مفهوم الهجرة النبوية الشريفة
هي هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه من مكة المكرمة إلى يثرب، بسبب ما كانوا يلاقونه من عذاب واضطهاد من المشركين خاصّةً بعد وفاة عمه أبي طالب، حيث كان في يثرب ملك يأوي كل من آوى إليه، وقد هاجر الصحابة سرّاً بينما بقي عليه السلام هو وأبو بكر الصديق إلى أن أذن الله لهم بالهجرة.
عند وصوله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب استقبله المهاجرون والأنصار بالفرح والسرور وأخذوا ينشدون الأناشيد ومنها أنشودة طلع البدر علينا المعروفة، وقد تم تغيير اسم يثرب إلى المدينة المنورة بعد هذه الهجرة؛ لأنّ صلى الله عليه وسلم قد نورها بقدومه إليها.
كذلك فقد تمّ اعتماد الهجرة النبوية بدايةً للتقويم الهجري بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استشارته للصحابة رضوان الله عليهم، ومن بعدها استمرّت هجرة الملسمين إلى المدينة المنوّرة، حيث نزلت الكثير من الآيات القرانيّة التي تحث المسلمين على الهجرة حتى فتح مكة في العام الثامن للهجرة.
الإذن بالهجرة
بعد أن اشتد الأذى بالمسلمين في مكة و بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بيعة العقبة الثانية، أذن محمد عليه السلام للمسلمين بالهجرة وحثهم على اللحاق بالأنصار، فبدأ الصحابة بالهجرة سرّاً إلى يثرب، فكان أبو سلمة بن عبد الأسد أول من هاجر إليها، ثم تبعه المسلمون جماعات متفرّقة وفرادى متسللين ومتخفين عن أعين المشركين والكفار كي لا تعلم بهم فتمنعهم.
عند وصولهم إلى يثرب استقبلهم الأنصار في بيوتهم ونصروهم وآووهم ولم يبقَ في مكة المكرّمة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق .
أحداث الهجرة
عندما علمت قريش بهجرة المسلمين أرادت قتل محمدٍ عليه السلام قبل أن يخرج من مكة، فاجتمعت وأقرّت بأن يشترك من كل قبيلة منهم شاب ليجتمعوا يداً واحدةً في قتل محمد ليتفرّق دمه على جميع القبائل، ولكن جبريل عليه السلام أخبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمر عليه السلام علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه وأن يتغطى ببرده الأخضر كي يظنّ المشركون بأنّه الرسول الكريم.
خرج صلى الله عليه وسلم من بين المشركين دون أن يروه بقدرة الله عز وجل وهو يقرأ: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) [يس:9].
عندما أصبح المشركون ساروا إلى فراش النبي ليقتلوه فوجدوا علي بن أبي طالب نائماً في فراشه، فسألوه أين صاحبه فأخبرهم علي أنه لا يعلم أين هو، فجنّ جنون قريش وخُصّصت جائزة كبرى لمن يعثر أو يدل عليه، وبعدها مكث علي بن أبي طالب في مكة ثلاثة أيام، وقام بإرجاع الأمانات التي كانت عند الرسول إلى أصحابها، ثم هاجر بعدها إلى المدينة المنورة.
غار ثور
عندما خرج الرسول عليه السلام هو وأبو بكر الصديق تحصنا في غار ثور واختفيا عن أعين قريش، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتي لهما بالطعام وعبد الله بن أبي بكر يأتي لهما بالأخبار، وقد وصلت قريش وهي تبحث عنهما إلى باب الغار ولكنها لم تعثر عليهم، حيث كان هناك بيت للعنكبوب على باب الغار فاستبعدت أن يكونا داخل الغار وعادوا من حيث جاؤوا.
خرج عليه السلام هو وصاحبه، فصادفهما في طريقهما إلى المدينة سراقة بن مالك وأراد أن يخبر قريش عنهما، فدعا الرسول عليه السلام عليه فغارت فرسه في الرمال، فقال له سراقة: ادعُ الله أن يفك قدم فرسي ولم أخبر أحداً عنكما، ففعل عليه السلام ذلك واستمرّا بعدها ومعه أبو بكر في السير إلى يثرب، وعند وصولهم اليها أحسن المسلمون استقبالهم وأنشدوا لهم الأناشيد ابتهاجاً بوصولهما.