أركان الإسلام والإيمان

جديد ما هو يوم الحج الأكبر

مقالات ذات صلة

ما هو يوم الحج الأكبر

يقول الله -تعالى-: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)،[١][٢] وجمهور أهل العلم على أنّ يوم الحجّ الأكبر هو يوم النَّحر، وبيَّن الشافعيّة أنّ تسمية يوم النَّحْر بالحجّ الأكبر جاءتْ تمييزاً له عن العُمرة، وهي الحجّ الأصغر، أمّا أشهر الحجّ؛[٣][٤][٥] فهي: شوّال، وذو القِعدة، والعَشر الأُوَل من ذي الحجّة،[٦] وممّا استدلّ به أهل العلم على أنّ يوم الحجّ الأكبر هو يوم النَّحْر؛ وهو اليوم العاشر من ذي الحجّة حديثَ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في يوم النَّحْر وهو يخطب بالصحابة -رضوان الله عليهم-، إذ قال: (أيُّ يومٍ هذا ؟ قالوا : يومُ النَّحرِ ، قالَ : فأيُّ بلدٍ هذا ؟ قالوا : هذا بلَدُ اللَّهِ الحرامُ ، قالَ : فأيُّ شَهْرٍ هذا ؟ ، قالوا : شَهْرُ اللَّهِ الحرامُ ، قالَ : هذا يومُ الحجِّ الأَكْبرِ)،[٧][٨] وبما جاء عن أبي بكر الصدّيق، وعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنهما- من أنّهما أذَّنا بالآية التي أُمِرَ بها بالأذان في يوم الحجّ الأكبر؛ أي في يوم النَّحْر.[٩]

وقِيل إنّ الحجّ الأكبر هو الذي حجّ فيه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، ومِمَّن قال بذلك العلّامة نوح بن مصطفى الحنفيّ، وقِيل إنّه يوم الجُمعة، ومِمّن قال بذلك المغيرة بن شعبة، وابن أبي الأوفى، وقِيل إنّها أيّام التشريق؛ لأنّها أيّام مُختصّة بمناسك الحجّ دون أعمال ومناسك العُمرة، وذهب إلى ذلك مجاهد، وسفيان الثوريّ، وقِيل إنّ الحجّ الأكبر حَجُّ القِران، والحجّ الأصغر حجّ الإفراد، ومِمّن قال بذلك مجاهد،[١٠][١١] وذهب بعضهم إلى أنّ الحجّ الأكبر هو يوم عرفة، كابن عبّاس، وعمر، وسعيد بن المُسيِّب؛ مُستدلّين بقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الحجُّ عرفةُ ، فمن أدرك عرفةَ فقد أدرك الحجَّ)،[١٢] ولأنّ عرفة أعظم مناسك الحجّ، ومن فاتَه الوقوف بعرفة فقد فاتَه الحجّ، ومن أدركه فقد أدركَ الحجّ.[١١]

سبب تسمية يوم النَّحْر بالحج الأكبر

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ تسمية يوم النَّحْر بيوم الحجّ الأكبر تعود إلى اشتماله على مناسك عظيمة؛ سواء في ليله بالوقوف بعرفة، أو في نهاره بالنَّحْر، والطواف، والسَّعي، والحَلْق؛ فالحجّ هو الزمان، والأكبر هي الأعمال التي فيه، واستدلّوا على ذلك بقوله -تعالى-: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)،[١][٨] وقِيل لأنّه اليوم الذي ينتهي فيه الحاجّ من إتمام مناسكه، ومِمّن قال بذلك الحافظ ابن حجر، وقِيل للتفريق بينه وبين العُمرة التي تُعَدّ الحجّ الأصغر كما بَيَّن النوويّ.[١٣]

أعمال يوم النَّحْر

تناول الفقهاء بالبحث الأعمال التي يُؤدّيها الحاجّ في يوم النَّحر، وفصّلوا فيها القول، ومجمل آراء المذاهب الفقهية الأربعة فيما يأتي:

