محتويات
'); }
الصداقة
حظيت الصداقة بنصيب وافر من اهتمامات الأدباء والفلاسفة والمثقفين وعلماء النفس لأنها جسر يمر من خلاله الآخرون في علاقاتهم الاجتماعية، ويتواصلون مع من يُحيط بهم نفسياً وفكرياً وأخلاقياً وروحياً لمشوار حياتي طويل، والصداقة بين الناس من الأمور الفطرية التي لا يُمكن الاستغناء عنها، فالمجتمع لا يستطيع الحياة والتآلف إلا بوجود الحب والتفاهم بين أفراده.
لذلك وُجِدَ في الآداب المختلفة حقائق متنوعة عن الصداقة، وحكم، وأمثال، وقصص وشواهد معبرة تدل على أهمية هذه القيمة الاجتماعية والإنسانية، لهذا سنقدِّم في مقالنا لمحة موجزة عن مفهوم الصداقة من منظور فلسفي.
'); }
مفهوم الصداقة عند الفلاسفة
مفهوم الصداقة لدى أفلاطون
يعرِّف أفلاطون الصداقة بأنها علاقة محبة متبادلة بين الأنا والغير، والمبدأ الأساسي في هذه العلاقة أن الإنسان يعيش في حالة وجودية وسط بين الخير وهو الكمال المطلق، والشر وهو النقص المطلق، وما دام أنَّ الإنسان الذي لديه صفات الخير في غير حاجة إلى الغير لأنه يكتفي بنفسه وشخصه، ومن يتصف بالشر لا يُحب اكتساب أي نوع من الكمال، فإن من يعيش في حالة الوسط هو نفسه الذي يبحث عن الخير لدى غيره من خلال إنشاء علاقة صداقة معهم.
نستنتج مما سبق أنه لا يُمكن إنشاء صداقة بين الشبيه وشبيهه ولا بين النقيض ونقيضه، بل يُمكن خلق علاقة صداقة بين شخصين مختلفين لكنهما ليسا متناقضين بل متكاملين، وهذا سبب عدم وجود صداقة بين العارفة والمعرفة، بل تُوجد بين الذي لا يعرف تماماً، ولا يجهل تماماً، وهكذا استطاع أفلاطون ترسيخ فكرة أساسية؛ وهي: إنَّ أساس الصداقة في الحياة هو التكامل.
مفهوم الصداقة لدى أرسطو
تعد الصداقة الحميمة من الأمور الإنسانية المهمة لتحقيق حياة مليئة بالهناء والأفراح والسرور، حيث يستعمل أرسطو مفهوم الصداقة للدلالة على علاقة التفاعل والانسجام والتجاذب المتبادل بين طرفين، ويدل من ناحية أخرى على الرغبة والألفة والمعاشرة في التعاون مع الآخرين في مختلف مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لهذا فإنه قسم الصداقة إلى ثلاثة أقسام؛ وهي:
- الصداقة المبنية على أساس المنفعة: يتم تحديد قيمتها في نظر الأفراد بمقدار ما يستطيع الفرد أن يحصل مقابل ما يعطي لغيره.
- الصداقة من أجل المتعة: يتم تحديد قيمتها بدرجة الشعور بالسعادة والبهجة والألفة عند الحديث مع شخص آخر.
- الصداقة من أجل الفضيلة: هي الصداقة التي تنشأ بين أفراد المجتمع الطيبين الذي يحبون بعضهم البعض لأنهم طيبون.
كما أشار أرسطو قائلاً: إن صداقة الفضيلة التي تتحقق فيها المتعة والمنفعة هي صداقة حقيقية نادراً ما تقوم بين أفراد المجتمع، ولو أن الناس أقاموا علاقات صداقة بهدف الفضيلة، لما احتاجوا إلى القوانين والتشريعات ما دام أنَّ أفراد المجتمع يهدفون إلى تحقيق الفضيلة.