سيدنا صالح
سيدنا صالح هو أحد أنبياء الله تعالى، المُرسل إلى قوم ثمود، وهي قبيلة عربية مُتفرعة من أولاد سام بن نوح، وسميت بذلك نسبة إلى أحد أجدادها، وهو: ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح، وقيل: ثمود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وكانوا قوماً جاحدين عصوا ربهم، وعبدوا الأصنام، فبعث الله إليهم صالحاً ليهديهم إلى عبادته.
معجزة سيدنا صالح
لم يُصدق قوم صالح دعوته، حيث كانوا يشكون به، واعتقدوا بأنه ساحر، أو مسحور، وطالبوه بمعجزة لإثبات صدق نبوته، واستجاب الله تعالى لذلك، وعُرف قوم ثمود بنحتهم لبيوت عظيمة من الجبال، فكانوا يستعملون الصخر للبناء، وكانوا أشداء، وأقوياء، ورزقهم الله من كل شيء، حيث إنهم أتوا بعد قوم عاد، وسكنوا الأرض التي استعمروها، وكانت مُعجزته هي الناقة، قال تعالى: (وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ) [هود:64].
شقت ناقة صالح صخرة في الجبل، وخرجت منها، وكانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم وحدها دون أن تقترب الحيوانات الأخرى من المياه في ذلك اليوم، وكانت أيضاً تدر لبناً يكفي لشرب جميع الناس، وكان يحدث ذلك في اليوم الذي تشرب فيه الماء، ووصف الله تعالى الناقة المعجزة بناقة الله، وذلك دليل على أنها ليست ناقة عادية، وإنما مُعجزة من الله تعالى، وأصدر الله أمراً إلى صالح عليه السلام بأن يُخبر قومه بعدم المساس بالناقة، أو إيذائها، أو قتلها، وأن يدعوها تأكل من أرض الله، وعدم إيذائها، وإلا فإنهم سيُلاقون عذاباً كبيراً.
دُهشت ثمود في البداية عندما خرجت الناقة من صخرة في الجبل، وبلبنها المبارك الذي يكفي القوم، وكان الأمر واضحاً بأنها آية من آيات الله، فعاشت بينهم، وآمن بعضهم، وبقي مُعظمهم على الكفر والعناد، فحينما يطلب الكفار من نبيهم مُعجزة فليس ذلك لأنهم يُريدون التأكد من صدقه، والإيمان به، وإنما لتحديه، وإبراز عجزه أمام البشر، فكان الله يخذلهم بتأييده لرسله بمعجزات من عنده.
قتل الناقة
بدأ الكافرون بنسج خيوط المؤامرة ضد ناقة صالح عليه السلام، فاجتمع في إحدى الليالي كبار القوم، وأخذوا يتشاورون فيما يتوجب عمله لإنهاء دعوة صالح، فأشار أحدهم بقتل الناقة، ثم قتل صالح، فرد أحدهم عليه: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب، فقال أحدهم سريعاً قبل أن يتأثر القوم بكلام من سبقه: أعرف من يجرؤ على قتل الناقة، فخرج أشقاهم وقتل الناقة وهي نائمة.
عندما علم النبي صالح بذلك خرج غاضباً على قومه، واستهزؤوا به قائلين: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله، وبعد ذلك غادر صالح قومه، ووعد الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام، ومرت الأيام عليهم وهم يهزؤون بالعذاب، وفي فجر اليوم الرابع انشقت السماء عن صيحة شديدة واحدة انقضت على الجبال، وهلك فيها كل شيء حي، أما من آمنوا بسيدنا صالح غادروا المكان معه.