أحكام شرعية

جديد متى تكون نية صيام القضاء

وقت نيّة صيام القضاء

يبدأ وقت النيّة في الصيام الواجب، ومنه صيام القضاء، من غروب شمس اليوم الذي يسبق اليوم المُراد صيامه، ويستمرّ إلى ما قبل طلوع فجر اليوم المُراد صيامه؛ فلا تجوز النيّة قبل غروب الشمس، ولا بعد طلوع الفجر، أو أثناء طلوعه، أو حتى حين أذان الفجر الثاني، وتُستحَبّ في النصف الثاني من الليل،[١] فإن طَلَع الفجر؛ فإمّا أن يكون العبد صائماً، أو لا يكون، وذلك بحسب آخر نيّةٍ مَعقودةٍ قبل الفجر،[٢] وتجدر الإشارة إلى عدم صحّة النيّة في الصيام القضاء إن عُقِدت وعُزِم عليها في النهار، أو بمُضِيّ جزءٍ منه،[٣] وتجوز النيّة في أوّل الليل، أو وسطه، أو آخره، حتى وإن أتى العبد بمُفطرٍ من مُفطرات الصيام بعد عَقْد النيّة وقبل طلوع الفجر، كالأكل، والشُّرب.[٤] أمّا فيما يتعلّق بحُكم تبييت نيّة الصيام من الليل، فقد ذهب العلماء في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:

  • القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة بتبييت نيّة صيام الفَرْض، كرمضان، وقضائه، والنَّذْر، والكفّارات.[٤][٢][٣]
  • القول الثاني: اتّفق الحنفيّة مع الجمهور في قولهم تبييت النيّة للصيام الثابت في الذمّة، أمّا صيام رمضان، فقد قال الحنفيّة باشتراط النيّة فيه إلى ما قبل الزوال*.[٥]

النيّة في قضاء الصيام

الصيام ركنٌ من أركان الإسلام، وتُشترَط فيه النيّة كغيره من العبادات؛ سواءً كان فَرْضاً، كصيام رمضان، وقضائه، والنَّذْر، والكفّارات، أو نفلاً؛ استناداً إلى عدّة أدلةٍ، منها: قول الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)،[٦] وقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى)،[٧] وعرّفها بعض أهل العلم بأنها: قصد الطاعة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بإيجاد الفعل أو الامتناع عنه، ومقصود الشّرع بالنيّة أمران، أحدهما: تمييز العبادات عن العادات؛ ولا يخفى أنّ بعض العبادات لها شبيه في العادات؛ فقد يكون الإمساك عن المفطرات حِميةً أو تداوياً، وفعل هذا يعدّ أمراً عادّياً دنيوياً، وقد يكون الإمساك لصومٍ شرعي استجابةً لأمر الله عز وجلّ وابتغاءً للثواب، فكانت النية هي الفيصلُ في تمييز العادة عن العبادة، ومقصد النيّة الآخر هو تمييز العبادات بعضها عن بعض؛ حيث إنّ العبادات منها ما هو فرضٌ أو نذرٌ أو نفلُ وتطوّع، وكلها طاعات تُقرّب إلى الله تعالى، ولمّا اختلفت رتبتها شُرعت النيّة لتمييزها.[٨]

أحكامٌ مُتعلّقةٌ بنيّة القضاء

حُكم تغيير نيّة صيام التطوُّع إلى صيام القضاء

لا يصحّ من الصائم تطوُّعاً تغيير نيّة صيامه الذي أتمّه إلى نيّة صيام فَرْضٍ؛ إذ إنّه يُشترَط في صيام الفرض تبييت النيّة ليلاً؛ لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ لمْ يُجْمِعِ الصيامَ قبْلَ الفجْرِ ، فلا صِيامَ لهُ)،[٩] ولأنّ تغيير النيّة بعد الفراغ من العبادة لا يؤثّر فيها، فإنّ مَن نوى ليلاً صيام نفلٍ، ثمّ نوى صباحاً بعد مُضِيّ جزءٍ من اليوم صيام الفرض، فإنّه لا يجوز؛ لأنّه يكون بذلك قد صام جزءاً من الفرض تطوُّعاً، فلا يصحّ؛ فالأعمال بالنيّات، كما أنّه لا يجوز تغيير الصيام من مُطلَقٍ إلى مُعيَّنٍ.[١٠]

حُكم جمع النيّة بين قضاء الصيام وصيام التطوُّع

يجوز للمسلم أن يجمع بين عبادتَين بنيّةٍ واحدةٍ، بشرط التداخُل بينهما؛ بأن تكون إحداهما مقصودةً* لذاتها، والأخرى غير مقصودةٍ، أمّا إن كانت العبادتان مقصودتَين لذاتهما؛ فلا يجوز الجمع بينهما بالنيّة؛ لأنّ كلّ عبادةٍ مُستقِلّةٍ عن الأخرى،[١١] فالجمع بين قضاء الصيام وصيام التطوُّع جائزٌ، كقضاء يومٍ من رمضان؛ وهو الصيام الواجب، مع صيام يوم عاشوراء؛ وهو المُستحَبّ، ويُشترَط في ذلك أن ينوي الصائم القضاء في يوم عاشوراء، وينال أجر عاشوراء بإذن الله، أمّا إن نوى صيام عاشوراء، فلا يُجزئه عن قضاء رمضان.[١٢]


الهامش 
*زوال الشمس: مَيلُها عن منتصف السماء.[١٣]

*العبادة المقصودة: العبادة التي طلب الشارع فعلها بذاتها، ولا يجوز إدخالها في غيرها.[١٤]

المراجع

  1. احمد الكساسبة (8-7-2015)، “مختصر أحكام النية في الصيام”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الحطاب الرعيني (1992م)، مواهب الجليل شرح مختصر خليل (الطبعة الثالثة)، دار الفكر، صفحة 419، جزء 2. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أبو المعالي الجويني (2007)، نهاية المطلب في دراية المذهب (الطبعة الأولى)، دار المنهاج، صفحة 7، جزء 4. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن إدريس البهوتي، الروض المربع شرح زاد المستنقع، دار المؤيد، صفحة 230. بتصرّف.
  5. أبو بكر الجصاص (2010)، شرح مختصر الطحاوي (الطبعة الأولى)، البشائر الإسلامية، صفحة 409-410، جزء 2. بتصرّف.
  6. سورة البينة، آية: 5.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن خطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
  8. محمد صدقي آل بورنو (1416 هـ – 1996 م)، كتاب الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية (الطبعة الرابعة)، بيروت – لبنان: مؤسسة الرسالة، صفحة 125-127، جزء 1. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن حفصة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6538، صحيح.
  10. “صيام القضاء لا بد فيه من تبييت النية كالأداء .”، www.islamqa.info، 29-1-2013، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2020. بتصرّف.
  11. الأوقاف والشؤون الإسلامية (1988)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: ذات السلاسل، صفحة 24، جزء 12. بتصرّف.
  12. “الجمع بين قضاء رمضان وصوم عاشوراء أو عرفة”، www.islamqa.info، 12-7-2009، اطّلع عليه بتاريخ 13-3-2020. بتصرّف.
  13. “كتاب المغني”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2020. بتصرّف.
  14. “تعريف العبادات المقصودة لذاتها وغير المقصودة لذاتها”، www.islamweb.net، 9-9-2014، اطّلع عليه بتاريخ 13-3-2020. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى