مفهوم مناهج البحث العلمي

'); }

مفهوم مناهج البحث العلمي

يُعتبر المنهج العلمي (بالإنجليزية: Scientific method) أسلوباً واحداً أو مجموعةً من الأساليب المترابطة التي يعتمدها الباحث لدراسة ظاهرةٍ أو مشكلةٍ معينة تكون محور بحثه؛ وذلك من خلال تنظيم أفكاره وتحليلها وعرضها للوصول إلى وقائع ونتائج، ويُمكن وصف هذا الأسلوب بالمرحليّة؛ فهو مُؤلّفٌ من مجموعةِ مراحل متسلسلة تؤدّي كلُّ مرحلة منها إلى المرحلة التي تليها،[١] وهناك مجموعة من العوامل التي تؤثّر على اختيار أسلوب البحث المناسب، وهي: طبيعة إشكالية البحث، وأداة البحث التي يعتمدها الباحث، وحجم العيّنة التي يختارها ونوعها.[٢]

مناهج البحث العلمي

تختلف مناهج البحث العلمي باختلاف الظاهرة قيد الدراسة؛ فلكلٍّ منها خصائص معيّنة تجعلها تصلح لدراسة ما ولا تصلح لدراسة ظاهرة أخرى،[١] وتجدر الإشارة إلى أنّ الباحثين لم يتفقوا حتّى الآن على تصنيفٍ محدَّد لأساليب ومناهج البحث العلمي، إلّا أنّ معظمهم يبحثون في نفس المجال مع وجود بعض الاختلافات البسيطة بينهم، وقد تكون أهم مناهج البحث العلمي التي اعتمدها الباحثون هي المناهج الآتية:[٣]

'); }

للتعرف أكثر على أنواع مناهج البحث العلمي يمكنك قراءة المقال أنواع مناهج البحث العلمي

المنهج التاريخي

يُعرَّف المنهج التاريخي بأنّه عملية إحياء الماضي عن طريق البحث في السجلات القديمة؛ للقدرة على فهم الحاضر، والاستفادة من الخبرة المكتسبة من الأشخاص الذين عايشوا تلك الحقبة من الزمن وعدم تكرار أخطائهم؛ حيث يدرس الباحث الوقائع التي حدثت في الماضي عن طريق جمع الوثائق القديمة اللازمة بعد التأكّد من صحّتها ومقارنة النص في المرجع المعتمد لديه مع نفس النص كما تمّ ذكره في مراجع أخرى، ثمّ دراستها بدقة وتحليلها وتفسيرها؛ لإثبات أصالتها واستخراج الحقائق العلمية المراد معرفتها، بالإضافة إلى إعطاء تفسيراتٍ وتنبّؤاتٍ علمية على شكل قوانين عامة وثابتة نسبياً.[٤]

المنهج الوصفي

يرتكز المنهج الوصفي على وضع الباحث لأوصافٍ دقيقة للظاهرة موضع الدراسة، وذلك من خلال تحديد الأساليب المتنوعة لجمع المعلومات والتفاصيل والحقائق حول الظاهرة التي تكون محور البحث المراد دراسته، بالإضافة لاستخدام أساليب القياس وتصنيف البيانات والتحليل بشكلٍ دقيق؛ للوصول إلى الاستنتاجات المطلوبة ذات الدلالة، وتفسير هذه النتائج في عباراتٍ واضحة، والإجابة عن عِدّة تساؤلات مثل المراد من الدراسة، وهدفها، وعلاقتها بالظواهر الأخرى؛ فيُصبح لدى الباحث وصفاً دقيقاً لموضوع بحثه ويكون قادراً على تحديد خصائصه؛ وبالتالي استخلاص تعميماتٍ لحلِّ المشكلات بطريقة واضحة وسهلة، وينقسم المنهج الوصفي إلى ثلاثة أنواع رئيسية على النحو الآتي:[٥]

