قِبلة المسلمين
تُعتبر الكعبة المشرّفة قبلةَ المسلمين التي يتوجّهون إليها في صلاتهم بناءً على أمر الله تعالى، وهذه القبلة هي قبلة أبيهم إبراهيم عليه السلام من قبلُ، وقد جاء الأمر الربّاني باتخاذ الكعبة كقبلة في الصلاة في قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).[١][٢]
أولّ قِبلة للمسلمين
ذكر العلّامة ابنُ جرير الطبريّ أنّ النبي عليه الصلاة والسلام اتخذ بيت المقدس أوّل قبلة له في الصلاة قبل الهجرة النبوية، وقد اقتدت الأنصار به في ذلك نحو ثلاثِ حجج، وبعد هجرته إلى المدينة المنورة بقي النبي الكريم يصلي إلى بيت المقدس نحو ستةَ عشرَ شهراً قبل أن يُؤمر بالتوجّه إلى الكعبة المشرّفة، وقد ذكر العلامة ابن كثير كيفيّة توجّه النبي في صلاته إلى بيت المقدس قبل الهجرة حيث كان يصلّي بين الركنين جاعلاً الكعبة بين يديه ومستقبلاً بيت المقدس، ثمّ بعد هجرته إلى المدينة تعذّر عليه الجمع بين القبلتين في الصلاة فظلّ يدعو ربّه جلّ وعلا ويتضرّع إليه أن يجعلَ الكعبةَ قبلةَ المسلمين حتى ولّاه ربّ العزّة إيّاها بعد نحو بضعة عشر شهراً من اتّخاذ بيت المقدس كقبلة.[٣]
الحكمة من تحويل القبلة
لا شكّ بأنّ واجبَ المسلم الامتثالُ إلى أوامر الله تعالى والتّسليم لها حتى لو لم يتمَّ الاستدلالُ على الحكمة منها، فالله جلّ وعلا لا يأمر أمراً أو يشرّع حكماً إلا لحكمة بالغة، وتقديرٍ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد تكون الحكمة في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في أنّ الله قد جعل هذه الأمة وسطاً، ومعنى الوسط أي العدول والخيار، لذلك دلّ الله هذه الأمة إلى ما يحقّق لها الخيريّة والأفضليّة في كلّ شيء، ومن بين ذلك اتخاذ قبلة إبراهيم عليه السلام في الصلاة، كما قد تظهر الحكمة في تحويل القبلة في أنّ الله جعل هذا الأمر اختباراً لتمييز المؤمنين الصادقين الذين يمتثلون إلى أمر الله تعالى وحكمه عن غيرهم من المكذّبين والمنافقين، قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ).[٤][٥]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 144.
- ↑ “هل قبلة المسلمين في صلاتهم دائما باتحاه الشرق”، الإسلام سؤال وجواب ، 2008-5-3، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-19. بتصرّف.
- ↑ “قبلة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة “، إسلام ويب، 2006-6-18، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-19. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية: 143.
- ↑ “لماذا تم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة “، الإسلام سؤال وجواب ، 1999-9-8، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-19. بتصرّف.