محتويات
سور الصين العظيم
سور الصين العظيم: هو سور يمتد على طول الحدود الشمالية والشمالية الغربية لجمهورية الصين الشعبية، حيث يمتد من منطقة تشنهوانغتاو على البحر الأصفر في الشرق إلى منطقة غاوتاي في مقاطعة غانسو في الغرب، وقد تم بناء السور للحماية من هجمات الشعوب الشمالية مثل الترك، والمغول المنشوريين، وللحماية من الحملات التي كانت تُشن من قبل قبائل بدوية من السهول الشمالية. إلا أن السور لم يستطع حماية الصين من هجمات الشعوب البدوية (البرابرة) والذين حوربوا بالغزوات التي قام بها أباطرة ملوك “تشنج”. ويعد سور الصين العظيم الأعجوبة الأبرز من بين عجائب الدنيا السبع القديمة والحديثة، حيث يبلغ طوله ما يقارب 6400 كم، ليصبح بذلك أطول بناء في التاريخ على الإطلاق، ويُعد من أبرز المواقع السياحية في العالم والتي تُجسّد مدى ذكاء العقل البشري وقدرته الإبداعية، وتشير الإحصائيات إلى أنه بعد افتتاح سور الصين العظيم بشكل رسمي عام 1954م بلغ عدد زواره ما يقارب 130 مليون شخص، منهم 14 مليون شخص من خارج الصين، وقد زاره أيضاً رؤساء دول، وملوك، ومفكرين، وشخصيات عامة، ورياضيين، وأدباء، وغيرهم الكثير، وفي عام 1987م أُضيف سور الصين العظيم إلى قائمة التراث العالمي التي وضعتها منظمة اليونسكو الأممية. وتتيح الحكومة الصينية زيارة السور يومياً حيث يُمكن زيارته من الساعة السابعة صباحاً إلى الخامسة والنصف مساءً. وتبلغ أجرة الدخول للشخص الواحد 5 إلى 6 دولارات، كما يمكنك الوصول إلى الموقع عن طريق سيارات الأجرة أو حافلات النقل.[١]
مراحل بناء سور الصين العظيم
تم بناء سور الصين العظيم خلال عقود وحكومات متعاقبة وعلى مراحل؛ ليظهر لنا بالشكل الحالي كأعجوبة من عجائب الدنيا السبع، وفيما يأتي نشرح هذه المراحل بالتفصيل:[٢]
- بداية البناء: قامت ولاية تشاو الواقعة في الجانب الشمالي من العاصمة في القرن السابع قبل الميلاد ببناء نظام دفاعي دائم حول حدودها وعُرف حينها باسم (الجدار المربع)، وفي القرن الرابع قبل الميلاد تم إنشاء جدار محيطي شامل باستخدام حواجز نهرية ومناطق من التضاريس الجبلية في الجزء الجنوبي من ولاية كيو وامتد إلى شواطئ البحر الأصفر، كما تم بناء جدار آخر في ولاية تشونغشان في الجنوب الغربي؛ لإحباط الغزو من ولايتي تشاو وتشين، أما ولاية وي فقد قام ببناء جدارين دفاعيين حول حدودها، وهما: جدار هيسكي ويقع غرب النهر الأصفر، وجدار هينان في جنوب النهر الأصفر. حيث بُني جدار هيكسي في عهد الملك هوي (370-335 قبل الميلاد)؛ للحماية من ولاية تشين والبدو الغربيين، وامتد الجدار من الجنوب بالقرب من كهف شيانغيوان إلى منطقة منغوليا الداخلية، أما جدار هينان فقد بُني لحماية العاصمة داليانغ، كما قامت ولاية زهاو ببناء جدارين في الحدود الجنوبية والشمالية لها للدفاع ضد ولاية وي. وفي عهد شانغ يانغ نمت ولاية تشين عسكرياً وسياسياً لتصبح الأقوى من بين الولايات السبع لجمهورية الصين، إلا أنها عانت من غزو بدو دونغهو ولوفان وهما من بدو الشمال. لذلك أمر يانغ ببناء جدار يمتد من لينشو إلى حدود النهر الأصفر في الشمال، كما قامت ولاية يان ببناء جدار على حدودها للحماية من الجماعات الشمالية. وفي عام 221 قبل الميلاد توحدت الصين، وأمر الامبراطور شيوانغدي بإزالة التحصينات التي أُقيمت بين الولايات السابقة؛ لأنها لم تكن سوى عقبات أمام الحركات والإدارة الداخلية، كما أمر بربط أجزاء الجدار الموجودة في تشين ويان وتشاو فيما يُسمى “الجدار الطويل 10000 لي”، حيث بدأت فترة البناء حوالي 214 قبل الميلاد واستمرت عشرة سنوات.
