'); }
مدّ التمكين
هو فصل تابع لعلم التجويد الخاص بتلاوة القرآن، وهو علم يُعنْىَ بتحسين وإتقان التلاوة؛ وذلك من خلال إعطاء كلّ حرف من كتاب الله عزّ وجل حَقَّه ومستحقَّه من حيث المخرج، والصفة، والحركة، ومن غير مبالغة ونقص. والمدّ: هو الزيادة الحاصلة من إطالة الصوت بحرف من أحرف المدّ، وحروف المدّ هي ثلاثة: الألف الساكنة والمفتوح ما قبلها، والواو الساكنة والمضموم ما قبلها، والياء الساكنة والمكسور ما قبلها، وقد جاء بيانه في أكثر من منظومة شعريّة، كألفيّة ابن الجوزي، وتحفة الأطفال، ومنها هذه الأبيات الشعرية في المد:
والمد أصلي وفرعي له
وسمّ أوّلاً طبيعيّا وهو
'); }
ما لا توقّف له على سبب
ولا بدونه الحروف تجتلب
بل أيّ حرف غير همز أو سكون
جا بعد مد فالطبيعي يكون
بيان مدَ التمكين
هو إطالة الصوت بحرفي المد: الواو، والياء من باب توكيد وبيان اللفظ بتشديده، وزيادة وضوحه حسب حالة المد، وهي إطالة بمقدار حركتين؛ ليسلك بذلك مسلك المد الطبيعي، ويقصد بالحركة: الزّمن اللازم للنطق بحرف واحد متحرِّك، وهي ما يقارب مقدار الزّمن اللازم لقبض الإصبع وبسطه؛ فالحركتان مقدار ضَمِّ أُصبعين متتاليين وبسطهما، وهذا يأتي من خلال الخبرة والممارسة وتطوُّر مَلَكَةِ السماع لدى القارىء.
ويعتبر تعلّم مد التمكين التابع لعلم التجويد علماً مكتسبا بالتجربة والمشافهة، فقد نُقِلَ إلينا بأسانيد من قاموا بنقل هذا العلم مباشرةً من المعلِّم للمتعلَّم، ولا يجوز تعلّمه فقط من خلال المطالعة؛ فهو يحتاج لبيان صحَّة المخارج، وتقدير الطول المناسب للمدّ من قبل من يجيد هذا الفن وعلومه.
حالات مد التمكين
لمدِّ التمكين ثلاث صور تقع في حرف الواو والياء، هي:
- أن تسبق ياء المدّ ياءً أخرى مكسورة ومشدّدة اللفظ؛ فَيُمَكِّنُ بيان لفظها بمقدار حركتين ومثاله: النبيِّين، حُيِّيْتم، الأميِّين، الحواريين، ولها رسم خاص بالرسم العثماني في المصحف، وذلك بكتابة حرف ياء واحدة، ووضع علامة مد التمكين فوقه.
- أن يأتي مدّ التمكين لتجنّب حدوث الإدغام؛ وذلك بأن تأتي الياء الساكنة المكسور ما قبلها لتسبق ياء بعدها متحرّكة مثل: فِِيِِ يومين، أو أن تأتي الواو الساكنة المضموم ما قبلها لتسبق واو بعدها متحرّكة مثل: آمنوا وعملوا الصالحات.
- أن تسبق واو مضمومة واو المد، أو أن تسبق ياء مكسورة ياء المد، مثل: يلوون ألسنتهم، يحيي ويميت.
حكم مد التمكين
يُعتبرُ الإتيان بمدِّ التمكين من الَّلحن الخفيِّ في التلاوة، وقد أاخْتُلِفَ في حكمه كسائر أحكام التجويد ما بين الوجوب والندب، والراجح من أقوال العلماء والله أعلم على أنّه من باب الندب، فكما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ((الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَالَّذِي يَقْرَأُهُ وَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ لَهُ أَجْرَانِ)).