محتويات
سيدنا إبراهيم عليه السلام
ولد سيّدنا إبراهيم عليه السلام في أرض بابل بالعراق في عهد حاكم مستبد بتلك البلاد، وقد نصّب نفسه إلهاً لقومه الذين كانوا يعيشون في الجهل والضلال وعبادة الأصنام، وقد كان والد إبراهيم هو آزر ويعمل نجاراً وينحت الأصنام ويبيعها، وعندما كبر إبراهيم عليه السلام تزوّج ورزقه الله بذرية من الأنبياء منهم إسماعيل.
حوار إبراهيم عليه السلام مع قومه
جادل إبراهيم قومه فيما توصّل إليه من الحقّ حول عبودياتهم الباطلة، إلّا أنّ قول إبراهيم لم يقنعهم، وقد سألهم لإثبات حجّته، حول أي الطائفتين أحقّ بالأمن والطمأنينة والنجاة من غضب الله سبحانه، هل هي الطائفة التي تعبد الأصنام الخرساء التي لا تنفع ولا تضرّ، ولا تنطق ولا تعقل، أم الطائفة التي تعبد الله مالك الضر والنفع، وخالق جميع هذه النعم، وهذا الكون بما فيه من كواكب، وشمس، وقمر، وأحجار هم يعبدونها، إنّ الطائفة المطمئنة المؤمنة هي من أخلصت العبادة لله وحده دون إشراكه أحداً، وهؤلاء المؤمنون هم من اهتدوا في الدنيا.
حوار إبراهيم عليه السلام قبل تحطيم الأصنام
عاد إبراهيم ليجادل قومه، أملاً في أن يعودوا عن عنادهم وكفرهم، فسألهم وهم يحيطون بالأصنام عن هذه التماثيل التي يعبدونها، فأجابوه أنّهم شاهدوا آباءهم يعبدونها؛ أي أنّهم يعبدونها مجرّد تقليد لأجدادهم؛ فأجابهم عليه السلام في جرأة أنّهم وآباءهم من قبلهم في ضلال كبير، ثمّ سألوه إن كان جدياً في دعوته ورسالته ونسبتهم إلى الكفر والضلال، أم أنّه يمزح معهم فقط؛ فهم لم يسمعوا مثل هذا الكلام قط، فأجاب إبراهيم أنّه ليس بمازح، وأنّه يدعوهم إلى عبادة الله خالق السماوات والأرض، وأنّ حجّته لا يستطيع أحد نكرانها، بينما حجّتهم المتماثلة في اتّباع ما وجدوا عليه آباءهم حجّة باطلة.
تحطيم إبراهيم للأصنام
بعد انتهاء الجدال بين إبراهيم عليه السلام وقومه، أراد أن يستخدم أسلوباً آخر لإقناعهم وللفت أنظارهم لما كانوا غافلين عنه، فأراد تكسير أصنامهم، وانتظر حتّى انصرفوا من تجمّعهم هناك، وحمل فأساً، ومضى حيث توجد الأصنام، وبدأ بتحطيم الأصنام حتّى تخلّص من جميعها باستثناء الصنم الكبير، حيث علّق في عنقه الفأس التي كسر بها الأصنام، محاولاً بهذا إقناعهم بدينه.
بعد أن عاد الكفّار إلى الأصنام؛ سألوا من الذي فعل ذلك بآلهتهم، فقال بعض النّاس أنّهم سمعوا فتىً اسمه إبراهيم يذكر أصنامهم بالسوء، فقرّروا تشكيل محكمة يحاكمونه فيها أمام عدد كبير من الناس، ثمّ احتشد النّاس وجاؤوا بإبراهيم أمامهم، وسألوهم إن كان هو من فعل ذلك بآلهتهم، فأجاب أنّ كبيرهم من فعلها وليسألوه؛ وذلك ليعرفوا أنّ أصنامهم لا تنطق ولا تعقل فهي جماد، فراجع بعضهم نفسه نتيجة ضعف حجّتهم، واتبع بعضهم إبراهيم، وبقيت فئة من الكفّار على جهلها وعنادها، فقالوا له كيف نخاطبهم وهم لا ينتطقون، فأكمل إبراهيم ما بدأ به، وسألهم كيف يعبدون ما لا ينطق، ولا ينفع، ولا يضرّ، ورغم ذلك صدر الأمر بقتل إبراهيم عليه السلام بطريقة بشعة، وهي الحرق بالنار حتى الموت.
حدوث معجزة سيدنا إبراهيم
قصد الكفّار رجل من الأكراد يسمّى هيزن، وطلبوا منه صنع منجنيق ليضعوا فيه إبراهيم عليه السلام ويلقوه في النار، وبدؤوا في جمع الحطب من كافّة الأماكن، وظلّوا فترة طويلة على ذلك، حتّى أنّ المرأة منهم كانت إذا مرضت نذرت أنّها إذا عوفيت سوف تحمل الحطب لحرق إبراهيم عليه السلام، وحفروا حفرة كبيرة وضعوا فيها جميع الحطب الذي جمعوه، وأشعلوا النار، فالتهبت وعلا منها شرار لم يُشاهد مثله من قبل.
شرعوا بتقييد إبراهيم وربطه بالحبال، ثمّ حملوه ووضعوه في كفّة المنجنيق وأطلقوه إلى النار؛ فلقيه جبريل في الهواء وفقاً لقصص الأنبياء لابن كثير وسأله إن كان له حاجة، فأجابه إبراهيم أنّه لا حاجة له عند جبريل، فأمر الله فوراً النار بأن تكون برداً وسلاماً عليه، وقد قيل أنّه لم يُصب إبراهيم حينها إلّا العرق على وجهه، وقد كان يمسحه جبريل عليه السلام، وظلّ إبراهيم في النّار أربعين أو خمسين يوماً، ولم تحرق منه سوى حبله الذي ربطوه به، وهذه معجزة من معجزاته عليه السلام.