'); }
الريف
يعرّفُ الريفُ على أنّه المنطقة الزراعيّة، ومن أبرز ما يميّزها تلك المناظر الطبيعيّة والزراعيّة الممتدّة، ويختلف الريفُ عن المدن من حيث الشكل، والتجانس، والطبيعة السكانيّة، والناحية التعليميّة، والحراك الجماعيّ.
يعيشُ الريفُ في كافّة دول العالم حالةً تبعيّةً كاملة للمدن الرئيسيّة؛ لتركّزِ كافّة الخدمات الحيويّة فيها دون الريف، وهذا الأمر هو الذي يدفعُ سكّان المجتمع الريفي إلى ترْكِ مناطقهم والهجرة للمدن.
المجتمع الريفي
اعتمدت الأبحاث الأميريكيّة صفةً واحدة لتحديد مفهوم المجتمع الريفي، وهو وضعُ تعريف له على أساسٍ إحصائيّ، الأمر الذي يسهل على الباحثين والدارسين والمهتمّين في الشؤون الجغرافيّة والاقتصاد والإحصاء من تحديد البيانات الخاصّة بكافة المناطق الريفيّة، فقد اعتبرت تلك الدراسة أنّ المجتمع الريفيّ هو الذي يقلّ عدد سكانِه عن ألفين وخمسمئة نسمة، والمنطقة التي يزيدُ فيها عدد السكان عن هذا الرقم فإنّه يكون مجتمعاً غير ريفيّ حتى لو زاول سكّانه الأعمالَ الزراعيّة كنشاط.
'); }
أمّا في قارتيْ آسيا وإفريقيا فكثيرٌ من الدول هناك تَعتبِرُ المجتمعَ الريفي هو الذي يمارسُ سكّانه حرفة الزراعة والإنتاج الزراعيّ، بغض النظر عن عددهم والمساحة التي يشغلونها، وهذا ما يسمّى بالمعيار المِهْنيّ.
الفرق بين المجتمع الريفي المدني
من وجهة نظر ابن خلدون: تطرّق العلامة ابن خلدون لأوجه الشبه والاختلاف بين المجتمعيْن الريفيّ والمدني لإحدى الدول العربيّة في مقدمته الشهيرة “مقدمة ابن خلدون”، وقد جذبت رؤياه الكثيرَ من العلماء والباحثين الغربيّين، ومن أبرزهم العالمُ الألماني فريديناند توينز، الذي لاحظ أوجه الاختلاف بين كلا المجتمعين وأعطى لكلّ واحدٍ فيهم صفة، فقد أطلق على المجتمع الريفي اسم “المجتمع العائلي”؛ لتقاربه واتحاده في الدم والنسب، بينما أطلق على المجتمع الحضريّ أو المدني اسم “المجتمع الرسميّ العقائديّ”، وأوضح أنّه مجتمعٌ غيرُ متماسكٍ أو مترابط، وهو عبارة عن خليطٍ متنوّع من البشر.
من وجهة نظر إميل دوركهايم: أمّا العالم الفرنسي “إميل دوركهايم” قد ميّز أوجهَ الاختلاف بين المجتمعيْن ضمنَ عددٍ من الصفات، ومن أبرزِها العلاقاتُ الاجتماعيّة في المجتمع الريفيّ، حيث أوضح أنّها علاقاتٌ متشابكة ومترابطة، حيث تجمع الأفراد على أساس القرابة والدم والدين، بينما يتسم المجتمع المدنيّ أو الحضري بعلاقاته الروتينيّة الرسميّة النفعيّة في طريقة التعامل.
الاستيطان الريفي
يمثّلُ الاستيطان الريفيّ في مجال دراسته لأنماط المساكن والمستوطنات الريفيّة وتوزيعها وتطوّرها، ومن هنا ظهرت محاولات “هاند لين” البحثيّة والدراسيّة لعددٍ من المواصفات المستقلّة التي تنطبق على كافّة المجتمعات الريفيّة في شتّى أرجاء العالم، وقد أظهرت الدراسات نوعين من المجتمع الريفيّ، هما:
- مجتمع ريفيّ بسيط: ويتسم هذا المجتمع ببساطتِه إلى حدٍّ ما في العادات والتقاليد والأعراف، ويتميّز الفرد فيه بارتباطه بشكلٍ كبير في الأرض أو الطبيعة، حيث يستقرّ فيها ويبني حياته هناك برغم الكدّ والتعب والصراع مع الأرض والطبيعة، ويتسم الفرد باعتزازه بتلك الأرض كونَها مصدراً لرزقه، ويرى أنّه كلما زاد اهتمامه وعطاؤه للأرض فإنّ عطاءها يتضاعفُ، ويزيدُ حجمُ ثروتِه.
- مجتمع ريفي معقّد: ويتسم هذا المجتمع بحياته المعقدة الصعبة المركّبة، وهو محكومٌ باحترام الوقت والذات والنظام من خلال روتينٍ مملّ ومتعب للجسد والعقل، أمّا طبيعة العلاقة في هذا المجتمع فهي مبنيّة على المصالح والمنافع المتبادلة. إضافة لهذا فإنّ المظهر الخارجي لهذا المجتمع معقّد ومليء بالأبنية والقطع الخرسانيّة التي تزيدُ من الأزمة، والضوضاء، والاختناق.