النوافل

جديد ما هي صلاة الوتر

صلاة الوتر

جعل الله سبحانه وتعالى لكل نوعٍ من العبادات المفروضة تطوّعاً يشبهه، وهذا من رحمة الله سبحانه بعباده، ليزدادوا قرباً إليه، وينالوا محبته، ورضوانه، ومن العبادات المفرضة التي لها تطوّع يشبهها الصلاة، فقد شرع الله سبحانه وتعالى صلاة التطوّع ليقوم بها العبد قربةً إليه، وليجبُر الخلل الواقع في صلاته من عدم الخشوع أو النسيان، ومن ضمن صلوات التطوّع صلاة الوتر، فما هي صلاة الوتر، وكيف تؤدّى، وما عدد ركعاتها، وما هو حكمها؟ هذا ما سيتم تناوله في هذا المقال.

تعريف صلاة الوتر

تعريف الصّلاة

تُعرّف الصّلاة في اللغة بأنّها: الدعاء، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)[١] أي: أُدع لهم.[٢] وقيل الصلاة في اللغة: تأتي بمعنى التعظيم، وسُمّيت الصّلاة صلاةً لما فيها من حنى الصلا، وهو وسط الظهر، لأنّ انحناء الصغير للكبير فيه تعظيم.[٣]

أما الصلاة في اصطلاح الفقهاء فهي: أركان مخصوصة، وأذكار معلومة، بشروط مخصوصة، تُؤدّى في أوقات مقدّرة.[٤]

تعريف الوتر

الوتر في اللغة مأخوذٌ من وَتَرَ، والمقصود بالوتر: الفَرد، وتُقرأ وَتْر ووِتر بِالفَتح والكَسر، وقََوْلُه إِذا استجمرت فأوتر: أي ليكُن عَددها وتراً، وَصَلَاة الْوتر من هَذَا القبيل لكَونهَا رَكْعَة أَو ثَلَاثة؛ فعددها فَرد.[٥]

تُعرّف صلاة الوتر في اصطلاح العلماء بأنّها: صلاة تُفعل ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، تُختم بها صلاة الليل، سُمّيت بذلك لأنها تصلى وتراً، أي ركعة واحدة، أو ثلاثاً، أو أكثر، ولا يجوز جعلها شفعاً.[٦]

حكم صلاة الوتر

اختلف الفُقهاء في حُكم صلاة الوتر على النّحو الآتي:[٦]

  • ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ صلاة الوتر سنّة مؤكّدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست واجباً، واستدل هذا الفريق على سنّية صلاة الوتر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فأَوْتِرُوا يا أهلَ القُرآنِ)[٧] وأنّه صلى الله عليه وسلم على فعلها وواظب عليها، واستدلوا لعدم وجوبها بما ثبت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله أعرابي: عما فرض الله عليه في اليوم والليلة، فقال: (خمسُ صلواتٍ في اليومِ والليلةِ. فقال: هل عليَّ غيرُها؟ قال: لا إلاّ أن تَطَوَّعَ)[٨]
  • ذهب الإمام أبو حنيفة: إلى أنّ صلاة الوتر واجبة، وليست فرضاً،[٩] واستدل أصحاب هذا الفريق بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا).[١٠]

وقت صلاة الوتر

اتفق الفقهاء على أنه يُسنّ للمصلي أن يجعل صلاة الوتر آخر النوافل التي يصليها بالليل، واختلف الفقهاء في وقتها:[٦]

  • فذهب الحنابلة والشافعيةفي المعتمد عندهم: إلى أنّ صلاة الوتر يبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء، وآخر وقتها طلوع الفجر الثاني، ومن صلّى الوتر قبل أن يصلي العشاء لم يصح وتره؛ لعدم دخول وقته.[١١][١٢]
  • ذهب المالكية: إلى أنّ أول وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء الصحيحة ومغيب الشفق، وأما آخر وقت صلاة الوتر فهو طلوع الفجر.[١٣]
  • ذهب الحنفية: إلى أنّ وقت صلاة الوتر من غروب الشفق إلى طلوع الفجر، أي وقت العشاء، ولا يجوز تقديم صلاة الوتر على صلاة العشاء، لوجوب الترتيب بينها وبين العشاء.[١٤]

عدد ركعات صلاة الوتر

ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ أقل صلاة الوتر ركعة واحدة، لكن الاقتصار عليها يكون خلافاً للأَولى، أمّا أكثر الوتر عندهم إحدى عشرة ركعة، وفي قول عند الشافعية أكثره ثلاث عشرة ركعة.[١٢][١١]

ذهب الحنفية إلى أنّه لا يجوز الإيتار بركعة، وإنّما الإيتار يكون بثلاث ركعات، بتشهدين وسلام، كما يُصلّى المغرب.[١٥]

أمّا المالكية فإنّ الوتر عندهم يكون ركعة واحدة، لكن لا تكون إلا بعد شفع يسبقها.[١٦]

كيفية صلاة الوتر

وردت صلاة الوتر بعدة صور، منها:[١٧]

  • أن يُصَلّي المُصَلّي ركعةً واحدةً في نهاية صلاة الليل، التي تؤدّى مثنى مثنى، فمثلاً يُصلي ركعتين وواحدة وتراً، أو يصلي أربعاً وواحدة وتراً، وهكذا إلى أن يبلغ عشراً وواحدة وتراً.
  • أن يقتصر المُصَلّي على ركعة واحدة بتكبير وركوع وسجود، وتشهدٍ وتسليم، وذلك بعد أن يصلي العشاء، ولا يصلي قبل صلاة الوتر شيئاً من صلاة الليل.
  • أن يُصَلّي المُصَلّي صلاة الوتر ثلاثاً كما تؤدّى صلاة المغرب.
  • أن يُصلّي المُصَلّي صلاة الوتر ثلاث ركعات متصلات، أو خمس ركعات متصلة، أو سبع ركعات متصلة، أو تسع ركعات متصلة، أو إحدى عشرة ركعة متصلة، لا يتشهد إلا في آخرها تشهداً واحداً، وله أن يُصَلَيها كذلك، لكن بتشهدين في الركعة الأخيرة والتي قبلها.

قضاء صلاة الوتر

ذهب العلماء في قضاء الوتر إلى أقوال:[٦]

  • ذهب فقهاء الحنفية إلى أنّه من طلع عليه الفجر ولم يصلِّ صلاة الوتر يتوجب عليه قضاؤها، ويستوي في ذلك التارك عمداً أو نسياناً، ومتى يقضيه يقضيه مع القنوت، فمثلاً لو صلّى الصبح وهو ذاكٌر أنّه لم يصلِّ صلاة الوتر فصلاته للصبح فاسدة؛ لوجوب الترتيب بين صلاة الوتر وصلاة الفريضة.
  • ذهب المالكية إلى أنّه لا تُقضى صلاة الوتر إذا تذكرها المُصَلّي بعد صلاته للصبح، فإذا تذكرها وكان منفرداً يُندب له أن يقطع صلاة الصبح ليُصلّي الوتر ما لم يخف خروج وقت صلاة الصبح، وإذا تذكر الوتر أثناء تأديته لركعتي الفجر فقيل عندهم: يقطعها كالصبح، وقيل: إنّه يُتمها ثم يوتر.
  • ذهب طاوس إلى أن صلاة الوتر تُقضى ما لم تطلع الشمس.
  • ذهب الحنابلة إلى أنّه يُندب للمُصلّي قضاء صلاة الوتر إذا فاته وقته، ويقضيه مع شفعه.
  • ذهب الشافعية في المعتمد عندهم: أنّه يُستحب للمصلّي قضاء صلاة الوتر.

المراجع

  1. سورة التوبة، آية: 103.
  2. أبو بكر بن علي بن محمد الحدادي العبادي الزَّبِيدِيّ اليمني الحنفي (1322هـ)، الجوهرة النيّرة (الطبعة الأولى)، مصر: المطبعة الخيرية، صفحة 41، جزء 1. بتصرّف.
  3. محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الأصبهاني المديني، أبو موسى (1988)، المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (الطبعة الأولى)، السعودية: دار المدني للطباعة والنشر، صفحة 285، جزء 2. بتصرّف.
  4. علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (1983)، التعريفات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 134. بتصرّف.
  5. عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، مشارق الأنوار على صِحاح الآثار، تونس: المكتبة العتيقة، صفحة 278، جزء 2. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة ، صفحة 289، جزء 27. بتصرّف.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 453، حسن.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم: 46، صحيح.
  9. علاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 270، جزء 1. بتصرّف.
  10. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 1419، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (1419هـ)، شرح كتاب آداب المشي إلى الصلاة أو العبادات (الصلاة، الزكاة، الصيام) (الطبعة الأولى)، صفحة 92-93. بتصرّف.
  12. ^ أ ب شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان، بيروت: دار المعرفة ، صفحة 78. بتصرّف.
  13. أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التَّمِيمي المازري المالكي (2008)، شرح التلقين (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الغرب الاسلامي، صفحة 783، جزء 1. بتصرّف.
  14. الإمام العيني (2000)، البناية شرح الهداية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 31، جزء 2. بتصرّف.
  15. المرغيناني، الهداية في شرح بداية المبتدي، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 66، جزء 1. بتصرّف.
  16. عبيد الله بن الحسين بن الحسن أبو القاسم ابن الجَلَّاب المالكي (2007)، التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس – رحمه الله – (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 127، جزء 1. بتصرّف.
  17. “كيفية صلاة الوتر”، إسلام ويب، 3-7-2002، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2017. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى