محتويات
'); }
مدينة آشور التاريخيّة
هي مدينة تاريخيّة أثريّة مُوغِلة في القِدَم، تقع في العراق في المنطقة التي تقع عليها قلعة شرقاط حاليّاً، حيث كانت تُعتبَر العاصمة الأولى للحضارة الآشوريّة، وذلك قبل أن ينقل الملك (آشور ناصربال الثاني) عاصمة البلاد إلى منطقة نمرود المعروفة كذلك ب(كالح)، بالإضافة إلى أنَّها تُمثِّل واحدة من أهمِّ المراكز الحَضَريّة في الجزء الشماليّ من العراق، ويعود تاريخ مدينة آشور إلى نحو 10,000 سنة، وقد شَهِدت خلال تاريخها القديم نشاطاً حضاريّاً، ودينيّاً، وتجاريّاً، ممّا جعلها ذات مكانة مُهمّة في المنطقة، إلّا أنَّها سقطت، وانهارت بحلول عام 605ق.م.[١]
وتُعتبَر الحضارة الآشوريّة من الحضارات العريقة؛ فهي من علَّمت العالَم الأبجديّة، والحضارة، وقد ساهمت بشكلٍ كبير في تأسيس البُنية الأولى لعِلم الفلك، وتميَّز الشعب الآشوريّ بالقُوَّة، والبأس؛ حيث برع الآشوريّون في صَيْد الأُسُود، وتميَّزوا بفنِّ النحت على الصَّخر، كما أبدعوا في تطوير، وابتكار أدوات، ووسائل الدفاع، والقتال، وحصار الأعداء، ومن الجدير بالذكر أنَّه قد تناوب على حُكم مدينة آشور العديد من الملوك، ومن أشهرهم: الملك آشور ناصربال الثاني (884-858ق.م)، والملك سنحاريب (705-681ق.م)، والملك آشور بانيبال (669-629ق.م).[٢]
'); }
الموقع الجغرافيّ لمدينة آشور
تقع مدينة آشور بمُحاذاة نهر دجلة من ضفَّته الغربيّة قُرب التقاء الزاب الأعلى بنهر دجلة، ويحدُّها من الشمال سهلٌ مُنخفض تَشكَّل بفعل مياه نهر دجلة، أمّا من الجهة الغربيّة فتحدُّها عِدَّة هضاب صخريّة، ويحدُّها من الجانب الشرقيّ سهلٌ واسع يُسمَّى (سهل مخمور)، وتَبعُد مدينة آشور نحو 350كم إلى الشمال عن مركز مدينة بابل،[٣] وإلى الجنوب من مدينة الموصل بمسافة تُقدَّر بنحو 110كم.[٢]
تسمية مدينة آشور
يعود أصل تسمية آشور إلى كلمة (أشارو) التي تعني في اللُّغة الآشوريّة القديمة: البداية، علماً بأنّ الآشوريّين كانوا يُطلقون اسم (أشارو) على إلههم؛ دلالة على أنَّه هو بداية كلِّ شيء في الكون، وتجدُر الإشارة إلى أنَّ الآشوريّين هم من اعترفوا بوجود الإله غير المنظور، وممّا يدلُّ على ذلك أداء الملوك الآشوريّين القُدامى للصلوات، والعبادة، ومع مرور الوقت، أُطلِق على الآشوريّين عِدَّة تسميات، وذلك بالتزامن مع انقسام كنيسة المشرق إلى طوائف مختلفة، إلّا أنَّ اسم الآشوريّين ما زال يُطلق إلى وقتنا الحالي على الجماعات المسيحيّة في العراق، والجزيرة السوريّة (محافظة الحسكة)، وهم من اعتنقوا المسيحيّة على يَد القدِّيسَين ماري، وتداوس.[٢]
التنقيبات في مدينة آشور
بدأت أعمال التنقيب في مدينة آشور خلال القرن التاسع عشر، وقد اقتصرت هذه الأعمال على الرحَّالة الأجانب، حيث زاروا المدينة في عام 1847م، وعثروا فيها على أوَّل تمثال للملك الآشوريّ (شلمنصر الثالث)، وكشفوا في عام 1849م عن منشور من الطين وُضِعت فيه كتابات تاريخيّة تعود إلى الملك (أداد نيراري الأوَّل 1305-1274ق.م)، وفي بداية القرن العشرين تمكَّن المُنقِّبون الألمان أمثال: روبرت كولدفاي، وفالتر أندريه من رَسْم مُخطَّط لمنطقة بوَّابة تابيرا، وقصر الأواوين ذي النمط العمرانيّ المُميَّز، ونظراً للأهمّية التاريخيّة لمدينة آشور، تمّ في عام 1978م البدء في مشروع الإحياء الأثريّ الذي يتضمَّن أعمال التنقيب، والصيانة، والترميم للمعالِم الأثريّة في المدينة، مثل: الأبواب، والقُصور، والشوارع، وخلال أعمال التنقيب تمّ العُثور على غُرَف، وساحات، وبقايا من البوَّابات، وعدد كبير من الكؤوس، والجِرار، بالإضافة إلى رقيم طينيّ عليه كتابة مسماريّة.[٢]
المعالِم البارزة في مدينة آشور
ضمَّت مدينة آشور التاريخيّة عدداً كبيراً من المعالِم الأثريّة التي ما يزال بعضها ظاهراً إلى اليوم في حالة جيّدة، ومن هذه المعالِم:[١]
- الأسوار: يُحيط بمدينة آشور من الداخل، والخارج سُوران طويلان، كان لهما دورٌ بارز في حماية المدينة من الغزوات، والاعتداءات الخارجيّة، ويمتدُّ السُّور الخارجيّ إلى الجهة الجنوبيّة من المدينة مُشكِّلاً زاوية شِبه قائمة، كما يضمُّ السُّور عِدَّة أبراج للمُراقبة يبلغ عرضها نحو 7.60م، أمّا السُّور الداخليّ فهو يمتدُّ بمُحاذاة السُّور الخارجيّ، وعلى بُعد 20م منه، ويستمرُّ مساره إلى الجهة الغربيّة، والجنوبيّة الغربيّة، لينحنيَ في النهاية بين البوَّابتَين الغربيَّتين.
- المعابد، والزقُّورات: تضمُّ مدينة آشور زقُّورة كبيرة كانت مُخصَّصة للعبادة، وهي ما زالت قائمة إلى اليوم بحالة جيّدة، وبحجمها الكامل عدا الجزء السُّفلي منها؛ حيث تعرَّض للضرر، والتخريب، كما تُوجَد إلى الغرب من هذه الزقُّورة بقايا زقُّورتين أُخريَين، إلّا أنَّهما أصغر حجماً منها، حيث خُصِّصت إحداهما لعبادة الإله أنو، والأُخرى لعبادة الإله أداد، بالإضافة إلى أنّ مدينة آشور تضمُّ 35 معبداً، من أهمّها: معبد آشور، ومعبد شمش، ومعبد عشتار، ومعبد مردوخ، ومعبد نبو.
- القُصور: ومن أهمّها القصر الملكيّ الذي يقع إلى الغرب من الزقُّورة، وقصر الفرثي الذي يقع عند الزاوية الجنوبيّة الشرقيّة من سُور المدينة، والقصر الجديد الواقع في الجزء الشماليّ الغربيّ من المدينة، وبيت أكيتو الذي شُيِّد خارج أسوار المدينة بأمرٍ من الملك الآشوريّ سنحاريب، إذ كان مُخصَّصاً لأعياد رأس السنة.
- البوَّابات: تضمُّ أسوار مدينة آشور ثلاث عشرة بوَّابة، حيث تُوجَد هذه البوَّابات في الأجزاء المستقيمة، أو شِبه المُنحنية من سُور المدينة، وتُعرَف البوَّابة الرئيسيّة ب(بوَّابة كوركوري)، أو (تابيرا)، وهي تقع في الجزء الشماليّ الغربيّ من السُّور، وتُعتبَر أوسع بوَّابات المدينة؛ إذ تمّ تشييدها فوق مصطبة مُرتفعة من اللبن، وتمّ تطوير بنائها، والتعديل عليها بعد العهد الآشوريّ، ويعود الفضل في الكشف عن هذه البوَّابة إلى المُنقِّب الألمانيّ (فالتر أندريه) الذي عثر عليها خلال فترة تنقيبيّة للمدينة (1903م-1914م)، كما تمّ العُثور على بوَّابة تُسمَّى (البوَّابة الفرثيّة)، وهي ذات تصميم بسيط، حيث تضمُّ غُرفة ذات شكل مُربَّع، ولها بابٌ خارجيٌّ بمصراعَين، وآخر داخليٌّ مُزوَّد بأقفال، وكلا البابَين لهما العرض نفسه.[٢]
المراجع
- ^ أ ب وزارة السياحة والآثار، تدمير الموروث الحضاري لمحافظة نينوى، صفحة 12،13،14. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج فاطمة طلال رزاق، نور راضي محمد، بوابات مدينة اشور، صفحة 2،8،9،18،19. بتصرّف.
- ↑ رهان الدين دلو، حضارة مصر و العراق : التاريخ الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي، صفحة 270. بتصرّف.