  • منهج الدراسات المسحيّة: يُعدُّ منهج الدراسات المسحيّة أساسياً، وهو من أكثر المناهج الوصفية شيوعاً، ويتمّ من خلال دراسة شاملة ومُنظّمة هدفها جمع المعلومات حول ظاهرة معينة وتفسيرها؛ للوصول إلى وصفٍ دقيق لها وتشخيصها كما هي في الوقت الحاضر، ثمّ الاستفادة منها مستقبلاً بتعميم نتائجها على ظواهر مشابهة.
  • منهج دراسات العلاقات المتبادلة: يعدُّ النوع الثاني من المناهج الوصفية ويُمكن تقسيمه إلى نوعين رئيسيين؛ أولهما منهج دراسة الحالة الذي يعتمد بشكلٍ أساسي على دراسة الحالة بصفةٍ عامة ثمّ النظر إلى التفاصيل الأصغر وتحليل نتائجها وتعميمها على الحالات الأخرى المشابهة لها، ويعتبر هذا النوع منهجاً للدراسات السببية المقارنة؛ إذ إنه يهتم بمقارنة التشابه والاختلاف بين الظواهر المختلفة ودراستها بعمق للكشف عن وجود علاقة بينها، ومحاولة تفسير هذه العلاقة ومعرفة إن كانت سبباً في حدوث ظاهرة ما.
  • منهج دراسات النمو والتطوّر: يرتكز هذا المنهج على متابعة نمو وتطور الظاهرة عن طريق وصف التطورات عبر فترةٍ زمنيةٍ محددة قد تمتدُّ لسنوات، وتُعتبر هذه الدراسات دراسات كيفية وكمّية؛ حيث إنّها تهتم بالتغيّرات التي تحدث خلال وقتٍ معين، فقد تقصر مدتها أو تطول بسبب التطور الذي تمرّ فيه الظاهرة وكيفية حدوثها.

المنهج التجريبي

يُعتبر المنهج التجريبي أحد أهم وأبرز مناهج البحث العلمي؛ حيث يُحدّد الباحث من خلاله مجموعةً من المتغيّرات والعوامل الأساسية التي تؤثّر في مشكلة البحث، ويستثني واحداً منها لدراسة أثره في ظلِّ ظروفٍ معيّنة وتجربته؛ إذ يجعل الباحث ظاهرةً ما قابلةً للحدوث حسب ما خطط له ووفّر من ظروف قبل البدء بالتجربة، ويُعتبر هذا المنهج الوحيد القادر على ضبط المتغيّرات الخارجية التي تؤثّر على المتغيّر التابع، وتتعدّد الطرق المستخدمة في المنهج التجريبي وتتنوّع، ويبين الآتي أهم الطرق المتبعة في المنهج التجريبي:[٦]

  • طريقة الاتفاق: تعتمد هذه الطريقة مبدأ المقارنة بين العوامل التي أدّت إلى ظهور أول ظاهرةٍ بين مجموعةٍ من الظواهر المختلفة.
  • طريقة الاختلاف: تُقارن هذه الطريقة بين ظاهرتين متشابهين في كلّ الحالات باستثناء حالة واحدة منها.
  • طريقة التغيير النسبي: تعني هذه الطريقة أنّ أيّة زيادةٍ أو نقصانٍ في العلّة يرتبط بشكلٍ مباشر بالزيادة أو النقصان في المعلول.

يتمتّع المنهج التجريبي بعدّة خصائص يبين الآتي أهمها:[١]

  • إمكانية إعادة التجربة وتكرارها عِدّة مرّاتٍ من قِبل الباحث أو باحثين آخرين في نفس الظروف التي تمّت في المرّة الأولى للتأكّد من صحّتها.
  • الدقة في النتائج التي يتوصّل إليها الباحث؛ حيث إنّه يتعامل مع متغيّرٍ واحدٍ فقط بينما يُبقي المتغيّرات الأخرى ثابتة؛ ممّا يُساعده على اكتشاف العلاقات السببية بين تلك العوامل بدقةٍ أكبر.

المنهج المقارن

يرتكز المنهج المقارن على المقارنة بين مجموعةٍ من الظواهر المتشابهة في مجتمعين مختلفين أو أكثر؛ حيث يتيح للباحث دراسة العوامل المختلفة في كلّ مجتمع وتحليلها، والبحث عن أوجه الاختلاف والتشابه فيما بينها، ومعرفة أسبابها ووضع تعميماتٍ عامة لها، ويستطيع الباحث عن طريق هذا المنهج صياغة النظريات الاجتماعية.[٤]

يتميّز المنهج المقارن بأنّ الباحث يستطيع من خلاله تقديم تفسيرات منطقية حول الظاهرة موضع الدراسة؛ فهو يجمع الأدلة من عدّة مجتمعات ممّا يُساهم في جعلها أكثر دقةً وأقل تحيّزاً، كما يستطيع الباحث زيادة المتغيّرات المدروسة التي يحتاجها البحث باستخدام عِدّة مؤشّراتٍ من أكثر من مجتمع، ويُسمح له بالاستعانة بالجوانب الثقافية والاجتماعية لكلِّ مجتمعٍ على حدة، مما يساعده على تفسير نتائج الدراسة، وبالرغم من وجود هذه الميزات إلّا أنّ المنهج المقارن لا يخلو من بعض العيوب؛ كقلة دقته، وتأثّره بالقيم المختلفة باختلاف المجتمعات التي يتمّ المقارنة بينها، وصعوبة ضبط العوامل المختلفة والتحكّم بها بسبب تداخلها وتشابكها، وبالتالي التأثير على صدق الدراسة وصعوبة تعميم نتائجها.[٤]

الخصائص العامة لمناهج البحث العلمي

تمتلك مناهج البحث العلمي مجموعةً من الخصائص العامة المشتركة فيما بينها، ويبين الآتي أهمها:[٧]

  • تنظيم العمل وطريقة التفكير من خلال مجموعةٍ من المراحل المتسلسلة والمرتبطة مع بعضها البعض.
  • تجنّب البحث حسب الميول الشخصية، والابتعاد عن التحيّز، واتّباع الموضوعية التامّة.
  • المرونة من خلال قبول المناهج للتبديل والتعديل عليها، نظراً للتطوّر والنمو الذي يطرأ من وقتٍ لآخر على الظواهر المختلفة.
  • التمكّن من التحقّق من مُحصّلة ما تمّ التوصل إليه من البحث في أيّ وقتٍ باتّباع طرق علمية جديدة.
  • تعميم نتائج البحوث العلمية على ظواهر أخرى مشابهة ممّا يُسهّل دراستها.
  • التنبّؤ بما قد تكون عليه الظواهر المختلفة في المستقبل.

وللتعرف أكثر على البحث العلمي بشكل عام يمكنك قراءة المقال تعريف البحث العلمي

المراجع

  1. ^ أ ب ت ربحي عليان، عثمان غنيم (2000)، مناهج وأساليب البحث العلمي (النظرية والتطبيق) (الطبعة الأولى)، عمّان – الأردن: دار صفاء للنشر والتوزيع، صفحة 33 ، 53. بتصرّف.
  2. سهيل دياب (2003)، مناهج البحث العلمي، غزة – فلسطين: .، صفحة 68. بتصرّف.
  3. Boudjemaa DJABALLAH، “منهجة البحث في علم الاجتماع”، http://elearning.univ-djelfa.dz/، اطّلع عليه بتاريخ 11-05-2020. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ليندة لطاد، عائشة عباش، زكية رانجة وآخرون (2019)، منهجية البحث العلمي وتقنياته في العلوم الاجتماعية، برلين: المركز الديمقراطي العربي للدراسات اإلستراتيجية والسياسية واالقتصادية، صفحة 122 ، 123 ، 126 ، 133 ، 134. بتصرّف.
  5. فاطمة صابر، ميرفت خفاجة (2002)، أسس ومبادئ البحث العلمي (الطبعة الأولى)، الإسكندرية: مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، صفحة 87-102. بتصرّف.
  6. “المنهج التجريبي وأهميته في البحث العلمي”، www.bts-academy.com، 17-07-2018، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2020. بتصرّف.
  7. هدى العمودي، عزة جوهري، “مناهج البحث العلمي في دراسات المكتبات والمعلومات”، libraries.kau.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2020. بتصرّف.
Exit mobile version