'); }
عيادة المريض
من الأعمال الصالحة التي أوصى بها الشرع، رورتّب على القيام بها الأجر العظيم؛ زيارة المريض، وقد أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بزيارة المريض، وبيّن أنّ من حقوق المسلم على أخيه المسلم أن يعوده إذا مرض، حيث روى أبو هريرة عن رسول الله أنّه قال: (حقُّ المسلمِ على المسلمِ ستٌّ، قيل: ما هنَّ؟ يا رسولَ اللهِ، قال: إذا لقِيتَه فسلِّمْ عليه، وإذا دعاك فأَجِبْه، وإذا استنصحَك فانصحْ له، وإذا عطِس فحمِدَ اللهَ فشَمِّتْهُ، وإذا مرِضَ فعُدْهُ، وإذا مات فاتَّبِعْهُ)،[١] وعيادة المريض من الطاعات التي رغّب بها الإسلام، وحثّ عليها، وتدخل عيادة المريض في فروض الكفايات إذا كان المريض غريباً، ولا يجد من لا يقوم على كفالته ورعايته، ففي هذه الحالة قد يهلك المريض إذا لم يجد من يعوده؛ لأنّ عيادته تتيح للآخرين مساعدته، وتقديم العون له، ولزيارة المريض فوائد وآثار على الزائر وعلى المريض نفسه، منها: ما تحقّقه من الأجر العظيم، وبها تتنشّط قوى المريض برؤيته لمن يحبّ، ويدعو الزائر للمريض ويتفقّد أحواله؛ حيث لا يُمكن لتلك الفائدتين أن تتحقّقا إلّا بالزيارة، ومنها ما يحصل عند الزائر من الحمد لله -عزّ وجلّ- على نعمة العافية التي حُرم منها غيره، وهي فرصةٌ لدعوة المريض إلى الإسلام إن كان من غيرالمسلمين، فضلاً عمّا يحصل في قلب المريض من السرور، والفرح بسماعه للأخبار السارّة، وبثّ روح المودة، والتآلف بين أفراد المجتمع بإشعار المريض وأهله بأنّ المجتمع معهم في محنتهم، ولن يتركوهم، ممّا يؤدي إلى التماسك والترابط بين أفراد المجتمع.[٢]
فضل عيادة المريض
نظراً لاهتمام الإسلام وعنايته بخلق عيادة المريض، وما يعود على المريض وعائده من فوائدٍ عظيمةٍ ورفيعةٍ؛ فقد جعل له فضلاً وثواباً كبيراً، فيما يأتي بيانٌ لفضل عيادة المريض بشكلٍ مفصّلٍ:[٣]
'); }
- الجلوس في معيّة الله تعالى: فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ تعالى يقولَ يومَ القيامةِ: يا ابنَ آدمَ مَرضتُ فلَم تَعُدْنِي، قال: يا ربِّ كيفَ أعودُكَ وأنتَ ربُّ العالمينَ؟ قال: أمَّا علمتَ أنَّ عبدي فلانًا مرِضَ فلَم تَعُدْهُ؟ أما علمتَ أنَّكَ لَو عُدْتَهُ لوجدتَني عندَهُ؟)،[٤] ومعنى ذلك؛ أنّ عائد المريض يجد ثواب الله وكرامته بزيارته للمريض.
- صلاة الملائكة عليه: فالملائكة تصلّي على عائد المريض، إن عاده في الصباح حتى يمسي، وإن عاده في المساء حتى يصبح.
- نزول الرحمة والمغفرة: فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (من عاد مريضاً خاض في الرحمةِ، حتى إذا قعد استقرَّ فيها).[٥]
- السعادة والنعيم: فزائر المريض طوال ممشاه إليه يكون يمشي في رياض الجنة، ويتبوّأ منها منزلاً.
- معرفة نعم الله تعالى على الإنسان: ومنها الصحة، التي لا يشعر بها إلّا حين يرى غيره قد فقدها.