  • الحنفية: يرى الحنفيّة أن يبدأ الحاجّ بالرَّمْي، ثمّ يذبح إن أراد، ثمّ يحلق رُبع شَعر رأسه وهو الأفضل، ويجوز له أن يُقصِّر، وبعدها يتحلّل التحلُّل الأوّل، فيجوز له كُلّ شيء ما عدا النساء، ثُمّ يطوف طواف الزيارة الذي يكون وقته خلال أيّام العيد.[١٤]
  • المالكية: يرى المالكية أنّ على الحاجّ الترتيب في الأعمال؛ فيبدأ برَمْي جمرة العقبة في يوم النَّحْر، ثُمّ يحلق، ثُمّ يطوف طواف الإفاضة، وإن قدّم أحدها على الآخر، فيجب عليه دَم.[١٥]
  • الشافعيّة: يرى الشافعيّة أنّ في يوم النَّحر أربعة أعمال، وهي: رَمْي جمرة العقبة، وذَبْح الهَدْي لِمَن كان عليه هَدْي، والحَلق، والطواف، والترتيب بين هذه الأعمال من السُنّة وليس واجباً.[١٦]
  • الحنابلة: يرى الحنابلة التخيير في تقديم، أو تأخير أداء أعمال الحجّ؛ من رَمْي جمرة العقبة، أو الحَلق، أو الطواف، والأفضل أداؤها على الترتيب، ولو قدَّمَ أحدها على الآخر فحَجّه صحيح ولا شيء عليه؛ واستدلوا بما رواه أنس -رضي الله عنه- في الصحيح عن حجّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَمَّا رَمَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الحَالِقَ شِقَّهُ الأيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأنْصَارِيَّ فأعْطَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأيْسَرَ، فَقالَ: احْلِقْ فَحَلَقَهُ، فأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقالَ: اقْسِمْهُ بيْنَ النَّاسِ).[١٧][١٨]

مكانة الحج في الإسلام

يُعَدّ الحجّ الرُّكن الخامس من أركان الإسلام، وقد فرضه الله -تعالى- في السنة التاسعة للهجرة، ويدلّ على فرضيّته قوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[١٩] بالإضافة إلى قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)،[٢٠][٢١] كما أنّ الفُقهاء اتّفقوا على فرضيّته، ولم يُخالف منهم أحد ذلك؛ فكان ذلك إجماعاً.[٢٢]

والحجّ من العبادات العظيمة التي يترتّب عليها الأجر والثواب العظيم من الله -تعالى-، كما أنّه مُكفِّر لسيِّئات المسلم؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن حَجَّ هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كما ولَدَتْهُ أُمُّهُ)،[٢٣] كما سمّاه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- (جهادٌ لا قتالَ فيه)؛[٢٤] لِما فيه من الصبر على المَشقّة، والتعب، إلى جانب ما فيه من تضحية بالنَّفس، والمال، والاجتهاد في أدائه مُحبَّبٌ للمسلم.[٢٥]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة التوبة، آية: 3.
  2. محمد بن إبراهيم بن عبدالله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 625، جزء 1.
  3. محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المجموع شرح المهذب ، صفحة 223، جزء 8. بتصرّف.
  4. علي بن محمد الحدادي العبادي الزَّبِيدِيّ، الجوهرة النيرة (الطبعة الأولى)، مصر: المطبعة الخيرية ، صفحة 260، جزء 2. بتصرّف.
  5. محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (1988)، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الغرب الإسلامي، صفحة 164، جزء 17. بتصرّف.
  6. تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية (1988)، شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة الحرمين، صفحة 377، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2500، صحيح.
  8. ^ أ ب “يوم الحج الأكبر”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  9. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 338، جزء 45. بتصرّف.
  10. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت ، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 338، جزء 45. بتصرّف.
  11. ^ أ ب “.من أقوال المفسرين:”، http://www.al-eman.net/، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  12. رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم: 6/230 ، صحيح .
  13. “الحج الأكبر والحج الأصغر”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2020. بتصرّف.
  14. زين الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر الرازي، تحفة الملوك (الطبعة الأولى)، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 163. بتصرّف.
  15. كوكب عبيد (1986)، فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة الأولى)، دمشق: مطبعة الإنشاء، صفحة 365. بتصرّف.
  16. محيي الدين يحيى بن شرف النووي (1991)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (الطبعة الثالثة)، بيروت- دمشق- عمان: المكتب الإسلامي، صفحة 102، جزء 3. بتصرّف.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1305، صحيح.
  18. موفق الدين عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (1968)، المغني (الطبعة بدون طبعة)، القاهرة: مكتبة القاهرة ، صفحة 395، جزء 3. بتصرّف.
  19. سورة آل عمران، آية: 97.
  20. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
  21. صالح بن غانم بن عبدالله بن سليمان بن علي السدلان، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 81. بتصرّف.
  22. مُصطفى الخِنْ، مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة،)، دمشق : دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 115، جزء 2. بتصرّف.
  23. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1819، صحيح.
  24. رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 9/36، صحيح.
  25. عطية بن محمد سالم، شرح بلوغ المرام، صفحة 1، جزء 160. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى