مدن عربية

جديد مدينة القيروان في تونس

ولاية القيروان

تشغل ولاية القيروان حيزاً يمتد إلى 6.712كم2 في قلب الجمهورية التونسية، تتخّذ الولاية من مدينة القيروان مركزاً إداريا لها، ويعزى ذلك إلى أنّ نشأة الولاية جاءت بعد نشأة المدينة بفترة طويلة، حيث تأسست المدينة سنة 667م، وفي عام 1956م تكوّنت حولها الولاية.

مدينة القيروان

تقع مدينة القيروان ضمن حدود ولاية القيروان في منطقة الوسط التونسي، وتفصل بينها وبين العاصمة تونس مسافة تصل إلى مئة وستين كيلومتراً تقريباً، وترتفع عن مستوى سطح البحر بنحو سبعين متراً.

تشترك مدينة القيروان بحدود إدارية مع عدد من المدن؛ فتحدّها مدينة سيلاتة من الجهة الشمالية، كما تشترك بحدود مع مدينة قفصة من الجهة الجنوبية، أما حدودها من الشرق فتأتي مع الفصرين؛ ومع مدينة سوسة من الجهة الغربية، وتحدها مدينة نابل من الجهة الشمالية الغربية، ومن الشمال الشرقي مدينة الكاف.

تشير إحصائيات التعداد السكاني لعام 2014م إلى أنّ عدد سُكان مدينة القيروان قد تجاوز 186.653 نسمة تقريباً، وتتمركز الغالبية العظمى من سكان ولاية القيروان في قيروان المدينة؛ ويأتي ذلك بحكم ما توفرّه المدينة لسكانها من خدمات كالمدارس، والمعاهد، والمساجد، والأسواق، والإدارات العمومية والمطاعم، وفرص العمل أيضاً.

تاريخ مدينة القيروان

أُنشئت مدينة القيروان على يد الصحابي عقبة بن نافع رضي الله عنه في عام 50 للهجرة/ 670م، وجاء إنشاؤها لتوفير مُستقر للمسلمين وتركيز بقائهم فيها خوفاً من عودتهم إلى البلدان الإفريقية والعودة عن الدين الإسلامي.

تعد مدينة القيروان من أكثر المدن الإسلامية أهمية وقدماً، إذ تعتبر أول مدينة دخلها الإسلام في منطقة المغرب؛ حيث كانت نشأتها بمثابة بوابة لدخول الحضارة العربية الإسلامية إلى بلاد المغرب العربي فبرزت أهمية المدينة بأنّها نقطة انطلاق للجهاد؛ إذ كانت الجيوش الإسلامية تنطلق منها لتتوسع في فتوحاتها الإسلامية، وبرزت أيضاً بالدعوة فكانت منطلقاً للفقهاء فكانوا ينتشرون في مختلف بقاع الأرض لتعليم العربية والدين الإسلامي لذلك فإنّ للقيروان فضلاً كبيراً على مناطق تاريخية كثيرة في ازدهارها وشموخها في مختلف مراحل التاريخ العربي الإسلامي.

حافظت مدينة القيروان على مرّ أربعة قرون على مكانتها المرموقة؛ فبقيت طيلة هذه الفترة العاصمة الإسلامية الأولى لأفريقيا والأندلس، كما أنّ الجيوش الإسلامية كانت تتخّذ منها مركزاً حربياً لها، وبؤرة انتشار للغة العربية، ويشار إلى أنّ ذكر مدينة القيروان يقترن بذكر عقبة بن نافع.

إنّ اختيار القائد بن نافع على موقع مدينة القيروان وقع بناءً على توفّر مجموعة من الخصائص، فكان وراء ذلك مجموعة من الدوافع العسكرية والإدارية والدعوية أيضاً، فكان لها موقع جغرافي لا تفصلها به عن مركز القيادة العسكرية في الفسطاط أي روافد مائية، فأقيمت فوق طريق بري يربط بين الفسطاط ومصر.

يحيط بالمدينة سور طويل يحتوي على أربعة عشر باباً، ويتصل بمسجدها سوق من جهة القبلة، ويمتد حتى باب الربيع، ويُغطي السوق سطح طويل يصل جميع المتاجر والصناعات ببعضها، ويذكر أنّ المنطقة على مر التاريخ أُقيم حولها عدد من الأسوار العالية لتصبح قلعة حصينة محمية من ترصدات الغزاة وهجماتهم، وحافظ أهل المدينة على الاستمرارية في إصلاح الأسوار المحيطة في كل مرة تتدمر فيها من الهجمات، ويشير التاريخ إلى أنّ بعض أجزاء المدينة تعرضت للهدم من قِبل الألمان خلال الحرب العالمية الثانية.

تسمية مدينة القيروان

يرجع أصل مسمى القيروان إلى اللغة الفارسية، وتُلفظ كيروان، ويُشار فيها إلى المعسكر أو مخزن الأسلحة، وبهذه التسمية يُستدل على أنّ ابن نافع أسس مدينته لتكون حصناً منيعاً لجيوش المسلمين وقاعدة عسكرية لهم، وتُلقّب المدينة برابعة الثلاث، والمقصود بالثلاث: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والقدس الشريف.

