إسلام

ما هو حق الطريق

ما هو حق الطريق

مقالات ذات صلة

غض البصر

إنّ غضَّ البصر في اللغة هو كفّه ومنعه عن الاسترسال والتأمل،[١] وفي الشرع هو كف النظر إلى المحرمات، أو منع البصر من النظر إلى عورات الناس،[٢] والمسلمون مخاطبون بغض البصر رجالًا ونساءً، حيث قال -تعالى- في سورة النور: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ)،[٣] وهو أحد حقوق الطريق التي بيّنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (أعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ).[٤][٥]

وقد أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بغض البصر في الطرقات؛ لأنّ في إطلاق البصر وتركه يسترسل في النظر إلى ما حرّم الله مضار كثيرة للعباد؛ فهو يورث في القلب الحسرة ويجلب له العذاب والألم، فالعبد قد ينظر إلى ما حُرّم عليه النظر إليه فيتعلّق به قلبه ولا سبيل للحصول عليه، وقد يكون في إطلاقه لبصره وعدم غضه وسيلةً للوقوع في الزنا والفواحش.[٥]

ولهذا فقد أمر الشرع الإسلامي بغض البصر، ولهذا الخلق الإسلامي الرفيع الكثير من الفوائد؛ فهو امتثال لأمر الله تعالى، وسبيل لسد مداخل الشيطان إلى القلب وإكسابه نورًا واُنسًا بالله تعالى، بخلاف إطلاق البصر الذي يورث الوحشة والظلمة في القلب.[١]

كف الأذى

كف الأذى؛ يعني الامتناع عن أذى المارة ومضايقتهم بأي شكل من أشكال الأذى،[٢] ويشمل أيضًا إزالة الأذى وإماطته من الطريق، ولكف الأذى صور عديدة؛ ومنها عدم قضاء الحاجة في الطرقات وأماكن مرور الناس، والامتناع عن إلقاء الأوساخ والقمامة في الشوارع والمحافظة على نظافة الطريق، ومن كف الأذى أيضًا الالتزام بأنظمة السير والوقوف، فلهذه الأفعال آثار حسنة تعود على المجتمع ككل وتدلّ على تحضّر أفراده وقوة التزامهم بدينهم.[٦]

فمن عظيم أجر كف الأذى وإزالته أنّ العبد قد يدخل الجنة بغصن شوك أزاله من طريق المسلمين، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قالَ: بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ، وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ، فأخَذَهُ، فَشَكَرَ اللهُ له، فَغَفَرَ له).[٧]

وقد سأل أحد الصحابة الكرام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن عملٍ ينفعه، فأجابه رسول الله بقوله: (اعْزِلِ الأذَى عن طَرِيقِ المُسْلِمِينَ)،[٨][٦] ومن كفّ الأذى؛ ترك السخرية والاستهزاء وذكر عيوب المارة وتتبع عوراتهم، فالمسلم من سلم المسلون من لسانه ويده.[٩]

رد السلام

رد السلام هو حق من حقوق الطريق، وهو من حقوق المسلم على أخيه ومن الواجبات الشرعية التي أمر بها الإسلام، فقد قال -تعالى-: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا)،[١٠] ووردت الكثير من الأحاديث التي ترغّب بإلقاء التحية وتأمر بردِّ السلام.[١١]

وقد تمّ تخصيص حق الطريق بردّ السلام لأنّ هذا يجب على من هو جالس في الطريق ومن المقرر شرعًا أنّ الماشي يُسلّم على الجالس،[١٢] ولإفشاء السلام فوائد جمّة فهو سبيل لنشر المحبة والألفة بين المسلمين، وإزالة البغضاء والشحناء من الصدور، وفيه طاعة للرحمن واتباع لسنة خير الأنام، وفيه من الحسنات والبركات الشيء الكثير والفضل العميم.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من القربات والطاعات التي يفعلها المؤمن طمعًا بالثواب وامتثالًا لأمر ربّه وغيرةً على دينه ورغبةً في تغيير مجتمعه وجذب الناس نحو الهدى والرشاد، فهذه المهمة هي مهمّة الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام-، وبفضلها اكتسبت الأمة المحمّدية الخيرية على باقي الأمم، حيث قال -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ ۗ)،[١٣] وبالإضافة إلى هذا فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حقوق الطريق الواجب مراعاتها عند الجلوس فيه.[١٤]

فإذا رأى المسلم في الطريق أمرًا يقتضي التوجيه للخير ولفت النظر للصواب أمر به بالمعروف والنصيحة، وإن رأى منكرًا وجب تغييره فإنّه يُنبّه ويُرشد ويُحذّر فاعل هذا المنكر، فيكون جلوسه في الطريق لمصلحته ومصلحة المسلمين.[١٢]

مع ضرورة مراعاة مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضوابطهما؛ فإذا أدّى النهي عن المنكر إلى منكر أشد فيمتنع عن النهي، ويُراعي الحالة العامة وشخصية الإنسان الذي يُريد أن ينهاه أو يأمره ويستخدم الأسلوب المناسب في ذلك، ولهذا أثر كبير في قبول النصيحة والأخذ بالنهي والتحذير.

خلاصة المقال: إنّ للطريق حقوق وآداب ينبغي مراعاتها والقيام بها، ومن هذه الحقوق غض البصر ورد السلام وكف الأذى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

المراجع

  1. ^ أ ب محمد صالح المنجد، كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 1209. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الملا على القاري، كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 2942. بتصرّف.
  3. سورة النور، آية:30-31
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2465، حديث صحيح.
  5. ^ أ ب محمد نصر الدين محمد عويضة، كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 169-170. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أمين الشقاوي، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، صفحة 52-53. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2472، حديث صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:2618، حديث صحيح.
  9. محمد نصر الدين محمد عويضة، كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 185. بتصرّف.
  10. سورة النساء، آية:86
  11. محمد نصر الدين محمد عويضة، كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 186. بتصرّف.
  12. ^ أ ب عبد المحسن العباد، كتاب شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 3. بتصرّف.
  13. سورة آل عمران، آية:110
  14. محمد نصر الدين محمد عويضة، كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 187. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى