 14)، ثم أجرى محاولة أفضل من الأولى ليصل إلى ارتفاع 220 متراً في الهواء في غضون 21 ثانية، وذلك بعد ثلاثة أعوام مما حققه الأخوان رايت عام 1903م وأقل ارتفاعاً بـ 150 متراً.[٨][٩]

تطوّر اختراع الطائرة

شهدت صناعة الطائرات تطوراً كبيراً مما أدى إلى استخدام الطائرات في المجالات التجارية فضلاً عن العسكرية، وفي أواخر الثلاثينات من القرن العشرين حدث تطور كبير في صناعة الطائرات وتطوّرها، وذلك من خلال ما قام به المُهندسان هانس فون أوهاين الألماني (Hans von Ohain) وفرانك ويتل الإنجليزي (Frank Whittle) من صناعة لنوع جديد من محركات الطائرات يُعرف بالمُحرك النفاث الذي عمل على زيادة سرعة الطائرات وزيادة ارتفاع تحليقها عن مستوى سطح الأرض، فأصبحت بعضها تُحلق على ارتفاعات تتراوح بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف متر.[٦]

تركّز صناعة الطائرات على تطوير محركات جديدة، فتمّ اختراع بعض المحركات التي تعمل بالطاقة الكهربائية المُولدة من مصادر بديلة للطاقة كالخلايا الشمسية وبعض أنواع المكثفات وغيرها من أنواع الطاقة البديلة، ولا تزال صناعة هذا النوع من المُحركات في أطرها الأولية، كما اهتم العلماء بالتوجُه إلى مجال آخر في صناعة الطائرات، وهو ذلك المجال المُستند على صناعة الطائرات التي تعمل بالطاقة الصاروخية، مما يسمح لها بتحقيق سرعات كبيرة جداً والارتفاع لمسافات كبيرة أيضاً، فتصل سرعات الطائرات التي تستخدم هذه التقنية إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، وكانت طائرة Bell X-1 المُصنّعة في العام 1947م أول طائرة تستطيع تخطي سرعة الصوت.[٦]

تاريخ الطيران

أراد الإنسان منذ القِدَم تحقيق حلمه بالطيران بشكل كامل، وأصبح هذا الحلم بمثابة حقيقة وواقع نتيجة للكثير من الجهود التي بُذِلت والتجارب التي تم تطبيقها من قِبَل أشخاص كثر على مرّ التاريخ، وترجع أولى هذه الجهود إلى العام 400 قبل الميلاد عندما قام عالِم الرياضيات والفلك والفيلسوف الإغريقي أولس جيليوس (Aulus Gellius) بتصميم آلة تطير بواسطة محرّك بخاري، ويُقال أن هذه الآلة استطاعت التحليق على ارتفاع 200 متر، وفي القرن التاسع من الميلاد استطاع عباس بن فرناس إنجاح أول محاولة طيران بشرية في التاريخ، واستمرت الجهود والتجارب حتى بعد محاولة ابن فرناس الناجحة بالطيران، وفي العام 1010 للميلاد قام الراهب البريطاني ايلمر بالتزحلق عن أبراج أحد المعابد وباستخدام أداة يقال إنها مكّنته من الارتفاع والتحليق لعلو 200م.[١٠]

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من التجارب التي عملت على تحقيق حلم الطيران وجعله واقعاً عملياً، كتلك التجارب التي قام بها صموئيل لانغلي (Samuel Langley) والتي لم تنجح في تحقيق ما حققه الأخوان رايت.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب Ezad Azraai Jamsari, Ibn Firnas and His Contribution to the Aviation Technology of the World, Page 74. Edited.
  2. ^ أ ب Aisyah Rasdei, (IBN FIRNAS FLYING MACHINE), Page 3. Edited.
  3. Tom D. Crouch, “Wright brothers”، www.britannica.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “1903-The First Flight”, www.nps.gov, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  5. ^ أ ب Darrel Collins, “THE WRIGHT STORY”، www.wright-brothers.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت Mary Bellis (3-7-2019), “The History of Airplanes and Flight”، www.thoughtco.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  7. “The Flight Claims of Gustave Whitehead”, airandspace.si.edu,2013-4-6، Retrieved 2019-12-30. Edited.
  8. “Alberto Santos-Dumont”, invention.psychology.msstate.edu, Retrieved 2019-12-31.Edited.
  9. “Alberto Santos-Dumont”, firstflight.org, Retrieved 2019-12-31. Edited.
  10. “History of Aviation-A Short Review”, www.semanticscholar.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أبرز المساهمين في اختراع الطيران

عباس بن فرناس

يُعد العالِم المُسلم الأندلسي عباس بن فرناس أول من أقدم على تجربة طيران ناجحة عبر التاريخ، ويعتبره البعض “أبو الطيران” نظراً لمساهمته الكبيرة في هذا المجال التي لها دور كبير في فتح باب علوم الطيران على مصراعيه بالنسبة للغرب فيما بعد. ولِد هذا العالِم في مقاطعة ملقا الإسبانية في العام 810م، واسمه الكامل هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني المكنّى بأبي القاسم، ويرجع نسَل عائلته إلى البرابرة، وعلى صعيد حياته العلمية فقد كان ابن فرناس شغوفاً ومهتماً بالكثير من العلوم المختلفة، فقد تعلم علوم الفيزياء والهندسة، ثم تطرّق بعدها إلى علوم الفلك والموسيقى وذلك عندما سافر إلى العراق ليدرس هناك في دار الحكمة.[١][٢]

صنع عباس بن فرناس طائرة شراعية خفاقة (باليونانية: Ornithopter) قام من خلالها بأول عملية طيران ناجحة على الرغم من الهبوط الصعب الذي أدى إلى إصابته بجروح بالغة، وبالرغم من أنّ مجال الطيران كان أهم المجالات التي ترك فيها ابن فرناس أثراً كبيراً، إلا أنه برع في العديد من المجالات الأخرى، وترك فيها بصمته، ومنها اختراع النظارات والعدسات المُكبرة، كما أنّه استطاع تطوير طريقة قام من خلالها بتحويل قطع الصخور البلوريّة إلى الزجاج، مما سمح بصنع كميات كبيرة من هذه المادة، ولسوء الحظ لم يتمكن التاريخ من نقل كافة أعمال ابن فرناس وعلومه التي طوّرها.[١][٢]

الأخوان رايت

تعريف بالأخوين رايت

الأخوان رايت الأمريكيان هما: الأخ الأكبر ويلبر رايت (Wilbur Wright) الذي ولد في عام 1867م، والأخ الأصغر أورفيل رايت (Orville Wright) الذي ولِد في عام 1871م، والدهما هو ميلتون رايت (Milton Wright)، ووالدتهم هي سوزان كاثرين رايت. تلقّى الأخوان رايت تعليمهم الابتدائي في مدارس عامة، وتنقّلوا كثيراً برفقة عائلتهما إلى العديد من المناطق المُختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كان لديهم طموح كبير وإيمان عميق بأهدافهم مستمد من والدهم، وتعد تلك الشخصية ممّن تتمسك بالمبدأ وتعتبره شيئاً لا يتم التفاوض به، الأمر الذي أثّر على طريقة تعامُل الأخوين رايت مع عملية تسويقهما لاختراعاتهما فيما بعد.[٣]

إطلاق أول طائرة

كان للأخوين رايت الفضل في إطلاق أول طائرة بمُحرك عبر التاريخ، ففي العام 1899م بدأ الأخوان بالعمل على تجاربهم الخاصة التي اعتمدت في بادئ الأمر على قيامهم بالطيران الشراعي عبر مرتفعات ولاية كارولاينا الشمالية، ولكن لم تكن جميع هذه التجارب ناجحة، فعكفوا على تطوير قدرات الطيران الشراعي وحل المشاكل الموجودة فيه كالطيران المُستمِر، وإلى جانب قدرتهم على حل مشاكل الطيارة الشراعية فقد استطاعوا من خلال تجاربهم المُتعددة اكتساب المهارة الكافية للتحكُم بالطائرة في الجو، ثم عملوا على إنشاء أول طائرة تطير بمُحرك في العام 1903م، حيث استطاعوا صناعة مُحرك خاص بطائرتهم التي بلغ طولها حوالي اثني عشر متراً، ووزنها 274 كيلوغراماً، وفي تلك السنة في الرابع عشر من شهر كانون الأول قرر الأخوان البدء بأول رحلة طيران، ففاز الأخ ويلبر بقرعة صاحب الطيران الأول، إلا أنه لم يُقدر لهذه الرحلة أن تتم وذلك لحدوث خلل في الطائرة أثناء إقلاعها.[٤]

بعد بضعة أيام أجرى الأخوان رايت تجربة ثانية للإقلاع بطائرتهم، وكرّروا عملية الطيران أكثر من مرة مع تطورٍ في المسافة في كل مرة، لتُكلل جهودهم بالنجاح.[٤]

إظهار الاختراع للعلن

بدأ الأخوان رايت بمحاولة التسويق لاختراعهم الجديد وتقديمه للعالم وذلك من خلال عرضهِ على ما كان يُعرف بوزارة الحرب في حكومة الولايات المُتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات أو حتى الأشخاص في العديد من الدول الأوروبية، حتى وصلت عروضهم للبيع إلى روسيا، ولكنها قوبلت بالرفض، وبقي هذا الرفض قائماً حتى العام 1907م عندما طلبت إحدى وحدات الجيش الأمريكي طائرة من الأخوين رايت، كما تمّ بيع طائرة أخرى لنقابة رجال الأعمال الفرنسيين في العام 1908م.[٥]

قام الأخوان رايت بإضافة مقعد آخر لطائراتهما وذلك بناء على طلب كل من الجيش الأمريكي والفرنسي، واتجهوا إلى فرنسا لتحطيم الأرقام القياسية في الطيران، وعقِب ذلك بدأ نجم الاخوين رايت بالسطوع كأحد أبرز مشاهير القرن العشرين، وبعد عودتهم من فرنسا أجرى ويلبر أول رحلة طيران عامة في الولايات المتحدة الأمريكية في ميناء نيويورك، وقد تابع هذا التحليق أكثر من مليون مُتفرج من الأمريكيين.[٥]

تطوّر الطائرة بعد الأخوين رايت

لم يتوقف علم صناعة الطائرات وتطويرها على ما صنعه الأخوان رايت، بل استمر تطوير قدرة الطائرات مع مرور الزمن، ففي العام 1911م أجرت طائرة (Wrights ‘Vin Fiz) الطيران لمدة 84 يوماً، تم خلالها الهبوط بالطائرة لصيانتها سبعين مرة، حيث يتم في كل مرة تبديل بعض القطع منها، ولكثرة عدد مرات الصيانة والتبديل التي حدثت في هذه الرحلة فإنه عند انتهاء مسارها في كاليفورنيا لم يكن يوجد عليها من قطعها الأصلية سوى عدد قليل من هذه القطع، ويجدر بالذكر أن هذه الطائرة كانت أول طائرة تعبر الولايات المتحدة الأمريكية.[٦]

مساهمون آخرون في اختراع الطائرة

غوستاف وايتهيد

بالرغم من شيوع معلومة أنّ الأخوين رايت كانا أول من اخترع الطائرة إلا أنّ هنالك أقوال مختلفة، فقد ادّعى غوستاف وايتهيد (بالإنجليزية: Gustave Whitehead) الرجل الألماني الذي هاجر إلى أمريكا عام 1894م أنه طار برحلة جوية على متن طائرته التي تعمل بالمحركات في الرابع عشر من آب/أغسطس عام 1901م، وهذا قبل عامَين من الأخوين رايت، وقال أنه قام برحلات جوية أخرى امتدت لميلين وأخرى لسبعة أميال في كانون الأول/يناير من عام 1902، وتمّ طرح أول مقالات تدعم وايتهيد بأنه أول من قام بالطيران في كتاب نُشر عام 1937م وتم إعادة كتابته عدة مرات، واستندت قضية وايتهيد على مقالات إخبارية، وصورة طائرته رقم 22 في الهواء التي لم يشاهدها أحد منذ عام 1906م، وادعاءات كثيرة منها مؤيدة وأخرى معارضة.[٧]

ألبرتو سانتوس

يقع ألبرتو سانتوس دومون الرجل البرازيلي في المرتبة الرابعة بين مَن يظنّون أنهم أول من اخترع الطائرة، إلّا أن البرازيليين يدّعون أنه أول مَن اخترع الطائرة، فهو أول من حقّق رحلة جوية بطائرة تعمل بالمحركات في أوروبا في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1906م، حيث ارتفع لقرابة 60 متراً على متن طائرته (bis 14)، ثم أجرى محاولة أفضل من الأولى ليصل إلى ارتفاع 220 متراً في الهواء في غضون 21 ثانية، وذلك بعد ثلاثة أعوام مما حققه الأخوان رايت عام 1903م وأقل ارتفاعاً بـ 150 متراً.[٨][٩]

تطوّر اختراع الطائرة

شهدت صناعة الطائرات تطوراً كبيراً مما أدى إلى استخدام الطائرات في المجالات التجارية فضلاً عن العسكرية، وفي أواخر الثلاثينات من القرن العشرين حدث تطور كبير في صناعة الطائرات وتطوّرها، وذلك من خلال ما قام به المُهندسان هانس فون أوهاين الألماني (Hans von Ohain) وفرانك ويتل الإنجليزي (Frank Whittle) من صناعة لنوع جديد من محركات الطائرات يُعرف بالمُحرك النفاث الذي عمل على زيادة سرعة الطائرات وزيادة ارتفاع تحليقها عن مستوى سطح الأرض، فأصبحت بعضها تُحلق على ارتفاعات تتراوح بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف متر.[٦]

تركّز صناعة الطائرات على تطوير محركات جديدة، فتمّ اختراع بعض المحركات التي تعمل بالطاقة الكهربائية المُولدة من مصادر بديلة للطاقة كالخلايا الشمسية وبعض أنواع المكثفات وغيرها من أنواع الطاقة البديلة، ولا تزال صناعة هذا النوع من المُحركات في أطرها الأولية، كما اهتم العلماء بالتوجُه إلى مجال آخر في صناعة الطائرات، وهو ذلك المجال المُستند على صناعة الطائرات التي تعمل بالطاقة الصاروخية، مما يسمح لها بتحقيق سرعات كبيرة جداً والارتفاع لمسافات كبيرة أيضاً، فتصل سرعات الطائرات التي تستخدم هذه التقنية إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، وكانت طائرة Bell X-1 المُصنّعة في العام 1947م أول طائرة تستطيع تخطي سرعة الصوت.[٦]

تاريخ الطيران

أراد الإنسان منذ القِدَم تحقيق حلمه بالطيران بشكل كامل، وأصبح هذا الحلم بمثابة حقيقة وواقع نتيجة للكثير من الجهود التي بُذِلت والتجارب التي تم تطبيقها من قِبَل أشخاص كثر على مرّ التاريخ، وترجع أولى هذه الجهود إلى العام 400 قبل الميلاد عندما قام عالِم الرياضيات والفلك والفيلسوف الإغريقي أولس جيليوس (Aulus Gellius) بتصميم آلة تطير بواسطة محرّك بخاري، ويُقال أن هذه الآلة استطاعت التحليق على ارتفاع 200 متر، وفي القرن التاسع من الميلاد استطاع عباس بن فرناس إنجاح أول محاولة طيران بشرية في التاريخ، واستمرت الجهود والتجارب حتى بعد محاولة ابن فرناس الناجحة بالطيران، وفي العام 1010 للميلاد قام الراهب البريطاني ايلمر بالتزحلق عن أبراج أحد المعابد وباستخدام أداة يقال إنها مكّنته من الارتفاع والتحليق لعلو 200م.[١٠]

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من التجارب التي عملت على تحقيق حلم الطيران وجعله واقعاً عملياً، كتلك التجارب التي قام بها صموئيل لانغلي (Samuel Langley) والتي لم تنجح في تحقيق ما حققه الأخوان رايت.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب Ezad Azraai Jamsari, Ibn Firnas and His Contribution to the Aviation Technology of the World, Page 74. Edited.
  2. ^ أ ب Aisyah Rasdei, (IBN FIRNAS FLYING MACHINE), Page 3. Edited.
  3. Tom D. Crouch, “Wright brothers”، www.britannica.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “1903-The First Flight”, www.nps.gov, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  5. ^ أ ب Darrel Collins, “THE WRIGHT STORY”، www.wright-brothers.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت Mary Bellis (3-7-2019), “The History of Airplanes and Flight”، www.thoughtco.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  7. “The Flight Claims of Gustave Whitehead”, airandspace.si.edu,2013-4-6، Retrieved 2019-12-30. Edited.
  8. “Alberto Santos-Dumont”, invention.psychology.msstate.edu, Retrieved 2019-12-31.Edited.
  9. “Alberto Santos-Dumont”, firstflight.org, Retrieved 2019-12-31. Edited.
  10. “History of Aviation-A Short Review”, www.semanticscholar.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أبرز المساهمين في اختراع الطيران