العلم في مدينة القيروان

حظيت مدينة القيروان بمكانة علمية مهمة على مستوى المغرب العربي؛ حيث كانت من أوائل المراكز العلمية هناك فيتوافد إليها أبناء المغرب العربي ليتسفيدوا من حلقات التدريس التي كانت تُعقد في مسجد عقبة الجامع ومختلف مساجد القيروان، ونظراً لأهمية العلم فيها أُنشئت مدارس جامعة تعرف بدور الحكمة واستقدمت كوكبة من كبار العلماء والفقهاء ورجال الدعوة من الشرق للتدريس فيها.

أصبحت مدينة القيروان مركزاً للبعثة العلمية المؤلفة من عشرة أشخاص من التابعين الذين أُرسلوا إلى أفريقيا لتعليم أهلها أمور الدين؛ وكان ذلك خلال عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز خلال الفترة 717-720م، وأصبحت المدينة بفضل ذلك مركزاً للعلم في منطقة المغرب الإسلامي، ونقطة انطلاق علوم المذهب المالكي، وتُنسب إليها كوكبة من الأئمة والعلماء، وكان قاضي القيروان يتصدر المرتبة الأعلى دينياً في منطقة البلاد المغربية، ويرجع الفضل إليه في إصدار تسمية قضاة.

إنّ لمدينة القيروان دوراً إيجابياً في نشر المذهب المالكي في مختلف أرجاء الدولة، فوصل إلى صقلية والأندلس، وكان الإمام سحنون وتلاميذه وأقرانه من أوائل أتباع المذهب، ويحرصون على الذهاب لأداء مناسك الحج؛ وملازمة الإمام مالك بن أنس وتأثروا به.

مكتبات مدينة القيروان:

تحتضن المدينة واحدة من أكثر المكتبات شهرة في العالم وهي بيت الحكمة التي أنشأها إبراهيم الثاني الأغلبي خلال الفترة الزمنية 875-902م، بالإضافة إلى مجموعة من المكتبات العامة والملحقة بالجوامع والمدارس والزوايا، ويذكر أنّ هارون الرشيد أنشأ مكتبة تُحاكي بيت الحكمة في بغداد؛ وتركت هذه البيت أثراً إيجابياً في الحركة العلمية في المغرب لفترة زمنية طويلة، وكان السلطان المؤسس لبيت الحكمة قد دأب إلى استقدام أعداد من العلماء في مختلف المجالات كالفلك، والطب، والنباتات، والهندسة، والرياضيات من مختلف مناحي الأرض وتم تزويدهم بالآلات الفلكية.

علماء مدينة القيروان:

لعبت القيروان دوراً مهماً في نشر الدين والتعليم في مختلف بقاع المغرب العربي وأفريقيا، ويذكر أنّها خرّجت دفعة كبيرة من العلماء والأعلام الذين سطعوا في سماء التاريخ، من بينهم ابن رشيق القيرواني، والمغز بن باديس الصنهاجي، والشعراء الحسين بن رشيق القيرواني، وأبو عبدلله القزاز القيرواني وغيرهم الكثير.

المعالم السياحية في مدينة القيروان

  • المدينة العتيقة: تعتبر المدينة العتيقة معلماً سياحياً في القيروان يرتاده الفنانين ليستمدوا الإلهام منها، لما لها من رونق خاص بفعل تصميمها وتقسيمها، فتنتشر فيها الأزقة الملتوية والممرات والقباب بيضاء اللون، بالإضافة إلى الأسواق التجارية التي تروي عظمة الحضارة في المدينة.
  • مسجد عقبة بن نافع: تشتهر مدينة القيروان باسم مدينة 300 مسجد؛ نظراً للعدد الضخم من المساجد التاريخية والحديثة ومن بين هذه المساجد مسجد مؤسسها عقبة بن نافع، وهو المسجد الأكبر على مستوى العالم الإسلامي، وينفرد بهندسة معمارية مميزّة تكشف عن المركز الديني والتاريخي لهذا المسجد، وتمتد مساحته إلى أكثر من 9700م²، وله منبر رائع الجمال كما يرجع تاريخ وجوده إلى القرن التاسع الميلادي، وبذلك فإنّه الأقدم في العالم الإسلامي.
  • مقام أبي زمعة البلوي: يحتضن ثرى القيروان رفات عدد من الأئمة والصحابة وكبار العلماء من بينهم الصحابي الجليل أبي زمعة البلوي، ويعود تاريخ تأسيس المقام إلى سنة 1663م وجاء تأسيسه تخليداً لذكرى الصحابي رضي الله عنه.
  • فسقيات الأغالبة: هي مجموعة من الأحواض المائية التي شُيّدت في العصور الوسطى خلال الفترة الزمنية بين 734-741م، وتمتد مساحتها إلى أكثر من 11 ألف م2، وتتسع لـ53 ألف م3 من المياه، وتستخدم لغايات الري والشرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى