محتويات
'); }
ما هي معجزات سيدنا موسى
العصا التي تنقلب إلى حية
أيدَّ الله -تعالى- نبيه موسى -عليه السلام- بعدد من المعجزات وكان منها معجزة العصا التي تمثلت في عِدّة أمور منها:[١]
- انقلاب عصا موسى إلى حية عندما يلقيها، ورجوعها عصا إذا أخذها بيده.
- أكلها لِما ألقاه السحرة من الحبال.
- فلقها للبحر عندما ضربه بها بإذن الله.
- تفجيرها للماء من الحجر الذي يُضرَب فيها، وهناك أمور أخرى تميزت بها هذه العصا ذكرها بعض المفسرون لكنهَّا لم تثبت.
ومن الآيات القرآنية التي تحدثت عن معجزة العصا قوله -تعالى-: (وَما تِلكَ بِيَمينِكَ يا موسى* قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى* قالَ أَلقِها يا موسى* فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى* قالَ خُذها وَلا تَخَف سَنُعيدُها سيرَتَهَا الأولى)،[٢] لقد وصفت الآيات الكريمة اللحظات التي كلَّم الله بها نبيه موسى، والتي تبيَّنَّ فيها أن الله -تعالى- قادر على كل شيء، والذي يقول للشيء كُن فيكون، فقد أمر الله -تعالى- موسى أن يُلقي عصاه فإذا بها تصبح أفعى وهذا الأمر الخارق للعادة دلَّ على أنَّ الذي يُكَلِّم موسى هو القادر على إحداث كل شيء، ثمَّ ألقاها موسى فأصبحت حية.[٣]
'); }
فلمَّا رآها موسى هرب منها ولم يلتفت، ولمَّا رجع أَمَره الله -تعالى- أن يأخذها ولا يخف منها، فأعادها الله -تعالى- عصا كما كانت من قبل،[٣] وقد كانت هذه العصا التي تنقلب إلى حيَّة سبباً في إسلام سحرة فرعون، لأنَّهم عندما رأوا ما تقوم به هذه الحيَّة من ابتلاع لعشرات الحبال والعصي التي جاؤوا بها ليغالبوا موسى -عليه السلام- عرفوا أنها ليست من صنع البشر وإنما هي من صنع خالق البشر -سبحانه وتعالى- فخَّروا ساجدين لرب العالمين، وكل ذلك صوره الله -تعالى- في قوله:(قالوا يا موسى إِمّا أَن تُلقِيَ وَإِمّا أَن نَكونَ أَوَّلَ مَن أَلقى* قالَ بَل أَلقوا فَإِذا حِبالُهُم وَعِصِيُّهُم يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنَّها تَسعى* فَأَوجَسَ في نَفسِهِ خيفَةً موسى* قُلنا لا تَخَف إِنَّكَ أَنتَ الأَعلى* وَأَلقِ ما في يَمينِكَ تَلقَف ما صَنَعوا إِنَّما صَنَعوا كَيدُ ساحِرٍ وَلا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتى* فَأُلقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قالوا آمَنّا بِرَبِّ هارونَ وَموسى).[٤][٥]
تغير لون يديه دون مرض
كان من معجزات سيدنا موسى -عليه السلام- أنَّه كان يُخْرِج يده من جيبه أو قيل: من تحت إبطه، فتصبح بيضاء لها شعاع كالشمس، وخاصةً أنَّ سيدنا موسى -عليه السلام- كان أسمر اللون،[٦] وهذا البياض في يده لم يكن بسبب مرض كبرص أو نحوه، بل كانت علامة على صدق نبوّته وهذا ما وصفه قوله -تعالى-: (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيضاءُ لِلنّاظِرينَ).[٧][٨]
انشقاق البحر
أمر الله تعالى نبيه موسى بأن يخرج هو وبني إسرائيل من أرض مصر هروباً من بطش فروعون وقومه، فخرج نبي الله موسى ببني إسرائيل ليلاً، وإذ بفرعون يتبعهم بجنوده، إلى أن لحق بهم وكان البحر من أمامهم فظنوا أن فرعون قد أمسك بهم، إلا أن الله أيَّد موسى -عليه السلام- بمعجرة انشقاق البحر[٩]، إذ أمر الله -تعالى- موسى أن يضرب البحر بعصاه، إذ بالبحر ينفلق، عندما ضربه بعصاه، وجعل كل قسم من أقسامه كأنَّه الجبل العظيم من الماء، وهي المنطقة الممتدة من ساحل مصر إلى ساحل سيناء، فشاء الله -تعالى- أن يسير عليها موسى -عليه السلام- ومن آمن به، وهي مستقيمة وغير منشقة، وقد تبعه من آمن به وأيده ونصره من قومه.[١٠] ومن ذلك قوله -تعالى-: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)،[١١][١٢] وقوله: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ)،[١٣] وقد تبع فرعون وجنوده موسى وبني إسرائيل ودخلوا في الطريق المنشق في البحر فإذا بالله -تعالى- يأذن بانطباق البحر بعد تمكنَّ موسى ومن معه من المرور بسلام.[١٠][٩]
معجزات أخرى لسيدنا موسى
أيَّد الله -تعالى- نبيه موسى -عليه السلام- بعدد من المعجزات منها ما يأتي:
- معجزة ابتلاءات بني إسرائيل: ابتلى الله -تعالى- بني إسرائيل بعدد من الآيات ذكرها في قوله تعالى: (وَلَقَد أَخَذنا آلَ فِرعَونَ بِالسِّنينَ وَنَقصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ)،[١٤] وقوله: (فَأَرسَلنا عَلَيهِمُ الطّوفانَ وَالجَرادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاستَكبَروا وَكانوا قَومًا مُجرِمينَ)،[١٥] توضيحها فيما يأتي:[١٦]
- السِّنين: وهو حبس الله -تعالى- المطر عنهم، وبالتالي قَلَّت مياه النيل، وأصابهم القحط والجدْب.
- نقص الثمرات: إذ منع الله -تعالى- الأرض من أن تُعطيَهم خيراتِها، حتى أنَّ ما يخرج منها تصيبه الجوائح والآفات.
- الطوفان: وهو فيضان الماء الذي يُتلف مزارعهم، ويهد قراهم ومدنهم.
- الجراد: إذ سَلَّط الله -تعالى- عليهم الجراد وهو حشرة تأكل النبات ولا تدع أخضراً ولا يابساً إلا تأكله.
- القُمَّل: وهي حشرة القُمَّل التي من شأنها إيذاء الناس في أجسادهم.
- الضفادع: سَلط الله -تعالى- عليهم الضفادع بأعداد كبيرة مما جعلهم يستصعبون العيش معها.
- الدَّم: سَلط الله -تعالى- عليهم الدَّم الذي يصيب أطعمتهم، وأشربتهم.
- معجزة جبل الطور: اختار موسى -عليه السلام- من قومه سبعين رجلاً ليعتذروا إلى الله -تعالى- عن قومهم بسبب شركهم وعبادتهم للعجل، قال -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ)،[١٧] وقد نقل ابن كثير في تفسيره عن عدد من السلف ومنهم ابن عباس أنَّهم قالوا في تفسير هذه الآية أنَّ قوم موسى -عليه السلام- عندما أتاهم بالألواح من عند الله وفيها التوراة وأمرهم بأخذها بعزم وقوة، قالوا: اعرضها فإن كانت أوامرها سهلة قبلناها، فقال لهم: اقبلوها كما هي، وعندما استمروا في مراجعته أمَر الله -تعالى- الملائكة أن يرفعوا الجبل فوق رؤوسهم حتى صار كالغيمة، وخيَّرهم بين الإيمان وبين أن يقع الجبل عليهم، فلما قارب الجبل على الوقوع خروا ساجدين فكشف الله عنهم العذاب[١٨].
- معجزة إحياء قتيل: أحيى الله -تعالى- على يد موسى -عليه السلام- شخصاً كان قد قُتل من بني إسرائيل وقد كان شيخاً كبيراً غنياً سيرثه أبناء أخيه إذا هو مات، فكانوا يتمنون موته، فجاء أحدهم في الليل وقتله ورماه بالطريق، ثمَّ في الصباح جاء ابن أخيه يطلب من نبي الله موسى -عليه السلام- أن يكشف من قتل عمه، وعندما سأل موسى الناس فلم يجد أحداً يعرف شيئاً عن القضية فطلبوا منه أن يسأل ربه، ففعل فأشار الله -تعالى- عليه أن يطلب منهم ذبح بقرة[١٩] بمواصفات معينة فذبحوها وهم مترددون في الأمر، فأمرهم موسى -عليه السلام- عن الله -تعالى- أن يضربوا الميت بجزء من هذه البقرة، فلما قاموا بذلك أحياه الله -تعالى- فسألوه من الذي قتلك: قال: ابن أخي، ثم عاد ميتاً كما كان، ومن ذلك قوله -تعالى-: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّـهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)،[٢٠] وهذا دليل على أنَّ الله -تعالى- قادر على إحياء جميع الموتى في ساعة واحدة كما أحيا هذا القتيل بأمر منه -سبحانه وتعالى-.[١٩]
- معجزة الطمس: طمس الله -تعالى- على أموال بني إسرائيل من الدراهم والدنانير بأن تنمحي آثارها فتحولت أموالهم وأرزاقهم إلى حجارة[٢١].[٢٢]
ويجدر بالذكر اختلاف العلماء في تفسير تحديد الله -تعالى- معجزات سيدنا موسى -عليه السلام- بالتسع في قوله -تعالى-: (وَلَقَد آتَينا موسى تِسعَ آياتٍ بَيِّناتٍ)،[٢٣] مع أنها أكثر من ذلك، وذهبوا إلى أنَّ تخصيص عدداً معيناً بالذكر لا يقدح في ثبوت الزائد عليه، فقد ذكر الله -تعالى- ستة عشر معجزة لسيدنا موسى -عليه السلام- في القرآن الكريم، وقد اتفق المفسرون على سبع من هذه المعجزات التسعة المقصودة في الآية الكريمة وهي: العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم.[٢٢]
سبب كثرة معجزات سيدنا موسى
