شهر رمضان

ما هي فوائد شهر رمضان

ما هي فوائد شهر رمضان

فوائد رمضان للفرد

فوائد رمضان الروحانيّة

إنّ للصِّيام فوائد روحانيَّة كبيرة، نورد بعضها فيما يأتي:

  • يعدُّ الصِّيام من الأعمال التي لا يمكن لأحدٍ أن يطَّلع عليها، فهو سرٌّ بين العبد وربِّه، ذلك أنَّه يقوم على نيَّة العبد، وفي الحديث القدسيِّ الذي يرويه سيِّدنا محمَّد -صلى الله عليه وسلم- عن الله -تبارك وتعالى-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي)،[١] فقد أضافه الله -تعالى- إليه دون غيره من الأعمال.[٢]
  • الشَّهر الذي تتصل فيه الأرض بالسَّماء، حيث إنَّ الله -تبارك وتعالى- اختاره ليكون الشّهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم والكتب السّماويّة، وأنزل على عباده رحماته وبركاته وعفوه وغفرانه، فقد جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، و أُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، و أُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ، و أُنزِلَ الزبورُ لثمانِ عشرةَ خلَتْ من رمضانَ، وأُنزلَ القرآنُ لأربعٍ وعشرينَ خلتْ من رمضانَ)،[٣] ثمَّ كان الكتاب الخاتم لهذه الكتب السَّماويَّة هو القرآن الكريم الذي أخرج الله -تعالى- فيه النَّاس من الظُّلُمات إلى النُّور، حيث قال -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ).[٤][٥]
  • يُضاعِف الله -عز وجل- فيه الأجر والثَّواب،[٦] فقد شرَّفه الله -تبارك وتعالى- بزمانه فضاعف فيه الأجر، ومن ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي)،[٧] بمعنى أنّها تقابلها في الأجر والثَّواب.[٨]
  • جعل الله -تعالى- من نتائج الصِّيام التَّقوى، وقرنهما معاً في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[٩] ولكنَّ التَّقوى تحتاج من العبد أن يجاهد نفسه ليمتنع عمَّا لا يرضي ربَّه، فإن كان صائماً فلا بدَّ أن يشكِّل صيامه حاجزاً ما بينه وبين الوقوع في المعصية وارتكابها، فيبتعد عن المحرَّمات والمكروهات.[١٠]
  • يُكثر الله -عزّ وجلّ- فيه المغفرة، والرَّحمة، والعِتق من النَّار، وخاصةً في ليلة القدر.[١١]

فوائد تربويّة لتدريب النفس

إنّ للصِّيام فوائد تربوية عديدة نذكرها فيما يأتي:[١٢][١٣]

  • التدرَّب على الصَّبر من أجل تحقيق الأهداف في الحياة الدُّنيا، والفوز في الآخرة،[١٤] وقد سمَّى الله -تعالى- شهر رمضان بشهر الصَّوم والصّبر؛ لأنَّه يجتمع فيه أنواع الصَّبر كلِّها؛ الصَّبر على الطَّاعة بالصِّيام، والصَّبر عن المعصية بالامتناع عن شهوات النَّفس وما يُفسد الصَيام، والصَّبر على قدر الله -تعالى- بما يشعر به الصَّائم من العطش والجوع ووهنٍ في الجسد والنَّفس، وقد وصفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (الصيامُ نِصْفُ الصبرِ).[١٥]
  • التَّربية والتَّدريب على أهميَّة الوقت، واستغلاله بالطَّريقة الأمثل، فمثلاً لو أفطر المسلم قبل أذان المغرب بثواني لذهب صيامه هدراً، وكذلك لو أكل أو شرب بعد الفجر بثوانٍ لم يكن صيامه صحيحاً.[١٦]
  • التدرُّب على كظم الغيظ، وكبح جماح النَّفس وعدم المشي وراء شهواتها، ممَّا يحقِّق سعادتها الدُّنيويَّة والأخرويَّة.[١٧]

فوائد شهر رمضان المعنويّة

فوائد الصِّيام عديدة ومتنوعة، ومن الفوائد المعنويَّة ما يأتي:[١٨][١٩]

  • التقرّب إلى الله -تعالى- بترك شهوات النَّفس من الطَّعام والشَّراب والزَّواج، ممَّا يساعد القلب على التَّرقِّي في مراتب التفكُّر والذِّكر والعبادات، وذلك أنَّ الانغماس في شهوات النَّفس تجعل القلب في قسوةٍ وغفلةٍ،[٢٠] ولا يوجد ذلك في أيِّ عبادةٍ سوى الصِّيام، وإن وُجدت عبادة أخرى كذلك فإنَّ الذي يميِّز الصِّيام عن غيره طوال وقته، فيساعد الصَّائم على التَّخلُّص من هذه الشَّهوات،[٢١] كما يساعد المسلم على ضبط شهوته حال عدم قدرته على الزَّواج، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ فإنَّه له وِجَاءٌ).[٢٢][٢٣]
  • منع الجوارح من اقتراف المعاصي، ذلك أنّ الباعث لها هو القلب، والقلب قد امتنع فامتنعت الجوارح، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ).[٢٤][٢٥]
  • شعور الغنيِّ بالفقير من خلال شعوره بما يشعر به الفقير دائماً، فإنَّ الغنيَّ يتمتَّع بالطَّعام والشَّراب وقد حُرِم منها أثناء الصِّيام، فيشعُر بالفقير ممَّا يدفعه إلى التَّصدُّق عليه ومساعدته، ويقدِّر نعم الله -تعالى- عليه، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود ما يكون في رمضان.[٢٦]

فوائد رمضان للمجتمع

كما كان للصَّيام في رمضان فوائد كبيرةً على الفرد فهو كذلك على المجتمع، ومن هذه الفوائد ما يأتي:

  • اجتماع الأمَّة ووحدتها، وتعزيز روح الجماعة بين أفرادها، وقد حرصت الشَّريعة الإسلاميَّة على غرس مثل هذه القيم من خلال مجموعةٍ من العبادات؛ كصلاة الجماعة، والحجِّ، والصِّيام، فتجتمع الأُسرة على طعام الفطور والسّحور، ويجتمع المسلمون في صلاة التَّراويح، فينعكس ذلك على باقي أمور حياتهم.[٢٧]
  • تقوية النَّفس على الصَّبر والحِلم وضبط الغضب، والتَّخلُّص من الأخلاق السيئة، وهذا يؤدي إلى انتشار الصلاح في المجتمع.[١٨]
  • تربية المجتمع وتلاحم أفراده وتماسكهم، ذلك أنّ المسلمون جميعاً في حال الصيام، مما يشعرهم بأنَّهم وحدةٌ واحدةٌ لا يتخلَّف منها أحدٌ، ويشعرهم ذلك بسهولة الصِّيام ويُسره عليهم.[٢٨]

