محتويات
'); }
الحديث الموضوع
الحديث الموضوع، هو الحديث المكذوب الذي نُسِبَ كذباً واختلاقاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولأسباب متعددة دعت مرضى النفوس إلى الوضع في الحديث، وهناك أسباب لوضع الحديث، وهناك قرائن يتميَّز بها الحديث الموضوع عن غيره من الأحاديث، وكذلك لا بدَّ من بيان حكم العمل بالحديث الموضوع، وحكم نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
أسباب وضع الحديث
هناك عدة أسباب دفعت الوضَّاعين إلى الكذب والافتراء على الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال وضعهم للأحاديث ونسبتها كذباً إليه منها:
- الأحزاب السياسية، فقد ظهرت عدة أحزاب وفرق، ابتداءً من الفتنة التي وقعت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما على خلفية مقتل عثمان رضي الله عنه، فظهر أناس تشيعوا لعلي رضي الله عنه وَسُمُّوا فيما بعد بالشيعة، وكذلك ظهر الخوارج وتحديداً بعد وقعة صفين، فانبرى هؤلاء إلى وضع الأحاديث انتصاراً لموقفهم السياسي من علي أو معاوية رضي الله عنهما.
- التعصب الفقهي والمذهبي، فمن المعروف أنَّ هناك عدة مذاهب في الإسلام ولا سيَّما فيما يتعلق بالمسائل الفقهيَّة فهناك المذهب الحنفي وهناك الشافعي، والحنبلي، والمالكي، فبعض تلاميذ هذه المذاهب تعصَّب لمذهبه وأخذ يضع الأحاديثم التي تنتصر لمذهبه على حساب المذهب المقابل، فمثلاً نجد أنّ بعض تلاميذ الإمام أبو حنيفة قد تعصَّبوا لمذهبهم ضدَّ الإمام الشافعي، فوضعوا الأحاديث في ذلك، منها: حديثهم المكذوب والمنسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقولون فيه: (يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ ، يُقَالُ : مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، أَضَرَّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ ، ويَكَونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ ، يُقَالُ لَهُ : أَبُو حَنِيفَةَ ، هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي ، هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي) ويقصدون بذلك الإمام الشافعي، والأمام أبو حنيفة النعمان وهكذا نجد أنَّ العديد قد انخرط في هذه الظاهرة السيّئة.
- الدعاية لبعض الحرف: فبعض الوضَّاعين كان يضع الحديث ترويجاً لحرفته ومثال ذلك الذي وضع الحديث عن فوائد الهريسة.
- القصاصون: وهم من يجمعون حولهم النَّاس لسرد القصص وينالون بعض الأعطيَّات مقابل ذلك، فكانوا يلجؤون إلى وضع الحديث.
- التعصُّب القومي: كالتعصب للجنس العربي ضد الفارسي مثلاً أو العكس، فمن ذلك قولهم: (إنَّ كلام الذين حول العرش بالفارسية) ومن يقابلونهم قالوا: (أبغض الكلام إلى الله الفارسيَّة وكلام أهل الجنَّة العربيَّة)
- الجهل في الدين مع إظهار الرغبة في الخير: حيث كان هؤلاء يضعون الحديث في مجال الترغيب والترهيب ولا سيَّما بعد أن رأوا انشغال النَّاس بالدنيا، وكانوا يقولون مبررين فعلهم نحن لا نكذب على الرسول وإنّما نكذب له.
'); }
علامات يُعرف بها الحديث الموضوع
هناك عدة علامات وقرائن يمكن معرفة الحديث الموضوع من خلالها منها:
- علامات في السند مثل اعتراف الراوي بوضعه الحديث، ووجود قرينة تقوم مقام الاعتراف بالوضع، كأن يروي جازماً بالسماع عن شيخ لم يلتقيه أبداً ولم يرحل إليه، أو أن ينفرد راو معروف بالكذب برواية الحديث.
- علامات الوضع في المتن: كركاكة اللفظ وضعف تركيبه اللغوي، وفساد المعنى، كالحديث القائل بأن الباذنجان شفاء من كلّ داء.
- ما يناقض في نصّه نصوص الكتاب أو السنَّة الصحيحة المتواترة أو الإجماع، وهناك طرق وقرائن أخرى لمعرفة وضع الحديث محلها علوم الحديث.
حكم رواية الحديث الموضوع والعمل به
ما عليه إجماع العلماء أنَّه لا يجوز رواية الحديث الموضوع ونسبته إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأيِّ شكل من الأشكال، وكذلك لا يجوز العمل هبه حتى في مجال الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال، ففي السنَّة الصحيحة ما يسدُّ ويغني عن ذلك بكثير
إنَّ واجبنا نحو السنَّة النبوية، يُحتِّم علينا العمل على نشرها، والدفاع عنها والانتصار لها، ومن سبل الانتصار للسنة النبوية الشريفة دراسة هذه السنة بمعرفة الحديث الشريف ومعرفة أنواعه، وتمييز صححيه من ضعيفة.