يُنَّزِّل الله -تعالى- المعجزات على يد أنبياءه ورسله لتكون دليلاً على صدق دعوتهم، وليتَحَدُّوا بها المكذبين بهم من أقوامهم، فعادةً ما تكون أموراً خارقةً للعادة يُظهرها الله -تعالى- على يد أنبيائه، وتكفي عادةً معجزةً واحدةً لتكون برهاناً على صدق نبوّة نبي من الأنبياء، ولا علاقة بين كثرة المعجزات لنبيٍّ معين وبين منزلته ومستوى تكريمه عند الله -تعالى- فها هو أبو الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- لم يأتِ بمعجزات أكثر من سيدنا موسى -عليه السلام- الذي استدعت طبيعة قومه وغلظتهم، وشدة تكذيبهم له، وعتوِّ قائدهم فرعون، تأييده بالعديد من المعجزات ليصدقوه،[٢٤] بالإضافة إلى أنَّ موسى -عليه السلام- أُرسِل لقومه ولغيرهم، أما الأنبياء السابقون فقد أرسلوا لأقوامهم، ومن الأسباب كذلك جهْل قوم فرعون الذي كان أعظم من جهل سائر الأقوام مما اقتضى تأييد موسى -عليه السلام- بعدد أكبر من المعجزات ليُصدِّقوه.[٢٥]
وقد تكرر ذكر قصة موسى -عليه السلام- في القرآن الكريم، فقد ذُكر اسمه أكثر من مئة وثلاثين مرة، وذُكرت قصته في سور مكية منها مطولة، ومنها مختصرة، والسر في ذلك هو أنَّ قصته أشبه قصة من قصص الرسل الكرام، بقصة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث بعث كل منهما بشريعةٍ دينيةٍ، ودنيويةٍ، ولأجل تكوين وإعداد أمةٍ عظيمةٍ لها ملكٌ وحياة مدنية.[٢٦]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 201. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية: 17-21.
- ^ أ ب سيد مبارك (2004)، معجزات الأنبياء والمرسلين، القاهرة: المكتبة المحمودية، صفحة 71-72. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية: 65-70.
- ↑ عمر الأشقر (1989)، الرسل والرسالات (الطبعة الرابعة)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 128. بتصرّف.
- ↑ أبو المظفر السمعاني (1997)، تفسير القرآن (الطبعة الأولى)، السعودية-الرياض: دار الوطن، صفحة 202، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 108.
- ↑ أبو جعفر الطبري (2001)، تفسير الطبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار هجر، صفحة 346، جزء 10. بتصرّف.
- ^ أ ب سيد سابق، العقائد الإسلامية، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 212. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير ، القاهرة-مصر: دار الفكر العربي، صفحة 227. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية: 63.
- ↑ سعيد القحطاني، الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 359. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 50.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 130.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 133.
- ↑ عمر الأشقر (1989)، الرسل والرسالات (الطبعة الرابعة)، الكويت: دار النفائس، صفحة 129. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 63.
- ↑ الرازي، ابن أبي حاتم (1419 )، تفسير ابن أبي حاتم، الأصيل، السعودية: مكتبة نزار مصطفى الباز، صفحة 130، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب سيد مبارك (2004)، معجزات الأنبياء والمرسلين، القاهرة: المكتبة المحمودية، صفحة 77-80. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 73.
- ↑ “معنى الطمس وعدد الآيات وأن الأنبياء لم يدعوا على أممهم إلا بعد اليأس منهم”، al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2020.
- ^ أ ب فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب التفسير الكبير (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 413-414، جزء 21. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 101.
- ↑ محمد عمارة، تقرير علمي رد على كتاب “مستعدين للمجاوبة” لـ سمير مرقص، مصر: مجلة الأزهر، صفحة 130. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 28، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ محمد الأمين الهرري (2001)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: دار طوق النجاة، صفحة 45، جزء 10. بتصرّف.