عباس بن فرناس

يُعد العالِم المُسلم الأندلسي عباس بن فرناس أول من أقدم على تجربة طيران ناجحة عبر التاريخ، ويعتبره البعض “أبو الطيران” نظراً لمساهمته الكبيرة في هذا المجال التي لها دور كبير في فتح باب علوم الطيران على مصراعيه بالنسبة للغرب فيما بعد. ولِد هذا العالِم في مقاطعة ملقا الإسبانية في العام 810م، واسمه الكامل هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني المكنّى بأبي القاسم، ويرجع نسَل عائلته إلى البرابرة، وعلى صعيد حياته العلمية فقد كان ابن فرناس شغوفاً ومهتماً بالكثير من العلوم المختلفة، فقد تعلم علوم الفيزياء والهندسة، ثم تطرّق بعدها إلى علوم الفلك والموسيقى وذلك عندما سافر إلى العراق ليدرس هناك في دار الحكمة.[١][٢]

صنع عباس بن فرناس طائرة شراعية خفاقة (باليونانية: Ornithopter) قام من خلالها بأول عملية طيران ناجحة على الرغم من الهبوط الصعب الذي أدى إلى إصابته بجروح بالغة، وبالرغم من أنّ مجال الطيران كان أهم المجالات التي ترك فيها ابن فرناس أثراً كبيراً، إلا أنه برع في العديد من المجالات الأخرى، وترك فيها بصمته، ومنها اختراع النظارات والعدسات المُكبرة، كما أنّه استطاع تطوير طريقة قام من خلالها بتحويل قطع الصخور البلوريّة إلى الزجاج، مما سمح بصنع كميات كبيرة من هذه المادة، ولسوء الحظ لم يتمكن التاريخ من نقل كافة أعمال ابن فرناس وعلومه التي طوّرها.[١][٢]

الأخوان رايت

تعريف بالأخوين رايت

الأخوان رايت الأمريكيان هما: الأخ الأكبر ويلبر رايت (Wilbur Wright) الذي ولد في عام 1867م، والأخ الأصغر أورفيل رايت (Orville Wright) الذي ولِد في عام 1871م، والدهما هو ميلتون رايت (Milton Wright)، ووالدتهم هي سوزان كاثرين رايت. تلقّى الأخوان رايت تعليمهم الابتدائي في مدارس عامة، وتنقّلوا كثيراً برفقة عائلتهما إلى العديد من المناطق المُختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كان لديهم طموح كبير وإيمان عميق بأهدافهم مستمد من والدهم، وتعد تلك الشخصية ممّن تتمسك بالمبدأ وتعتبره شيئاً لا يتم التفاوض به، الأمر الذي أثّر على طريقة تعامُل الأخوين رايت مع عملية تسويقهما لاختراعاتهما فيما بعد.[٣]

إطلاق أول طائرة

كان للأخوين رايت الفضل في إطلاق أول طائرة بمُحرك عبر التاريخ، ففي العام 1899م بدأ الأخوان بالعمل على تجاربهم الخاصة التي اعتمدت في بادئ الأمر على قيامهم بالطيران الشراعي عبر مرتفعات ولاية كارولاينا الشمالية، ولكن لم تكن جميع هذه التجارب ناجحة، فعكفوا على تطوير قدرات الطيران الشراعي وحل المشاكل الموجودة فيه كالطيران المُستمِر، وإلى جانب قدرتهم على حل مشاكل الطيارة الشراعية فقد استطاعوا من خلال تجاربهم المُتعددة اكتساب المهارة الكافية للتحكُم بالطائرة في الجو، ثم عملوا على إنشاء أول طائرة تطير بمُحرك في العام 1903م، حيث استطاعوا صناعة مُحرك خاص بطائرتهم التي بلغ طولها حوالي اثني عشر متراً، ووزنها 274 كيلوغراماً، وفي تلك السنة في الرابع عشر من شهر كانون الأول قرر الأخوان البدء بأول رحلة طيران، ففاز الأخ ويلبر بقرعة صاحب الطيران الأول، إلا أنه لم يُقدر لهذه الرحلة أن تتم وذلك لحدوث خلل في الطائرة أثناء إقلاعها.[٤]

بعد بضعة أيام أجرى الأخوان رايت تجربة ثانية للإقلاع بطائرتهم، وكرّروا عملية الطيران أكثر من مرة مع تطورٍ في المسافة في كل مرة، لتُكلل جهودهم بالنجاح.[٤]

إظهار الاختراع للعلن

بدأ الأخوان رايت بمحاولة التسويق لاختراعهم الجديد وتقديمه للعالم وذلك من خلال عرضهِ على ما كان يُعرف بوزارة الحرب في حكومة الولايات المُتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات أو حتى الأشخاص في العديد من الدول الأوروبية، حتى وصلت عروضهم للبيع إلى روسيا، ولكنها قوبلت بالرفض، وبقي هذا الرفض قائماً حتى العام 1907م عندما طلبت إحدى وحدات الجيش الأمريكي طائرة من الأخوين رايت، كما تمّ بيع طائرة أخرى لنقابة رجال الأعمال الفرنسيين في العام 1908م.[٥]

قام الأخوان رايت بإضافة مقعد آخر لطائراتهما وذلك بناء على طلب كل من الجيش الأمريكي والفرنسي، واتجهوا إلى فرنسا لتحطيم الأرقام القياسية في الطيران، وعقِب ذلك بدأ نجم الاخوين رايت بالسطوع كأحد أبرز مشاهير القرن العشرين، وبعد عودتهم من فرنسا أجرى ويلبر أول رحلة طيران عامة في الولايات المتحدة الأمريكية في ميناء نيويورك، وقد تابع هذا التحليق أكثر من مليون مُتفرج من الأمريكيين.[٥]

تطوّر الطائرة بعد الأخوين رايت

لم يتوقف علم صناعة الطائرات وتطويرها على ما صنعه الأخوان رايت، بل استمر تطوير قدرة الطائرات مع مرور الزمن، ففي العام 1911م أجرت طائرة (Wrights ‘Vin Fiz) الطيران لمدة 84 يوماً، تم خلالها الهبوط بالطائرة لصيانتها سبعين مرة، حيث يتم في كل مرة تبديل بعض القطع منها، ولكثرة عدد مرات الصيانة والتبديل التي حدثت في هذه الرحلة فإنه عند انتهاء مسارها في كاليفورنيا لم يكن يوجد عليها من قطعها الأصلية سوى عدد قليل من هذه القطع، ويجدر بالذكر أن هذه الطائرة كانت أول طائرة تعبر الولايات المتحدة الأمريكية.[٦]

مساهمون آخرون في اختراع الطائرة

غوستاف وايتهيد

بالرغم من شيوع معلومة أنّ الأخوين رايت كانا أول من اخترع الطائرة إلا أنّ هنالك أقوال مختلفة، فقد ادّعى غوستاف وايتهيد (بالإنجليزية: Gustave Whitehead) الرجل الألماني الذي هاجر إلى أمريكا عام 1894م أنه طار برحلة جوية على متن طائرته التي تعمل بالمحركات في الرابع عشر من آب/أغسطس عام 1901م، وهذا قبل عامَين من الأخوين رايت، وقال أنه قام برحلات جوية أخرى امتدت لميلين وأخرى لسبعة أميال في كانون الأول/يناير من عام 1902، وتمّ طرح أول مقالات تدعم وايتهيد بأنه أول من قام بالطيران في كتاب نُشر عام 1937م وتم إعادة كتابته عدة مرات، واستندت قضية وايتهيد على مقالات إخبارية، وصورة طائرته رقم 22 في الهواء التي لم يشاهدها أحد منذ عام 1906م، وادعاءات كثيرة منها مؤيدة وأخرى معارضة.[٧]

ألبرتو سانتوس

يقع ألبرتو سانتوس دومون الرجل البرازيلي في المرتبة الرابعة بين مَن يظنّون أنهم أول من اخترع الطائرة، إلّا أن البرازيليين يدّعون أنه أول مَن اخترع الطائرة، فهو أول من حقّق رحلة جوية بطائرة تعمل بالمحركات في أوروبا في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1906م، حيث ارتفع لقرابة 60 متراً على متن طائرته (bis 14)، ثم أجرى محاولة أفضل من الأولى ليصل إلى ارتفاع 220 متراً في الهواء في غضون 21 ثانية، وذلك بعد ثلاثة أعوام مما حققه الأخوان رايت عام 1903م وأقل ارتفاعاً بـ 150 متراً.[٨][٩]

