محتويات
'); }
الموت
اقتضت سنة الله الكونيّة أنّه لن يدوم أحد سوى الله سبحانه وتعالى، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الأرض ممراً قصيراً للبشر ليقوموا بإعمارها وعبادته، ومن ثم ينتقلون من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة؛ ليجدوا نتائج ما كانوا يفعلون في الحياة الدنيا، ويبتلي الله تعالى العبد بهذا الاختبار بعد أن أنزل له الرسل والكتب لهدايته، وخلق له العقل الذي يستطيع من خلاله تمييز الحق والباطل، فجعل الله الموت واعظاً للإنسان حتى يتوقّف عن التمادي بالباطل، وهو يتخطف الناس دون أن يستثني أحداً مهما كبر شأنه في الدنيا، فيعرف أنه سيذوق الموت مثل باقي البشر ولن يأخذ معه سوى عمله الحسن، وهذا ما يجب على الجميع فهمه والعمل به، وسيتناول هذا المقال تعريف الموت وعلاماته.
تعريف الموت
تعريف الموت لغة
الموت في اللغة: ضد الحياة، ويقال: مات يموت ويَماتُ: فهو ميِّتٌ ومَيْتٌ. وقومٌ مَوْتى وأمواتٌ، وميِّتونَ ومَيْتونَ.[١]
'); }
ومن الأسماء التي يطلقها العرب على الموت: الحتف، والمنون، والسام، والحمام، والردى، وشعوب، والحين، والثكل، والوفاة، والهلاك.[٢]
معنى الموت عند الفقهاء
لم يُنقل عن الفقهاء خلاف في أنّ الموت هو: مفارقة الروح للبدن،[٣] قال الله سبحانه وتعالى: (اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[٤] ففي الآية الكريمة بيان أنّ الله سبحانه وتعالى يأمر ملك الموت عند نهاية أجل الإنسان بإخراج روحه وقبضها، والتي لم ينتهِ أجلها يحبسها عن التصرّف في حال النوم، فإن أراد الله سبحانه وتعالى موتها قبضها، ولم يردّها إلى جسدها، وإن أراد بقاءها في الدنيا أرسلها فتعود إلى الجسد، ويعيش صاحبها إلى الأجل المسمى له.[٥]
أما الروح فلا يعلم حقيقتها إلاّ الله سبحانه وتعالى، فهي مما استأثر به في علم الغيب عنده، قال الله سبحانه وتعالى: (وَيَسأَلونَكَ عَنِ الرّوحِ قُلِ الرّوحُ مِن أَمرِ رَبّي وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَليلًا)[٦]
أما حقيقة مفارقة الروح للجسد فهي: خلوص الأعضاء كلها عن الروح، بحيث لا يبقى جهاز من أجهزة الجسم فيه صفة الحياة.[٣]
علامات الموت عند الفقهاء
استدل الفقهاء على الموت ببعض الدلائل وبعض الأحاديث النبوية، ومن العلامات التي ذكرها الفقهاء:[٣]
- شخوص البصر، وهذه العلامة مهمة وتدلّ على خروج الروح من الجسد، عن أمّ سلمة رضي الله عنها، قالت: (دخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أبي سلمةَ وقد شقَّ بصرُه، فأغمضَه، ثم قال: إنَّ الروحَ إذا قُبِض تبِعه البصرُ، فضجَّ ناسٌ من أهلِه. فقال: لا تَدْعوا على أنفسِكم إلا بخيرٍ، فإنَّ الملائكةَ يُؤمِّنون على ما تقولون، ثم قال: اللهمَّ اغفِرْ لأبي سلمةَ وارفَعْ درجتَه في المَهديِّينَ واخلُفْه في عَقِبِه في الغابرين. واغفرْ لنا وله يا ربَّ العالَمينَ. وافسَحْ له في قبرِه. ونَوِّرْ له فيه. وفي روايةٍ: واخلُفْه في تركتِه وقال: اللهمَّ أَوسِعْ له في قبرِه، ولم يقل: افسَحْ له).[٧]
- انقطاع النفس.
- استرخاء القدمين مع عدم انتصابهما.
- انفصال الكفين.
- ميل الأنف
- انخساف الصدغين.
- امتداد جلدة الوجه.
- برودة البدن.
- فالحكم بالموت يكون بانعدام جميع أمارات الحياة، وما ذُكر من أدلة تُدرك وتُعرف بالمشاهدة والحس، ويعرفها عموم الناس، أما في حالة الشك فقد قال النووي: (فإن شك بأن لا يكون به علة، واحتمل أن يكون به سكتة، أو ظهرت أمارات فزع أو غيره، أخر إلى اليقين بتغير الرائحة أو غيره).
المراجع
- ↑ أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، منتخب من صحاح الجوهري، صفحة 5007. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبد الله، جمال الدين (1411)، الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الجيل، صفحة 232. بتصرّف.
- ^ أ ب ت بكر بن عبد الله أبو زيد (1996م)، فقه النوازل (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 222-227، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 42.
- ↑ جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري (2003)، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير (الطبعة الخامسة)، السعودية: مكتبة العلوم والحكم، صفحة 493، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 85.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 920، صحيح.