آداب عيادة المريض
من أراد أن يعود مريضاً فإنّ له آداباً ينبغي أن يلتزم بها، وكذلك فإنّ للمريض آداب، وفيما يأتي بيانٌ لها:[٦]
- النية الصادقة لله تعالى: وذلك بأن يكون هدفه من هذه الزيارة تحصيل الأجر والثواب، ورضى الله -عزّ وجلّ- عنه، وأن يقوم كذلك بحقّ أخيه المسلم عليه، ممّا يؤدي إلى زيادة الترابط، والتراحم بين أفراد المجتمع، وممّا يساعده على ذلك؛ أن يعرف فضل وثواب عيادة المريض.
- اختيار الوقت المناسب للزيارة: فيختار من الأوقات ما يكون مناسباً للمريض وأهله، فلا يسبّب لهم الضّجر، والحرج، والمشقّة، ويختلف ذلك عند الناس باختلاف بلدانهم، وأعرافهم، ولم يرد في ذلك تحديدٌ من الشارع بوقتٍ معينٍ، وإنّما قال فيه ابن القيم رحمه الله: (لم يكن من هدْيِه -عليه الصَّلاة والسَّلام- أن يخص يوماً من الأيام بعيادة المريض، ولا وقتاً من الأوقات، بل شَرع لأمته عيادة المريض ليلاً ونهاراً، وفي سائر الأوقات)، ويكون بالعادة أنسب الأوقات؛ هي الأوقات التي اعتاد الناس عليها للزيارة، أو الأوقات التي يُسمح بها للزيارة.
- عدم تحديد أول الزيارة بوقتٍ معينٍ: فقد حدّد بعض العلماء بداية زيارة المريض بعد ثلاثة أيامٍ من مرضه، واحتجوا بما رُوي عن رسول الله، أنّه كان لا يعود مريضاً إلّا بعد ثلاثة أيامٍ، وهو حديثٌ ضعيفٌ جداً، لا يحتجّ به، والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء؛ أنّ بداية زيارة المريض من حين بداية مرضه، لا يحدّد بوقتٍ معينٍ، وذلك لإطلاق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين وصّى بعيادة المريض.
- الحرص على عيادة المريض حتى لو كان المرض لا يعلم بمن يزوره: كأن يكون فاقداً للوعي بإغماءٍ، أو جنونٍ، فلا يمنع ذلك من زيارته والاطمئنان عليه، وقد قال الحافظ -رحمه الله- في ذلك: (ومجرَّد علم المريض بعائده لا تتوقَّف مشروعية العيادة عليه؛ لأنَّ وراء ذلك جبْرَ خاطرِ أهله، وما يُرجَى مِن بركة دعاء العائد، ووضع يده على المريض، والمسح على جسده، والنَّفث عليه عند التعويذ، إلى غير ذلك).
- استمرار السؤال عن المريض وتفقّده وتعهّده: فلا يكفي أنّه زاره وحسب، بل يعود ويسأل أهله عنه، أو من يقوم برعايته، خاصةً وقد تعدّدت وسائل الاتصال وأصبحت يسيرة، وإنّما ذلك لأنّ السؤال عنه يدخل الفرح والسرور إلى قلبه، وقد يؤدي إلى انتعاشه واستعادة قوته، وينبغي أيضاً لمن يُسأل عن المريض، أن يردّ بما يُشعر المريض بالرضا، وبأنّه دائم الحمد والشكر لله على ما أصابه، ويجيب بما هو مبشّرٌ بقرب عافيته، وبخفّة مرضه، ودوام الدعاء له.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2162، صحيح.
- ↑ أمين الشقاوي (14-6-2014)، “عيادة المريض”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2018. بتصرّف.
- ↑ بدر هميسه، “عيادة المريض فضائل وآداب”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-10-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1916، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 407، صحيح.
- ↑ عادل العزازي (23-1-2012)، “آداب المريض وزيارته (3/ 15)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-10-2018. بتصرّف.