محتويات
الموارد البشرية في المنظمة المعاصرة
المنظمة هي نظام اجتماعي فني مركب أمّا من ناحية كونها نظام فيعني أنّها -كشركة أو كهيئة أو كوحدة حكومة- تضم نظماً فرعية أصغر (قطاعات أو إدارات: الموارد البشرية والعمليات والإنتاج والشئون المالية والتطوير والبحوث)، تعمل في علاقات تكاملية وتبادلية لتحقيق أهداف معينة، ويتم تقدير فاعلية الأداء لهذه النظم الفرعية الأصغر، تكون فاعلية المنظمة أو النظام الكلي الأشمل الذي يضم هذه النظم ثم أنّ هذه المنظمة تكون أشبه بالنظام الفرعي من نظام أوضح وهو نظام الصناعة التي تكون فيها المنظمة، وتحصل المنظمة كنظام على المدخلات والموارد البشرية والمالية والمعلوماتية والمادية والفنية من داخل البيئة المحيطة ومخرجات المنظمة.
مخرجات المنظمة المعاصرة
- أرباح لحملة الأسهم.
- المنتجات كسلع وخدمات أو أفكار.
- ضرائب ورسوم للخزانة العامة.
- فرص عمل للخريجين حيث إنّ المنظمة تمثل نظاماً منفتحاً على البيئة المحيطة يؤثّر بها ويتأثر فيها، يأخذ منها ويعطيها.
المنظمة المعاصرة وتعريفها اجتماعياً وفنياً
تضم المنظمة بشراً متفاعلين كرؤساء ومرؤوسين وزملاء وفقا لمزيج من الاتجاهات الشخصية والسلوكيات والدوافع والتوقعات والاتجاهات أمّا من ناحية الجانب الفني فيعني أن المنظمة تقوم بتطبيق أساليب التكنولوجيا والتي تؤلف بين التجهيزات والبشر في طرق عمل فنية معتمدة وممّا لا شك فيه أن ما تقدمه المنظمة لمجتمعها ولبيئتها من المخرجات التي يتأثّر إلى حد كبير بنوعية الموارد البشرية وكلما ازدادت المنظمة بالعدد الكافي من العاملين ذوي التخصصات والخصائص الفنية والسلوكية المناسبة والمؤهلات كلّما ازداد قدرة تقديم الخدمات لمجتمعها من المنتجات الجديدة التي ترضي العملاء بالقدر الكافي وهذا بدوره يعمل على زيادة الصادرات، وانخفاض الواردات، وهي بدورها ساهمت بتحقيق أرباح مجزية وهي بذلك تسهم في توسعات تهيّء بدورها فرص عمل جديدة وتكوين مصدر لتمويل الخزانة العامة بالعوائد المتضمنة (الرسوم والضرائب)، والمساهمة بتعزيز قدرة الاقتصاد القومي.
الموارد البشرية كمدخل للتنافسية
الموارد البشرية الفاعلية لأي منظمة أو دولة هي تلك المجموعات من الأفراد القادرين على تنفيذ العمل وللراغبين في هذا التنفيذ بشكل ملتزم وواضح وحيث تتكامل وتفاعل القدرة مع الرغبة في إطار منسجم وزيادة فرص الاستغلال الفاعل لهذه الموارد وعندما تتوافر هذه النظم تعمل على تحسين وتصميم وتطوير الإختيار والتقييم والتدريب والتعليم والصيانة والتطوير، أما على مستوى المنظمة فنستطيع تعريف إدارة الموارد البشرية بأنها المدخل الاستراتيجي لإدارة أهم المنظمة وأصولها، من ناحية العاملين بالمؤسسة والذين يساهموا بشكل جماعي أو فردي بتحقيق أهداف المؤسسة والتي نستطيع تعريف جوهر هذه الإدارة بتحقيق ميزة تنافسية للمنظمة من خلال التوظيف الفاعل للعمالة العالية من الالتزام والمهارة، وتكوين بيئة ديناميكية سريعة التغيير والتغير وتتكون الميزة التنافسية من خلال تميّز المنظمة على منافسيها بمركز مرموق، وفريد يتيح لها تقديم منتج متميز، وأكثر من خلال الربحية الأفضل، والأسلوب الناجح، وقد يكون من مميزات المنظمة انخفاض تكلفتها عن تكلفة غراماتها، وبالتالي يعمل على المساعدة في إنتاج، وتسويق المنتجات التي تكون مميزة بجودتها عن ما يقدم منافسيها، وبالتالي بيعها بسعر تنافسي مع تحقيق ربح أعلى وبالتالي تكون قد حظيت المنظمة على حق الامتياز، وبراءة الاختراع، وتصنيع تكنولوجيا جديدة أفضل وأفعل، وبالتالي تهيئ لها تميزاً تنافسياً.
