محتويات
'); }
مضيق البسفور
مضيق البسفور هو أحد الممرّات البحريّة الدوليّة، معروفٌ باسم بوغاز إسطنبول وبوغاز البحر الأسود، معنى بوسفور باللغة اليونانيّة القديمة (مخاضة الثور). يَصل مضيق البوسفور بين بحر مرمرة والبحر الأسود، يليه مضيق (الدردنيل) ومن ثمّ بحر إيجا الذي يُعتبر جزءاً من البحر الأبيض المتوسط، يقع هذا المضيق في الأراضي التركيّة وهو الفاصل بين قارتي آسيا وإفريقيا.
طول المضيق وعرضه
يبلغ طول مَضيق البسفور حوالي سبعة وعشرين كيلومتراً، أمّا عرضه من ناحية المدخل الشمالي من البحر الأسود فيبلغ قرابة 3.9 كيلومترات، تصل أضيق أجزاء المضيق ماب ين ستمئةٍ وأربعين إلى سبعمئة متر فقط، أمّا عمق المياه في المضيق فيتراوح ما بين ستةٍ وثلاثين إلى مئةٍ واثنين وعشرين متراً.
'); }
تيّار مياه مضيق البسفور
حركة مياه مضيق البسفور مُتعاكسة بين سطحه وأعماقه؛ حيث يظهر على سطحه في وسط الممر تيارٌ مائيٌ سريع يسير من البحر الأسود متّجهاً إلى بحر مرمرة، في تلك الأثناء يتحرّك تيّارٌ آخر مُعاكس ينطلق من بحر مرمرة باتجاه البحر الأسود تحت سطح مياه المضيق، وتحدث تلك التيّارات نتيجة تباينٍ في الأحوال الفيزيائيّة بين مياه بحر مرمرة والبحر الأسود من حيث الكثافة والملوحة ودرجة الحرارة، إضافةً لحركة الرّياح والتيّارات الهوائيّة في المنطقة.
غالباً كانت تلك التيّارات إضافةً لحركة الرياح سبباً في جنوح العديد من المَراكب والسفن عن مساراتها، وارتطامها على جانبي الممر أو بعضها ببعض وخاصّةً في لحظة توافق الرياح الشديدة مع اتجاهات تلك التيّارات المائيّة السريعة، إضافة لتحطيم المباني السكنيّة والمنشآت. في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وخمسٍ وتسعين بلغ عدد حوادث اصطدام زوارق الصيد بالسفن الضخمة حوالي ثلاثمئةٍ وعشرين حادثاً، وقد تسبّبت تلك الحوادث في اشتعال عدد من الحرائق الكبيرة، بسبب اشتعال النيران في حمولة تلك السفن من النّفط أو الغاز أو عدد من المواد القابلة للاشتعال الأخرى.
نشأة المضيق
تعود نشأة مضيق البسفور إلى وادٍ كان ينتهي في الشمال عند البحر الأسود، ويمتدّ إلى الجنوب ليصل في الوهدة البنائيّة التكتونيّة إلى بحر مرمرة، ونتيجة عوامل الحتّ والتعرية غمرت مياه البحر هذا الوادي في نهاية الحقبة الجيولوجيّة الثالثة، وبداية الحقبة الجيولوجيّة الرابعة.
أهميّة المضيق التاريخيّة والحاليّة
ترجع أهميّة مضيق البسفور إلى زمن حرب طروادة التي وقعت من عام ألفٍ ومئةٍ وثلاثةٍ وتسعين حتى عام ألفٍ ومئةٍ وأربعةٍ وثمانين قبل الميلاد، وارتباط المضيق إضافةً لبحر مرمرة والدردنيل بالعديد من الأحداث والأساطير الملحميّة. ازدادت أهميّة المضيق الاستراتيجيّة والتجاريّة بعد ازدهار مدينة بيزنطة ومن بعدها القسطنطينيّة أعقبتها مدينة إسطنبول.
بنى حكّام بيزنطة تحصيناتٍ قويّة على كلا جانبي المضيق، بهدف حماية المدينة، وعزّز سلاطين بني عثمان تلك التحصينات كأسوار أناضولو حصار في الجانب الآسيوي، وسور روملي حصار في الجانب الأوروبي من المضيق، وقد حظر مرور المراكب والسفن فيه دون إذنٍ من السلطات، وبقي الأمر على حاله حتى وافقت الدولة العثمانيّة على مرور المراكب والسفن الأجنبيّة إبان معاهدة (كوتشوك كينارجه) التي وقعت عام ألفٍ وسبعمئةٍ وأربعةٍ وسبعين، وترسّخ مرور السفن بعد حرب القرم في معاهدةٍ عقدت في باريس عام ألفٍ وثمانمئةٍ وستةٍ وخمسين، لكن بقي الحظر مستمرّاً ومقيّداً على السفن والقطع الحربيّة.
في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وستةٍ وثلاثين قامت معاهدة (مونترو) بتنظيم مرور السفن الحربيّة من وإلى البحر الأسود، ومنحت تركيّا حقّ حماية الممرّات والمضائق، من خلال فرض قيود تُحدّدها الدولة على نوعيّة السفن وعددها وحمولاتها، إضافةً لأوقات مرورها وغيرها، وعلى وجه التحديد كافة السفن التي ترفع العلم الروسي.
إبّان دخول تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمواجهة الكتلة الشيوعيّة والاتحاد السوفييتي السابق، احتفظت الدولة بحقّ منع مرور بعض السفن الحربيّة إن رأت في هذا الأمر تهديداً لأمنها الوطني. أمّا في الوقت الحالي فإنّ أهميّة المضيق تتركز في وظيفته كونه طريقاً مائيّاً وممرّاً بحريّاً تجاريّاً يربط الدول المحيطة بالبحر الأسود وأساطيلها بدول البحر الأبيض المتوسط، ومنه إلى كافّة أرجاء العالم، وخاصّةً روسيا التي تفتقر إلى مياهٍ دافئة على مدار العام إلا عن طريق البحر الأسود ومفتاحه المتمثل في مضيق البسفور.