تطوّر اختراع الطائرة

شهدت صناعة الطائرات تطوراً كبيراً مما أدى إلى استخدام الطائرات في المجالات التجارية فضلاً عن العسكرية، وفي أواخر الثلاثينات من القرن العشرين حدث تطور كبير في صناعة الطائرات وتطوّرها، وذلك من خلال ما قام به المُهندسان هانس فون أوهاين الألماني (Hans von Ohain) وفرانك ويتل الإنجليزي (Frank Whittle) من صناعة لنوع جديد من محركات الطائرات يُعرف بالمُحرك النفاث الذي عمل على زيادة سرعة الطائرات وزيادة ارتفاع تحليقها عن مستوى سطح الأرض، فأصبحت بعضها تُحلق على ارتفاعات تتراوح بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف متر.[٦]

تركّز صناعة الطائرات على تطوير محركات جديدة، فتمّ اختراع بعض المحركات التي تعمل بالطاقة الكهربائية المُولدة من مصادر بديلة للطاقة كالخلايا الشمسية وبعض أنواع المكثفات وغيرها من أنواع الطاقة البديلة، ولا تزال صناعة هذا النوع من المُحركات في أطرها الأولية، كما اهتم العلماء بالتوجُه إلى مجال آخر في صناعة الطائرات، وهو ذلك المجال المُستند على صناعة الطائرات التي تعمل بالطاقة الصاروخية، مما يسمح لها بتحقيق سرعات كبيرة جداً والارتفاع لمسافات كبيرة أيضاً، فتصل سرعات الطائرات التي تستخدم هذه التقنية إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، وكانت طائرة Bell X-1 المُصنّعة في العام 1947م أول طائرة تستطيع تخطي سرعة الصوت.[٦]

تاريخ الطيران

أراد الإنسان منذ القِدَم تحقيق حلمه بالطيران بشكل كامل، وأصبح هذا الحلم بمثابة حقيقة وواقع نتيجة للكثير من الجهود التي بُذِلت والتجارب التي تم تطبيقها من قِبَل أشخاص كثر على مرّ التاريخ، وترجع أولى هذه الجهود إلى العام 400 قبل الميلاد عندما قام عالِم الرياضيات والفلك والفيلسوف الإغريقي أولس جيليوس (Aulus Gellius) بتصميم آلة تطير بواسطة محرّك بخاري، ويُقال أن هذه الآلة استطاعت التحليق على ارتفاع 200 متر، وفي القرن التاسع من الميلاد استطاع عباس بن فرناس إنجاح أول محاولة طيران بشرية في التاريخ، واستمرت الجهود والتجارب حتى بعد محاولة ابن فرناس الناجحة بالطيران، وفي العام 1010 للميلاد قام الراهب البريطاني ايلمر بالتزحلق عن أبراج أحد المعابد وباستخدام أداة يقال إنها مكّنته من الارتفاع والتحليق لعلو 200م.[١٠]

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من التجارب التي عملت على تحقيق حلم الطيران وجعله واقعاً عملياً، كتلك التجارب التي قام بها صموئيل لانغلي (Samuel Langley) والتي لم تنجح في تحقيق ما حققه الأخوان رايت.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب Ezad Azraai Jamsari, Ibn Firnas and His Contribution to the Aviation Technology of the World, Page 74. Edited.
  2. ^ أ ب Aisyah Rasdei, (IBN FIRNAS FLYING MACHINE), Page 3. Edited.
  3. Tom D. Crouch, “Wright brothers”، www.britannica.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “1903-The First Flight”, www.nps.gov, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  5. ^ أ ب Darrel Collins, “THE WRIGHT STORY”، www.wright-brothers.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت Mary Bellis (3-7-2019), “The History of Airplanes and Flight”، www.thoughtco.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  7. “The Flight Claims of Gustave Whitehead”, airandspace.si.edu,2013-4-6، Retrieved 2019-12-30. Edited.
  8. “Alberto Santos-Dumont”, invention.psychology.msstate.edu, Retrieved 2019-12-31.Edited.
  9. “Alberto Santos-Dumont”, firstflight.org, Retrieved 2019-12-31. Edited.
  10. “History of Aviation-A Short Review”, www.semanticscholar.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أبرز المساهمين في اختراع الطيران

عباس بن فرناس

يُعد العالِم المُسلم الأندلسي عباس بن فرناس أول من أقدم على تجربة طيران ناجحة عبر التاريخ، ويعتبره البعض “أبو الطيران” نظراً لمساهمته الكبيرة في هذا المجال التي لها دور كبير في فتح باب علوم الطيران على مصراعيه بالنسبة للغرب فيما بعد. ولِد هذا العالِم في مقاطعة ملقا الإسبانية في العام 810م، واسمه الكامل هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني المكنّى بأبي القاسم، ويرجع نسَل عائلته إلى البرابرة، وعلى صعيد حياته العلمية فقد كان ابن فرناس شغوفاً ومهتماً بالكثير من العلوم المختلفة، فقد تعلم علوم الفيزياء والهندسة، ثم تطرّق بعدها إلى علوم الفلك والموسيقى وذلك عندما سافر إلى العراق ليدرس هناك في دار الحكمة.[١][٢]

صنع عباس بن فرناس طائرة شراعية خفاقة (باليونانية: Ornithopter) قام من خلالها بأول عملية طيران ناجحة على الرغم من الهبوط الصعب الذي أدى إلى إصابته بجروح بالغة، وبالرغم من أنّ مجال الطيران كان أهم المجالات التي ترك فيها ابن فرناس أثراً كبيراً، إلا أنه برع في العديد من المجالات الأخرى، وترك فيها بصمته، ومنها اختراع النظارات والعدسات المُكبرة، كما أنّه استطاع تطوير طريقة قام من خلالها بتحويل قطع الصخور البلوريّة إلى الزجاج، مما سمح بصنع كميات كبيرة من هذه المادة، ولسوء الحظ لم يتمكن التاريخ من نقل كافة أعمال ابن فرناس وعلومه التي طوّرها.[١][٢]

الأخوان رايت

تعريف بالأخوين رايت

الأخوان رايت الأمريكيان هما: الأخ الأكبر ويلبر رايت (Wilbur Wright) الذي ولد في عام 1867م، والأخ الأصغر أورفيل رايت (Orville Wright) الذي ولِد في عام 1871م، والدهما هو ميلتون رايت (Milton Wright)، ووالدتهم هي سوزان كاثرين رايت. تلقّى الأخوان رايت تعليمهم الابتدائي في مدارس عامة، وتنقّلوا كثيراً برفقة عائلتهما إلى العديد من المناطق المُختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كان لديهم طموح كبير وإيمان عميق بأهدافهم مستمد من والدهم، وتعد تلك الشخصية ممّن تتمسك بالمبدأ وتعتبره شيئاً لا يتم التفاوض به، الأمر الذي أثّر على طريقة تعامُل الأخوين رايت مع عملية تسويقهما لاختراعاتهما فيما بعد.[٣]

إطلاق أول طائرة

كان للأخوين رايت الفضل في إطلاق أول طائرة بمُحرك عبر التاريخ، ففي العام 1899م بدأ الأخوان بالعمل على تجاربهم الخاصة التي اعتمدت في بادئ الأمر على قيامهم بالطيران الشراعي عبر مرتفعات ولاية كارولاينا الشمالية، ولكن لم تكن جميع هذه التجارب ناجحة، فعكفوا على تطوير قدرات الطيران الشراعي وحل المشاكل الموجودة فيه كالطيران المُستمِر، وإلى جانب قدرتهم على حل مشاكل الطيارة الشراعية فقد استطاعوا من خلال تجاربهم المُتعددة اكتساب المهارة الكافية للتحكُم بالطائرة في الجو، ثم عملوا على إنشاء أول طائرة تطير بمُحرك في العام 1903م، حيث استطاعوا صناعة مُحرك خاص بطائرتهم التي بلغ طولها حوالي اثني عشر متراً، ووزنها 274 كيلوغراماً، وفي تلك السنة في الرابع عشر من شهر كانون الأول قرر الأخوان البدء بأول رحلة طيران، ففاز الأخ ويلبر بقرعة صاحب الطيران الأول، إلا أنه لم يُقدر لهذه الرحلة أن تتم وذلك لحدوث خلل في الطائرة أثناء إقلاعها.[٤]

بعد بضعة أيام أجرى الأخوان رايت تجربة ثانية للإقلاع بطائرتهم، وكرّروا عملية الطيران أكثر من مرة مع تطورٍ في المسافة في كل مرة، لتُكلل جهودهم بالنجاح.[٤]

إظهار الاختراع للعلن

بدأ الأخوان رايت بمحاولة التسويق لاختراعهم الجديد وتقديمه للعالم وذلك من خلال عرضهِ على ما كان يُعرف بوزارة الحرب في حكومة الولايات المُتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات أو حتى الأشخاص في العديد من الدول الأوروبية، حتى وصلت عروضهم للبيع إلى روسيا، ولكنها قوبلت بالرفض، وبقي هذا الرفض قائماً حتى العام 1907م عندما طلبت إحدى وحدات الجيش الأمريكي طائرة من الأخوين رايت، كما تمّ بيع طائرة أخرى لنقابة رجال الأعمال الفرنسيين في العام 1908م.[٥]

قام الأخوان رايت بإضافة مقعد آخر لطائراتهما وذلك بناء على طلب كل من الجيش الأمريكي والفرنسي، واتجهوا إلى فرنسا لتحطيم الأرقام القياسية في الطيران، وعقِب ذلك بدأ نجم الاخوين رايت بالسطوع كأحد أبرز مشاهير القرن العشرين، وبعد عودتهم من فرنسا أجرى ويلبر أول رحلة طيران عامة في الولايات المتحدة الأمريكية في ميناء نيويورك، وقد تابع هذا التحليق أكثر من مليون مُتفرج من الأمريكيين.[٥]

تطوّر الطائرة بعد الأخوين رايت

لم يتوقف علم صناعة الطائرات وتطويرها على ما صنعه الأخوان رايت، بل استمر تطوير قدرة الطائرات مع مرور الزمن، ففي العام 1911م أجرت طائرة (Wrights ‘Vin Fiz) الطيران لمدة 84 يوماً، تم خلالها الهبوط بالطائرة لصيانتها سبعين مرة، حيث يتم في كل مرة تبديل بعض القطع منها، ولكثرة عدد مرات الصيانة والتبديل التي حدثت في هذه الرحلة فإنه عند انتهاء مسارها في كاليفورنيا لم يكن يوجد عليها من قطعها الأصلية سوى عدد قليل من هذه القطع، ويجدر بالذكر أن هذه الطائرة كانت أول طائرة تعبر الولايات المتحدة الأمريكية.[٦]

مساهمون آخرون في اختراع الطائرة

غوستاف وايتهيد

بالرغم من شيوع معلومة أنّ الأخوين رايت كانا أول من اخترع الطائرة إلا أنّ هنالك أقوال مختلفة، فقد ادّعى غوستاف وايتهيد (بالإنجليزية: Gustave Whitehead) الرجل الألماني الذي هاجر إلى أمريكا عام 1894م أنه طار برحلة جوية على متن طائرته التي تعمل بالمحركات في الرابع عشر من آب/أغسطس عام 1901م، وهذا قبل عامَين من الأخوين رايت، وقال أنه قام برحلات جوية أخرى امتدت لميلين وأخرى لسبعة أميال في كانون الأول/يناير من عام 1902، وتمّ طرح أول مقالات تدعم وايتهيد بأنه أول من قام بالطيران في كتاب نُشر عام 1937م وتم إعادة كتابته عدة مرات، واستندت قضية وايتهيد على مقالات إخبارية، وصورة طائرته رقم 22 في الهواء التي لم يشاهدها أحد منذ عام 1906م، وادعاءات كثيرة منها مؤيدة وأخرى معارضة.[٧]

ألبرتو سانتوس

يقع ألبرتو سانتوس دومون الرجل البرازيلي في المرتبة الرابعة بين مَن يظنّون أنهم أول من اخترع الطائرة، إلّا أن البرازيليين يدّعون أنه أول مَن اخترع الطائرة، فهو أول من حقّق رحلة جوية بطائرة تعمل بالمحركات في أوروبا في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1906م، حيث ارتفع لقرابة 60 متراً على متن طائرته (bis 14)، ثم أجرى محاولة أفضل من الأولى ليصل إلى ارتفاع 220 متراً في الهواء في غضون 21 ثانية، وذلك بعد ثلاثة أعوام مما حققه الأخوان رايت عام 1903م وأقل ارتفاعاً بـ 150 متراً.[٨][٩]

تطوّر اختراع الطائرة

شهدت صناعة الطائرات تطوراً كبيراً مما أدى إلى استخدام الطائرات في المجالات التجارية فضلاً عن العسكرية، وفي أواخر الثلاثينات من القرن العشرين حدث تطور كبير في صناعة الطائرات وتطوّرها، وذلك من خلال ما قام به المُهندسان هانس فون أوهاين الألماني (Hans von Ohain) وفرانك ويتل الإنجليزي (Frank Whittle) من صناعة لنوع جديد من محركات الطائرات يُعرف بالمُحرك النفاث الذي عمل على زيادة سرعة الطائرات وزيادة ارتفاع تحليقها عن مستوى سطح الأرض، فأصبحت بعضها تُحلق على ارتفاعات تتراوح بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف متر.[٦]

تركّز صناعة الطائرات على تطوير محركات جديدة، فتمّ اختراع بعض المحركات التي تعمل بالطاقة الكهربائية المُولدة من مصادر بديلة للطاقة كالخلايا الشمسية وبعض أنواع المكثفات وغيرها من أنواع الطاقة البديلة، ولا تزال صناعة هذا النوع من المُحركات في أطرها الأولية، كما اهتم العلماء بالتوجُه إلى مجال آخر في صناعة الطائرات، وهو ذلك المجال المُستند على صناعة الطائرات التي تعمل بالطاقة الصاروخية، مما يسمح لها بتحقيق سرعات كبيرة جداً والارتفاع لمسافات كبيرة أيضاً، فتصل سرعات الطائرات التي تستخدم هذه التقنية إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، وكانت طائرة Bell X-1 المُصنّعة في العام 1947م أول طائرة تستطيع تخطي سرعة الصوت.[٦]

تاريخ الطيران

أراد الإنسان منذ القِدَم تحقيق حلمه بالطيران بشكل كامل، وأصبح هذا الحلم بمثابة حقيقة وواقع نتيجة للكثير من الجهود التي بُذِلت والتجارب التي تم تطبيقها من قِبَل أشخاص كثر على مرّ التاريخ، وترجع أولى هذه الجهود إلى العام 400 قبل الميلاد عندما قام عالِم الرياضيات والفلك والفيلسوف الإغريقي أولس جيليوس (Aulus Gellius) بتصميم آلة تطير بواسطة محرّك بخاري، ويُقال أن هذه الآلة استطاعت التحليق على ارتفاع 200 متر، وفي القرن التاسع من الميلاد استطاع عباس بن فرناس إنجاح أول محاولة طيران بشرية في التاريخ، واستمرت الجهود والتجارب حتى بعد محاولة ابن فرناس الناجحة بالطيران، وفي العام 1010 للميلاد قام الراهب البريطاني ايلمر بالتزحلق عن أبراج أحد المعابد وباستخدام أداة يقال إنها مكّنته من الارتفاع والتحليق لعلو 200م.[١٠]

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من التجارب التي عملت على تحقيق حلم الطيران وجعله واقعاً عملياً، كتلك التجارب التي قام بها صموئيل لانغلي (Samuel Langley) والتي لم تنجح في تحقيق ما حققه الأخوان رايت.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب Ezad Azraai Jamsari, Ibn Firnas and His Contribution to the Aviation Technology of the World, Page 74. Edited.
  2. ^ أ ب Aisyah Rasdei, (IBN FIRNAS FLYING MACHINE), Page 3. Edited.
  3. Tom D. Crouch, “Wright brothers”، www.britannica.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “1903-The First Flight”, www.nps.gov, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  5. ^ أ ب Darrel Collins, “THE WRIGHT STORY”، www.wright-brothers.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت Mary Bellis (3-7-2019), “The History of Airplanes and Flight”، www.thoughtco.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  7. “The Flight Claims of Gustave Whitehead”, airandspace.si.edu,2013-4-6، Retrieved 2019-12-30. Edited.
  8. “Alberto Santos-Dumont”, invention.psychology.msstate.edu, Retrieved 2019-12-31.Edited.
  9. “Alberto Santos-Dumont”, firstflight.org, Retrieved 2019-12-31. Edited.
  10. “History of Aviation-A Short Review”, www.semanticscholar.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

