ما هي نواقض الوضوء

'); }

ما هي نَواقضُ الوُضوء

نَواقض الوُضوء المُتَّفق عليها

يُقصَد بنواقِض الوُضوء: مُفسدات الوضوء، وهي نوعان: نوعٌ متَّفقٌ عليه وآخر مختلفٌ فيه؛ أمَّا المتَّفق عليه فيشمل الأُمور الآتية:[١][٢]

  • أولاً: الخارج من السَّبيلين؛ سواء كان الخارج كثيراً أم قليلاً، ويَشمل الخارج من السبيلين ما يأتي:
    • البول والغائط، لقوله -تعالى-: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا).[٣]
    • الرِّيح؛ ويُعرف بصدور الصَّوت أو إيجاد الرَّائحة، لقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (إذا وجَدَ أحَدُكُمْ في بَطْنِهِ شيئًا، فأشْكَلَ عليه أخَرَجَ منه شيءٌ أمْ لا، فلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حتَّى يَسْمع صَوْتًا، أوْ يَجِدَ رِيحًا).[٤]
    • المَذي؛ -وهو مَاءٌ أبيضٌ لزج، يَخرج عند التَّفكير في الجِماع أو إرادته-.[٥] لقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (توضَّأْ واغسِلْ ذكَرَك).[٦]
    • المَني؛ -وهو ماءٌ غليظٌ أبيضٌ بالنِّسبة للرَّجل، أمَّا بالنِّسبة للمرأة فهو أصفرٌ رقيق-، وذلك عند خروجه لغير الشَّهوة مثل الحرِّ أو البرد، وهذا هو قول الجمهور، أمَّا الشَّافعي فقال بوجوب الغُسل ولو كان نزول المَني بدون شهوة، والسَّائل الذي يخرج من المرأة؛ فهو خارجٌ من السَّبيلين لذا وجب الوضوء منه بالرُّغم من كونه طاهراً.
  • ثانياً: غَيبة العقل أو زواله؛ بالمخدِّرات والمُسكّرات، أو بالإغماء، أو الجنون، أو الصَّرَع، أو بالنَّوم؛ لما قد يترتَّب عليه غالباً من خروج شيءٍ من السَّبيلين دون أن يشعر الشَّخص به بسبب زوال عقله، وبيان تفسير الفُقهاء في تحديد النَّوم الذي يكون ناقضاً للوضوء فيما يأتي:[٧]
    • التفسير الأول للحنفيَّة والشَّافعيّة: وقد ذهبوا فيه إلى تحديد النَّوم النَّاقض للوضوء بأنَّه النَّوم الذي لم تتمكَّن فيه المقعدة من الأرض إذا كان الشَّخص جالساً على الأرض، أو هو النَّوم الذي يكون فيه الشَّخص مضطجعاً أو متَّكّئاً على شيءٍ، فعندها يكون نومه مُنقضاً للوضوء؛ وذلك لأنَّ هذه الهيئات تُرخي المفاصل في الجسم ممّا قد يؤدّي إلى خروج شيءٍ من السَّبيلين، بخلاف النَّوم الذي تكون فيه المقعدة متمكِّنة من الأرض، لذا لا ينتقض الوضوء بهذه الوضعية في النَّوم.
وأضاف الحنفيَّة أنَّ النَّوم في وضعيات الصَّلاة من رُكوعٍ وسجودٍ وغيرها لا يُنقِض الوضوء أيضاً؛ لأنَّ بعض الاستِمساك والتَّمكن ما زال حاضراً، إذ لو زال لأدَّى ذلك إلى سقوط الشَّخص، ومن أدلتهم حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ينتظِرونَ العِشاءَ الآخرةَ حتَّى تخفقَ رءوسُهُم، ثمَّ يصلُّونَ ولا يتَوضَّؤونَ).[٨]