تنجح المنظمة في الحصول على التميز من خلال تصميم المنتجات، بما يتناسب مع التوقعات والتقسيمات المتنوعة من العملاء أو من خلال منافذ التوزيع أو المستوى، والأسلوب لخدمة العملاء. وهو ما يجعل العملاء يقدرون ويدركون التميز، ويميلون لدفع الأسعار الأعلى، والعمل على إنتقاء المنتجات المنظمة من بين جميع المنتجات المعروضة بالسوق مقابل ما يقدرونه من تميز. ونستطيع تعريف إدارة الموارد البشرية من خلال مجموعة من الأنشطة المتكاملة والمتداخلة والسياسات التي تكون بشراكة المديرون وقادة فريق العمل واختصاصيو الموارد البشرية، وبالتالي يساعد في المساهمة بإنجاح الدور الفاعل للأنشطة والسياسات.
قد تتمثل تلك الأنشطة والنظم الفرعية والسياسات التي تكون ضمن نظام إدارة الموارد البشرية في النقل والترقية، الاستقطاب، الحفز، صياغة علاقات طيبة بين الإدارة والعاملين، تخطيط المسار الوظيفي، تخطيط الموارد البشرية، الحفز، إدارة دور العمالة، وتقييم الأداء.
دور إدارة الموارد البشرية
يتمثل دور هذه الإدارة من خلال ما تتوقعه منها المنظمة للمساعدة في بلوغ أهدافها من خلال المبادرة في تقديم الدعم، والمشورة في كافة المجالات الخاصة بإدارة الموارد البشرية والتي يتمثل هدفها الرئيس في التأكد من قرارات، وفاعلية، وتوجهات الإدارة بشأن العاملين والعلاقات بينها وبينهم.
يشمل هذا الدور تهيئة بيئة ومناخ يساعد العاملين على أفضل استخدام لقدراتهم ممّا يعمل على تحقيق مصالح المنظمة في آن واحد ودونما صراع ومن المهم التأكيد على دور إدارة الموارد البشرية، والذي يجب أن يكون مخططاً، والذي يتوقع منها تطوير وتصميم سبل الإفادة من الفرص الظاهرة بالسوق، أو تلك التي تخلقها إدارة المنظمة، فمثلاً تأكيد احتياج السوق لمنتج معين لا يقدمه منافس، أو نجاح المنظمة بجعل السوق يقتنع ويتقبل فكرة الإنتاجية لمنتج جديد. ومن خلال تلك الحالتين يتوجب استغلال تلك الفرصة بإنتاج المنتج الجديد والقيام بتطويره، وتدبير العناصر البشرية من خلال التخصصات والقدرات المعينة والقيام بتهيئة تلك العناصر للمساهمة بإنجاح، وإخراج هذا المنتج بشكل ناجح يقوم بتقبله السوق وبالتالي هي تعتبر مهمة رئيسية وأساسية مهمة لا غنى عنها لإدارة الموارد البشرية، وبالتالي على الإدارة أن تقوم بإيجاد الحلول لأية مشكلات تقوم بمواجهة المنظمة في مجال إدارة الموارد البشرية مثل القصور العددي أو الفني للعاملين أو القصور في التحفيز والدافعية لبعض الإدارات والقطاعات.
يتعين أن يعمل مختصو الموارد البشرية (المدير ومن يساعده) مع فريق الإدارة العليا في صياغة وتشكيل، وتنفيذ سياسة استراتيجية للمنظمة، وبالتالي التأكد من سلامة، وتنفيذ، وتصميم سياسات الموارد البشرية، من خلال انسجام تلك الاستراتيجيات من خلال المساهمة بتحقيق الأهداف الواضحة والاستراتيجية.
من يدير الموارد البشرية
نستطيع هنا طرح سؤال معين وهو: “من هو المسئول عن مهمة إدارة الموارد البشرية في داخل المنظمة؟” والإجابة ببساطة أن تلك المسئولية مشتركة بين كل من: الإدارة العليا للمنظمة بقيمها واتجاهاتها ونظرتها للموارد البشرية وإدارة الموارد البشرية بالمنظمة بمسئوليتها من خلال المشاركة أو الرسم للأهداف والسياسات والاستراتيجيات الخاصة بإدارة الموارد البشرية والقيام بالتأكد من تلك الاستراتيجيات والأهداف التي تدخل ضمن استراتيجية المنظمة، ومن الممكن أن تشير إدارة الموارد البشرية على الإدارة العليا بما تستطيع رؤيته من خلال هذا الصدد.
كما تقوم بمتابعة وتقييم الفاعلية وتطبيقها للمديرين المعنيين لاستراتيجيات وسياسات الموارد البشرية ومدى الإسهام في هذا التطبيق وتنمية والبلوغ في القدرة التنافسية للمنظمة، أو من خلال المديرون أو الرؤساء المباشرون الذين يقومون بتطبيق السياسات الخاصة بالموارد البشرية والذين يسهمون في التدريب والحفز والتقييم للمرؤوسين. وعلى ذلك فإن إدارة الموارد البشرية متعددة الجوانب، فهو لا يشكل دوراً تنفيذياً فقط، بل هو تصميمي واستشاري وتقييمي أيضاً، بالإضافة لدورها الخدمي متمثلاً بخدمات المنظمة للإدارات الأخرى من خلال مجالات الاستقطاب والاختيار والوصف والتقييم للوظائف.
إدارة الأفراد أم إدارة الموارد البشرية
تطورت تعاريف ومصطلحات الإدارة التي تختص بشئون البشر كعاملين في المنظمة فمع التطور الملحوظ للفلسفة والمفاهيم الخاصة في هذه الإدارة “كإدارة المستخدمين” ومن ثم “إدارة الأفراد” إلى “إدارة شئون العاملين”، إلى “إدارة شئون الموظفين” ثم ” إدارة الموارد البشرية” ففي المسمى الأول كانوا ينظروا للفرد العامل كمستخدم. حتى مع مسمى “إدارة الأفراد” كانت النظرة للفرد العامل مجرد فرد أو شخص عادي. ولم تختلف النظرة كثيراً مع مصطلحات توافقت مع هذه التسمية مثل شئون الموظفين أو العاملين. لكن من خلال إدارة الموارد البشرية تم الاختلاف في الفلسفة والنظرة والأمر. فمن خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن العشرين والدخول في الألفية الثالثة تواضع دور المادة الخام بصناعة، وتشكيل المنتجات سواء كانت خدمات أو معرفة أو سلع. ولقد تحولت أسس التقدم الاقتصادي من الزراعة إلى الصناعة ثم إلى ما بعد عصر الصناعة أي تكنولوجيا المعلومات والقيام بتوظيف المعرفة وظهور السلع الذكية مثل الحاسب الذكي، والقنبلة الذكية، والهاتف الذكي، وبطاقة الائتمان الذكية، والسيارة الذكية. وهي منتجات يعتمد إنتاجها على رؤوس البشر من خلال المعرفة أكثر من الاعتماد على المواد الخام.
فمثلاً الهواتف المحمولة التكلفة الخامة لهذه السلعة تنكمش لتشكل عشر ثمنه تقريبا. معنى هذا أن الفرق هنا بين التكلفة وبين سعر البيع هي القيمة المضافة التي قام باختراعها عقول البشر كمبتكرين، ومصممين، ومطورين فمثلاً الشخصية المشهورة “بيل جيتس” الذي اشتهر بأنه أغنى رجل في العالم. من أين جاءت ثروته؟ لقد جاءت من برامج الحواسيب. وهي سلعة لا تعتمد على المواد الخام بقدر اعتمادها على المعرفة الهائلة في عقول العاملين بالشركة التابعة له “ميكروسوفت”. ويرى “جيتس” أن العامل الرئيسي والمهم في نجاح المنتج الذي يقدمه هو ابتكار العاملين وخيالهم بها فهذا هو أبلغ اهتمام على عمر اقتصاد المعرفة الذي جاء بعد عصر الصناعة، والذي يتطلب استثماراً مكثفاً في العاملين من خلال القيام بتعليمهم وتدريبهم وتحفيزهم على الابتكار حتى يكونوا قادرين على المنافسة في العصر القادم والتي ستكون فيه المنافسة تعتمد بشكل كبير على المنافسة وليس بالمادة الخام أو بمجرد توافر الآلات والتجهيزات وهنا قد تختلف النظرة للعاملين من مجرد أفراد أو أشخاص إلى رأس مال عقلي أو فكري. أي أنهم لهم عقولاً قادرة على النمو والإسهام والتعلم المؤثر في تعزيز أداء ومواد المنظمة، وهم بهذا الوصف الذي لا مبالغة فيه، يكونون أغلى موارد المنظمة فمنهم المديرون، والمنفذون، والمصممون والذين يحسنون تحليل المتغيرات البيئية والقيام باستشعار الفرص والتهديدات القادمة والقيام بتحديد نقاط القوة، والضعف داخل المنظمة، والعمل على تحسين نقاط الضعف ومضاعفة نقاط القوة.
ثم يستطيعون تصميم استراتيجيات، وأهداف سليمة، وبالتالي يقومون بصنع القرار على انسجامها، وتكاملاً معها. ومن خلال المفهوم الجديد لإدارة الموارد البشرية أصبح مديرو إدارات الموارد البشرية شركاء في تكوين التخطيط الاستراتيجي على مستوى المنظمة. مع العلم بأن هذا الدور كان غائباً مع الأداء والمفهوم التقليديين “لإدارة الأفراد” أمّا المنفذون فهم الذين- بسلوكياتهم، والتزاماتهم، ومبتكراتهم (عقولهم المفكرة المبدعة)، وقيمهم، واتجاهاتهم -يقوموا بتنفيذ الاستراتيجيات ويتعاونون على تحقيق تلك الأهداف. وبالتالي يسهمون في بناء الميزة والقدرة التنافسية داخل المنظمة من خلال تكوين بيئة حادة التنافس لا يبقى فيها، ولا يفوز سوى الشركات المتطورة والمبتكرة المطورة.
توازياً مع نظرة الإدارة العليا للعاملين كرأس مالي عقلي، وأصل أو مورد يفوق في قيمته القيم الأخرى، والأصول الأخرى مثل المباني، والأراضي، الخامات، والآلات، والأموال، وبالتالي ظهور مسمى إدارة الموارد البشرية، لينسجم مع تلك النظرة والتي يميزها بعض من العناصر الأساسية والمميزة لإدارة الموارد البشرية والتي سنوردها هنا.
عناصر أساسية لتعريف إدارة الموارد البشرية
- البعد الأخلاقي في التعامل مع العاملين.
- الجودة الشاملة للأداء البشري في كافة مواضيع الأداء.
- الاستثمار في رأس المال البشري.
- توحيد مصالح توجهات الإدارة والعاملين والذي عمل على ازدياد استخدام تعابير “إدارة الموارد البشرية” في منظمات الأعمال بشكل خاص كبديل لإدارة الأفراد باعتباره منسجماً مع واقع للأداء التنظيمي المعاصر.
- البعد الاستراتيجي للمورد البشري.