أبرز المساهمين في اختراع الطيران

عباس بن فرناس

يُعد العالِم المُسلم الأندلسي عباس بن فرناس أول من أقدم على تجربة طيران ناجحة عبر التاريخ، ويعتبره البعض “أبو الطيران” نظراً لمساهمته الكبيرة في هذا المجال التي لها دور كبير في فتح باب علوم الطيران على مصراعيه بالنسبة للغرب فيما بعد. ولِد هذا العالِم في مقاطعة ملقا الإسبانية في العام 810م، واسمه الكامل هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني المكنّى بأبي القاسم، ويرجع نسَل عائلته إلى البرابرة، وعلى صعيد حياته العلمية فقد كان ابن فرناس شغوفاً ومهتماً بالكثير من العلوم المختلفة، فقد تعلم علوم الفيزياء والهندسة، ثم تطرّق بعدها إلى علوم الفلك والموسيقى وذلك عندما سافر إلى العراق ليدرس هناك في دار الحكمة.[١][٢]

صنع عباس بن فرناس طائرة شراعية خفاقة (باليونانية: Ornithopter) قام من خلالها بأول عملية طيران ناجحة على الرغم من الهبوط الصعب الذي أدى إلى إصابته بجروح بالغة، وبالرغم من أنّ مجال الطيران كان أهم المجالات التي ترك فيها ابن فرناس أثراً كبيراً، إلا أنه برع في العديد من المجالات الأخرى، وترك فيها بصمته، ومنها اختراع النظارات والعدسات المُكبرة، كما أنّه استطاع تطوير طريقة قام من خلالها بتحويل قطع الصخور البلوريّة إلى الزجاج، مما سمح بصنع كميات كبيرة من هذه المادة، ولسوء الحظ لم يتمكن التاريخ من نقل كافة أعمال ابن فرناس وعلومه التي طوّرها.[١][٢]

الأخوان رايت

تعريف بالأخوين رايت

الأخوان رايت الأمريكيان هما: الأخ الأكبر ويلبر رايت (Wilbur Wright) الذي ولد في عام 1867م، والأخ الأصغر أورفيل رايت (Orville Wright) الذي ولِد في عام 1871م، والدهما هو ميلتون رايت (Milton Wright)، ووالدتهم هي سوزان كاثرين رايت. تلقّى الأخوان رايت تعليمهم الابتدائي في مدارس عامة، وتنقّلوا كثيراً برفقة عائلتهما إلى العديد من المناطق المُختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كان لديهم طموح كبير وإيمان عميق بأهدافهم مستمد من والدهم، وتعد تلك الشخصية ممّن تتمسك بالمبدأ وتعتبره شيئاً لا يتم التفاوض به، الأمر الذي أثّر على طريقة تعامُل الأخوين رايت مع عملية تسويقهما لاختراعاتهما فيما بعد.[٣]

إطلاق أول طائرة

كان للأخوين رايت الفضل في إطلاق أول طائرة بمُحرك عبر التاريخ، ففي العام 1899م بدأ الأخوان بالعمل على تجاربهم الخاصة التي اعتمدت في بادئ الأمر على قيامهم بالطيران الشراعي عبر مرتفعات ولاية كارولاينا الشمالية، ولكن لم تكن جميع هذه التجارب ناجحة، فعكفوا على تطوير قدرات الطيران الشراعي وحل المشاكل الموجودة فيه كالطيران المُستمِر، وإلى جانب قدرتهم على حل مشاكل الطيارة الشراعية فقد استطاعوا من خلال تجاربهم المُتعددة اكتساب المهارة الكافية للتحكُم بالطائرة في الجو، ثم عملوا على إنشاء أول طائرة تطير بمُحرك في العام 1903م، حيث استطاعوا صناعة مُحرك خاص بطائرتهم التي بلغ طولها حوالي اثني عشر متراً، ووزنها 274 كيلوغراماً، وفي تلك السنة في الرابع عشر من شهر كانون الأول قرر الأخوان البدء بأول رحلة طيران، ففاز الأخ ويلبر بقرعة صاحب الطيران الأول، إلا أنه لم يُقدر لهذه الرحلة أن تتم وذلك لحدوث خلل في الطائرة أثناء إقلاعها.[٤]

بعد بضعة أيام أجرى الأخوان رايت تجربة ثانية للإقلاع بطائرتهم، وكرّروا عملية الطيران أكثر من مرة مع تطورٍ في المسافة في كل مرة، لتُكلل جهودهم بالنجاح.[٤]

إظهار الاختراع للعلن

بدأ الأخوان رايت بمحاولة التسويق لاختراعهم الجديد وتقديمه للعالم وذلك من خلال عرضهِ على ما كان يُعرف بوزارة الحرب في حكومة الولايات المُتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات أو حتى الأشخاص في العديد من الدول الأوروبية، حتى وصلت عروضهم للبيع إلى روسيا، ولكنها قوبلت بالرفض، وبقي هذا الرفض قائماً حتى العام 1907م عندما طلبت إحدى وحدات الجيش الأمريكي طائرة من الأخوين رايت، كما تمّ بيع طائرة أخرى لنقابة رجال الأعمال الفرنسيين في العام 1908م.[٥]

قام الأخوان رايت بإضافة مقعد آخر لطائراتهما وذلك بناء على طلب كل من الجيش الأمريكي والفرنسي، واتجهوا إلى فرنسا لتحطيم الأرقام القياسية في الطيران، وعقِب ذلك بدأ نجم الاخوين رايت بالسطوع كأحد أبرز مشاهير القرن العشرين، وبعد عودتهم من فرنسا أجرى ويلبر أول رحلة طيران عامة في الولايات المتحدة الأمريكية في ميناء نيويورك، وقد تابع هذا التحليق أكثر من مليون مُتفرج من الأمريكيين.[٥]

تطوّر الطائرة بعد الأخوين رايت

لم يتوقف علم صناعة الطائرات وتطويرها على ما صنعه الأخوان رايت، بل استمر تطوير قدرة الطائرات مع مرور الزمن، ففي العام 1911م أجرت طائرة (Wrights ‘Vin Fiz) الطيران لمدة 84 يوماً، تم خلالها الهبوط بالطائرة لصيانتها سبعين مرة، حيث يتم في كل مرة تبديل بعض القطع منها، ولكثرة عدد مرات الصيانة والتبديل التي حدثت في هذه الرحلة فإنه عند انتهاء مسارها في كاليفورنيا لم يكن يوجد عليها من قطعها الأصلية سوى عدد قليل من هذه القطع، ويجدر بالذكر أن هذه الطائرة كانت أول طائرة تعبر الولايات المتحدة الأمريكية.[٦]

مساهمون آخرون في اختراع الطائرة

غوستاف وايتهيد

بالرغم من شيوع معلومة أنّ الأخوين رايت كانا أول من اخترع الطائرة إلا أنّ هنالك أقوال مختلفة، فقد ادّعى غوستاف وايتهيد (بالإنجليزية: Gustave Whitehead) الرجل الألماني الذي هاجر إلى أمريكا عام 1894م أنه طار برحلة جوية على متن طائرته التي تعمل بالمحركات في الرابع عشر من آب/أغسطس عام 1901م، وهذا قبل عامَين من الأخوين رايت، وقال أنه قام برحلات جوية أخرى امتدت لميلين وأخرى لسبعة أميال في كانون الأول/يناير من عام 1902، وتمّ طرح أول مقالات تدعم وايتهيد بأنه أول من قام بالطيران في كتاب نُشر عام 1937م وتم إعادة كتابته عدة مرات، واستندت قضية وايتهيد على مقالات إخبارية، وصورة طائرته رقم 22 في الهواء التي لم يشاهدها أحد منذ عام 1906م، وادعاءات كثيرة منها مؤيدة وأخرى معارضة.[٧]

ألبرتو سانتوس

يقع ألبرتو سانتوس دومون الرجل البرازيلي في المرتبة الرابعة بين مَن يظنّون أنهم أول من اخترع الطائرة، إلّا أن البرازيليين يدّعون أنه أول مَن اخترع الطائرة، فهو أول من حقّق رحلة جوية بطائرة تعمل بالمحركات في أوروبا في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1906م، حيث ارتفع لقرابة 60 متراً على متن طائرته (bis 14)، ثم أجرى محاولة أفضل من الأولى ليصل إلى ارتفاع 220 متراً في الهواء في غضون 21 ثانية، وذلك بعد ثلاثة أعوام مما حققه الأخوان رايت عام 1903م وأقل ارتفاعاً بـ 150 متراً.[٨][٩]