- عهد الأسرة الحاكمة (يوان): في عهد الامبراطور هان (141-87 قبل الميلاد)، تم الاهتمام بالسور وتدعيمه للتصدي لبدو كيونغنو، كما أصبح في تلك الفترة من أهم عوامل ازدهار الزراعة ونمو المسار التجاري الذي أصبح يعرف باسم طريق الحرير. حيث أمر هان في عام 121 قبل الميلاد بتطوير جدار هيكسي، كما توالت الإصلاحات في السور خلال عهد أسرة باي وي (386-534 م).
- سلالة مينغ حتى الوقت الحاضر: حافظ الحكام خلال سلالة مينغ (1368-1644) على سور الصين العظيم، كما أن سور الصين العظيم يظهر لنا بالشكل الحالي كما نراه اليوم نتيجة العمل المنجز خلال عهد الامبراطور هونغتشي (1487-1505)، حيث قام بتقسيم ممر جويونغ إلى جدار داخلي وجدار خارجي، وقام بإنشاء (الممرات الداخلية الثلاثة) وهي: طريق جويونغ، وداوما، وزيجينغ، والتي تعد ذات أهمية كبيرة في الولوج إلى العاصمة، وتبعاً لذلك فإنها تحظى بحماية كثيفة.
الأجزاء الرئيسية في سور الصين العظيم
يتكوّن سور الصين العظيم بشكل أساسي من الحيطان الدفاعية، والممرات الاستراتيجية، وأبراج المراقبة، وأبراج الإنذار، وثكنات الجنود، وغيرها من المنشآت الدفاعية. وغالباً ما تكون الحيطان التي بنيت في السهول أو الأماكن المهمة مرتفعة ومتينة للغاية، أما الحيطان المبنية عفي المناطق الوعرة وفوق الجبال فهي منخفضة وضيقة نسبياً، وذلك من أجل توفير نفقات القوى العاملة والبناء، وتمثل الممرات الاستراتيجية أهم المواقع الدفاعية على طول السور، حيث تقع تلك الممرات عادة في مواقع صالحة للدفاع بغية مقاومة المعتدين، أما أبراج الإنذار فوظيفتها في الأساس تشكيل مرافق لإرسال ونقل المعلومات العسكرية، حيث يتم نقل المعلومات بشكل سهل وعملي من خلال إطلاق الدخان في النهار وإشعال النار في الليل، كما يساعد هذا الأسلوب على معرفة جهة الأعداء عبر إشعال النار في المواقع المعنية وتصاعد الدخان منها.[٣]
الأهمية البيئية والتاريخية لسور الصين العظيم
بالإضافة إلى الدور العسكري لسور الصين العظيم فإن له الأثر الاقتصادي المهم للبلاد، حيث إنه يفصل بشكل طبيعي بين المناخ شبه الرطب والمناخ الجاف في الصين، وأصبح يُعد على هذا الأساس فاصلاً طبيعياً بين المناطق البدوية والمناطق الزراعية، مما قلل بشكل كبير من هجمات القبائل البدوية الرعوية على التجمعات الزراعية المستقرة، كما شكّل السور حماية للإنتاج الزراعي وصداً نهب البدو للمحاصيل الزراعية، وقد ظل المزارعون المستقرون يرمّمون السور باستمرار لحماية حقولهم من النهب والسرقة. ويُعد سور الصين العظيم بدوره القديم والحديث رمزاً تاريخياً للأمة الصينية، وأصبح يشكل معلماً معمارياً ذا طابع عسكري دفاعي بتحصيناته وعظمته وقوته.[٣]
المراجع
- ↑ جلال عبده خدشي، عجائب الدنيا السبع (القديمة – الحديثة – المستقبلية – المرشحة)، لبنان-بيروت: دار الكاتب العلمية، صفحة 56-57-58. بتصرّف.
- ↑ “History Of Construction”, www.britannica.com, Retrieved 2-5-2018. Edited.
- ^ أ ب “سور الصين العظيم”، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2018. بتصرّف.