'); }
إنّ من أجلّ الأعمال وأفضلها عند الله تعالى الذّكر، فالذّكر هو من صفات المؤمنين المتّقين؛ حيث وصفهم الله تعالى في كتابه بأنّهم يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، فهم دائمًا على اتصال بربّهم جلّ وعلا من خلال الصّلاة والذّكر الذي لا ينقطع، وقد بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم فضيلة الذّكر حينما أوصى رجلًا أتاه يطلب النّصيحة والإرشاد بقوله لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله تعالى، كما أنّ الملائكة إذا وجدت حلقةً من حلقات الذّكر والعلم حفّتها بأجنحتها وغشيتها السّكينة والرّحمة من عند الله تعالى، ويذكرهم الله فيمن عنده ويباهي بهم ملائكته.
وإنّ الذّكر قد يشتمل على العلم والمذاكرة؛ حيث يجتمع المسلمون أحيانًا في حلقاتٍ يتذاكرون فيها الآخرة وأمور الدّين وعلامات السّاعة وغير ذلك وتسمّى بحلق الذّكر، ويشمل الذّكر كذلك ذكر المسلم ربّه في نفسه بترديد جمل مأثورة عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم والسّلف الصّالح، أو يردّد آيات الذّكر في القرآن الكريم، ويشمل الذّكر على عبارات التّسبيح والتّهليل والتّكبير والحمد.
وإنّ للذكر فوائد جمّة يحدثها في نفس المسلم، وإنّ أّوّل فائدةٍ للذّكر أنّه يوثّق صلة المسلم بربّه تعالى، فيشعر في نفسه أنّه متّصل به سبحانه؛ حيث يستشعر معاني العزّة والقوّة بعلاقته بالرّحمن جلّ وعلا. كما أنّ الذّكر هو حصنٌ حصين وحرزٌ مكين يحمي المسلم من الأذى والشّرور والحسد والسّحر وغير ذلك؛ فهو وقايةٌ وعلاجٌ لكثيرٍ من الأمور، فعندما يخرج المسلم من بيته ويقول بسم الله توكّلت على الله، يقال له هديت وكفيت وتنحّى عنك الشّيطان، وكذلك حين يقول المسلم بسم الله الّذي لا يضرّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السّماء وهو السّميع العليم؛ فهي خير حافظٍ له في يومه من الشّرور والأذى.
'); }
وإنّ للذّكر آثاراً عجيبةً في النّفس؛ حيث يُحدث فيها الطّمأنينة والسّكينة، قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب)، لذلك ترى الذّاكرين والذّاكرات من أرقّ النّاس قلوبًا وألينهم عريكة، لأنّ ذكر الله تعالى يولّد في القلب شعورًا لا يوصف بأنّ من يذكره العبد هو ربّه الّذي سوف يحميه ويدفع عنه الأذى فيطمئنّ لذلك، وفي الحديث القدسيّ (أنا عند ظنّ عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني).
وأخيرًا إنّ الذّكر يهذّب النّفس ويرتقي بها في مراتب العلياء، ذلك بأنّ الذّكر من صفات ملائكة الرّحمن الّذين ألهمهم الله تعالى التّسبيح والتّقديس، فكانت عبادتهم الأصيلة وشغلهم الدّائم.