تطوّر اختراع الطائرة

شهدت صناعة الطائرات تطوراً كبيراً مما أدى إلى استخدام الطائرات في المجالات التجارية فضلاً عن العسكرية، وفي أواخر الثلاثينات من القرن العشرين حدث تطور كبير في صناعة الطائرات وتطوّرها، وذلك من خلال ما قام به المُهندسان هانس فون أوهاين الألماني (Hans von Ohain) وفرانك ويتل الإنجليزي (Frank Whittle) من صناعة لنوع جديد من محركات الطائرات يُعرف بالمُحرك النفاث الذي عمل على زيادة سرعة الطائرات وزيادة ارتفاع تحليقها عن مستوى سطح الأرض، فأصبحت بعضها تُحلق على ارتفاعات تتراوح بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف متر.[٦]

تركّز صناعة الطائرات على تطوير محركات جديدة، فتمّ اختراع بعض المحركات التي تعمل بالطاقة الكهربائية المُولدة من مصادر بديلة للطاقة كالخلايا الشمسية وبعض أنواع المكثفات وغيرها من أنواع الطاقة البديلة، ولا تزال صناعة هذا النوع من المُحركات في أطرها الأولية، كما اهتم العلماء بالتوجُه إلى مجال آخر في صناعة الطائرات، وهو ذلك المجال المُستند على صناعة الطائرات التي تعمل بالطاقة الصاروخية، مما يسمح لها بتحقيق سرعات كبيرة جداً والارتفاع لمسافات كبيرة أيضاً، فتصل سرعات الطائرات التي تستخدم هذه التقنية إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، وكانت طائرة Bell X-1 المُصنّعة في العام 1947م أول طائرة تستطيع تخطي سرعة الصوت.[٦]

تاريخ الطيران

أراد الإنسان منذ القِدَم تحقيق حلمه بالطيران بشكل كامل، وأصبح هذا الحلم بمثابة حقيقة وواقع نتيجة للكثير من الجهود التي بُذِلت والتجارب التي تم تطبيقها من قِبَل أشخاص كثر على مرّ التاريخ، وترجع أولى هذه الجهود إلى العام 400 قبل الميلاد عندما قام عالِم الرياضيات والفلك والفيلسوف الإغريقي أولس جيليوس (Aulus Gellius) بتصميم آلة تطير بواسطة محرّك بخاري، ويُقال أن هذه الآلة استطاعت التحليق على ارتفاع 200 متر، وفي القرن التاسع من الميلاد استطاع عباس بن فرناس إنجاح أول محاولة طيران بشرية في التاريخ، واستمرت الجهود والتجارب حتى بعد محاولة ابن فرناس الناجحة بالطيران، وفي العام 1010 للميلاد قام الراهب البريطاني ايلمر بالتزحلق عن أبراج أحد المعابد وباستخدام أداة يقال إنها مكّنته من الارتفاع والتحليق لعلو 200م.[١٠]

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من التجارب التي عملت على تحقيق حلم الطيران وجعله واقعاً عملياً، كتلك التجارب التي قام بها صموئيل لانغلي (Samuel Langley) والتي لم تنجح في تحقيق ما حققه الأخوان رايت.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب Ezad Azraai Jamsari, Ibn Firnas and His Contribution to the Aviation Technology of the World, Page 74. Edited.
  2. ^ أ ب Aisyah Rasdei, (IBN FIRNAS FLYING MACHINE), Page 3. Edited.
  3. Tom D. Crouch, “Wright brothers”، www.britannica.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “1903-The First Flight”, www.nps.gov, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  5. ^ أ ب Darrel Collins, “THE WRIGHT STORY”، www.wright-brothers.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت Mary Bellis (3-7-2019), “The History of Airplanes and Flight”، www.thoughtco.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  7. “The Flight Claims of Gustave Whitehead”, airandspace.si.edu,2013-4-6، Retrieved 2019-12-30. Edited.
  8. “Alberto Santos-Dumont”, invention.psychology.msstate.edu, Retrieved 2019-12-31.Edited.
  9. “Alberto Santos-Dumont”, firstflight.org, Retrieved 2019-12-31. Edited.
  10. “History of Aviation-A Short Review”, www.semanticscholar.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

أبرز المساهمين في اختراع الطيران

عباس بن فرناس

يُعد العالِم المُسلم الأندلسي عباس بن فرناس أول من أقدم على تجربة طيران ناجحة عبر التاريخ، ويعتبره البعض “أبو الطيران” نظراً لمساهمته الكبيرة في هذا المجال التي لها دور كبير في فتح باب علوم الطيران على مصراعيه بالنسبة للغرب فيما بعد. ولِد هذا العالِم في مقاطعة ملقا الإسبانية في العام 810م، واسمه الكامل هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرني المكنّى بأبي القاسم، ويرجع نسَل عائلته إلى البرابرة، وعلى صعيد حياته العلمية فقد كان ابن فرناس شغوفاً ومهتماً بالكثير من العلوم المختلفة، فقد تعلم علوم الفيزياء والهندسة، ثم تطرّق بعدها إلى علوم الفلك والموسيقى وذلك عندما سافر إلى العراق ليدرس هناك في دار الحكمة.[١][٢]

صنع عباس بن فرناس طائرة شراعية خفاقة (باليونانية: Ornithopter) قام من خلالها بأول عملية طيران ناجحة على الرغم من الهبوط الصعب الذي أدى إلى إصابته بجروح بالغة، وبالرغم من أنّ مجال الطيران كان أهم المجالات التي ترك فيها ابن فرناس أثراً كبيراً، إلا أنه برع في العديد من المجالات الأخرى، وترك فيها بصمته، ومنها اختراع النظارات والعدسات المُكبرة، كما أنّه استطاع تطوير طريقة قام من خلالها بتحويل قطع الصخور البلوريّة إلى الزجاج، مما سمح بصنع كميات كبيرة من هذه المادة، ولسوء الحظ لم يتمكن التاريخ من نقل كافة أعمال ابن فرناس وعلومه التي طوّرها.[١][٢]

الأخوان رايت

تعريف بالأخوين رايت

الأخوان رايت الأمريكيان هما: الأخ الأكبر ويلبر رايت (Wilbur Wright) الذي ولد في عام 1867م، والأخ الأصغر أورفيل رايت (Orville Wright) الذي ولِد في عام 1871م، والدهما هو ميلتون رايت (Milton Wright)، ووالدتهم هي سوزان كاثرين رايت. تلقّى الأخوان رايت تعليمهم الابتدائي في مدارس عامة، وتنقّلوا كثيراً برفقة عائلتهما إلى العديد من المناطق المُختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، كان لديهم طموح كبير وإيمان عميق بأهدافهم مستمد من والدهم، وتعد تلك الشخصية ممّن تتمسك بالمبدأ وتعتبره شيئاً لا يتم التفاوض به، الأمر الذي أثّر على طريقة تعامُل الأخوين رايت مع عملية تسويقهما لاختراعاتهما فيما بعد.[٣]

إطلاق أول طائرة

كان للأخوين رايت الفضل في إطلاق أول طائرة بمُحرك عبر التاريخ، ففي العام 1899م بدأ الأخوان بالعمل على تجاربهم الخاصة التي اعتمدت في بادئ الأمر على قيامهم بالطيران الشراعي عبر مرتفعات ولاية كارولاينا الشمالية، ولكن لم تكن جميع هذه التجارب ناجحة، فعكفوا على تطوير قدرات الطيران الشراعي وحل المشاكل الموجودة فيه كالطيران المُستمِر، وإلى جانب قدرتهم على حل مشاكل الطيارة الشراعية فقد استطاعوا من خلال تجاربهم المُتعددة اكتساب المهارة الكافية للتحكُم بالطائرة في الجو، ثم عملوا على إنشاء أول طائرة تطير بمُحرك في العام 1903م، حيث استطاعوا صناعة مُحرك خاص بطائرتهم التي بلغ طولها حوالي اثني عشر متراً، ووزنها 274 كيلوغراماً، وفي تلك السنة في الرابع عشر من شهر كانون الأول قرر الأخوان البدء بأول رحلة طيران، ففاز الأخ ويلبر بقرعة صاحب الطيران الأول، إلا أنه لم يُقدر لهذه الرحلة أن تتم وذلك لحدوث خلل في الطائرة أثناء إقلاعها.[٤]

بعد بضعة أيام أجرى الأخوان رايت تجربة ثانية للإقلاع بطائرتهم، وكرّروا عملية الطيران أكثر من مرة مع تطورٍ في المسافة في كل مرة، لتُكلل جهودهم بالنجاح.[٤]

إظهار الاختراع للعلن

بدأ الأخوان رايت بمحاولة التسويق لاختراعهم الجديد وتقديمه للعالم وذلك من خلال عرضهِ على ما كان يُعرف بوزارة الحرب في حكومة الولايات المُتحدة الأمريكية وغيرها من الحكومات أو حتى الأشخاص في العديد من الدول الأوروبية، حتى وصلت عروضهم للبيع إلى روسيا، ولكنها قوبلت بالرفض، وبقي هذا الرفض قائماً حتى العام 1907م عندما طلبت إحدى وحدات الجيش الأمريكي طائرة من الأخوين رايت، كما تمّ بيع طائرة أخرى لنقابة رجال الأعمال الفرنسيين في العام 1908م.[٥]

قام الأخوان رايت بإضافة مقعد آخر لطائراتهما وذلك بناء على طلب كل من الجيش الأمريكي والفرنسي، واتجهوا إلى فرنسا لتحطيم الأرقام القياسية في الطيران، وعقِب ذلك بدأ نجم الاخوين رايت بالسطوع كأحد أبرز مشاهير القرن العشرين، وبعد عودتهم من فرنسا أجرى ويلبر أول رحلة طيران عامة في الولايات المتحدة الأمريكية في ميناء نيويورك، وقد تابع هذا التحليق أكثر من مليون مُتفرج من الأمريكيين.[٥]

تطوّر الطائرة بعد الأخوين رايت

لم يتوقف علم صناعة الطائرات وتطويرها على ما صنعه الأخوان رايت، بل استمر تطوير قدرة الطائرات مع مرور الزمن، ففي العام 1911م أجرت طائرة (Wrights ‘Vin Fiz) الطيران لمدة 84 يوماً، تم خلالها الهبوط بالطائرة لصيانتها سبعين مرة، حيث يتم في كل مرة تبديل بعض القطع منها، ولكثرة عدد مرات الصيانة والتبديل التي حدثت في هذه الرحلة فإنه عند انتهاء مسارها في كاليفورنيا لم يكن يوجد عليها من قطعها الأصلية سوى عدد قليل من هذه القطع، ويجدر بالذكر أن هذه الطائرة كانت أول طائرة تعبر الولايات المتحدة الأمريكية.[٦]

مساهمون آخرون في اختراع الطائرة

غوستاف وايتهيد

بالرغم من شيوع معلومة أنّ الأخوين رايت كانا أول من اخترع الطائرة إلا أنّ هنالك أقوال مختلفة، فقد ادّعى غوستاف وايتهيد (بالإنجليزية: Gustave Whitehead) الرجل الألماني الذي هاجر إلى أمريكا عام 1894م أنه طار برحلة جوية على متن طائرته التي تعمل بالمحركات في الرابع عشر من آب/أغسطس عام 1901م، وهذا قبل عامَين من الأخوين رايت، وقال أنه قام برحلات جوية أخرى امتدت لميلين وأخرى لسبعة أميال في كانون الأول/يناير من عام 1902، وتمّ طرح أول مقالات تدعم وايتهيد بأنه أول من قام بالطيران في كتاب نُشر عام 1937م وتم إعادة كتابته عدة مرات، واستندت قضية وايتهيد على مقالات إخبارية، وصورة طائرته رقم 22 في الهواء التي لم يشاهدها أحد منذ عام 1906م، وادعاءات كثيرة منها مؤيدة وأخرى معارضة.[٧]

ألبرتو سانتوس

يقع ألبرتو سانتوس دومون الرجل البرازيلي في المرتبة الرابعة بين مَن يظنّون أنهم أول من اخترع الطائرة، إلّا أن البرازيليين يدّعون أنه أول مَن اخترع الطائرة، فهو أول من حقّق رحلة جوية بطائرة تعمل بالمحركات في أوروبا في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1906م، حيث ارتفع لقرابة 60 متراً على متن طائرته (bis 14)، ثم أجرى محاولة أفضل من الأولى ليصل إلى ارتفاع 220 متراً في الهواء في غضون 21 ثانية، وذلك بعد ثلاثة أعوام مما حققه الأخوان رايت عام 1903م وأقل ارتفاعاً بـ 150 متراً.[٨][٩]

تطوّر اختراع الطائرة

شهدت صناعة الطائرات تطوراً كبيراً مما أدى إلى استخدام الطائرات في المجالات التجارية فضلاً عن العسكرية، وفي أواخر الثلاثينات من القرن العشرين حدث تطور كبير في صناعة الطائرات وتطوّرها، وذلك من خلال ما قام به المُهندسان هانس فون أوهاين الألماني (Hans von Ohain) وفرانك ويتل الإنجليزي (Frank Whittle) من صناعة لنوع جديد من محركات الطائرات يُعرف بالمُحرك النفاث الذي عمل على زيادة سرعة الطائرات وزيادة ارتفاع تحليقها عن مستوى سطح الأرض، فأصبحت بعضها تُحلق على ارتفاعات تتراوح بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف متر.[٦]

تركّز صناعة الطائرات على تطوير محركات جديدة، فتمّ اختراع بعض المحركات التي تعمل بالطاقة الكهربائية المُولدة من مصادر بديلة للطاقة كالخلايا الشمسية وبعض أنواع المكثفات وغيرها من أنواع الطاقة البديلة، ولا تزال صناعة هذا النوع من المُحركات في أطرها الأولية، كما اهتم العلماء بالتوجُه إلى مجال آخر في صناعة الطائرات، وهو ذلك المجال المُستند على صناعة الطائرات التي تعمل بالطاقة الصاروخية، مما يسمح لها بتحقيق سرعات كبيرة جداً والارتفاع لمسافات كبيرة أيضاً، فتصل سرعات الطائرات التي تستخدم هذه التقنية إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، وكانت طائرة Bell X-1 المُصنّعة في العام 1947م أول طائرة تستطيع تخطي سرعة الصوت.[٦]

تاريخ الطيران

أراد الإنسان منذ القِدَم تحقيق حلمه بالطيران بشكل كامل، وأصبح هذا الحلم بمثابة حقيقة وواقع نتيجة للكثير من الجهود التي بُذِلت والتجارب التي تم تطبيقها من قِبَل أشخاص كثر على مرّ التاريخ، وترجع أولى هذه الجهود إلى العام 400 قبل الميلاد عندما قام عالِم الرياضيات والفلك والفيلسوف الإغريقي أولس جيليوس (Aulus Gellius) بتصميم آلة تطير بواسطة محرّك بخاري، ويُقال أن هذه الآلة استطاعت التحليق على ارتفاع 200 متر، وفي القرن التاسع من الميلاد استطاع عباس بن فرناس إنجاح أول محاولة طيران بشرية في التاريخ، واستمرت الجهود والتجارب حتى بعد محاولة ابن فرناس الناجحة بالطيران، وفي العام 1010 للميلاد قام الراهب البريطاني ايلمر بالتزحلق عن أبراج أحد المعابد وباستخدام أداة يقال إنها مكّنته من الارتفاع والتحليق لعلو 200م.[١٠]

ولا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من التجارب التي عملت على تحقيق حلم الطيران وجعله واقعاً عملياً، كتلك التجارب التي قام بها صموئيل لانغلي (Samuel Langley) والتي لم تنجح في تحقيق ما حققه الأخوان رايت.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب Ezad Azraai Jamsari, Ibn Firnas and His Contribution to the Aviation Technology of the World, Page 74. Edited.
  2. ^ أ ب Aisyah Rasdei, (IBN FIRNAS FLYING MACHINE), Page 3. Edited.
  3. Tom D. Crouch, “Wright brothers”، www.britannica.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “1903-The First Flight”, www.nps.gov, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  5. ^ أ ب Darrel Collins, “THE WRIGHT STORY”، www.wright-brothers.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت Mary Bellis (3-7-2019), “The History of Airplanes and Flight”، www.thoughtco.com, Retrieved 6-11-2019. Edited.
  7. “The Flight Claims of Gustave Whitehead”, airandspace.si.edu,2013-4-6، Retrieved 2019-12-30. Edited.
  8. “Alberto Santos-Dumont”, invention.psychology.msstate.edu, Retrieved 2019-12-31.Edited.
  9. “Alberto Santos-Dumont”, firstflight.org, Retrieved 2019-12-31. Edited.
  10. “History of Aviation-A Short Review”, www.semanticscholar.org, Retrieved 6-11-2019. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى