محتويات
'); }
طاعة الله
من فضل الله -سبحانه وتعالى- ورحمته بعباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يكثرون فيها من الأعمال الصالحة، ويتنافسون فيها فيما بينهم؛ حيث يتقرّبون إلى خالقهم ومولاهم بالعمل الصالح، والسعيد منهم من وفقه الله -سبحانه وتعالى- لاغتنام تلك المواسم، ومن بين هذه المواسم بعض أيام فضّلها الله -سبحانه وتعالى- على باقي أيام العام، كما فضّل رمضان على باقي الشهور، وفُضّلت ليلة القدر على ليالي العام، فما هي أفضل الأيام عند الله تعالى؟ وما هو سرُّ أفضليتها؟
أفضل الأيام عند الله
جاء في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تبيّن أفضل الأيام عند الله سبحانه وتعالى، وتُبرز سبب تفضيلها؛ حيث ورد في ذلك العديد من أحاديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وهذه الأيام هي يوم الجمعة، وأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أفضل أيام الدنيا العشر؛ يعني عشر ذي الحجة، قيل: ولا مثلهنّ في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهنّ في سبيل الله إلّا رجل عفر وجهه في التراب)،[١] ومن الأيام صاحبة الأفضليّة التي جاءت النصوص الصحيحة في ذكر أفضليّتها يوم النحر، ويوم القرّ وهو اليوم الذي يأتي بعد يوم النحر؛ أي ثاني أيام عيد الأضحى المبارك وأول أيام التشريق.[٢]
'); }
وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ترتيب هذه الأيام من حيث الأفضليّة، فقال: إنّ يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع، وإنّ العلماء اتفقوا على ذلك، أمّا أفضل أيام العام على الإطلاق فهو يوم النّحر، وقد ذكر آخرون من أهل العلم أنّ أفضل أيام العام هو يوم عرفة، ولكن الأصوب أنّ أفضل يوم هو يوم النّحر، لما رُوي عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك، فقد ثبت عنه أنّه قال: (أحبُّ الأيَّامِ إلى اللَّهِ يومُ النَّحرِ، ثمَّ يومُ القُرِّ)؛[٣] لأنّ يوم النّحر هو يوم الحجّ الأكبر، وقال بأفضليّة يوم النّحر على سائر الأيام من الفقهاء الإمام مالك والإمام الشافعي وأحمد بن حنبل، ولعلّ ما يُميِّز يوم النّحر عن غيره من الأيام هو أنّه يوم الحجّ الأكبر، وفيه من الأعمال ما لا يقوم به المسلمون في غيره من أيام السنة، كالمبيت بمزدلفة ورمي جمرة العقبة وذبح الهدي، والتّحلُّل بالحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة.[٢]
فضل يوم الجمعة
ورد في السنة النبوية العديد من الفضائل ليوم وليلة الجمعة، ومن تلك الفضائل:[٤]
- إنّ في يوم الجمعة ساعة تُفتَح فيها أبواب السماء، فيستجيب فيها الله -سبحانه وتعالى- لعباده دعاءهم، ويقبل رجاءهم، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ذكَر يومَ الجمُعةِ، فقال: فيه ساعةٌ، لا يُوافِقُها عبدٌ مسلمٌ، وهو قائمٌ يُصلِّي، يَسأَلُ اللهَ تعالى شيئاً، إلا أعطاه إياه، وأشار بيدِه يُقَلِّلُها).[٥]
- يوم الجمعة سبب في تكفير الذنوب والسيئات، وقد جاء بيان ذلك فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قَالَ: (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ)،[٦] وقال العلماء في بيان المقصود بالمغفرة لما بين الجمعتين في الحديث أنّ الحسنة في أصلها تُحتسب بعشر أمثالها، ويوم الجُمعة فيه من الزيادة في الأجر كما يُزاد إلى الحسنة، فهو أفضل من غيره بعشرة أمثال؛ حيث فيه من الأفعال ما يُضاعف الأُجور كالمشي إلى صلاة الجمعة وغير ذلك ممّا جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث قال: (المَشْيُ على الأقدامِ إلى الجُمُعَاتِ وإبلاغُ الوُضوءِ في المكارهِ ومن فعلَ ذلك عاشَ بخيرٍ ومات بخيرٍ وكان من خطيئتِهِ كيومِ ولدتهُ أمُّهُ).[٧]
- الذي يموت يوم الجمعة أو ليلته يقيه الله -تعالى- فتنة القبر، فقد روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن مسلمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ إلَّا وقاهُ اللَّهُ فِتنةَ القبرِ).[٨]
فضل العشر من ذي الحجة
من أفضل أيام السنة عند الله -تعالى- أيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، وقد فضّل الله -سبحانه وتعالى- هذه الأيام عن غيرها لما فيها من طاعات وأعمال صالحة يقوم بها العباد، وفيها يوم النّحر الذي جاء النّص في تفضيله، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، أمّا ما رُوي في تفضيل عشر من ذي الحجة على سائر الأيام ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ).[٩][١٠]
وقد رُويَ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في تفضيل العشر الأوائل من ذي الحجة العديد من الأحاديث، وجميعها تُشير إلى أنّ العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل أيام العام، والتفضيل الوارد في أيام العشر خاص بالأيام دون الليالي، فليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي ذي الحجة، وأفضلها على الإطلاق ليلة القدر، وليلة القدر كما جاء في كتاب الله أفضل من ألف شهر، فليلة القدر هي أفضل الليالي، وأيام عشر ذي الحجة الأوائل هي أفضل الأيام.[١٠]
فضل يوم النحر
جاءت النصوص في تفضيل يوم النّحر على سائر الأيام، وممّا جاء في تفضيل يوم النحر ويوم القرّ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ -تبارَكَ وتعالَى- يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ)،[١١] وكما قال ابن القيم الجوزيّة أنّ أفضل الأيام عند الله يوم الحجّ الأكبر الذي هو يوم النّحر،[١٢] ومن الأحاديث التي تُشير إلى أفضليّة يوم النّحر على سائر الأيام ما رُويَ عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: (وقفَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يومَ النَّحْرِ بينَ الجمراتِ، في الحجةِ التي حجَّ بهذا، وقالَ: هذا يومُ الحجِّ الأكْبَرِ)،[١٣] وسبب تفضيل يوم النّحر كما يذكر العلماء أنّ فيه معظم أعمال الحجّ، وهي ما لا يقوم به المسلم في باقي أيام السنة، ومن تلك الأعمال:[١٢]
- رمي جمرة العقبة.
- نحر الهدي.
- التحلُّل من الحجّ بالحلق أو التقصير.
- طواف الإفاضة.
- السعي بين الصفا والمروة.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1150، صحيح لغيره.
- ^ أ ب “يوم النحر هو أفضل أيام العام”، www.islamweb.net، 1-7-2004، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه العيني، في نخب الأفكار، عن عبد الله بن قرط، الصفحة أو الرقم: 10/487، إسناده صحيح.
- ↑ د. بدر عبد الحميد هميسه، “يوم الجمعة خير الأيام”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 935، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 214، صحيح.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5/162، إسناده صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1074، حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2438، صحيح.
- ^ أ ب “يسأل عن فضل العشر من ذي الحجة”، www.islamqa.info، 10-12-2007، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن قرط، الصفحة أو الرقم: 1765، صحيح.
- ^ أ ب “فضل يوم النحر”، www.islamqa.info، 14-12-2007، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1742، صحيح.