الحِكمة من تشريع صيام رمضان

يصوم جميع المسلمين تحقيقاً للعبودية، وبهذا يستشعر العبد بعظمة التشريع الإسلامي والحكمة من شهر رمضان وصيامه، فقد خلق الله -عزّ وجلّ- الخَلق وجعل في خلقهم وفيما شرع لهم وفرض عليهم حِكَماً عظيمة، ولعلَّ الكثير من الناس لا يعلم هذه الحكم، وليس ذلك لأنَّه لا حكمة لها، بل كلُّ ما شرعه الله لعباده ليبلوهم فيه ويرى أيُّهم أحسن عملاً، وكلُّ من عمل بهذه التشريعات فقد حقّق العبودية لله -تعالى-، وقدم طاعته ورضاه على هوى نفسه ومُبتغاه، واستشعر عظمة هذا التَّشريع، ومن أعرض عنه ورفضه فهو عابدٌ لنفسه وهواه، ومعرضٌ عن طاعة ربِّه.[٢٩] كما أن صيام رمضان يُعوّد المسلم على التقوى، فالله -سبحانه- غنيٌّ عن صيام العبد وتركه للطعام والشراب، لكنّ العبد الذي اعتاد على هذه العبادة وترك المباح لوجه الله -تعالى-؛ سيبتعد عن المحرّمات وسيكون أكثر قدرة على عدم فعلها.[٣٠]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5927، صحيح.
  2. إبراهيم الغرير (1976)، وظائف شهر رمضان المبارك، صفحة 15. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة، الصفحة أو الرقم: 1497، حسن.
  4. سورة البقرة، آية: 185.
  5. محمد يعقوب (2005)، أسرار المحبين في رمضان (الطبعة الأولى)، ناقص: مكتبة التقوى، مكتبة شوق الآخرة، صفحة 17-18. بتصرّف.
  6. عبد الله الروقي (2014)، نتاج الفكر في أحكام الذكر (الطبعة الأولى)، الرياض: الدار التدمرية، صفحة 149. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1863، صحيح.
  8. سيد العفاني، نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان، صفحة 279. بتصرّف.
  9. سورة البقرة، آية: 183.
  10. عبد الله بن جبرين، فتاوى الشيخ ابن جبرين، صفحة 6، جزء 59. بتصرّف.
  11. سيد العفاني، نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان، صفحة 226. بتصرّف.
  12. إبراهيم الغرير (1976)، وظائف شهر رمضان المبارك، صفحة 9-10. بتصرّف.
  13. محمد العثيمين (1996)، مجالس شهر رمضان (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة أضواء السلف، صفحة 27. بتصرّف.
  14. مشعل الفلاحي، رمضان يبني القيم، صفحة 15. بتصرّف.
  15. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5182، صحيح.
  16. مشعل الفلاحي، رمضان يبني القيم، صفحة 18. بتصرّف.
  17. محمد العثيمين (1996)، مجالس شهر رمضان (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة أصول السلف، صفحة 106. بتصرّف.
  18. ^ أ ب عبد العزيز السلمان (1424)، موارد الظمآن لدروس الزمان (الطبعة الثلاثون)، صفحة 364، جزء 1. بتصرّف.
  19. عبد الله بن جبرين، فتاوى الشيخ ابن جبرين، صفحة 9، جزء 59. بتصرّف.
  20. إبراهيم الغرير (1976)، وظائف شهر رمضان المبارك، صفحة 17. بتصرّف.
  21. محمد يعقوب (2005)، أسرار المحبين في رمضان (الطبعة الأولى)، ناقص: مكتبة التقوى، مكتبة شوق الآخرة، صفحة 19. بتصرّف.
  22. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5065، صحيح.
  23. عبد العزيز السلمان (1424)، موارد الظمآن لدروس الزمان (الطبعة الثلاثون)، صفحة 363، جزء 1. بتصرّف.
  24. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 52، صحيح.
  25. عبد المعطي رمضان (2018)، خطوات في الطريق إلى رمضان (الطبعة الأولى)، الاسكندرية: دار الخلفاء الراشدين، دار الفتح الإسلامي، صفحة 33. بتصرّف.
  26. محمد العثيمين (1996)، مجالس شهر رمضان (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة أضواء السلف، صفحة 106. بتصرّف.
  27. مشعل الفلاحي، رمضان يبني القيم، صفحة 22-23. بتصرّف.
  28. سيد العفاني، نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان، صفحة 293. بتصرّف.
  29. محمد العثيمين (1996)، مجالس شهر رمضان (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة أضواء السلف، صفحة 102. بتصرّف.
  30. عبد الحميد هنداوي (2002م)، تذكير اليقظان بوظائف رمضان مجموع في وظائف شهر رمضان للأئمة ابن تيمية وابن القيم وابن رجب الحنبلي وجماعة من أهل العلم (الطبعة الأولى)، بيروت – لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 69. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى