محتويات
'); }
الأحكام التكليفية
إنّ الحكم الشّرعيّ التّكليفيّ في الإسلام هو خطاب الشّارع المرتبط بأفعال العباد جميعها، إمّا طلباً أو تخييراً. وتقسم الأحكام الشّرعيّة التّكليفيّة إلى خمسة أقسام وهي: الواجب، والمباح، والمكروه، والحرام، والمندوب. ونستنتج من تعريف الحكم الشّرعيّ التّكليفيّ أنّ خطاب الله تعالى للعبد يكون على وجهين: إمّا على وجه الطّلب وإمّا على وجه التّخيير، فإذا كان الخطاب على وجه الطّلب فهو يقسم إلى قسمين: طلب فعل وطلب ترك، فإذا كان طلب فعلٍ فإمّا أن يكون طلب فعلٍ لازمٍ وهو الواجب، وإمّا يكون طلب فعلٍ غير لازمٍ وهو المندوب، وإذا كان طلب تركٍ فإمّا أن يكون طلب تركٍ لازمٍ وهو الحرام، وإمّا أن يكون طلب تركٍ غير لازمٍ وهو المكروه، وإذا كان الخطاب على وجه التّخيير فهو المباح.[١]
والمتعارف عند جمهور أهل العلم أنّ الفرض والواجب سواء لا فرق بينهما في المسميّات، فيقال في حكم الزّكاة واجب أو فرض، وكلاهما سواءٌ عند جمهور أهل العلم، لكنّ بعض أهل العلم يطلقون أحياناً الفرض على الفعل الذي تقوي الأدلّة وجوبه مثل الصّلاة، ويطلقون الواجب على الفعل الّذي أدلّته أقلّ من ذلك كالتّسبيح في الرّكوع.[٢]
ويعرّف الواجب أو الفرض عند جمهور الأصوليين في الاصطلاح الشّرعيّ على أنّه ما أمر الله تعالى به عباده على وجه الإلزام، أي أنّ الله أمر العبد بالفعل، والعبد ملزمٌ بتطبيقه، وحكم الفرض أو الواجب هو أن العبد الّذي أدّاه يثاب، أمّا التّارك له فيعاقب على عدم إتيانه له.[٣]
'); }
الفرض
يقسّم الفرض إلى أربعة أقسام بالنّسبة إلى بعض الاعتبارات كاعتبار ذاته، ووقته، وتقديره، وفاعله، وهذا القسم متعلّقٌ بالفاعل أي المكلّف المطالب به، وهو يقسم إلى قسمين:[٤][٥]
الفرض العيني
وهذا الفرض هو ما يطلب من كلّ مكلّفٍ من المكلّفين فعله على وجه الإلزام، أي أنّه ملزمٌ بفعله لا مخيّرٌ بين فعله أو عدمه، فهو واجبٌ على المكلّفين جميعهم ولا يصلح أن يقوم به بعضٌ من المكلّفين ويتركه الآخرون بل يجب على الكلّ فعله، فالله تعالى في فرض العين ينظر إلى الفاعل نفسه أي إن كلّ فاعلٍ معيّنٌ بذاته، ومن الأمثلة على هذا الفرض: أداء الصّلاة، وإخراج الزّكاة، وأداء الحجّ وغيرها من العبادات.
الفرض الكفائي
وهذا الفرض هو ما لا يطلب من كلّ مكلّفٍ من المكلّفين فعله، فهو ليس واجبٌ على المكلّفين جميعهم، ويكفي أن يقوم به بعضٌ من المكلّفين ويتركه الآخرون، وبمعنى آخر فإذا قام به البعض يسقط عن الباقي؛ وذلك لأنّ الحاجة سدّت عندما قام به البعض، فالله تعالى في الفرض الكفائي ينظر إلى الفعل بغض النّظر عن الفاعل الّذي قام به، ومن الأمثلة على هذا الفرض: تغسيل الميت، والصّلاة عليه، وتكفينه، وتدخل في هذا الفرض الأعمال والوظائف الّتي تحتاجها الأمّة من أجل أن تقوم بواجباتها وتحقّق مصالحها.
المفاضلة بين فرض العين وفرض الكفاية
لقد ذكر العلماء مجموعة من المفاضلات والفروق بين فرض العين وفرض الكفاية ومن هذه المفاضلات والفروق ما يأتي:[٦]
- إذا اجتمع فعلان أحدهما فرض عين والآخر فرض كفاية في وقتٍ واحدٍ ولا يوجد هنالك متسّعٌ من الوقت بحيث لا يكفي الوقت إلّا للقيام بفعلٍ واحد يقدّم فرض العين، إلّا إذا كان هنالك بديل عنه كاجتماع صلاة الجمعة وجنازة فتقدّم الجمعة، أمّا إذا اجتمع فعلان أحدهما فرض عين والآخر فرض كفاية في وقتٍ واحد، ولم يكن هناك خوفٌ من فوات الفرض، وكان هنالك وقت زائد يكفي للقيام بالفعلين يقدّم فرض الكفاية كاجتماع الكسوف وفرض آخر فيقدم الكسوف.
- ذهب بعض علماء المسلمين مثل إمام الحرمين وأبو إسحاق الإسفراييني إلى أنّ أداء العبد لفرض الكفاية أفضل من أدائه لفرض العين لأنّ من يؤدّي فرض الكفاية يدفع الحرج عن نفسه وعن سائر المسلمين، في حين ذهب جمعٌ آخر من العلماء مثل ابن عابدين والجلال المحليّ إلى أن أداء العبد لفرض العين أفضل من أدائه لفرض الكفاية؛ لأنّ الله تعالى اعتنى بفرض العين أشدّ الاعتناء، حيث إنّه قصد من فرض العين حصوله والقيام به من كلّ مكلّف على خلاف فرض الكفاية بحصوله من البعض وسقوطه عن الآخرين.
- إنّ الهدف من فرض العين هو أنّ المصلحة المترتّبة من القيام بهذا الفرض تتكرّر وتكثر كلّما قام العبد بأداء الفرض، فعلى سبيل المثال فإن المصلحة من أداء الصّلاة هي خضوع العبد والتذلّل لله سبحانه وتعالى، فإذا صلّى العبد مثلاً صلاة الفجر فإنّ المصلحة المترتبة من القيام بالفرض وهي الخضوع والتذلّل لله حاصلة، والصّلاة هي فرضٌ متكرّرٌ فكلّما تكرّرت الصّلاة تكرّرت وكثرت المصلحة، في حين أنّ المصلحة من فرض الكفاية لا تتكرّر إذا تكرّر الفعل، فمثلاً إذا أنقذ شخصٌ طفلاً كاد يغرق فإنّه بعد نزوله للماء وإنقاذ الطّفل لا يكرّر المصلحة ويحصّل شيئاً منها.
- إنّ فرض العين متعلقٌ بالفاعل نفسه فالكلّ مكلّف به على وجه الإلزام لا على وجه التخيّير، وكل عبدٍ ممتحن بآدئه لفرض العين، فالله تعالى قصد من تكليف العبد بفرض العين وامتحانه به العبد نفسه، بخلاف فرض الكفاية فهو متعلقٌ بالمصالح الدنيويّة والدينيّة للأمّة والتي لا تقوم مصالحها ولا يصلح حالها إلّا من خلال القيام بهذه الفروض، فالمقصد الّذي أراده الله تعالى من فرض الكفاية إذن هو تحصيل تلك المصالح لا ذات العبد وامتحانه كما في فرض العين.
المراجع
- ↑ الشيخ عادل العزازي (21-5-2015)، “من أقسام الحكم التكليفي: الواجب”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018.بتصرف
- ↑ “الفرق بين الفرض والواجب”، www.binbaz.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018.بتصرف
- ↑ د.فارس العزاوي (18-9-2014)، “الحكم التكليفي”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-92018.بتصرف
- ↑ أبو البراء آل علاوة (6-10-2013)، “الأحكام الشرعية ( التكليفية )”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018.بتصرف
- ↑ د.فارس العزاوي (18-9-2014)، “الحكم التكليفي”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018.بتصرف
- ↑ مجموعة من العلماء، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية )، صفحة 96-97، جزء 32. بتصرّف.