محتويات
سورة القتال
تعتبر سورة القتال أو سورة محمد من السور المدنية التي نزلت بعد سورة الحديد، وترتيبها في القرآن الكريم هو السابعة والأربعون، ولا بد من الإشارة إلى أنها تعنى بالأحكام التشريعية كغيرها من السور المدنية، حيث تناولت أحكام الأسرى، والغنائم، والقتال، وأحوال المنافقين، إلا أنها تدور حول موضوع أساسي، وهو الجهاد في سبيل الله، وفي هذا المقال سنعرفكم عليها أكثر.
تسمية سورة محمد بسورة القتال
تسمى سورة محمد بسورة القتال، وذلك لأنه جاء فيها ذكر القتال من أجل اختبار صدق اتباع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لأن طاعة رسول الله تتمثل في إقبال متبعيه على الجهاد في سبيل الله، وبذلك وجّهت هذه السورة الدعوة للمؤمنين من أجل الالتزام بالقتال إلى أن تضع الحرب أوزارها، ويسلم كل أهل الأرض، وذلك لأن القتال يعتبر من أكثر الوسائل التي تذل الكفار، وتعجّل من هلاكهم في الدنيا.
ارتباط أول السورة بآخرها
ابتدأت السورة بإحدى صور خذلان الكفار، حيث إنّ الله أبطل أعمالهم بسبب كفرهم ومعاصيهم، وفي المقابل كفّر عن سيئات المؤمنين وأصلح بالهم، وبيّن علو منزلتهم ومكانتهم عنده، مما يضمن زيادة خذلان الكفار، وقد انتهت السورة بالحديث عن صورة أخرى من صور الخذلان لمن لم يتعاون من المؤمنين من أجل إذلال الكفار، وهي قدرة الله على استبدالهم بخيرٍ منهم، حيث ورد ذلك في قوله تعالى: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) [محمد: 38].
بعض محاور سورة محمد
بيان الذل والخذلان لمن كفر بالله
ابتدأت السورة بهجوم غير معتاد في بقية السور الأخرى، وبمفاجأة تثير الانتباه، حيث ذكرت أسباب الخذلان، والذل، وبطلان الأعمال، وذهاب بركتها، وضياعها، وهي الكفر بالله، ثمّ الصد عن سبيله، ويقابلها الإيمان بالله، وبنبيه، والقيام بالأعمال الصالحة، إذ إنّ ذلك يعتبر أعظم سبب لتكفير السيئات، وإصلاح الشؤون في كلا الدارين، ولا بد من الإشارة إلى أن أصل القاعدة في قبول الأعمال أو الخذلان هو الإيمان بالله أو الكفر والشرك به، حيث إن كل ما هو مبني على الإخلاص والتوحيد يبارك الله فيه، بينما المبني على الشرك والكفر فهو ممحوق ولا بركة فيه.
إذلال الكفار على يد المؤمنين وإباحة قتلهم
شرع الله للمؤمنين خذلان الكفار وإذلالهم وقتالهم، ثم شرع التفضل والمن عليهم بإطلاق سراحهم، أو بفدائهم، أو باسترقاقهم حتى تضع الحرب أوزارها، أي إلى أن ينتهي الكفر، كما أورد أنه من قتل في سبيل الله فإنه سيحظى بالحفاوة الإلهية في الآخرة والدنيا، أما من بقي من المجاهدين حياً فإن النصر سيظل حليفه، وسيكتب له التمكين في الأرض ولو بعد حين.
الإهلاك الإلهي الحسي والمعنوي في الدنيا
تتدخل اليد الإلهية في إذلال الكفار إن عجز المؤمنين عن ذلك، وفي حال تدخلت فإنها ستهلكهم إهلاكاً معنوياً وحسياً، كما وستدمر كل شيء عليهم، حيث سيلاقون الهلاك في كل مكان، ولن يجدوا لهم نصيراً، في حين سيكون الله مولاً للمؤمنين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والنصير لهم.
شدة العذاب في الآخرة
تكون العقوبة الأشد والخذلان الأكبر في الآخرة، وذلك حين يحرم الكافر مما يكرم به المؤمنون، فيرى المؤمنين في أكمل أحوالهم وأعزها، حيث نعيم الله وجزاؤه، وهو في أضعف حالته وأكثرها ذلاً وخذلاناً، الأمر الذي يؤكد له أن نعيم الدنيا ما هو إلا نعيم زائل لا خير فيه.
خذلان القلوب
يبدو ظاهر الكفار الفرح والسعادة، في حين أن قلوبهم بليدة ومعذبة، ومطبوع عليها، ولا تحب الذكر وتبتعد عنه، ولا تدرك مقاصده، وتظل غارقة في بحر الشهوات، ولاهثة وراء الملذات، إذ لا ينفع معها التذكير، ولا تعتبر من المصائب، ولا تتعظ من عظائم الأمور، ولا تتصف بالفطنة.
الخذلان في الأصحاب
ترد صورة أخرى من صور خذلان الكفار، وهي أنهم لا يوفقون إلى الأفاضل من الأصحاب، وإنما لا يقيض لهم إلا رفقاء السوء، وتكون الشياطين إخواناً لهم، ويطيعونهم في كل الأمور.
الخذلان والخزي على يد الملائكة
تبسط الملائكة أيديها عليهم عند انتزاع أرواحهم، وتضربهم، ولا تشفع لهم، إضافةً إلى تخلّيها عنهم في الدنيا، وذلك بسبب عدم طاعتهم لله ولرسوله، ولإعراضهم عن القرآن الكريم، فهم لا يتدبرونه، ولا يقرأونه، ويعرضون عنه.
فضح أسرار الكفار وإظهار نفاقهم
يعتبر كشف أمر الكافر وإظهاره للناس جميعاً من أشد الأمور التي تؤثر عليه، وتضعف قلبه، كونها تكشف ما فيه، في حين أن أهل الإيمان يظهر الله صفاء قلوبهم، ويعكس ذلك على جوارحهم، وعلى وجوههم، وعلى ألسنتهم.