يتساءل البعض دائماً عن أوّل شخصٍ وضع النّحو في اللغة العربيّة، ولماذا وضعه؟ ونظراً لذلك سنتحدّث في هذا المقال عن هذه الشخصيّة التي تستحقّ كلّ التقدير.
أوّل من نطق بالعربيّة
كان يعرب بن قحطان أوّل شخصٍ ينطق باللغة العربيّة ، ومن حينها أصبح النّاس يتداولونها على سجيّتهم في كلامهم وأشعارهم إلى أن نزل القرآن الكريم على محمّد عليه الصّلاة والسلام، وكان فيه قدر من الإعجاز اللغوي عجز أحدٌ عن الإتيان بمثله، أو حتّى بآيةٍ من آياته؛ حيث كان الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم كبيراً وقويّاً لدرجةٍ اعتقد العرب عند سماعه أنّه بداية لنوع جديد من أنواع الشّعر، ولذلك قاموا باتّهام رسولنا الكريم بالسّحر، وأنّه شاعر مجنون رغم كونه أميّاً.
أوّل من وضع علم النّحو
بعد أن انتشر الإسلام بين الشعوب غير العربيّة، بدأت مفردات اللغة تتأثّر باللغات الأخرى وتتكسّر، ويشوب قواعدها الخلل وسوء النّطق، وذات يوم، سمع شخص يدعى بأبي الأسود الدؤلي ابنته تقول: ما أحسنُ السماءِ؟ فأجابها والدها: النّجوم، فردّت عليه بأنّها قصدت التعجّب، فأجابها بأنّ عليها أن تقول: ما أحسنَ السماءَ!
ومن الأخطاء اللغويّة الأخرى ما سمعه أبو الأسود الدؤلي من قارئٍ يقرأ قوله تعالى: ” إنّ اللهَ بريءٌ من المشركين ورسولِهِ “حيث قام هذا القارئ بجرّ كلمة ” رسوله ” بدلاً من أن يرفعها على أنّها مبتدأ وخبر المبتدأ محذوف وقدّر: ورسولهُ بريءٌ منهم؛ حيث إنّه بجرّها عطفها على المشركين وبذلك تغيّر المعنى.
ومن حرص أبو الأسود الدؤلي على اللغة و ضياعها خاف وخشي على المفاهيم الدينيّة من الضّياع والتشويه، وخاف أن تذبل اللغة وتتشوّه.
وقد أدرك ذلك الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، فحاول حلّ ذلك الأمر عن طريق وضع تقسيم الكلمة إلى أبواب: ” إنّ وأخواتها “، و “التعجّب “، و ” الإمالة “، و ” الإضافة “، و ” الاستفهام “وغيرها من الأبواب الأخرى. وطلب بعد ذلك من أبي الأسود الدؤلي التصرّف قائلاً له ” انحُ هذا النحو ” ومنه جاءت تسمية هذاالعلم والفنّ اللغوي بالنّحو. وهكذا يكون الإمام علي عليه السلام أوّل من وضع قواعد النّحو للّغة العربيّة.
وقد قام أبو الأسود الدؤلي بالأخذ من ذلك العلم وزيادة أبواب أخرى عليه إلى أن حصّل عنده ما فيه الكفاية، وبعد ذلك أخذه عنه آخرون منهم شخصٌ يدعى بميمون الأقرن، و جماعة آخرون منهم: أبو عمرو بن العلاء، ثمّ الخليل بن أحمد الفراهيدي، ثمّ سيبويه والكسائي، ثمّ صار الناس بعد ذلك فريقين: كوفي، وبصري؛ حيث كانت البصرة والكوفة منابع الثّقافة واللغة العربيّة، وما زال النّاس يتداولون ويحكمون تدوين النّحو إلى يومنا هذا.
تجمّعت علوم اللغة العربيّة في اثني عشر باباً، وقد جمعت هذه العلوم في بيت الشّعر التّالي:
نـحـوٌ وصـرفٌ ،عـروضٌ ثـمَّ قـافـيـةٌ
وبـعـدهـا لـغــةٌ ، قـرضٌ و إنـشــاءُ
خـطٌّ ، بـيـانٌ ، مـعـانٍ مـعْ مـحـاضرةٍ
والاشــتـقـاقِ لـهـا الآدابُأســـمـاءُ