رتبط السجائر بعلاقةٍ ترابطيةٍ مع المادة التي تحتويها ألا وهي التبغ، كما وتسمّى الوظيفة التي يتم من خلالها التعامل مع السجائر بالتدخين، وتقوم هذه العمليّة على أساس حرق مادة التبغ ومن ثمّ استنشاق الدخان الصادر عن هذا الاحتراق عبر الفم باستخدام وسائطٍ تعمل على نقله وإيصاله للرئتين، وتتعدّد أشكال هذه الوسائط المختلفة للقيام بهذه المَهَمّة، فمن أشكالها: الأرجيلة، والغليون، والسجائر وغيرها.
وقد كان أوّل من استنشق التبغ باستخدام قصبةٍ أو أنبوبٍ خشبي أو لفائف بدائية- السجائر البدائية- هم سكان الأمريكيتين الأصليين من الهنود الحمر، وذلك قبل خمسة ألف عام من ميلاد السيد المسيح، حيث إنّ تدخينهم كان يعود في الأساس لأسبابٍ دينيةٍ متعلّقة بطرد العفاريت والأشباح والأرواح الشريرة، أو لإتمام بعض الطقوس الدينيّة عندهم، ثمّ بعد ذلك توسّعت لوازم هذا الاستخدام لتشمل الشعور بلذة الاسترخاء وهدوء الأعصاب ودعم قوة التركيز، والطريف أنّ جميع فئات المجتمع آنذاك كانت تتعاطاه، فالصغير والكبير، والمرأة والرجل، وكبير السن على حد سواء كانوا يدّخنون، وبعد أن اكتشف كريستوفر كولومبوس أمريكا، تمّ انتشار هذه العادة بين القادمين الجدد، والذين من خلالهم تمّ انتقال التبغ لأوروبا ومنها إلى باقي أقطار العالم.
كان الناس يستخدمون لفائف بدائيةً بدأت تتطوّر شيئا فشيئا على يد تجّار التبغ لتتّخذ شكلها الحالي من التصنيع بما صار يسمّى السجائر- لفائف التبغ-، وظهرت العديد من المصانع المختلفة الصغيرة في بداية الأمر لتصنيعها، وباتت تكبر شيئاً فشيئا حتّى صارت صناعةً عملاقةً يعمل في خطوط إنتاجها آلافٌ مؤلفةُ من الموظفين، وانتشرت تبعاُ لذلك المزارع التي تصنع التبغ، وظهرت المصانع المتخصّصة بإنتاج الورق الخاص والفلاتر، واندمجت فيما بينها لتصنيع الشكل الحالي للسجائر، وانتشر التدخين ليشمل أكثر من مليار مدخّن عبر العالم.
كما ورافقت هذه التجارة صناعةٌ إعلاميةٌ مرتبطة بها للترويج لها، وفجأة استيقظ العالم بعد فوات الأوان لمخاطر السجائر وكونها مدمرةٌ للصحة ومهلكةٌ للمال، فظهرت البرامج التوعوية المناهضة لها، وبدأت مختلف الحكومات تتّخذ وسائلاُ للحد من انتشارها وحصرها وتضييق الخناق على توسّعها، مثل فرض الضرائب الباهظة عليها، وعدم السماح بالتدخين في المرافق والأماكن العامة والمستشفيات، والإكثار من النشرات الصحيّة التي تُبرز الأمراض المستعصية والخطيرة من جرائها، ومنع ترويجها دعائياً عبر وسائل الأعلام المتعدّدة كالتلفاز والجرائد وغيرها، ولكن رغم كل التدابير السابقة الجادّة والحثيثة فلا زالت عجلتها تدور رغم جميع الإرشادات والعوائق التي توضع في دروبها، والتي لربما تنجح في مواجهتها بصورة أكبر مستقبلاً.