'); }

    • التفسير الثَّاني للمالكيَّة والحنابلة: قالوا إنَّ النَّوم اليسير أو الخفيف لا يُنقض الوضوء، والنَّوم الثَّقيل يُنقض الوضوء؛ والثَّقيل هو ما لا يشعر صاحبه خلاله بالأصوات، أو بسقوط شيءٍ من يده، أو سيلان ريقه وما شابه ذلك، ومن أدلّتهم حديثُ عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: (بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ بنْتِ الحَارِثِ، فَقُلتُ لَهَا: إذَا قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأيْقِظِينِي، فَقَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقُمْتُ إلى جَنْبِهِ الأيْسَرِ، فأخَذَ بيَدِي فَجَعَلَنِي مِن شِقِّهِ الأيْمَنِ، فَجَعَلْتُ إذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بشَحْمَةِ أُذُنِي، قالَ: فَصَلَّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً).[٩][٧]
وأضاف الحنابلة أنّ كلَّ النَّوم ناقضٌ للوضوء باستثناء اليسير منه عُرفاً، سواء كان الشخص فيه جالساً أو قائماً، أمَّا المضطجع بالنَّوم فنومه مُنقضٌ للوضوء ولو كان يسيراً؛ والخلاصة أنَّ الفقهاء اتَّفقوا على أنَّ النَّوم مضطجعاً من غير تمكين المقعدة من الأرض ناقضٌ للوضوء.[٧]

نواقضُ الوضُوء المُختلف فيها

النَّوع الثَّاني من النَّواقض؛ هي النَّواقض المختلف فيها، وتشمل الأمور الآتية:[١٠][١١]

  • مَسّ الفَرج باليد من غير حائل، سواء كان ذلك من القُبُل أو من الدُّبر؛ وتعدّدت آراء الفقهاء في هذا النَّاقض؛ فقال المالكيَّة إنَّ الوضوء لا يُنقض بمسِّ الدُّبر، ولا يُنقض بمسِّ المرأة لفرجِها، ويُنقض بمسِّ الذَّكر فقط؛ سواءً كان اللَّمس بشهوةٍ أم بغير شهوة، ودليلهم في ذلك الحديث: (من مسَّ ذكرَه، فلا يصلي حتى يتوضأَ)،[١٢] وقال الحنفيِّة إنَّ مسَّ الفرج لا يُنقض الوضوء، وقال الحنابلة إنَّ المسَّ بشهوةٍ يُنقض الوضوء، وبغير شهوةٍ لا يُنقضه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية إنَّ الوضوء من مسِّ الذَّكر مستحبُّ مطلقاً.
  • مسّ المرأة؛ وتعدّدت آراء الفقهاء في هذا النَّاقض على ثلاثة أقوال:
    • الأول قول أبي حنيفة: إنَّ مسَّ المرأة لا يُنقض الوضوء إلا إذا خرج منه شيء؛ أي في حالة المباشرة الفاحشة وهي التقاء الفرجين.
    • الرَّأي الثَّاني قولُ الإمام مالك ومذهب الحنابلة: إنَّ مسَّ المرأة يُنقض الوضوء إن كان بشهوة وإلا فلا.
    • الرَّأي الثَّالث وهو قول الشَّافعي: إنَّ مسَّ المرأة يُنقض الوضوء مطلقاً حتى وإن كان بلا شهوة.
  • تغسيل الميت؛ والمقصود أنَّ تغسيل الميِّت يُنقض وضوء المُباشِر بتغسيل الميت -المُغسِّل-، والإمام أحمد هو من اعتبر هذا من نواقض الوضوء، أمَّا مذهب الجمهور فهو أنَّ تغسيل الميِّت لا يوجب الوضوء على المغسِّل.
  • أكلُ لحم الإبل؛ انفرد الإمام أحمد بعدِّه ناقضاً للوضوء، سواء كان اللَّحم نيّئاً أو مطبوخاً، بينما قال الجمهور بأنَّ أكل الجزور لا يُنقض الوضوء مطلقاً.
  • الرِّدَّة عن الإسلام؛ وهو الصَّحيح من مذهب الحنابلة والمعتمد عند مذهب المالكيَّة، لقوله -تعالى-: (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)،[١٣] والوضوء عملٌ من الأعمال فيَبطُل بالرِّدة، وقال بعض الفقهاء إنَّ الرِّدة عن الإسلام لا تُنقض الوضوء لقوله -تعالى-: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)،[١٤] فتمَّ اشتراط الموت لكي يحبط العمل.

أحكام مُتعلِّقة بنواقض الوُضوء

توجد العديد من الأحكام المتعلِّقة بنواقض الوضوء، ومنها تَجديد الوضوء؛ ومعناه أن يكونَ الشَّخص على وضوء ثمَّ يتوضأ مرَّةً أخرى من غير أن يُحدِث،[١٥] ويُعدُّ تجديد الوضوء سُنَّة لقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (الوُضوءُ شَطرُ الإيمانِ)،[١٦][١٧] ويُسنُّ تجديد الوضوء إذا صلَّى به المسلم فريضةً، أو سنَّةً، أو نفلاً مطلقاً، بخلاف الغُسل والتَّيمم، ويُعدُّ طواف الفرض والسُنَّة أيضاً في معنى الصَّلاة لذا يُستحبّ له التَّجديد أيضاً.[١٨]

وتجدر الإشارة إلى وجود أُمورٍ تَحرم على المُحدث أو مَن بطل وضوءه، ومنها ما يأتي:[١٩][٢٠]

  • الصَّلاة، وهذا أمرٌ مُجمعٌ عليه؛ إذ لا تصحُّ صلاة المُحدث بغير وضوء، للحديث: (لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ).[٢١]
  • الطَّواف؛ وهو من الأمور المُختلف فيها؛ فقد ذهب المالكيَّة والشَّافعية والحنابلة إلى اشتراط الوضوء لصحَّة الطَّواف، وقال الحنفيَّة إنَّ الطَّهارة واجبةٌ ولكن يصحُّ الطَّواف بدونها على أن تُجبر بدم، وقال ابن تيمية إنَّ الوضوء للطَّواف سنُّة.
  • مسّ القرآن الكريم: أجمع الفقهاء على جواز قراءته بغير لمْسٍ، وتعدّدت آراؤهم في حكم مسّه لغير المتوضّئ، وبيان ذلك آتياً:[٢٢]
    • الحنفيّة والحنابلة: ذهبوا إلى جواز مسَّه بحائلٍ أو عودٍ لمن كان غير مُتوضّئ، وقال الحنفية بحرمة مسّه باليد أو بعضه، وكذلك أي شيءٍ كُتب عليه القرآن كالنقود، وأجازوا مسّه للصبي لأجل التعلّم أو الحفظ بخالف الحنابلة، وأجازوا مسّ كتب التفسير بشرطِ أن يكون ما فيه من التّفسير أكثر من القُرآن الكريم، وقال الحنابلة بجواز مسّ كل ما لا يُطلق عليه قرآناً، كالنقود.
    • المالكيّة والشافعيّة: ذهبوا إلى حُرمة مسِّ القرآن الكريم ولو بِحائلٍ؛ كالورقة أو القلم، وقال المالكيّة بجواز لَمْسه للتعلّم حتى ولو كانت المرأة حائِضاً أو نفساء؛ بسبب صعوبة إزالة العُذر، وأمّا الجُنُب فلا يجوز له مسّه؛ لِقدرته على إزالة العُذر بِالغُسل.

المراجع

  1. عبدالله الطيار، عبدالله المطلق، محمد الموسى (2012)، الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، السعودية: مدار الوطن للنشر، صفحة 72-73، جزء 1. بتصرّف.
  2. وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 111-112، جزء 17. بتصرّف.
  3. سورة المائدة، آية: 6.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 362، صحيح.
  5. محمد صالح المنجد (2000-8-6)، “الفرق بين المني والمذي”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2021-2-24.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 269، صحيح.
  7. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 24-27، جزء 1. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 200، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 763، صحيح.
  10. عبدالله الطيار، عبدالله المطلق، محمد الموسى (2012)، الفقه الميسر (الطبعة الثالثة)، السعودية: مدار الوطن للنشر، صفحة 73-77، جزء 1. بتصرّف.
  11. وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 427-436، جزء 1. بتصرّف.
  12. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن بسرة بنت صفوان، الصفحة أو الرقم: 446، إسناده صحيح.
  13. سورة المائدة، آية: 5.
  14. سورة البقرة، آية: 217.
  15. ديبان الديبان (2005)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة الثانية)، السعودية: مكتبة الرشد، صفحة 397، جزء 9. بتصرّف.
  16. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن حسان بن عطية، الصفحة أو الرقم: 7152، صحيح.
  17. القاضي الحسين، التعليقة للقاضي حسين، السعودية: مكتبة نزار مصطفى الباز، صفحة 470، جزء 1. بتصرّف.
  18. شهاب الدين الرملي (2009)، فتح الرحمن بشرح ريد ابن رسلان (الطبعة الاولى)، لبنان: دار المنهاج للنشر والتوزيع، صفحة 178-179. بتصرّف.
  19. ديبان الديبان (2005)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة الثانية)، السعودية: مكتبة الرشد، صفحة 915-919، جزء 10. بتصرّف.
  20. سعيد باعشن (2004)، شرح المقدمة الحضرمية (الطبعة الاولى)، السعودية: دار المنهاج للنشر والتوزيع، صفحة 115، جزء 1. بتصرّف.
  21. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6954، صحيح.
  22. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 449-453، جزء 1.بتصرّف.
Exit mobile version